ليسوا إخوانًا.. ليسوا مسلمين!!
مجلي احمد الجرباني
مجلي احمد الجرباني

بغض النظر عمن يؤيد ما حدث في مصر أو يعارضه فإن تدخـل الجـيش غير مبرر للأسباب التالية:

أولاً..أن الرئيس شرعي ومنـتخب ولا يستطيع أحـد نـفي ذلك لذا لا يحق لأي جهة إسقاطه تحت أي مبرر.

ثانيــًا..أن الرئيس مرسي سمح للمعارضة بحرية التعبـير والتـظاهر بل وقام بحمايتها فلم يقمعها لذا كان الأحرى بالجـيش الوقوف إلى جـنب الشرعية بدلاً من إسقاطها.

ثالثــًا..سيفـتح اغـتصاب الحكم الذي قام به العسكر الباب أمام التطرف والعنف وسيعطي الحق للقوى السياسية المعارضة مهما كانت أيديولوجيتها بأن تـلجأ للشارع كلما عجزت أن تـنـتصر على خصومها في الانـتخابات مما يُدخل البلاد في دوامة من الصراعات التي ستـلـقي بظلالها على المشهدين الاقـتصادي والسياسي للبلاد وإنهاك كاهل المواطن بتـدهور الأوضاع العامة.

رابعــًا..كان الحري بالجيش المصري وهو مؤسسة وطنية مستـقـلة يُـعول عليها الكثير في حماية الأمن القومي العربي وليس الأمن المصري فـقط ألا يقـف خلف معارضة يتـزعمها عـتاولة فلول النظام السابق مثـل عمرو موسى والفريق أحمد شفيق إلا إذا كان وراء الأكمة ما ورائها من مؤامرة خارجـية وداخـلية وبالتالي ستهتـز ثـقـة الجماهير العربية في ولاء الجيش المصري لقضايا الأمة المصيرية.

خامســـًا.. عدم السماح لاستـنساخ النظام السابق عبر رحم ثورة 25يناير لأن في هذا استهزاء بالشعب المصري وبإرادته في اخـتيار رئيسه وإهدارًا لدماء الشباب الذين سكبوا دم قـلبهم لتـغيـير النظام البوليسي.

سادســـًا..أنه في النظم الديمقراطية لا يتدخـل الجـيش في الحكم بل هو تابع لسياسة الحزب الحاكم وكان من المفترض أن يُـترك الإخوان لإتمام ولايتهم الرئاسية وليكن سقوطهم بالشعب ونزع الثـقة منهم بالصندوق وليس عبر التدخل العسكري وذلك لتعزيز الوعي الديمقراطي لدى المواطنين. فمثـلاً في أمريكا عارض الشعب الأمريكي الحرب على العراق في عهد جورج بوش الأب ونزلوا الشوارع وحـذرت المعارضة من عواقب ذلك لكن بوش مضى في طريق الحرب حتى النهاية التي كلفت الشعب الأمريكي الكـثير من الخسائر والضحايا لكن الجيش لم يعزله,أو يعتـقـل الرئيس الشرعي, أو يسقط النظام المنـتخب بل قام الجيش الأمريكي بأكثر من ذلك عندما ذهب مع رئيسه إلى خلف البحار ليحارب معه في الصحراء حتى جاء ت الانتخابات وسقط بوش عبر الصندوق ولم يتم ولايته الثانية فأين المعارضة والجيش المصري من هذه القيم؟ وأين احترامهما لإرادة الشعب؟ وما فائدة الديمقراطية عندما نـنـقـلب عليها ولا نطبقها؟

سابعــًا.. بوجود عوائق أخرى مثـل البطالة والفـقر والإحباط سيكـفر الشباب بمبادئ الديمقراطية وأهميتها كوسيلة لتحـقيق أهدافهم ويدفعهم الانـقلاب دفعــًا ليعيشوا داخـل عباءة القاعدة أو تـفريخ جماعات مشابهة لمنهجها تعـتمد على العنف والإرهاب في تحـقيق مطالبها.

