الوطن حين يصبح مقبرة لأبنائه
كاتبة صحفية/سامية الأغبري
كاتبة صحفية/سامية الأغبري

مأرب برس – خاص

حين يكون الأب في نظر أطفاله وحشا كاسرا, قاتلا. مجرما, حين يرى طفلان بريئان احدهما في السابعة والأخر في الثالثة والدهما يمارس ضد رجل مقيد إلى(ماكينة) ماء أمام منزله في شتاء بارد أبشع صور التعذيب والتنكيل ,ما لذي ستخلفه تلك الصورة من ذكرى في أذهانهم؟بالطبع الطفلان لم يريا ذلك في معتقل أبو غريب في العراق المحتل ولم يمارس التعذيب جندي أمريكي أو صهيوني هذه الجريمة حدثت في بلد أبنائها قال الرسول الكريم عنهم أنهم" ارق قلوبا والين أفئدة"وفي محافظة اعتقد لا تزال القيم النبيلة وشهامة القبيلة ومروءة رجالها ترفض مثل هذه الجرائم ,هذا ما حدث في محافظة مأرب لسعيد البروي شاب في الثلاثين من عمره اختطفته عصابة خرجت عن القانون وعن أخلاقيات القبيلة مكونة من ثلاثة أفراد هم (م.ح.م ) المتهم الأول و(م.أ.م ) و(م.ع ) بينما كان الشاب ببوفية في سوق الحصون بمحافظة مأرب مدعين أن سعيد قام بسرقة بنادق وذهب وهرب بها إلى محافظة الجوف,, وبغض النظر كان الشاب سارق أم لا فان ما فعلته العصابة هو فعل خارج عن القانون وجريمة لا تغتفر , خطف وتعذيب حتى الموت!! يجعلنا نتساءل كيف تجرأ القتلة على فعل ذلك ؟ لولا أنهم يدركون إن سلطة القانون لم تصل بعد إليهم , لا يعرفون قانون سوى قانون الغاب القوي يفتك بالضعيف , في وطن أصبح أبنائه يهانون ويعذبون وتسفك دمائهم وتنتهك أعراضهم .

سيقولون مثل هذه الجرائم تحصل بأي مكان في العالم, نعم قد تحصل لكن هل القبيلة في ذلك العالم هي من تحكم أم نظم وقوانين؟ لو الدولة بسطت يدها ونفوذها على كل اليمن شماله وجنوبه ريفا وحضر , لو أن الجميع يخضعون لسلطة ذلك القانون المغيب هل كان هذا حالنا؟ القاتل يعلم أن البلاد وفي ظل هذا النظام التعيس لم يبن طيلة 29 عاما دولة نظام وقانون, دولة المؤسسات, ويعلم أننا لازلنا نحتكم إلى أعراف في الأخير تحرم الطرف الأضعف من حقه ويعفوا!, لا نقول انه ليس من حقه العفو إن أراد ذلك. يعفو و لكن حين يصدر حكم قضائي ينال المجرم فيه جزائه وبعدها إن شاء صاحب الحق عفى وان لم يرد اقتص من القاتل أو المذنب(ولكم في القصاص حياة) والعين بالعين والسن بالسن هذه هي العدالة الإلهية, عدالة لا تضاهيها أي عدالة الخالق الذي حرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده,أما أن يتوسط احدهم مستغلا ضعف صاحب الحق بان يعفوا ويهدد بان إجراءات القضاء طويلة ولن يأخذ حق ولو أخذه ربما بعد عشرات السنين بعد ما تكون المحاكم قد أهلكته وأرهقته نفسيا وماديا , فالمشكلة هنا ليست في صاحب الحق المشكلة في إجراءات القضاء التي لا تنتهي ومماطلته وعدم نزاهة بعض القضاة وقوة ونفوذ البعض حتى مل الناس وكل يفكر بأخذ حقه بيده وكل حسب قوته وقبيلته التي تسانده أو نفوذه!! إذا كان القضاء لن ينصف المظلوم, و لم تكن هناك عدالة, فما فائدة وجود مثل هذا القضاء!!

نعود لنتساءل ونجيب على أنفسنا مالذي جعل القاتل يقوم بدور إذا افترضنا أن القتيل كان لصا كان يفترض بالسلطة المعنية القيام به,أليس ضعف الدولة ومؤسساتها الهشة و الانفلات الأمني, واستبعاد القوانين في كثير من قضايانا وإرجائها للعادات والتقاليد سبب في ذلك ما جعل سفك الدماء أمر سهل لان القاتل يعلم أن ثمنها رأس ثور وبندقية بل لا ثمن لها في بعض الأحيان.

