مسجد الصالح وحديقة المحسن
عبدالخالق عطشان
عبدالخالق عطشان

لكل إنسان بصمته في الحياة وحينما يفنى تبقى مآثره فرحيل الإنسان لا يعني اندثاره ونسيانه وغيابه فإن كان حسنا ذكر بحسناته والعكس وكما حدد موقعه في الدنيا فإنه هو الذي يحدد موقعه في الآخرة ابتداء بأول ليلة في القبر فإما روضة من رياض الجنة واما حفرة من حفر النيران.. إذاً فالإنسان وحده هو من يصنع ذكره حيا وميتا ومهما حاول المرء أن يُخلّد نفسه بشوامخ البناء بل لو نحت رواسي الأرض ونصبها تماثيل ومآذن لتخليد نفسه فإن ذلك لن يستطيع أن يطمس شمس الحقيقة أو أن يتلاعب بعين اليقين

فالوطني لا يحتاج لهرم يذكره به الآخرون فوطنيته وحبه لوطنه وأفعاله الوطنية تغني عن ذلك ، والحاكم العادل لا يحتاج لقبة أو مئذنة يتربع عليها ميزان اوهلال نحاسي يتحمل التعرية و التجوية فآثار عدله لمسها المظلومون فانتصروا على من ظلمهم تحت أفياء الحاكم العادل ، والقائد الشجاع غني عن التعريف فليس بحاجة الى حدائق معلقة تضم الى عجائب الدنيا السبع فإذا ما ذكرتْ حديقته ذكر معها فحسبه ذِكرا الحماية والنصرة وتأمين شباب اعزل من تمادي آلة الغدر وقناصة المجرمين في حصده.

شتان مابين مسجد الصالح وحديقة المحسن والتسمية هنا مجازا وهي في الحقيقة حديقة (21 مارس 2011م ) ذِكرا وأثرا فأما الأول (المسجد) فمبنيٌ على ارض تم شراؤها قهرا من ملاكها ولم يكن ثمنها يجمعه صاحبه من راتبه في حصالة منذ العام 1978م والى حين تم البناء ، والشعب يعي ويعلم من أين بني وكيف بني ومع ذلك فهو بناء أسطوري مزج أصالة الماضي بروعة الحاضر وأيةٌ تكتب في سفر التاريخ حاول صاحبه أن يُخلد نفسه به ويصرف الأنظار لشخصه لا لمسجده إلا أنه وبغير قصد صرف ناظريه الى عراقة الفن المعماري الإسلامي واليمني على وجه أخص ، وعلى الرغم من ذلك فعلى الحكومة الحالية والمتعاقبة أن تسير في خطى المحافظة على هذا الأثر العظيم وألا يصرفها عن المحافظة عليه خبث السياسة والعداوة لصاحبه

وأما الآخر فقد شارك بيده في طمس رسم (فرقته ) نزولاً عند المصلحة العامة والتي بها تولى الحماية والنصرة للشباب الثائر الأعزل وخلّد نصرته ليس بإسمه وإنما بفعله الثوري هو وشركائه من أبناء الشعب ولم يستأثر بالخلود لنفسه وإنما كان فردا في صف أوله الشهداء ويتخلله الجرحى والمعتقلين والشباب والمدنيون والعسكريون والمرأة والطفل.. ، فكان صفا يُباهى به من الثرى للثريا وهنا الحكمة في أبهى معانيها وهنا التاريخ سيتحدث عن أصدق معاني الخلود وهو خلود الجماعة لا الفرد المستبد الذي أراد أن يستبد بالذكر والذكريات والأثر والمآثر حيا وميتا  abu_almjd711@yahoo.com


في الأربعاء 15 مايو 2013 05:36:45 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=20421