العلاقة اليمنية الإيرانية تتجه نحو الهاوية
نايف محمد
نايف محمد

تشهد العلاقات اليمنية الإيرانية توترا حادا في الآونة الأخيرة على خلفية اتهامات صنعاء لطهران بالتدخل في شؤونها الداخلية من خلال دعم جماعات مسلحة في شمال البلاد، عبر شحنات أسلحة.

فبعد أن صادر خفر السواحل اليمني بالتنسيق مع البحرية الأميركية في 23 يناير الماضي شحنة كبيرة من الأسلحة من بينها صواريخ أرض-جو، قال مسؤولون أميركيون إنها كانت قادمة من إيران في طريقها إلى الحوثيين في اليمن، وطالب الرئيس عبد ربه منصور هادي نظيره الإيراني، محمود أحمدي نجاد، بوقف تهريب الأسلحة إلى اليمن.

حيث استجاب مجلس الأمن الدولي لطلب اليمن المساعدة في التحقيق بشأن سفينة أسلحة ضبطتها السلطات اليمنية مؤخرا ويشتبه بأن مصدرها إيران. وبدأت لجنة العقوبات في الأمم المتحدة بالتحقيق في الأمر.

وعرض الطلب في اجتماع لمجلس الأمن الدولي دعا فيه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر المجلس الذي يضم 15 دولة لإنهاء "أعمال العرقلة" لعملية الانتقال الديمقراطي في البلاد.

وقال بن عمر للصحفيين: إن "حكومة اليمن طلبت أن تجري لجنة العقوبات تحقيقا معمقا"، مشيرا إلى أن خبراء اللجنة "سيحددون الوقائع، مصدر الشحنة وهوية الجهة المرسلة إليها".

وأضاف: "من الواضح أن السفينة صودرت في المياه اليمنية، وأن شحنتها تحوي أسلحة مصنعة بينها صواريخ أرض جو".

وقال: إن اليمن "غارق في الأسلحة، أسلحة خفيفة وأسلحة ثقيلة، متوفرة لمواطنين وجماعات، البعض منهم يسعون لتقويض جهود تشكيل حكومة" عن الانتخابات المقررة العام المقبل.

ونبه بن عمر إلى أن "اليمن يمر بمرحلة حساسة" وهو يخطو نحو الانتخابات التي تعهد الرئيس عبد ربه منصور هادي بإجرائها في فبراير/شباط 2014.

وكانت الحكومة اليمنية توجهت بطلب رسمي إلى لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي للمساعدة في التحقيق بشأن شحنة الأسلحة المضبوطة في المياه الإقليمية اليمنية، وذلك في أقوى تصعيد جاد من اليمن بقيادة الرئيس هادي ضد التدخل الإيراني في اليمن ودعم الحوثيين بالسلاح .

وسلم مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، رسالة من الحكومة اليمنية إلى السيد غاري فرنسيس كوينلان رئيس لجنة مجلس الأمن المنشأة بموجب القرار رقم 1737 بشأن فرض //عقوبات على إيران .

وتضمنت الرسالة طلب الحكومة اليمنية من لجنة مجلس الأمن المساعدة في التحقيق بشأن شحنة الأسلحة التي تم ضبطها في المياه الإقليمية اليمنية والمشتبه قدومها من إيران

من جهته طالب وزير الخارجية أبو بكر القربي السماح للحكومة “بالمشاركة” في تحقيقات الأمم المتحدة.

وقال القربي ان الشحنة تحتوي على “صواريخ سام-2 وسام-3 ارض-جو تم تسليمها في إيران لثمانية بحارة يمنيين لنقلها إلى اليمن”.

في ذات السياق قال وزير الإعلام اليمني علي العمراني: كنت ممن يأمل أن تغير إيران سياستها تجاه اليمن.. غير أن اكتشاف سفن الأسلحة المتنوعة يظهر أن التغيير يحصل بالفعل لكنه يمضي في اتجاه سلبي وخطير جداً . ومع ذلك لا يزال الإيرانيون ينكرون وأتباعهم هنا يتهكمون كالعادة..! مؤكدا و لقطع الشك باليقين أمام من تهمه الحقيقة أن اليمن طلبت تحقيقا دوليا في الأمر.

ونقلت رويترز عن مسؤول في الحكومة اليمنية، عبد الرشيد عبد الحافظ، الخميس، قوله: إن منصور هادي طالب باتصال هاتفي مع أحمدي نجاد، بوقف دعم طهران للجماعات المسلحة على أراضيه.

وجاء ذلك رغم نفي إيران صلتها بالأسلحة، غير أن السلطات اليمنية أكدت، الأسبوع الماضي، أن السفينة تم تحميلها في إيران، مشيرة إلى أن الشحنة احتوت على أجهزة رؤية ليلية إيرانية الصنع، وعلى صواريخ مضادة للطائرات ومادة (سي فور) شديدة الانفجار.

إلى ذلك أشار الصحفي والمتخصص في شئون جماعة الحوثي عادل الأحمدي إلى أن إيران تسعى لأن تكون اليمن عتبة لإسقاط الجارة السعودية ولن يكون ذلك إلا بزعزعة اليمن عن طريق بناء جيشين – حوثي ، جنوبي - مجهزين بأحدث الأسلحة لمقاومة السلطة اليمنية وإضعاف قدرتها الأمنية والدفاعية.

وطالب الأحمدي في تصريح خاص لـ " مأرب برس "بطرد السفير الإيراني في صنعاء كأدنى سلوك تقوم به الحكومة اليمنية في حق إيران بعد كل ما كشف، معتبرا اتصال هادي لنجاد لا يليق بدولة تدافع عن سيادتها ومكانتها.

