|
( اليمن حاليا تحت بند... )تحديث مستمر( , وعلى مدار الساعه ومنذ إنظلاق الثوره الشبابيه والشعبية في بداياتها الأولى من شهر يناير 2011 , ونحن جميعا مع الخبر ومتابعة آخر مستجداته وتفاصيله المثيرة , واشتعلت الصحف والمواقع الاخباريه الالكترونية والمطبوعه , في ثورة صحفيه الكترونيه غير مسبوقة في تأريخ اليمن , ولم يشهد لها اليمن مثيل من قبل , فكانت الثوره الشبابيه ملهمة الثورات عامه في كافة المرافق العامه والخاصه , وكانت ثورة أفكار ورؤى وتطلعات قبل ان تكون ثورة ساحات ومسيرات شبابية مطالبة بالتغيير , حتى وان لم تنجز الثورة بمفهومها السلمي حتى هذه اللحظه كامل أهدافها , ولكن لا احد ينفي وجودها وتأثيرها الممتد على خارطة السياسة اليمنية من تغيير أنظمة وسياسات وواقع جديد , وتحديثها المستمر لعجلة التغيير الوطنية.
فيكفيها انها وبغض النظرعن المسميات الفسيفسائية والفلسفات الثوريه كانت ثورة فكريه إلهامية رائدة , ثورة إلهام وفكر وإبداع في شتى المجالات الحياتية العامة , أدبيات الثوره اليمنية الرائده , خلقت جيلا جديدا من الإبداع والفن ,وأيقظت المارد اليمني من غفوته وسباته العميق ليفتح عينيه على وطن جديد و واقع متجدد ملئ بالأحداث والتداعيات , فتفاعل العنصر البشري مرغما او بصورة اختيارية مع الحدث , ودار في فلكه بكل تناقضاته السياسيه سلباً وإيجاباً , مع قوة الجذب المركزي للحدث الإخباري , متناغما مع ما سيغير في مصير وواقع الإنسان وحياته اليومية , فكان المواطن سواء بصمته ام بمشاركته داخل اطار التغييرات المصاحبه للحدث المتجدد المستمر , بكل إيقاعاته وتأثيراته وتناقضاته , يلعب دورا فعالا ومؤثرا في رسم الواقع اليمني ككل , وكانت الصحافه الالكترونية لها الدور البارز والمؤثر في نقل الخبر العاجل والصوره المعبرة بسرعه خرافيه وفضول مسيطر , وتترك الباب مفتوحا لذوي الفضول والشبق السياسي ب تحديث مستمر , وإضافة اولى وثانية وثالثة ... وعقارب الزمن لا تتوقف في التحديث والنشر , لتبقى اليمن على هذا الحال منذ بداية العام المنصرم ومع بداية العام الحالي في تحديث مستمر ممنهج بنهايات مفتوحه , غالبا ما رافقها التعجب والاستفهام , وهذا ما بدأت تتضح ملامحه في المستقبل القريب , وقرآءة الواقع وسبر اغوار المرحلة القادمه , وماذا بعد ؟؟
هل ستنجح الصفقه الفاوستية ( Faustian bargain ) المبرمة بين أحزاب اللقاء المشترك- التي وهبت نفسها للنظام - والنظام معا في صنع مستقبل يمن خال من الفساد المالي والإداري , وتساهم في تحقيق أهداف التغيير والتطور والإعمار التنموي والبنية التحتية , وإنقاذ الوطن من التخبط في دوامة الانهيار والجدل والظروف المعيشيه القاسيه , المواطن في أمس الحاجه الى أولويات الحياة الكريمه والغذآء الآمن والتأمين الصحي و بحاجه طارئه وملحه للتنمية وبناء المشاريع الخدمية والإنمائية , ولن يتحقق هذا في ظل الفساد المتجذر القائم المدعوم داخليا وخارجيا بحماية مبادرة وبحصانة كاملة وغطآء دولي ,اللقاء المشترك وقف عاجزا كليا عن تحقيق بنود الصفقه السياسيه وإدارة المرحله القادمة , وحكومته فعلا اثبتت فشلها الذريع المستفيض في تحقيق العداله المطلوبه وأساسيات الحياه الكريمه وإعادة التوازن السياسي والإقتصادي لليمن كليا .
