من سيعطي "سعدا" حساما بصيرا ؟
عبدالجبار سعد
عبدالجبار سعد

 مأرب برس ـ خاص

الأوضاع العربية المأزومة لا تخفى على ذي عينين .. ولا تخفى أيضا أن حقيقة هذه الأوضاع مرتبطة بالهيمنة القطبية الواحدة لأمريكا .. وما فرضته على بلا دالعرب والمسلمين من مخططات هادفة إلى إبقاء الهيمنة الصهيونية على المنطقة .. والخضوع الاقتصادي لأمريكا خصوصا ثروة النفط الذي تمتلك منطقة الخليج والجزيرة العربية حوالي ثلثي احتياطيات العالم منه ..

ماشهده ويشهده العرب منذ سقوط التوازن الدولي .. كله يسير في اتجاه ترسيخ هذه الهيمنة .. وقد كانت الحروب ابرز وسائل هذه الهيمنة .. منذ مواجهة ماسمي بحرب الخليج الثانية بين الحشد العالمي وشعب العراق وحتى الساعة .. لكن هناك دول وحكام سخروا أنفسهم لخدمة هذه الهيمنة وربطوا أنفسهم بالمشروع الأمريكي الصهيوني .. وهناك أيضا مجموعة قوى وتوجهات داخل مجتمعاتنا اختارت لنفسها أن تكون بشائر هذه الغزوات والفتوح المظلمة للسيد الأمريكي وقوى الغزو الصليبي الصهيوني .. الصفوي .

أحزاب .. وماسمي بمنظمات المجتمع المدني .. وصحف ومواقع انترنت وفضائيات هذه هي أيضا بعض جنود الهيمنة والغزو ..

وكلها تسير وفقا لتفضيلات السيد الأمريكي .. وتعتزبه وتفاخر بمشروعه وتنسلخ من ولاءاتها القومية والوطنية والعقائدية إلى ولاءاته الكافرة .. وتستعين به في كل الأمور وتقدمه على كل شيء كمرجعية عظمى في حسم الصراعات بينها وبين أنظمة الحكم التي تحكمها ..

باختصار فإن الحقبة التي نشهدها قد خلقت لنا توجهات خارجية .. لا تدين بأي ولاء لتاريخها وقيمها واعتقاداتها الدينية بل تدين بولائها لسيد الديمقراطية الذي تنكر لكل قيم الإنسانية وهو السيد الأمريكي .. لكن الله قد أعمى أبصار هؤلاء فلم يروا الباطل الذي يمثله هذ السيد كمسلك وتوجهات .. ولا رأوا الحق فيما أورثوه من عالم القيم ,,

أبرز مظاهر التمرد على عالم القيم .. يتجلى في محاولات فرق الخوارج الاستفادة من كل حالة انحراف سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي تشهده مجتمعاتها .. ليس لإصلاح الخلل بل لنقض الأنظمة وإسقاطها ..معتمدين على تأويلات باهته لا تستند على فهم أو استبصار ..

لقد شهد تاريخ العرب والمسلمين حقائق صراع وانحرافات عبر التاريخ وترسخ في تشريع الأمة مواقف المؤمنين من هذه الصراعات والانحرافات .. وهي تلك التي مثل أبرز جانبيها وأهم رموزها ..سيدنا الإمام علي بن أبي طالب .. كرم الله وجهه ورضي عنه .. الذي قال عنه سيدنا الإمام محمد بن ادريس الشافعي .. " رحم الله أبا الحسن لولا قتاله للبغاة ماعرفنا كيف نعاملهم "

الإمام علي عاش مرحلة الخلافة الراشدة كمعارض وفقا لتعبير واصطلاحات العصر ولكن معارضته لم تكن تهدف للمناكفة واستغلال الأوضاع للانقضاض على الخلافة والخلفاء ولكنه عاش مطيعا للخلفاء وناصحا لهم ومسددا لهم ومؤيدا .. وقد ابتلي في فترة خلافته بخروج الصحابة المبشرين بالجنة عليه وبخروج سيدتنا عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وقتالها له .. كما ابتلي بخروج طائفة أخرى من الصحابة بقيادة معاوية وعمرو بن العاص .. كماابتلي بخروج أتباعه عليه من حديثي الإيمان والمتأولين .. ممن سموا بالخوارج الداعين إلى تحكيم كتاب الله .. وهي الدعوة التي قال عنها سيدنا الإمام علي أنها دعوة حق يراد بهاباطل ..

