العنصرية أشد من القتل..
بدر الشميري
بدر الشميري

بادئ ذي بدء، لا نقبل تبرير إراقة الدم اليمني،سواء في المحافظات الجنوبية أو الشمالية ، في الشرق أو الغرب أو الوسط ،فالتراب اليمني يُسقى بعرق أبنائه لبنائه، لا بدمائهم لإبكائه،ولا نقبل قطرة دم طاهرة تسفك ،مهما كانت الأسباب،فالدم اليمني حرام حرام حرام،وخط احمر كلونه..

وكما نرفض إراقة الدم اليمني، نرفض إراقة هيبة وسمعة اليمنيين، ونقبح الشتائم، والألفاظ السوقية، التي تثير الضغائن والأحقاد، وتكون سبباً في تناحر الإخوة وتباغضهم، وكما في الحديث: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ)..

لم تقف العنصرية المقيتة عند حدود المسئولين والنافذين،والتي اعتدنا عليها كثيرا” في اليمن،في أقسام الشرطة والجامعات ،والمدارس ومجالس المشايخ ،والقائمة تطول،وآخرها - ما أقدم عليه الشيخ الشايف بألفاظ عنصرية نتنة دنيئة،تحت قبة سلطة تشريعية منتهكا هذا الصرح وقيم اليمنيين،بحق الأستاذ/ محمد سالم باسندوه رئيس الوزراء،يعد سابقة خطيرة،لا تعبر الا عن الكبر والغطرسة وغياب الرادع له وأمثاله ،ووجود خلل يجب إصلاحه،ومعاقبة من يروجون لهذه السلوكيات النتنة..

بل انتقلت-مع الأسف- الى المواطنين، ذات مرة كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء-من جنسية عربية وكنت أتمنى-اقل شيء- أن يظل النتن والألفاظ القبيحة في مكانها، ولا يشم الغير، ما اعتاد البعض قوله ،حتى لا يُسخر من اليمنيين قاطبة، وقال: ألفاظاً من باب المزح نسمعها كثيرا-مع الأسف- من بعض الإخوة أبناء المحافظات الجنوبية،وعقب صديقي بالتأسف، وقال انه سمع هذه الألفاظ من يمنيين ،شعرت كم هي الفاجعة أن يطعن اليمني بظهر أخيه اليمني، وان يحاول أن ينتقم من مواطن مثله، يشاطره الهم ،وقساوة الحياة، ولا ذنب له، إلا انه يمني ..

بالفترة الأخيرة ازدادت العنصرية وطغت،وصرنا نقرأ مقالات لبعض الكتاب -سامحهم الله-وما فيها من تجريح لعامة أبناء المحافظات الشمالية،والمسئول صاحب الجرم يفلت منها،وتعليقات مع كل خبر ينشر في صحيفة الكترونية عربية، للأسف كثرت هذه الأيام ،وخاصة في مواقع غير يمنية، وهذه ظاهرة تسيء للجميع، وتسيء لليمن..

 بعض الإخوة يصفون أبناء المحافظات الشمالية(اعني وصف عامة الناس، وليسوا القادة، فالقادة يستحقون كل ما يردهم لأخطائهم وفسادهم) بالمتخلفين والجهلة والشحاتين والعالة على الجنوب، وناهبي ثرواتهم، بصيغة التعميم،وتكثر الألفاظ القبيحة النتنة،وجلد من لا دخل له في أمور الساسة وأصحاب النفوذ..

التعميم بتلك الصفات..لماذا ؟وما الفائدة أن تطال مواطنا مثلك!!

إن هذه الأقوال لا صحة لها ،وإن وجد الفقر والجهل والتخلف، يظل بنسب متفاوتة بين كل محافظة وأخرى، ولا يستثني الشمال عن الجنوب، ولا الشرق عن الغرب،وان اغلب كوادر المحافظات الجنوبية قبل الوحدة من المحافظات الشمالية (تحديدا من تعز)،وتولوا أعلى منصب في الدولة.. 

نحن لا ننكر فساد وظلم النظام السابق، بحق الإخوة أبناء المحافظات الجنوبية، ونقف مع مطالبهم المجمعين عليها،نقف مع القضية الجنوبية، ونطالب بإنصافهم،ولا نرضى لهم الإساءة، ولا الظلم مثلما لا نرضى لأنفسنا،وقد ثبت أن الجميع ضحية نظام..

فالسياسة أمرها بين الساسة أصحاب القرار، ولا ذنب للعامة بأخطائهم،حتى الشماليين أنفسهم لم يسلموا من النظام السابق، فالبنية التحتية للمحافظات الشمالية، لا تختلف عن المحافظات الجنوبية، فصنعاء ليست واشنطن، وتعز ليست مدينة الضباب،وما زالت بجامعة واحدة، تنقصها بعض الكليات، وأكثر من 60% بدون كهرباء،وهلم جرا..

الأنظمة السابقة لم ترحم الشعب اليمني، قبل الوحدة المواطن الجنوبي يتذكر كيف كان يذوق الويلات من حكم الاشتراكية ،والحروب القائمة بين الفصائل الطامعة بالسلطة،والمواطن الشمالي بنفس المعانات المرة،وبعد الوحدة ظل القادة الشركاء، والفرقاء فيما بعد ،ظلوا ينهبون خيرات اليمن لأنفسهم، فالثروة لم ينهبها الشعب، ولم يستفيد منها المواطن،فثروة الجنوب والشمال في خزائن الساسة شركاء الأمس فرقاء اليوم..

أخيراً يجب معاقبة كل من يتبنى العنصرية بحق الآخرين، وخاصة النافذين والمسئولين، ووسائل الإعلام التابعة لهم، وندعو كل يمني أصيل الى التخلص من العنصرية النتنة ومحاربتها،فلا نريد أن نسمعها بين اليمنيين، وينبغي تجنب صيغ التعميم بالإساءات والتجريح،فكلٌ يؤخذ بوزره (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وليعلم الجميع أن الحقوق لا توهب بالإساءات، فحين تسيء لأخيك من المحافظات الشمالية أو الجنوبية، تسيء لنفسك ودينك وتاريخك وقيمك الأصيلة، ويسخر منك الآخرون، وما كتبت هذه السطور، إلا حباً للجميع-والله يشهد- وحزناً على ما وصلنا إليه، من التأجيج والتنفير وإذكاء العداوة ...

ونحن على وشك الولوج بشهر التسامح، والنفحات الربانية، ينبغي أن نتصف بصفات التسامح والتراحم والمودة والأخًوة ..

badrhaviz@hotmail.com


في الأحد 15 يوليو-تموز 2012 05:22:49 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=16502