إن شخصية روبنسون كروز الشهيرة لروائية ( Daniel Defoe ) لذلك الشاب الهاوي الذي وجد نفسه فجأة مسيطرا على مقاليد الحكم والسياسه رغم خبراته الضئيله وخلفياته السياسيه الهشة , ومدافعا عن الأحزاب وتقلباتها متغيرا حسب النهج واللون السياسي والمصلحه الخاصه , غير قادرا على التحكم بملذاته وشهواته السياسيه في السيطره وانقاذ نفسه ومن حوله من تبعات الجهل السياسي بمنطق وحكمة , يفرض نفسه جليا في تحركات الساسه اليمنيين قليلي الخبرات والمؤهلات الدراسية السياسية الأساسية , وفن القيادة السياسيه الحكيمة , وصنع القرار واستقلاليته المطلقة , والتعامل بمرونه مع مجريات الأحداث و سرعة الحسم , والقرارات الصارمه الصائبة التي تخدم الوطن , وتمثل ذلك جليا في دموع على سفوح الانهيار, الكل هنا يبكي ؟؟ البكاء لا يصنع وطنا عزيزاً كريماً , الأيادى المرتعشة لا تقوى على البناء والخائفون لا يصنعون التاريخ , اليمن اليوم أشد ما يكون بحاجه ماسة لوقفات جادة عملية وصادقة وقوية وخبرات وكوادر شبابية مؤهلة فتيه متمكنة تنتزع اليمن من وحل الانهيار والانهزام والبكآء , وتخرجه من جحيم الواقع , وتقدمه للعالم يمنا مشرقا حضاريا متقدما شامخا سعيدا , بعيدا عن التدخلات الخارجية المستمره في صنع القرار , وتلبية الرغبات الأجنبية بصنع الصورة المحلية وملامح المستقبل اليمني , وهذا ما بدا جليا في الدور الأمريكي والأوروبي للصمت على تجاوزات النظام , وإضفاء غطاء شرعي ودولي لانتهاكاته وشرعيته واستمرارة , و تدخل دول مجلس التعاون الخليجي بصوره ملفته عبر المبادره الخليجية وما قدمته من حصانه كاملة للنظام القائم , وعبر سفرائها للتدخل في نسيج السياسة اليمنيه وكل شاردة وواردة في اليمن , وصنع القرارات المستوردة , ونص الاتفاقيات بما يتناسب مع المصالح الخاصة لتلك الدول .
اليمن مازال رهين المحبسين النظام والخارج , ورهين التقلبات والتدخلات السياسيه المستمره , غير قادرا على إدارة شؤون نفسه بنفسه بجاهزية عالية , إن الارتهان للخارج لهو بمثابة القشه التي قصمت ظهر السياسه اليمنية , وبذا تفتقد استقلالية القرار والهيمنه الداخليه على البنود وصنع الشروط الملائمه للسياسات الداخلية والخارجية والاقتصادية , وهذا ما يحكمه النهج السياسي اليمني الممغنط بجاذبيه شديدة للخارج دون تردد او تدبر في العواقب والنتائج المستقبلية الناتجه عن اية اتفاقيات او سياسات مصيرية , النظام بكاملة يشكو من عقد نقص مستمرئة ومتجذره في النفسيه السياسيه اليمنيه , وهذا ما فسرها الفرد ادلر عن عقدة النقص Inferiority complex ) (وآلية التعويض ( Compensation ) في مختلف الجوانب السياسيه والعسكريه والأمنيه والإدارية , فالنظام المتهاوي فعليا لجأ الى الإفراط في القوه لكبح جماح المظاهرات الشعبيه , وتعويض النقص الدوني في الفشل السياسي بتغطيته بعمليات عسكرية وامنية مدروسة بعناية , والنظام بشقيه المؤيد والمعارض اثبت عدم القدرة والكفآءة الذاتية في انقاذ الوطن وإيجاد الحلول الآمنة , فارتهن للخارج طوعا , وسلم زمام المبادرة للتدخلات العربية الأجنبية تعويضا للفشل الذريع في السياسات الداخليه , و هروبا للأمام .
إن الإفراط والتفريط في نهج السياسه الداخليه الوطنية المتبعه حاليا , تقود الوطن الى تحديث مستمر من الانهيار والفشل , والارتهان للآخر بما يفقد الإرادة السياسيه الاستقلالية المطلقة وحرية القرار والاختيار وتحديد المصير, وما يمس بصوره مباشرة في عمق السيادة الوطنية , اما على الجانب الشعبي الجماهيري فالوضع كما هو عليه لم يتغير او يتبدل , فقد رحل رأس النظام ورمى الوطن الى حيث ألقت رحلها ام قشعم , تاركا ورآءه تركه ثقيله من الأزمات والصراعات والوضع المتدهور , وخلف نظام الفساد بكل رموزه وجهابذته واباطرته في مناصبهم ومواقعهم القيادية السسياسيه والعسكريه , وخلف ورآءه كما هائلا من الفتن والحروب لوطن شبه ممزق ومنهار , ومازال التحديث مستمرا ..في مسلسل الانهيار وعدم التوازن والثبات للمرحله الحاليه و الانتقالية معا , فمازالت الساحات والمدن اليمنية ملتهبة بالمسيرات الرافضه للحصانه مطالبة بالمحاكمه وتحقيق المواطنة المتساوية والعدالة والحرية , ومازالت مرافق الدوله ومؤسساتها تعاني من الشلل الإداري التام , ومازالت الثورة المؤسسيه مستمرة تقتلع رؤوس الفساد وتزفها خارج المنظومة الإدارية , ومازالت الأوضاع الأمنيه في اغلب المدن والمديريات خارج السيطره المركزية وفي تحديث مستمر , ومازال رئيس النظام الفاقد صلاحياته خارج الوطن ومصيره السياسي مجهول , والإنتخابات الرئاسيه المزمع إقامتها مازال اللغط والجدل حول موعدها وشروطها , والأجواء الملائمه لاجرائها قيد التكهنات , والقيادات العسكريه والامنية مازال مصيرها غامضا في ظل ضعف لجنة الشؤون العسكرية المخوله لحسم الأمر , وبنظره كلية وإجمالية متأملة نجد ان الوطن اليمني ككل يحيا في تحديث مستمر ,, فهل من نهايه سعيدة تحقق اليمن السعيد يوما ما ؟؟
في الجمعة 10 فبراير-شباط 2012 05:33:18 م