وقال الأحمدي: يجب على اليمن أن لا تعتمد على أمريكا لأن أمريكا تسعى لأن تسلم اليمن لإيران كما سلمت من قبلها العراق، منوها إلى وجود مؤشرات تدل على أن إيران وأمريكا تسعيان لابتزاز المملكة والخليج للضغط عليهم لتقديم المزيد من التنازلات.

وأضاف " إيران تريد أن تعوض سقوط سوريا في اليمن مستغلة المرحلة الانتقالية ليحولوا دون قيام الدولة اليمنية المدنية، داعيا اليمنيين إلى أن يدركوا خطر الوجود الإيراني.

من جهته أكد الصحفي القريب من جماعة الحوثي محمد المقالح أن اليمن ليس مساحة للعب سواء لإيران أو تركيا مشيرا إلى انه تم القبض على العشرات من شحنات الأسلحة الغير إيرانية إلا أنه إلى الآن لم تعلن الحكومة اليمنية موقفا واضحا من تلك الشحنات.

وقال المقالح في اتصال أجرته معه مأرب برس " نحن مع أن تمنع الدولة تهريب الأسلحة وان تحاسب كل الأطراف التي تقف وراء تلك العملية مطالبا بتحديد موقف واضح وصارم من الدولة المهربة سواء كانت إيران أو تركيا.

وأشار المقالح إلى أن السفينة الإيرانية تم القبض عليها في المياه الإقليمية الدولية وليس في المياه الإقليمية اليمنية وبتعاون مع القوات الأمريكية منوها إلى أن ليس من مصلحة اليمن أن تقطع علاقتها مع إيران فإيران لا تريد أن تضعف الدولة اليمنية بعكس السعودية التي تريد ذلك.

وأوضح المقالح أن علاقة إيران مع السعودية متميزة وكذلك مع قطر لكن اليمن تسعى لمعاداة إيران نيابة عن قطر والسعودية، معتبرا علاقة اليمن بإيران يجب أن تتوقف على أساس مصلحة اليمن لا أن تحددها الأطراف المهيمنة كأمريكا والسعودية.

ودعا المقالح كل من يستلمون الأموال من الخارج أن يعرفوا أن الأموال ليست أهم من دماء اليمنيين التي تسيل في كل أنحاء اليمن

الجدير بالذكر أن اكتشاف الشحنة سبقه إعلان صنعاء في يوليو الماضي عن إلقاء القبض على شبكة تجسس يقودها قائد سابق في الحرس الثوري الإيراني، وتنبئ هذه التطورات بمزيد من تدهور العلاقات بين طهران وصنعاء المتوترة بالفعل بسبب اتهامات بأن إيران تعمل مع الانفصاليين في الجنوب والمتمردين الحوثيين في الشمال للمزيد من زعزعة استقرار اليمن.

وتنفي إيران هذه الاتهامات، بيد أن مبعوثا أميركيا لصنعاء قال في تصريحات صحفية إن واشنطن تعتقد أن طهران تعمل مع المتمردين اليمنيين لتوسيع نفوذها على حساب جيران اليمن.

وكان الرئيس هادي قد هدد في وقت سابق بعد ضبط شبكة تجسس إيرانية تعمل في اليمن منذ سبع سنوات ويقودها مسؤول سابق في الحرس الثوري الإيراني باتخاذ إجراءات صارمة ضد التدخل الإيراني في شؤون بلاده، وقال إن الرد على التدخلات سيكون “قاسيا” . مطالبا إيران برفع يدها عن اليمن، فاليمن لن يكون ألعوبة بأيديكم وستدفعون الثمن غالياً إذا استمررتم في تصرفكم غير المسؤول، حسب قوله.

يأتي هذا التصعيد متزامنا مع اتهامات أطلقتها أحزاب "اللقاء المشترك" في وقت ماضٍ ضد الرئيس السابق علي صالح، وحزبه "المؤتمر الشعبي العام" بالتحالف مع جماعة "الحوثيين" وتمكينها من الانخراط في وحدات الجيش الموالية لصالح وأقاربه في إشارة إلى قوات الحرس الجمهوري " المنحل " والتي لا زال يرأسها نجله العميد أحمد علي صالح، بهدف إرباك عملية التسوية السياسية للأزمة الراهنة، وخلط الأوراق على الرئيس هادي في ظل حالة الانقسام القائمة في الجيش منذ منتصف العام الماضي.. إلا أن هذا التطور اللافت في العلاقات اليمنية الإيرانية من شأنه إحداث تداعيات على الصعيد الإقليمي، والدولي في المنطقة تفتح الباب أمام كل الخيارات بما فيها انضمام اليمن إلى منظومة التحالف الدولي/ الإقليمي ضد إيران.

وخلال سنوات الحرب في محافظة صعدة التي سقط فيها عشرات الآلاف من اليمنيين بين قتيل وجريح معظمهم من القوات الحكومية، وبينهم مدنيون، وألحقت دماراً كبيراً في تلك المحافظة النائية، وتسببت في نزوح الكثير من سكانها إلى مناطق، ومخيمات آمنة، رفضت الولايات المتحدة الأميركية، وشركاؤها الأوروبيون طلبات - ألحت فيها صنعاء - على إدراج جماعة "الحوثيين" في قوائم "الإرهاب" على غرار حزب الله في لبنان.

وكانت واشنطن ترد على طلبات الحكومة اليمنية بأنها لا تمتلك أدلة، ولم تقدم الحكومة اليمنية ما يثبت اتهاماتها لإيران.


في السبت 09 فبراير-شباط 2013 09:27:29 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=19197