عيون وآذان (أكبر سفارة في العالم)

جهاد الخازن الحياة - 08/05/06//

 

تبني الولايات المتحدة في العراق أكبر سفارة في العالم، وهي ستنفق بليون دولار على مشروع في نصف مليون متر مربع من الارض ويضم 21 مبنى وآبار ماء ومحطة كهرباء.

السفارة الأميركية التقليدية تقوم ضمن أرض مساحتها حوالى 50 ألف متر مربع، غير ان السفارة في بغداد «محطة بنزين» فهذا سبب الحرب على العراق، وتهديد دول المنطقة كلها عبره.

وكان هناك من لاحظ ان أموال إعادة تعمير العراق أهدرت أو سرقت، والاحتلال بعد أكثر من ثلاث سنوات لم يُعِدْ إمدادات الكهرباء بانتظام، مع ان نظام صدام حسين المحاصر أعادها خلال أشهر من تحرير الكويت.

السفارة، أو محطة البنزين، تضم بركة سباحة، ونادياً رياضياً وخدمات للطعام، ولكن لا أعرف لماذا يعتقد الأميركيون بأن العراقيين سيسمحون لهم بالتمتع بها طويلاً؟

أكمل بأخبار سريعة وتعليقات قصيرة:

* اعترف الجنرال بيتر تشيارلي، قائد العمليات الأميركية في العراق، بأن الجنود الأميركيين يطلقون النار عشوائياً، وانهم يجعلون ضحايا نزقهم يتحولون الى تأييد المتمردين، وهو يريد من الجنود الأميركيين ان يتصرفوا بحذر وحكمة كالجنود البريطانيين.

هل الجنود البريطانيون أفضل؟ لا بد من ان يكونوا أفضل بالمقارنة، ولكن فيما كانت «نيويورك تايمز» تحدث الجنرال الأميركي كانت الصحف البريطانية تنشر تفاصيل محاكمة أربعة جنود بريطانيين أمروا أربعة صبيان عراقيين ضبطوا يمارسون النهب بالنزول الى ترعة ماء فغرق أحد الصبيان تحت بصر الجنود.

وعندي اصدقاء عراقيون في لندن ذهبوا الى العراق بعد التحرير وعادوا بسرعة، وهم يقولون ان أكثر ما كان يخيفهم في بغداد خطر المرور قرب مراكز الجنود الأميركيين فهؤلاء يطلقون النار ثم يسألون، ولا أفهم عناء الحرب كلها ان كانوا سيتصرفون مثل صدام حسين.

- ثمة خبر نشرته «الحياة» أرجو ألا يكون فات القارئ، فقد أظهر استطلاع للشبان الأميركيين بين 18 عاماً و24 عاماً أمية هائلة في الجغرافيا، فقد تبين ان 63 في المئة منهم لا يعرفون أين العراق على الخريطة، على رغم سنوات ثلاث من التغطية الاعلامية الإغراقية، وان تسعة من عشرة لا يعرفون موقع أفغانستان، وان 54 في المئة منهم لا يعرفون ان السودان في أفريقيا. أما اندونيسيا فجهل موقعها 75 في المئة منهم كما جهلوا انها أكبر بلد إسلامي في العالم.

الرئيس بوش يمثل شعبه أفضل تمثيل.

- اذا كان المحافظون الجدد بين أوقح أهل الأرض، فإن جون بولتون، السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، بين أوقحهم، وهو يريد إصلاح الأمم المتحدة، ربما لأن إصلاحه متعذر، فأخلاقه سيئة كما ثبت عندما مثل أمام مجلس الشيوخ لتعيينه سفيراً (مجلس الشيوخ نفسه لم يزكِّه، والرئيس بوش عيّنه خلال إجازة الكونغرس).

بولتون يتهم الأمم المتحدة بالعجز والفساد، وهو وأمثاله من المحافظين الجدد يتحدثون عن فضيحة النفط مقابل الغذاء، مع انها نقطة في بحر فضائح الادارة الأميركية في العراق، وما على القارئ الا ان يعود الى التقرير الأميركي الرسمي الذي أصدره قبل أيام المفتش العام (الخاص بالعراق ستيوارت بوين الذي عينه الكونغرس نفسه ليرى كيف تهدر البلايين أو تختفي... ثم يتحدثون عن الأمم المتحدة.

دول العالم الثالث هزمت خطط جون بولتون في الأمم المتحدة، فهي تعرف انه لا يريد إصلاح المنظمة العالمية التي تحتاج الى اصلاح فعلاً، وإنما يريد هدمها، فهو الذي قال يوماً انه لو خسر مبنى الأمم المتحدة عشرة طوابق من طوابقه الثمانية والثلاثين «لما كان هناك فارق أبداً.

واقترح اذا كان بولتون يعتقد ان ليس عنده ما يخشاه ان يقترح انضمام الولايات المتحدة الى محكمة جرائم الحرب الدولية، فهي تنظر في قضايا أهم من مجرد رِشَى.

- أظهرت أرقام علمية ان الولايات المتحدة سجلت أعلى زيادة في نشر التلوث سنة 2004، وهي آخر سنة توجد احصاءات عنها، وقدر ما بثت الولايات المتحدة في الجو بحوالى 6.300 مليون طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون، ما يهدد بتدمير البيئة.

الولايات المتحدة وسكانها دون 300 مليون، مسؤولة وحدها عن ربع الغازات السامة التي تبث في الجوّ كل سنة. وكما نفهم لماذا تعارض ادارة بوش محكمة جرائم الحرب الدولية، نفهم لماذا انسحبت من معاهدة كيوتو لحماية البيئة.

- هيئة الاذاعة البريطانية هي أكثر وسائل الاعلام احتراماً وصدقية حول العالم، وهي تقول عن نفسها ان تغطيتها الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي «ناقصة» و «مضللة» ولا تنقل سوى نسبة قليلة من أخبار الضحايا الفلسطينيين في حين تكثر من الاخبار عن الاصابات الاسرائيلية وتنقل في شكل أوسع تصريحات المسؤولين الاسرائيليين.

أعرف هذا جيداً الا انني لم أقله، وإنما قالته لجنة مراجعة مستقلة شكلها مجلس حكام «بي بي سي» لتقويم التغطية الإخبارية بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

حكومة اسرائيل والمدافعون عنها في مثل وقاحة بولتون فهم شكوا دائماً من «تحيز» هيئة الاذاعة البريطانية للفلسطينيين فجاء التقرير ليلقمهم حجراً.

- الشيء بالشيء يذكر، و«نيويورك تايمز» هي جريدتي المفضّلة، وأهم جريدة في العالم كما تقول عن نفسها، ومع ذلك فتغطيتها منحازة الى اسرائيل بوضوح، على رغم انها تنتقد «التجاوزات» الاسرائيلية بين حين وآخر.

وكان ماكس فرانكل، رئيس التحرير التنفيذي السابق للجريدة، اعترف بانحيازه الى اسرائيل، في مذكراته عن حياته وعمله في «نيويورك تايمز» فقال: «كنت مخلصاً لاسرائيل بعمق لم أجرؤ على إظهاره. ومن منطلق معرفتي باسرائيل وصداقاتي هناك كتبت معظم التعليقات عن الشرق الأوسط. وأدرك القراء العرب أكثر من اليهود انني كتبت من منظور مؤيد لإسرائيل».

ويتملكني يأس من الاعلام العالمي كله اذا كان هذا هو موقف أفضل ما فيه.


في الإثنين 08 مايو 2006 08:56:41 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=186