لكن العجيب هو كيف سمح الإخوان لكل هذا أن يحـدث؟وللإجابة ينبغي معرفة أن عـقودًا من الـقمع لحركة الإخوان وتسويقها إعلاميــًا على أنها متطرفة تعـتـنق العنف خـلف تركة ثـقيلة في الذهنية المصرية وترك صورة ضبابـية في النفسية الغربـية حول حقيقـة الإسلام السياسي ومدى فاعليته وطريقـة تـفاعله مع الأحـداث في منطقة الشرق الأوسط وهي البقعة الأكثر سخونة وتوترًا على وجه الأرض. ثم إن السمكة ترى الطعم فـتـظنه فريسة وللحيطة تـقوم بالتـفافة أخيرة حول الطعم للتأكد أنه بالفعل فريسة ولا تـنـتبه للخيط الرقيق الذي يربط الطعم بالصياد فتـلـتـقمه وبهذا تخرج من اللعبة وفعلاً \" أكل الإخوان السيسي \". ومن المهم معرفة أن الإخوان ليس لديهم عناصر مهمين في المؤسسة العسكرية أو أفراد في جهاز المخابرات مما جعل المؤامرة تسير بسلاسة دون أن يلـتـقط الإخوان أي ذبذبة مريـبة ليأخـذوا حـذرهم. ثم وللإنصاف لم يكن يستطع أي رئيس أو حزب مواجهة كل هذا الكيد خصوصــًا وهو يتسلم دولة استـشرى فيها الفساد, مثـقـلة بالديون, تعاني من انـفجار سكاني, تدني مستوى الخدمات العامة أضف إلى هـذا أن الشارع المصري ظل يشهد التـظاهرات المفـتعلة من المعارضة مما شكل عائـقــًا أمام حكومة قـنديل وجعـل رؤوس أموال المستـثمرين تـفر خارج مصر خوفــًا من أي انهيار مفاجئ مما أدى إلى صعوبة في توفير المواد الأساسية للمواطنين وبالتالي تحول إلى سخـط شعبي ولن يـبحـث المواطن العادي عن السبب.. بمعنى آخر لو جاء أي رئيس وعايش الظروف التي واجهها مرسي لكانت النـتيجة واحـدة.

من المعلوم أن البرادعي كان يعتـزم خوض غمار الانـتخابات الرئاسية لكنه تراجع بفعل ضغوط غربـية لأنه كان من المؤكـد خسارته خصوصــًا بعد الـثورة الشعـبـية وحتى لا يُـقال بأنه يُـعارض مرسي بسبب هزيمته أمامه, أضف إلى هذا أن خصومه يشكلون تيارات إسلامية قوية تملك قاعـدة جماهيرية واسعة, لذا تم الحـفاظ على رصيده دون شوائب وكأن الرجـل معـد سلفــًا للـقيام بهذا الدور المحوري في الانـقـلاب وتصويره على أنه المنـقـذ للوطن. لـقد ذكر الإعلام البريطاني بأن أقوى الرجال في مصر الآن هم وزير الدفاع عبدالفـتاح السيسي والفريق أحمد شفيق والمستـشار عدلي منصور والدكـتور محمد البرادعي وهؤلاء كلهم كانوا على صلات وثيـقـة بالنظام السابق وهكذا خرجت ثورة مصر من المولد بلا حمص أو حـتى نـفر كـشري.

إذن ما هو ذنب مرسي وهو الرئيس المصري الوحـيد الذي سمح للمعارضة بالنـقد والتعبـير فحرضت الشارع المصري ضده خلال عام كامل حتى وصل الأمر لمستوى الانـقلاب على الإخـوان بتهمة إقصاء الآخرين وعدم قبولهم بالرأي الآخر رغم أن المعارضة قامت بإقصاء الإخوان من كرسي الحكم بالـقوة بل والزج بقياداتهم في السجون وتم إغلاق وسائل الإعلام الإخوانية ومحاصرة مظاهـراتهم من قبل الجـيش كاشـفــًا بكـل سفور الطرف الذي يمارس الإرهاب والقمع والتغيـيب ليتـشكل أمامنا ملامح الدولة المدنية البوليسية القادمة بعد هـذا الإخراج المفضوح والهزيل. ورغم قساوة الدرس إلا أن العزاء الوحيد للجماعة هو أنها ستكسب الكثير من التعاطف والتأيـيد بل والأنصار داخل المحروسة وخارجها كما حدث مع سيد قطب الذي لم يقـتـنع بالحركة إلا في أحد مستـشفيات أمريكا بعدما رأى الفرحة باغـتيال حسن البنا.

تسابقـت ديناصورات العرب للـتهنئة بهذا الانـقلاب مما يكـشف بجلاء عـقـلية الحاكم العربي حتى قال أحدهم بأنه تـنبأ بأن حكم الإخـوان لن يستمر عامــًا واحـدًا وأوجه له سؤالاً لماذا لم تخـبرك قرون استـشعارك بأن ثورة شعبـية ستسقطك قبل أن تـتحـقـق نبوءتـك؟ بل لم تـتوقـف السخرية عند هـذا الحـد فـقـد أراد البعض أن يستـنسخ الانـقلاب إلى بلدان الربـيع وهـذا يذكرني بمهمة الدوشان أيام زمان عندما يرى المطر في قرية أخرى فيذهب ليستجـلبه بالـقصيد والزوامل. في نظري أن الإخوان من التيارات الإسلامية المعتدلة وهذه الرؤية جاءت من حرصهم على أخـذ نـفس طويل في العمل التـنظيمي وانتهاج الطرق السلمية والديمقراطية في الوصول للسلطة رغم ما لحـق بهم من التـنكيل والمصادرة والسجن والتعذيب والقـتـل. فالسلام هو مذهب الجماعة منذ نشأتها فمثلاً بعد قيام جهة مجهولة بالـتـفجـير في مصر أشارت الحكومة أصابع الاتهام إلى الإخوان فرد المرشد العام حسن البنا موضحــًا منهج الجماعة قائلاً: \" هؤلاء ليسوا إخوانــًا وليسوا مسلمين \".


في السبت 06 يوليو-تموز 2013 07:22:34 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=21232