ووقف الصحابة والمؤمنون عموما من هذه الحروب ثلاثة أقسام قسم حارب مع سيدنا الإمام علي باعتباره رجل الحق وخليفة الحق .. وقسم خرجوا مع الخارجين عليه لقناعات ترسخت عندهم رغم أن الحق في نظر جمهور المؤمنين ليس معهم بل اجمعوا على بغيهم وقسم توقف عن الخروج مع أو ضد الإمام ..

من الذين توقفوا عن الخروج مع أو ضد الإمام كان كل من سعد بن أبي وقاص وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة .. وقد سئل عن ذلك فقال " من يعطيني حساما بصيرا إذا ضربت به الكافر قطع .. وإذا ضربت به المؤمن لم يقطع " وكان متحرجا من أن يقع في دماء المؤمنين ومنهم أيضا سيدنا أسامة بن زيد .. وهو حبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وابن حبيبه .. وقد بعث رسولا إلى سيدنا الإمام علي يطلب منه النفقة باعتباره الخليفة وقال للرسول سيسألك لِمَ لمْ يأت إلينا صاحبك فقل له ياامير المؤمنين " وددت لو أنك في شدق أسد و أكون فيه معك ".." ولكن هذا الأمر لم يتبين لي ".

 ولعلنا نعلم قصة سيدنا أسامة حينما قتل أحدهم بعد أن قال لاإله إلا الله وقدنقل الموضوع إلى الرسول الكريم فقال له لِمَ قتلته بعد قوله لا

إله إلا الله؟ قال إنما قالها خوفا من القتل .. فقال له الرسول الأكرم وهل شققت قلبه؟

 " أقتلته بعد أن قالها " فأينك من لاإله إلا الله" أو كما قال وظل يكررها على مسمعه حتى قال وددت لو أني لم أكن أسلمت إلا يومها..وقد كانت هذه الحادثة أساس تحرجه من الخروج مع سيدنا الإمام علي وهو يشبه تحرج سيدنا سعدبن أبي وقاص من الوقوع في دم مسلم ..

هذه هي مواقف المؤمنين .. لكننا لم نشهد من مواقف المؤمنين من يثير الفتنة ويستعين بالكفر ضد المسلمين أو من يخذل جانب الحق في قتاله ضد الباطل والتمرد في وجه الشرعية كما شهدنا ونشهد في هذه الحقبة الملعونة من تاريخ العرب والمسلمين من مواقف بعض الحكام والمحكومين ..

لقد ذهبت الفتنة في اليمن بجهود العرب واليمنيين المؤمنين الصادقين حكاما ومحكومين ..

ولقد كان موقف أمير قطركحاكم عربي من الفتنة مثالا نبيلا للموقف العربي الإيماني المخلص والمؤثر .. مثلما مثلت مواقف الكثير من قوى المعارضة أمثلة للخضوع والإثارة والفتنة الهادفة لتأجيج الصراعات من اجل خدمة المشروع الأمريكي وتدمير المنطقة .. فشكرا لقطر وأميرها وكل مؤمن .. وتبا وسحقا للاهثين وراء مشاريع الأعداء ووعودهم ودعواتهم لهم بالإطاحة بأنظمة الحكم وتقسيمها بينهم على الطريقة العراقية ..

suhailyamany@yahoo.com

 


في الثلاثاء 19 يونيو-حزيران 2007 08:41:51 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=1982