الحوار الوطني ومعايير النجاح
علوي أحمد الحطام
علوي أحمد الحطام

يعتبر الحوار الوطني الشامل هو المحصلة النهائية والبوابة الأكثر أمانا لمناقشة المسارات المتفاقمة والمتصاعدة للأزمة الوطنية العامة، بمظاهرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتداعياتها الخطيرة التي استحكمت حلقاتها مهددة حاضرنا ومستقبلنا والتي تعتبر من أهم وأخطر مشاكل الشعب اليمني التي لم تظهر فجأة وبدون سابق إنذار وإنما تراكمت عواملها تدريجيا حتى وصل بها المطاف إلى ما نحن عليه الى أن غدا التصدي لها يتطلب منا فعلا سياسيا وطنيا جماعيا أكثر فعالية وحزما من خلال استحضار ومناقشة المبـادرات والـرؤى السيــاسية المختلفة و الجــادة المطــروحة على الســاحة السياسية، من مختلف القوى والشخصيات والفعاليات السياسية والاجتماعية والوطنية، بشأن إنقاذ البلاد وإخراجها الى بر الأمان من خلال قيامها بمسؤولياتها وواجباتها الوطنية وذلك بإنجاز مشروع وطني للتغيير ينقذ البلاد ويحول دون وقوع المزيد من المشاكل أو المعاناة حاضرا ومستقبلا وصولا إلى وطن آمن ومستقر تصان فيه كرامة الإنسان اليمني وحرياته وحقوقه ويعاد فيه الاعتبار لمبادئ وأهداف الثورة اليمنية ، ولتلك الخيارات الوطنية الديمقراطية النبيلة التي توافق عليها اليمنيون في 22 مايو1990م، وارتضوها خيارات لا رجعة عنها، وفي المقدمة منها مبدأ الشراكة الوطنية، والتعددية السياسية والحزبية، والقبول بالآخر، وقيام المؤسسية وسيادة القانون، والمواطنة المتساوية، والمشاركة الشعبية في السلطة والثروة وصناعة القرار حيث نجد أن السبيل الأمثل لإنقاذ الوطن يكمن في حشد وتعبئة وتكتيل الطاقات والجهود الوطنية، وصولا إلى عقد اجتماعي جديد جامع يؤسس لقيام دولة مؤسسية يمنية حديثة تتفق مع معايير الدولة العصرية وذلك من خلال :

- اعتماد الحوار القائم على أساس التسليم بالشراكة الوطنية بين كافة القوى والأطراف للوصول إلى رؤية موحدة، وفهم مشترك لطبيعة الأزمة الراهنة، والحلول المقترحة لمعالجتها، والآليات الكفيلة بتحقيقها على واقع الحياة اليمنية عامة، التي تعكس وتجسد ما يتم التوصل إليه، والتوافق عليه، روح اليمن كلها، وليس رغبة اتجاه معين او مجموعة بذاتها.

- الالتزام بالعمل لإنجاح الحوار، وتنفيذ ما سيتوصل إليه من نتائج وحلول ومعالجات، ورفض الانجرار إلى العنف أو الاستدراج إلى منزلقاته حيث إنه من الضروري أن تصاغ الرؤى بناء على تحديد جذور المشاكل والقضايا وأبرز مظاهرها .

- تشخيص المشاكل والقضايا وتحليلها تحليلا منطقيا وعلميا.

- وضع الخطوط العريضة والاتجاهات الأساسية للمعالجات.

- وضع الآليات التنفيذية للمعالجات والحلول .

ومن هذا المنطلق فإنه لا بد أن يكون الحوار الوطني متسما بالنقاط التالية كي يكون مثمرا وناجحا على كافة الأصعدة والمجالات وهي كالتالي:

عدم جواز الاجتهاد في القضايا والمواضيع المنصوص على أحكامها في شريعتنا الإسلامية .

- شاملا لكل القضايا المطروحة على الساحة اليمنية – شاملا لكل فئات ومكونات المجتمع السياسية والاجتماعية والدينية – شاملا لكل الحلول والمعالجات الجذرية على كافة المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية .

- واقعيا بحيث يناقش كل قضايا الوطن من على أرض الواقع وفق دراسات دقيقة وتحليل منطقي قادرة على التماشي مع معطيات العصر ومتغيراته المختلفة بما لا يتنافى مع أهدافنا ومبادئنا الوطنية والقومية والإسلامية.

- أن يكون متوافقا مع الثوابت الوطنية وتحت سقف الوطن بعيدا عن أي إملاءات أو ضغوطات داخلية أو خارجية وفق مصالح أو أجندات معينة لاتخدم الوطن والمواطن.

- أن يكون عادلا في طرح القضايا – عادلا في تمثيل القوى المشاركة في الحوار – عادلا في إيجاد الحلول المناسبة للقضايا المطروحة في الحوار.

- أن يكون مضبوطا على كافة المستويات المتعلقة بسقف الحوار والضمانات الضرورية لإنجاحه والحلول المنبثقة عنه من خلال تخلي الأطراف المتحاورة عن كل الوسائل التي يمكن أن تعيق أو تعرقل الحوار الوطني بطريقة أو بأخرى وكذلك الآلية المناسبة لإدارته وفق أطر قانونيه محددة وجهات إشرافية محايدة بالإضافة إلى وضع شروط جزائية على أي جهة مشاركة لا تلتزم بالأطر المتفق عليها مسبقا للمشاركة في الحوار الوطني .

-أن يكون مرنا في التعاطي مع وجهات النظر المختلفة والتحاور حولها بكل شفافية للوصول إلى نتائج مقنعة مع الجميع .

- أن يكون منفتحا على كل الرؤى والتوجهات – منفتحا على كل الرؤى والأفكار – منفتحا على الثقافات المختلفة بشرط أن لا تتنافى مبادئنا وأهدافنا الوطنية والقومية والإسلامية .

أن يكون شفافا أي بمعنى أن يكون واضحا أولا بأول بكل تفاصيله الفنية والموضوعية والقانونية للمجتمع اليمني أولا بأول عبر كافة وسائل الإعلام المختلفة الحكومية والخاصة .

الاتفاق على كيفية الحوار العادل بين كافة القوى المشاركة في الحوار وذلك بالاتفاق المسبق على كيفية اتخاذ القرارات من خلال آلية محددة يتم الاتفاق عليها بين كل أطراف الحوار الوطني الشامل .

- أن يكون مدروسا بحيث تؤخذ القضايا محمل الجد من الدراسة والتقصي لأسبابها وجذورها والقضاء على مسبباتها مع القدرة على تحقيق الطموحات المرجوة من الحلول النهائية على المدى القريب والبعيد .

أن يكون منصفا لكل أبناء المجتمع على كل مستوياتهم وتوجهاتهم وحجمهم على الساحة اليمنية في كل ما لحق بهم جراء الفساد أو الحروب والنزاعات والمماحكات السياسية . وبناء على ما تناولته آنفا فإنه لابد أن نأخذ تلك المعايير محمل الجد لما لذلك من أهمية قصوى في إنجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتحقيق العدالة والمساواة لدى كافة القوى على الساحة اليمنية وأيضا لدى كافة أبناء المجتمع اليمني حيث أشدد على ضرورة إشراك كافة القوى على الساحة السياسية والتي لها قبول كبير بين أوساط الشعب اليمني في معظم فعاليات الحوار الوطني ما يخلق ارتياحا بين أوساط المجتمع ويحقق العدالة التي نطمح جميعا الى تحقيقها كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن أي عمل إنفرادي أو مفروض سواء قبل فعاليات الحوار أو أثناءه لا يتفق مع مبدا الشراكة والعدالة للجميع عمل غير مبرر ومتنافٍ مع الأهداف والمبادئ الوطنية التي نأمل أن تتحقق إذا ما خلصت النوايا وصفت النفوس بعيدا عن الأحقاد والضغائن والمصالح الأنانية وصولا الى بلد آمن ومستقر تصان فيه كرامة الإنسان اليمني وتتحقق فيه العدالة والتنمية والرقي على كل شبر من وطننا الحبيب الجمهورية اليمنية .


في الثلاثاء 09 أكتوبر-تشرين الأول 2012 11:13:33 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=17627