صعدة بين من طلب الحق فأخطأه ..ومن طلب الباطل فأصابه !!
عبدالجبار سعد
عبدالجبار سعد

مأرب برس - خاص

ما يدور في صعدة نتاج طبيعي .. لفريقي الفتنة في جانبي الصراع (السلطة في جانب والحوثيين في الجانب الآخر) .. وفريقا الفتنة هما الجناح القبلي بقيادة الرزامي في جانب التمرد ومجموعة من المنتفعين والموتورين من الضباط والساسة التقليديين في جانب السلطة ..ويختلف الناس في تحديد قطب الرحى لهذا الفريق ..

دافع الفريق القبلي من الحوثيين ثارات قبلية .. ودماء يحاول أن يخفي أو يبتعد أو يفر من تبعاتها ومن خلال تأجيج صراع مستديم مع الدولة .. ودافع الفريق النفعي في السلطة .. غنائم مادية لا تأتي بها غير الحروب تبدأ من فوارغ الدانات وتنتهي بصناديق الأسلحة والذخائر القابلة للبيع وتمر بكل الاعتمادات والمخصصات المرتبطة بالمهمات الحربية كما يوجد دافع آخر يتمثل في الأحقاد والضغائن التي يحملها البعض تجاه حكم الأئمة ومن ارتبط بهم ومواقف عدائية ولدتها حروب مابعد الثورة وخوف أن يعود الأئمة وأنصارهم للحكم فيحاسب أصحاب هذه المواقف عليها . 

ولا شك أن الفريقين مرتبطان بذيول خارجية تنتهي إلى لا عب واحد هوسيد البيت الأبيض الأمريكي ومجموعة الصهاينة الصليبيين الحاكمة في أمريكا .. ومشروعهم المرعب في خلق فوضى عامه في العالم الإسلامي خصوصا العالم العربي تنتهي إلى تدمير كل الكيانات القريبة والبعيدة عنهم بحيث تدخل المنطقة في دوامة عنف بدوافع وغايات سياسية وأيدلوجية .. وعنصرية وطائفية .. وقبلية .. وحدودية...الخ تكون نهايتها أن تبقى إسرائيل وحدها منارة السلام !!والديمقراطية!! وحقوق الإنسان!! والاستقرار السياسي!! في المنطقة .. فتكون المنقذة للعرب من العرب وللمسلمين من المسلمين فيها وتصبح دولتها هي الكيان الموحِّد لكل هؤلاء الأعراب وتمتد دولتهم إلى ارض الجزيرة ويستعيدون خيبر .. ونجران .. بعد تحقيق الحلم التوراتي من الفرات إلى النيل ..

 هذه باختصار أهداف المشروع الصهيوني الصليبي الذي تسير في طريق تحقيقه أطراف الفتنة في بلادنا في جانبي الصراع وتدعمه قوى خارجية مختلفة لا يستثنى منها أحد .. والذي وجد له في الدولة الصفوية في فارس حليفا لدودا .. يقدم الزاد والعتاد ويعبث بالبلاد والعباد ويفاوضهم على القسمة . فلاهم استغنوا عنه ولا هو استغنى عنهم ..

 وبعد ..فكيف تسنى لفريقي الفتنة أن يوصلونا إلى هذا الوضع البالغ الصعوبة ..

باختصار ..سأجبب بما علمته مباشرة من مصادر سعت للصلح بين الجانبين كحقائق أوجزها بالتالي ..

 لقد شهدت الأيام الأولى من شهر نوفمبر مساعي حثيثة كادت تكلل بالنجاح بين الرئيس وعبد الملك الحوثي .. وبلغ الاتفاق حد استعداد الحوثي لمقابلة الرئيس بشروط معينه توفر له الأمان .. وسارت الأمور على مايرام حتى عشية اللقاء المرتقب والذي كان مقررا فيه أن يصل الحوثي إلى ضحيان ثم يرتب للرحلة إلى صنعاء .. ولكنه وبعد عودة الوسيط من لديه وبعد توجهه في اليوم التالي إلى المكان المتفق عليه تعرض لكمين استهدف حياته وقد قتل فيه أحد مرافقيه وجرح أحد المهاجمين له .. وبعد التحقق من المهاجم الجريح تبين انه من فريق الفتنة في جانب الحوثي نفسه .. وبعد علم ذلك أبلغ الحوثي الوسيط ماحدث برسالة هاتفية .. ولكنه لم يعط التفاصيل .. وقدكان واجه بعد قراره اللقاء بالرئيس ــ بحسب الوسيط نقلا عن عبد الملك ــ حملة شعواء من الجناح القبلي تركزت حول دعوى واحده( أن السيد يريد يبيعها ) يعني عبد الملك يريد يبيع القضية .