والد القتيل في شكواه إلى النائب العام اتهم القتلة بتعذيب وسحل وتقطيع جلد ولده حتى الموت ومن ثم دفنه ,والطب الشرعي أكد أن المجنى عليه تعرض للتعذيب وكشف تقريره عن وجود علامات لقيود حول معصمي وساقي سعيد بالإضافة إلى كدمات في البطن والظهر والأطراف وأماكن حساسة أدت إلى وفاته, الم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لهدم الكعبة حجراً حجرا أهون عند الله من إراقة دم مسلم , لقد كرم الله تعالى الإنسان وحرم ماله وعرضه ودمه لكن النفس الأمارة بالسؤ والتلذذ بتعذيب الآخرين أنستهم ماجاءت به شريعة الله لتحل محلها شرعة الغاب وهنا نسال القتلة أكان من الرجولة والشهامة وقيم وأخلاقيات القبيلة اختطاف الرجل وإهانته وتعذيبه حتى الموت ,أمن الرجولة أن يعذب وهو مقيد؟!المشكلة أن القاتل لم يشعر بتأنيب للضمير وحتى ندم على مافعل فحين سئل كما قال المحامي محمد ناجي علاو عن جريمته رد ببرودة أعصاب (مات من البرد ما افعله؟) وهذه الجريمة ليست الأولى ولا الأخيرة هنا في وطننا الذي أصبح فعلا مقبرة لأبنائه القتل بالجملة من لديه نفوذ يقتل و من لديه مال يقتل , كل خلافتنا تحل بالعنف , وصعده جرح الوطن الغائر الذي لم يستطع احد مداواته يقتتل الإخوة الأعداء , الدماء تسفك, والجروح تنزف وكل دماء سفكت على ارض هذا الوطن لانعلم سببا لها !!

كم كررناها للقتلة بمختلف مسمياتهم ومستوياتهم وإمكاناتهم ومن يحمهم دعونا نعيش بسلام , بأمن, بكرامة في وطننا, دعونا نموت كما أراد الله لنا لا كما تريدون انتم, لا نريد أعراف وأحكام قبلية تمتهن كرامتنا وتنقص من حقوقنا وتحكمنا لأننا الأضعف نريد قضاء نزيه يكون الملاذ الأمن لكل من لجا إليه.

(خاطفون لكنهم محميون)

تختطف ابنتهم وهم يعلمون من خاطفها ويرفضون التبليغ أو الشكوى أو إثارة القضية بحجة العيب والعار وربما الخوف لان الخاطفين لا تطلهم يد القانون, فتاة في الثانية والعشرين من عمرها طالبة جامعية يعلم أهلها من خطفها ويرفضون تقديم بلاغ أو إثارة القضية والسبب العيب!!, هل من العيب أن تنقذ ابنتك وتحررها من خاطفيها بل وتقدمهم للعدالة أم العيب أن تتركها وحدها تواجه مصيرها دون أن تعلم ذلك المصير وما يحدث لها .

العيب والعار سيلاحقكم انتم الآباء في كل مكان وزمان لأنكم تخليتم عن ابنتكم عرضكم وبحجج واهية , إن كانت عادات المجتمع ترفض أن تشهرون بالخاطفين وتنقذون ابنتكم فلتسقط هذه العادات البالية التي ما آتى الله بها من سلطان, فقيم وعادات القبيلة والمجتمع اليمني ترفض أن تختطف امرأة ,و الخاطفون هم من جلبوا العار لأنفسهم لا ابنتكم الضحية وتذكروا انه من العيب وعدم الشهامة ترك فتاة بيد الخاطفين وليست أي فتاة إنها ابنتكم فلذة كبدكم عرضكم وشرفكم حرام ما يحدث لها تظلم مرتين مرة ممن خطفها ومرة أخرى هو ظلم اشد وأقسى وهو ظلم من تخلى عنها من اقرب الناس لها فاتقوا الله تعالى فانه لا يرضى بالظلم , واكشفوا وافضحوا الخاطفين, وانتم بسكوتكم وتهاونكم تساعدونهم في التمادي في استضعافكم , وسيتمادون أكثر وانتم كنتم بتخاذلكم خير عون لهم بل ومشاركون لهم في هذه الجريمة.


في الإثنين 19 مارس - آذار 2007 11:59:00 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=1371