الإهداء.. إلى الشيخ حميد الأحمر

في دنيا الفعالية ليس على اللقاء المشترك أن يكون أقل من تجمع سائقي الدراجات النارية، ليس عليه أن يكون اقل من ائتلاف نقابات المعلمين أيضاً. النزول إلى الشارع غدا مطلباً ملحاً يجب أن يكون أكثر من تهديد يطلقه محمد قحطان أو غيره من قادة المشترك! إن بقاء المشترك كتكتل محترم يعول عليه مرهونا أولا وأخيرا بممارسة وسائل النضال السلمي كاملة غير منقوصة، المضي في جلسات الحوار مع البركاني أو الجندي أو غيرهما مضيعة للوقت وجلوس مع غير أصحاب صفة، تعلم المعارضة انه لن يفضي إلى كلمة سواء، وما ثم ليس لدى البركاني غير النخيط سيظل يجود به على محاوريه لأنه سيسمع بعد كل جلسة هدار "برافو وأحسنت" من الرئيس المعجب بفصاحته! بعدها سيكون القبول بأي جلسة مستقبلية مع أي من وكلاء الرئيس الوهميين إمعانا في الإذلال ليست المعارضة مضطرة للقبول به!! كل جلسة حوار تذهب إليها المعارضة ولم تهيىء بيدها ما يكفي من أوراق الضغط هو استجداء وتسول لا أكثر!

بعد ذلك سيكون انتظار اللحظة التي ستقول فيها لجنة "الجندرمة" – حسب تعبير الدكتور محمد المتوكل- قولها الهزل في الانتخابات القادمة انتحار سياسي لا أكثر! بالتجربة تعلم أحزاب المشترك أن ما تعلنه اللجنة العليا ليس ما تقرره صناديق الاقتراع في كل الأحيان فما الذي سيتغير هذه المرة؟! أسماء ما دون العاشرة التي تحتل أكثر من نصف سجلات القيد وصور (البيبي) وهي تملأ السجلات تقطع أيضا بأن هذه اللجنة تفتقر إلى الكفاءة والأهلية بقدر افتقارها للحيادية والموضوعية! على الذين لازالوا يشكون من انتقاداتنا للجنة العليا أن يعيروا الصور الشخصية للناخبين المقيدين في سجلات القيد والتسجيل ساعة من وقتهم، سرعان ما سيشاركوننا القناعة وهم يشاهدون ناخبين ما يزالون يحنون إلى الهندول يحتلون الحيز الأكبر من السجلات! لن يعتد احد بعد ذلك بما سيقوله أعضاء اللجنة من أعذار، إلقاء اللوم على الأحزاب لن يعفي اللجنة العليا من تحمل مسؤولياتها القانونية والدستورية في إدارة العملية الانتخابية!