بالمقابل تحرك الفريق الآخر ليؤجج النار في الجانب الحكومي .. وليغري الرئيس بالوسيط و يشكك فيه مستخدما كل إمكاناته بمافيها التنصت على المكالمات الدائرة بين الطرفين بل والرسائل الهاتفية .. وتم تفسير الكلمات التي وردت في بعض الرسائل على أنها تواطؤ مكشوف بين الطرفين وتآمر ونشرت بعض عبارات الرسائل بالصحف المقربه لهذا الجانب .. ورغم أن الكل يعرف أن الكذب جائز للصلح بين المتخاصمين فالساعي في الصلح لا يستخدم عبارات كل خصم في خطابه للآخر ولكن يستخدم عباراته هو حتى يكون قريبا أما إذا استخدم مفردات الطرف المقابل فكيف سيكون مقبولا وما هو الجديد الذي سيقدمه في وساطته .ولكن بغاة الفتنة لهم رأي آخر .. وتفسير آخر تلزم الناس كلهم بأن يقولوا عن الحوثيين قولهم هم .. سواء كان حقا أو باطلا ولا مجال للين في التعامل معهم حتى بالكلمات .

وهكذا تسارعت الأمور ودقت الحرب طبولها .. وذهب آخر أمل في التوصل إلى حل يجنب البلاد حربا ثانية..

وفوجئت الدولة وهي تجيش الجيوش وتبد أ بالمواجهة أن هناك جهلا كاملا بماهو دائر في المنطقة .. وعدم علم بالجيوب والمخابئ والأسلحة والاتصالات والأعوان والأنصار ..

وكان قد اتضح جليا مجموعة حقائق .. بشهادة المنصفين في الجانب الحوثي والمقربين إليهم ..

أولها أن الرئيس بغض النظر عن دوافع الحرب نفسها وسوء مسارها قد عالج تبعات الحرب الأولى بحكمة.. وقدم للجانب الآخر تنازلات لم تكن تخطر لهم على بال مقابل أن يلقوا السلاح ويطفئ نار الفتنة ..

ثانيها اقرارالتعويضات لكل المتضررين واستلامهم لها ماعدى القلة الذين رفضوا أن يتركوا حصونهم الجبلية ويستلموا التعويضات وكأنهم كانوا يخبئون شرا أو يتوقعون شرا ,

ثالثها تم الإفراج عن جميع السجناء المرتبطين بالشباب المؤمن .. وصدر العفو عنهم أجمعين ..

رابعا تم تعيين يحيى الشامي كمحافظ لصعدة كشخص مقبول لدى الطرفين السلطة والحوثيين وكان ذلك تعبيرا صادقا من الرئيس عن الرغبة في حل ماتبقى من معضلات في طريق السلم الشامل في المحافظة

إلى غير ذلك من المساعي في هذا الطريق .

لكن ماحدث في جانبي الفتنة .. وفي مقابل هذه المساعي الحريصة .. كان يسير باتجاه معاكس تماما.. وذلك من خلال التالي ..

أولا .. استمرار الملاحقة للشباب المؤمن الخارج للتو من السجون وأحيانا بمبررات تثير السخرية مثل أنهم يلبسون قمصان عليها شعارهم الموت لأمريكا رغم أنهم يفعلون ذلك ولكنهم على حد الناقل يخفونها .. تحت ملابسهم الخارجية !!لكنهم يفتشون ويعتقلوا لأجلها .. وقبل هذا كانت مطالبتهم بعمل تصريحات .. يعلنون فيها أنهم كانوا من المضلل بهم وأنهم تابوا ويعلن هذا على شاشة التلفزة بطريقة مهينة ..

