تعذيب المواطن واستثمار معاناته في الألاعيب السياسية
د. محمد البنا
د. محمد البنا

مازال أقطاب النظام البائد يعتقدون بان الشعب اليمني ملكا خاصا لهم, يسوقونه كيفما أرادوا وكما اعتادوا طوال 33 عام, لهذا فهم يخوضون معركتهم الان مع خصومهم التوافقيين بالتضحية بالمواطن البسيط, ويخلقون لخصومهم العراقيل ويحملونهم تبعاتها. يقتلون جنود الوطن الأبرياء بدم بارد ليحملوا خصومهم مسؤولية عدم استتباب الأمن, ويفجروا خطوط النفط والكهرباء ليستنزفوا خزينة الدولة في شراء الذمم وإصلاح ما خربته ثعابينهم. ان من يقوم بهذه الأفعال الإجرامية يعتقد بأنه يؤثر في تفكير المواطن ليقنعه بان شركائهم التوافقيين في الحكم غير قادرين على إدارة شئون البلاد والعباد وحماية مصالح الشعب, وان النظام البائد هو الأقدر على تحقيق الأمن والأمان والاستقرار, متناسيين عمدا بأنهم شركاء في تحمل المسؤولية باكثر من النصف في الحكومة وأجهزة الأمن والسلطات المحلية.

ان استثمار معاناة المواطنين لتحقيق مكاسب سياسية شخصية او لفرض توجهات معينة عبر جعل المواطن البسيط حقلا للتجارب المريضة, يعكس أمراضا نفسية لأرذل السياسيين وينم عن انحطاطهم الأخلاقي وخلل في تركيب شخصياتهم البليدة.

قد لا يعلم السياسيين في صنعاء بان الحرارة الشديدة في المناطق الجنوبية, تقتل كبار السن والمصابين بأمراض القلب والجهاز التنفسي والأطفال حديثي الولادة. لهذا يتجه هؤلاء الضعفاء الى التخفيف من معاناتهم باستخدام أجهزة التهوية والتكييف الكهربائية, ومن ليس لديه القدرة يستخدم المياه للتخفيف من الحرارة. غير ان السياسيين الفاشليين والمصابين بأمراض نفسية وشخصية, وجدوا في هذه الفئة الضعيفة مبتغاهم, فاتجهوا الى قتلهم قتلا بطيئا ليتلذذوا ويرووا عطشهم في تعذيب الغير واستثمار معاناتهم في المماحكات السياسية الغبية غير المجدية.

ان ترقيع الخلل في تغذية مدينة صنعاء بالكهرباء نتيجة الأعمال التخريبية لثعابين صالح, بالسحب من حصة المدن الحارة, يعتبر عملا اهوج غير عملي وغير علمي ولا مدروس ولا ينم عن عقلية سوية ومتزنة. فكيف يمكن ان تخفف من معاناة فئة من الناس بتعذيب فئة اخرى؟ الأخطر من ذلك ان معاناة الفئة الأولى كانت منحصرة في الإضاءة لوقوعها في مناطق باردة نسبيا في فصل الصيف, في حين ان معاناة الفئة الثانية غير المتسببة في المشكلة اكبر بكثير وتصل الى حد القتل البطيئ نفسيا وجسديا وتدميرا ممنهج لحياتها بالكامل. فتكرار قطع الكهرباء عن المواطنين في المناطق الحارة في فترة الظهيرة وبعد منتصف الليل واوائل النهار, يحرم اولئك المواطنين من نعمة الراحة والنوم مما يؤدي الى عدم قدرتهم على العمل او التحاور او الدراسة وفي كل مناحي الحياة. الأدهى من ذلك توجه قيادات معروفة في المحافظات الجنوبية مؤخرا الى قطع إمدادات المياه عن المواطنين بشكل غير طبيعي والدفع بعناصر بلطجية شابة الى إكمال عملية التعذيب للمواطن بإحراق الإطارات المتوفرة لهم مجانا وقطع الطرق وعرقلة ما تبقى من امكانية للحياة الطبيعية. فهل من المعقول بان يحتج المواطن ضد السلطة بتعذيب غيره دون ان تتاثر السلطات المسؤولة عن الانقطاعات.

نتوجه الى حكومة الأخوة التوافقيين الأعداء بالسؤال الأتي: اذا كانت قبائل المناطق الشمالية تخرب خطوط الكهرباء دون ان تستطيع الدولة ردعهم مطمئنة الى توفر مصدر اخر دون أي اعتبار لما يسببه هذا التصرف من معاناة للأبرياء الذين حافظوا على ممتلكات الشعب, فهل هذا المنطق غير السوي يهدف الى الدفع بمواطني المناطق الجنوبية الى تدمير خطوط نقل الكهرباء الى المناطق الشمالية, حتى تفكر الحكومة بطريقة سوية لوضع حلول منطقية لمشاكلها مع احزابها التوافقية؟ وهل يمكن اختيار البديل المتسبب في معاناة شعب بأكمله وترك البديل الذي قد يتسبب في معاناة لعصابة مختبئة تحت مسجد؟ فالطاقة الكهربائية التي تنتجها المولدات الخاصة بمسجد الصالح يمكنها تغطية مدينة صنعاء بأكملها, لكن التوافقيين لن يرضوا بتضرر المريض المختبئ تحت مسجد الصالح ويقبلوا بقتل مواطني المناطق الجنوبية الحارة.

من جانب أخر وكنتيجة لهذه المشكلة, فإننا نرى بان تفكر الدولة الوهمية بعمل محطات كهرباء لمدينة صنعاء بداخلها للتخلص من الصفقات السابقة بتركيب المحطات في مناطق بعيدة لتمر خطوطها في مناطق ثعابين صالح يستثمرونها للارتزاق والابتزاز والتعذيب. حتى ان خطوط الانترنت صارت تقطع في تلك المناطق بحسب تصريحات وزارة الاتصالات, بالرغم من استغرابنا لمرور الخط المغذي لتعز او عدن عبر مارب بل وحتى المغذي لصنعاء, وكان شبكة التحكم وضعت في تلك المناطق الصحراوية لمثل هذه الأيام.

أخيراً نطالب حكومة الأخوة الأعداء بوضع حد لهذا الاستهتار بحياة المواطنين ومعاناتهم, ونطالبها بتنفيذ الجزء المتعلق بهذا الموضوع في قرار مجلس الأمن حول اليمن. ووفقا لتصريحات أقطاب التوافق فان بنود الاتفاقية الخليجية وقرار مجلس الأمن كتلة مترابطة لا يمكن الانتقاء منها بمزاجية, ففيما يتعلق بالقتلة سارع المتوافقين الى حمايتهم وفيما يتعلق بالمواطن فالأمر متروك للظروف المناسبة. ان هذه السياسة الهمجية تجعل المواطن في حل عن أي التزام تجاه الدولة الغير قادرة على توفير ابسط مقومات الحياة له, إضافة الى عدم وضع أي اعتبار للقوانين التي تجحف في حقه وتحصن قاتله مما يسمح لكل متضرر بأخذ حقه بيده والبادئ اظلم.


في السبت 09 يونيو-حزيران 2012 04:21:13 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=15959