إلى الثوار.. الولاء للوطن قبل الاحزاب
طالب ناجي القردعي
طالب ناجي القردعي

الولاء صفة عظيمة لمن اتصف بها وولاء المؤمن المطلق لله سبحانه وتعالى ولرسوله ودينه كما انه مرتبط بديننا الإسلامي بالعقيدة ارتباطا وثيقا ولا يكتمل إيمان الفرد فينا الا إذا كان ولائه المطلق لله عز وجل ورسله ودينه. وذلك لا خلاف عليه ويأتي بعد ذلك حب الوطن والولاء لهُ وهو من الإيمان .

لا اشكك في حب اليمنيين لوطنهم بل انهم من أعظم الشعوب حباً له وتطلعاً لرفعته ، ويكفي أن أقول إن اليمني ربما هو الوحيد الذي يعيش مغترباً عن وطنه عشرات السنين أو يقضي جل عمره بعيداً عنه و في كثير من اوقات غربته لا يحب يستجيب لمغريات الغربة، على أمل ان يأتي اليوم الذي يعود ويعيش بين أهله وفي وطنه، كما يظل في اتصال مستمر متابعاً لأحداثه عكس الجنسيات العربية الأخرى التي تذوب في مجتمعات الغربة وتقطع كثيراً من علاقاتها بوطنها الأصلي بمجرد أن يتوفر لها المقام الذي ترضاه، وكل ذلك عايشته بواقع اقامتي في الغربة زمنا طويلا.

لكننا وفي نفس وقت حبنا وتعلقنا بهذا الوطن لم نتكاتف جميعاً من اجل بنائه أو ان الفرصة لم تسنح لذلك نتيجة لعقلية هذا النظام الاقصائية، ويوجد في أوساط المجتمع من يشذ من هذه القاعدة ويرتهن لعدو خارجي يعمل على التدمير والامثلة كثيرة وحاضرة في زمننا هذا، وخير شاهد ما يحصل في اليمن من تدمير للوطن على أيدي من يدعون بنائه، و جند النظام لهذه المهمة كثيراً من مرتزقته وتم نشرهم في ربوع الوطن وخير دليل ماهو حاصل في أبين وأخيراً رداع وما سوف يحصل في المستقبل ما استمر بقاء هذا النظام .

 الولاء للوطن بمفهومه الصحيح هو إن يرتبط ولائك للوطن مهما تحزبت أو تسيست أو هاجرت أو تشيعت لفئة من الفئات.

و يجب على كل شخص التمييز بين الولاء لشخص أو قائد حزبي أو قبلي أو سياسي أو ديني وبين ولائه لوطنه حتى وإن كان ذلك القائد يرتبط ارتباطا وثيقا بالوطن بحبه وولائه، لا ادعو هنا إلى عدم احترام القائد الوفي لوطنه بل اذا وجد الشخص الوفي لوطنه والمؤمن بحياة شعبه فلن يتعارض الولاء لهُ مع الولاء للوطن والعكس صحيح .

أثناء هذه الثورة و ماحملته من أحداث متلاحقة قد لا يميز كثير من الشعب بمن يرتبط ولائه، وقد يصيب أو يخطئ نظراً لتسارع الأحداث أو للغموض السياسي الذي صاحب مفاوضات التسوية بين النظام ومن يحسبون على قيادات ثورة الشباب، ذلك التفاوض ترافق بتنازلات كبيرة بحق الوطن وشهداءه وأهداف ثورته بل استغرب تبريرات بعض الثوار والكتاب لذلك ويتم تقديم مبررات هزيلة وخرج كثير من الوعاظ علينا بتبرير"درء مفسدة كبرى بمفسدة صغرى"، ولا اعلم تفسيرا يبيح الاعتداء على حد شرعي بتركه أو التنازل عنه. بل إن هذه الاتفاقية وفي نهايتها جاءت بأقل كثيراً عما عرض نظام صالح تقديمه في بداية الثورة مضافا إلى ذلك بند عدم الملاحقة وما لهُ من نتائج كارثية على مستقبل الوطن أرضاً وأنسانا.

و يقدم ذلك سابقة خطيرة لما تنتهجه أمة من الأمم ، ولم يسجل التاريخ القديم والحديث مثالاً لذلك كما ان بند الحصانة للقتلة لم تقره شرائع سماوية أو وضعية .

من كل ما ذكرت يتضح للمرء ويتبين له أن الولاء للوطن لا يرتبط بزمان أو مكان أو حزب سياسي أو شخصية سياسيه أو زعيم قبلي . وعلى كل مواطن و ثائر أن يضع في قرارة نفسه الولاء للوطن قبل الحزب، ويعمل جاهداً لترجمة ذلك في حياته وتعامله ويبعد عن أي قائد يرى في عمله اعوجاجا أو خروجاً عن الهدف المنشود، ويستوي في ذلك أبناء الوطن كافة واتباع الفصائل الأخرى سواء كانت في شمال الوطن أو جنوبه شرقه أو غربه.

كما يجب التوضيح ان مفهوم الولاء للوطن يحتم علينا الترفع في الخطاب السياسي وحل القضايا العالقة بعيداً عن الأقصاء والتخوين، واحترام الرأي والعمل على لم شمل هذا الشعب وليس تفريقه من خلال خطابنا وكتباتنا، ونبذ العنف والابتعاد عن أي قائد يعمل أو يسعى إلى التفرقة.

ويجب ان يصاحب الثورة ضد النظام السياسي ثورة ثقافية وتغيير الخطاب السابق الذي اعتمده نظام صالح وأصبح للأسف ثقافة كثير من الأحزاب أفرادا وقيادات. ونلاحظ انطلاق هذه الموجة بشدة في ربوع الوطن حيث عملت أبوق صالح لإذكاء ذلك على جميع الاصعدة ونرى الانجرار وراء ذلك دون وعي .


في الجمعة 20 يناير-كانون الثاني 2012 11:54:38 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=13375