القانون يضع عقوبات جزائية على مرتكبي المخالفات أكانوا من أعضاء اللجان أو من الناخبين واللجنة العليا مسئولة عن تطبيقه، فأين كانت وملايين الناخبين يحملون البطاقة الانتخابية بجوار مصاصات الحليب؟ مطالب المشترك بلجنة محايدة في ظل الاختلالات الأخرى لصالح الحزب الحاكم ليس مطلبا كبيرا، بقاء القيادة العامة والبنك المركزي في الطرف الآخر من المنافسة يجعل منه طلبا متواضعا أيضا! بقاء القضاء والإعلام وبقية الأجهزة التنفيذية دوائر في الأمانة العامة للمؤتمر يجعل منه أقل من متواضع! ألا ترون كيف تبدوا الملهاة بالغة القبح؟! اللقاء المشترك الذي يختزل الحركة الوطنية كلها منذ أربعينيات القرن الماضي -حيث النظام ومعه الوطن على حافة الانهيار الكبير- كل ما يطلبه مجرد لجنة للانتخابات، يعلم الجميع أن بقائها محايدة سيكون مستحيلا مع كل ذلك الاختلال الكبير كما يعلم الجميع أنها ستكون محدودة الأثر في ظل الانعدام التام لتكافؤ الفرص بين المتنافسين فما الذي تحقق أمام عظم الطالب وحقارة الطلب! أليس من نكد الدنيا أن تكون النتيجة بذاءات سمعها المعارضون لا أكثر؟ هنا المعارضة كلها إسلامية ويسارية وقومية وإمامية وكل من عارض يوماً خلا، يطالبون بمجرد لجنة وهم يشاهدون الوطن وببركة سيادته يوشك أن يهوي إلى مكان سحيق فهل حصلوا حتى على مجرد جلسة دردشة محترمة؟ نخيط البركاني وعبده الجندي بعد ذلك يجعل الأسئلة البسيطة تتوالى بتلقائية: أي مهزلة هذه التي علينا أن نتعب أنفسنا بالمشاركة فيها؟ وما جدوى انتخابات لا تعبرعن إرادة الناخبين؟ هل سنظل كالعادة نقرأ على جماهير الناخبين برنامجنا الانتخابي ونحن نعلم وهم يعلمون أنها ملهاة لا أكثر؟ وما هو المقابل ونحن نقدم ذلك التنازل الأخلاقي في كل مرة نقبل أن نكون شاهدي زور؟ وفي كل مرة يكبر السؤال الذي لامحيص أمام اللقاء المشترك الممثل الشرعي والوحيد للمعارضة اليمنية أن يقف أمامه ليجيب عنه بمسؤولية، ما العمل لكي تصبح المشاركة أكبر من شهادة زور والمعارضة أهم من ديكور؟ الإجابة واضحة قبل أن نذهب الى صناديق الاقتراع علينا أن نبدأ بالفعاليات المطالبة بالنزاهة والحيادية الضرورية. على الاعتصامات والتظاهرات أن تبدأ الآن في كل مدينة وتجمع سكاني..عليها أن تكون بصورة مستمرة يومية وأسبوعية نردد في مهرجاناتها الكبرى مطالبنا العادلة في النزاهة والحياد حتى يوم الاقتراع. إن لم تتحقق مطالبنا ومنحت اللجنة العليا حكومة اللصوص وحزبها الأغلبية الساحقة من أصوات الناخبين كالعادة!! سيكون على فعالياتنا المحتجة على تزوير إرادة الناخبين أن تكون أكثر دويا هذه المرة عليها أن تتجه بعد ذلك للمطالبة بالإصلاح السياسي الشامل، على الاحتجاجات هذه المرة أن تستمر حتى تتحقق الإصلاحات. لن يكون هناك طريق آخر لإيقاف حركة التدهور وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، صحيح أن الأمر يحتاج إلى تضحيات من الجميع قيادات وقواعد لكننا لا نعلم طريقا آخر مفروش بالورود، لا نعلم أيضا أن هناك نضال بغير تضحيات. التوافق تولده قناعة مشتركة يسبقها عادة صراع متكافئ أو نضال وتضحيات.. لا مانع أن يكون نضالاً سلمياً.

إن ممارسة وسائل النضال السلمية من إضرابات واعتصامات وغيرها بقدر ماهي الوسيلة الوحيدة لتحقيق الإصلاحات فإنها تبدو الوسيلة الوحيدة للحفاظ على كيان اللقاء المشترك فاعلا قويا ومحترماً أيضاً.

كما تبدو الطريقة الوحيدة القادرة على إعادة الثقة بأحزابه التي أصاب أعضائها اليأس من قدرة أحزابهم على التغيير، عدد قليل من الاعتصامات ينفذها المشترك ستكون كافية لضخ أطناناً من الحيوية لأحزابه، سيجد الاشتراكي نفسه وقد استرد كامل الزخم والفاعلية وأضعافها من الأنصار الجدد لن يكون هناك حديث عن تيارات تهدد كيان الحزب أو تبخل على قيادته بالطاعة والثقة.

الأمر ذاته بالنسبة إلى حزب الإصلاح، ستتعزز لدى أفراده الثقة بالخيار السلمي ومعها الثقة بالقيادة والاعتدال بدلاً عن الإحباط الناشئ عن اليأس بجدوى الصندوق والانتخابات المزورة، سيحافظ على انتشاره الواسع وسيضيف إليه مقادير هائلة من الزخم والحضور. لن يكون الناصريون ومعهم بقية أحزاب المشترك اقل حظاً، الجميع سينالهم بركة الالتحام بالجماهير والجميع سيجد نفسه أوسع حيلة وأكبر اقتدار. بالمقابل ما الذي سيجنيه المشترك من تأخير النضال إلى الغد؟ أو حسب الوجه الآخر للسؤال ما الذي ستخسره المعارضة إن لم تفعل ذلك الآن؟ هي تساؤلات ندعو الجميع للإجابة عنها وأولهم قادة المعارضة.


في الإثنين 29 مايو 2006 04:48:43 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=223