ثانيها استمرار النكاية بالمحافظ وكل ساع إلى الخير وإلى إطفاء الفتنة وتصيد المواقف .. والتصريحات .. وتأجيج نار الفتنة في الجانبين ..

ثالثها محاولة تدويل الأزمة والنشاط الإعلامي المكثف في الفضائيات ومواقع النت والصحافة لخلق حالة من التهويل والروع عماحدث ويحدث .. وقد قام ويقوم يحيى الحوثي بالدور الأكبر في هذا النطاق بعد مغادرته اليمن إلى الغرب .. وإن يكن بالمقابل قد قدم خدمة جليلة للسلطة ولكل من تعاطف مع شعارات الجماعة المعادية لأمريكا حيث صرح بأنه خرج ليقدم ملفا كاملا بالقضية للولايات المتحدة الأمريكية!! .. بحيث جعل كل من تعاطف معهم باعتبارهم ممن طلب الحق فأخطأه يعزف عن هذا التعاطف وينظر إليهم بحالهم كجماعة طلبت الباطل فأصابته .. كما أن للدولة الصفوية وذيولها في المنطقة والعالم دور كبير في تأجيج الفتنة وإشعال فتيل المواجهة فيها .ويقوم جانب الفتنة بالسلطة بدور مشابه إلى حد عرض أفلام وضيعة تشوه عمدا حياة الأئمة بطريقة تخلو من اللياقة تماما وتوظيف ذلك في المواجهة .

رابعها الالتفاف على كل مسعى خير لمحو آثار الفتنة وبدلا من ذلك استهداف السادة في الكثير من المواقع .. وتصوير هم باعتبارهم وجه آخر للحوثية .. وتذكير الناس بالملكية وربطها بالهاشميين .. ونسب الحوثيين إلى الزبدية وإثارة العداء تجاه المذهب مع أن مرجعيات المذهب الزيدي قد أصدرت بيانا يحذر الناس من أفكار حسين بدر الدين قبل المواجهة الأولى كما أن المسئول الأول عن الشباب المؤمن بين ضلالات الجماعة في كتب مطبوعة ومنشورة قبل الحرب الأولى بين الجماعة والسلطة .. ولكن يظل البعض يحاول إلباس الحركة ثوبا زيديا لخلق فتنة طائفية بحجم اليمن بدلا من معالجة انحرافات الجماعة في إطارها .. الذي حددته أدبياتهم وفتاوى المرجعيات الزيدية ومواقفهم المتجددة ..

خامسها الغياب الكامل لأي دور استخباري من جانب أجهزة الأمن ذات العلاقة في المنطقة بحيث .. وللمرة الثانية تدخل الدولة ارض المعركة وهي لا تدري من تواجه وما حدود إمكانياتهم ولا مصادر تمويلهم ولا تسليحهم ولا اتصالاتهم ولا الرقعة التي ينتشرون فيها .. ونفاجأ كشعب وكدولة بما يدور من مواجهات لا تتناسب مع مايتصوره العقل للجماعة لو أن الدولة كانت حاضرة باستخباراتها وبقية أجهزتها بعد انتهاء الحرب الثانية ولكننا نكتشف متأخرا أن هذا الغياب كان كليالأن الأمن القومي منشغل بمطاردة أعداء أمريكاممن ينتسبون الى القاعدة كما يدعون .فيما كان حضور الآخر مهيمنا وشاملا .. ودقيقا ومنظما .

سادسها الغياب الكامل لدور المؤتمر الشعبي والجهات الحكومية في بسط نفوذ الدولة وتواجدها بالمشاريع والإصلاحات .. وغياب النشاط الدعوي والفكري والسياسي الهادف لمواجهة أفكار الجماعة بطريقة حصيفة وإيمانية وحكيمة .

سابعها .. محاولات صف واسع من المعارضة استثمار الحركة لصالحها .. وتحويل انحرافها إلى رمز في المواجهة للسلطة .. حيث يسعى جانب من المعارضة في الداخل والخارج إلى تصوير حركتهم تلك باعتبارها حركة مستضعفين تطالب بالعدل والإنصاف من الاستكبار السلطوي الظالم كما يزعمون !! ..

وأخيرا فقد تتوجت هذه الجهود بعزل المحافظ .. وإبعاد كل الجهود الساعية للصلح و الرموز الحكيمة المرضية من رموز المواجهة .. بحيث لم يعد للتفاهم مكان بينهما على الأقل في الأمد المنظور وفي الظرف الحرج القائم ..

تلك باختصار هي ملامح الأزمة القائمة كمانراها

 ولو قدرلأحد الآن أن يقدم للرئيس نصحا لحل هذه الأزمة فلن يكون هذا النصح إلا في نقطتين أساسيتين أو بالأصح خيارين أساسيين ..

أولهما وبعد أن اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن رؤوس الفتنة في جانب السلطة قد استطاعت أن تبعد كل خيارات المصالحة ورموزها .. واستحوذت على عقل الرئيس وقراراته بما قدمته له من تفسيرات وتقديرات نحسب أنها في جانبها الأعم مضلله فعليه أن يلزمهم بسرعة حسم المعركة .. وهم مسئولون مسئولية كاملة عن هذا الحسم ويجب أن يحدد لهم فتره هم يقدرونها وتعطى لهم الإمكانيات التي يطلبونها للحسم وهم يقدرونها أيضا وليس غيرهم المهم أن يحملوا مسئولية الحسم للمعركة بالكلية حتى لا يكون أمامهم عذر أو شبه ذريعة للحسم .. وهم يعلمون أن المعركة الأولى حسمها أناس جاءوا من حطام وآثار وضحايا حرب 94م بعد أن أعيت غيرهم الحيلة حينذاك فليعملوا عملهم .. أو ليتخلوا بالكلية عن مواقعهم ويدعوا لغيرهم .. طريقة الحسم فيمابعد..وإن حسموها فلهم التقدير والإكبار .. وعلى الدولة أن تكمل مهمتها في تصفية آثار الفتنة فلا تبقى متروكة كالسابق لتستعيد وجودها لا حقا في غفلة الدولة وأصحاب الدولة .وإن لم يفعل هؤلاء مااريد منهم فليبدأ الخيار الثاني .

 وهو ثانيهما وبعد أن يعترف الفريق الأول بفشله ويعزل خارج نطاق صعده والدولة وأجهزتها بالكلية .. على الرئيس أن يستعين بمن يعرفهم من أصحاب المواقف التي هو أدرى الناس بها وبهم من خلال تجاربه المميزة في الحروب والمواجهات .. وقبل أن يبدأ الحسم العسكري على الرئيس أن يستعين بالمرجعيات الزبدية الكبرى لقيادة المواجهة ومعالجتها وتركهم يستنفدون وسائلهم خصوصا وان هذه المرجعيات وأقصدبها ثلاثي الحق ( الشامي المنصور المؤيد) قد انسحبت من أرض المواجهة التي كانت تجمعها مع فصائل المعارضة .. وأصبحت بعيده عن التمترس مع طرف ضد طرف وهم أهل لكي يقدموا النصح والجهد لحل الأزمة ولا يجب بالطبع أن يعاملوا كمستخدمين ولكن كقادة يهمهم أمر الوطن وأمر الدولة وأمر المتمردين كمايهم بقية القادة في الدولة فهم من اولي الأمر من جانب العلماء فهم الذين يقدرون مايجب عمله والسلطة تعينهم وتعمل تحت نصحهم وتقديراتهم ولا شك انهم سيستعينون بالكثير من العلماء والشباب والدعاة والمشائخ وغيرهم فليعانوا على ذلك ولا يفسر جهدهم ومسعاهم تفسيرا عدائيا وتشكيكيا .. و لا بد بالتأكيد أن يعود المحافظ الذي تم عزله عن المحافظة أو رجل له نفس المواصفات ويمتلك نفس القدرة على الاقناع في الجانبين وتصبح كل القوة وكل أجهزة الدولة مرتبطة به وهذا الفريق المتكامل .. قادر بعون الله على حسم المعركة في وقت قياسي .. ولا شك أن فتوى القاضي العلامة العمراني بمافيها من ورع و تشخيص شرعي للمواجهة تمثل عاملا مؤثرا وحاسما في المواجهة في كل حال . 

والله من وراء القصد .. 

SUHAILYAMANY@YAHOO.COM


في الأربعاء 09 مايو 2007 08:50:41 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=1716