المُتُر المُطفي يقتلنا
صالح أحمد كعوات
صالح أحمد كعوات

يحكى أن سائق متُر ( دراجة نارية ) كان مع بعض زملائه ذات ليلة في مكان نقل ركاب، أقبلت سيارة لا يضيء فيها غير جهة واحدة، ظن ذلك السائق انه متر(دراجة نارية) فتحدى أصحابه أن يمر بجواره مسرعاً حرك دراجته النارية وانطلق.. وما أن وصل حتى ارتطم بالسيارة.. أُسعف إلى المستشفى وبعد انه أفاق صاح بأعلى صوته: المُتر المطفي هو من صدمني.. ولم يعرف انه ارتطم بأكبر من المتر!! حكاية طريفة تعكس حالة مؤلمة تعيشها اليمن بكل أسف قصة تروي كيف تُراق الدماء وتُزهق الأرواح وهي لا تعرف لماذا أزهقت؟ ولا يعرف أهلها من أزهقها؟ ، كم هي الحوادث التي حصدت أرواح كثير من القيادات الأمنية والعسكرية منذ مطلع 2012 ؟ حيث زادت حدّة الاغتيالات التي يتعرض لها ضباط الأمن السياسي بشكل خاص تجاوز أكثر من 85 ضابطا وقائدا عسكريا، ناهيك عن الاغتيالات الجماعية كما جرى في ميدان السبعين وكلية الشرطة وأخيراً اقتحام مقر قيادة المنطقة الثانية بحضرموت، إن وراء من يقومون بهذه الاغتيالات اكبر من أن يكونوا سائقي دراجات نارية فليس معقول أن تتم هذه الحوادث المتسارعة وبأسلوب واحد ودون اكتشاف من ينفذ الجريمة حتى بلغ في شهر واحد أكثر من 60 حالة اغتيال من أشخاص عاديين، ذلك دليل على قوة المنفذ وامتلاكه لمعلومات دقيقة ومهمة عن الضحية، ولعلّ من الملفت أن غالبية من يستهدفهم هؤلاء المجرمون شخصيات تمتلك أسرار ومعلومات دقيقة وتفاصيل حساسة عن إدارة الصراع مع القاعدة، ليسوا معروفين لدى القاعدة بقدر أهميتهم وما يحملون من معلومات، وهنا أسئلة تطرح نفسها وتبحث عن إجابة لماذا يتم استهداف هذه الشخصيات والكوادر وفي قطاعي الأمن السياسي والقوات الجوية بشكل خاص ومكثف؟ ألا يعطي مؤشر واضح عن المجرم الحقيقي خاصة وأن حالات الاغتيال بدأت بعد صدور القرار الرئاسي بإعادة هيكلة الجيش والامن ؟ ومن الذي بيده معلومات مهمة ويملك بيانات واضحة لهم ؟ ولماذا تحوّلت صنعاء وحضرموت إلى ساحة تصفية مفتوحة وبدون أن يتم الإعلان عن اكتشاف المنفذين أو من وراءهم ؟ وهل الهدف من ذلك هو إخفاء وتغييب لهذه الكوادر خوفاً من دورهم القادم ؟ أم من اجل خلط الأوراق وإعاقة مسيرة التغيير وتأخير خروج اليمن إلى مرحلة الاستقرار ؟ أم هو من اجل تغييب معلومات مهمة يملكها هؤلاء عن القضايا الشائكة في إدارة السلطة السابقة ؟ هل يعقل أن محافظة كحضرموت المسالمة الواعية يبلغ عدد حوادث الاغتيال فيها أكثر من 85 قائد وضابط ؟ لماذا لم يتم القبض على أي من مرتكبي هذه الجرائم ؟

إن حوادث الاغتيالات التي جرت في اليمن بدءا من 1965 حين تم اغتيال الشهيد محمد محمود الزبيري ومروراً بحوادث الاغتيالات التالية لها كاغتيال محمد احمد نعمان وإبراهيم الحمدي واحمد الغشمي وجار الله عمر وغيرهم تعطي إشارة واضحة أن من يقوم بهذه الجرائم ساسة يحملون مشاريع خاصة يمتهنون شغل تدمير الوطن وتغييب الشخصيات القوية والفاعلة والتي تقف أمام مشاريعهم ومصالحهم وان القاعدة بعيدة عن هذه الأفعال كونها محاصرة ولا تستطيع الوصول إلى هؤلاء بهذه السرعة والسلاسة كما أنها لا تملك هذه القوة من الرصد حتى تحصل على تحركات ودخول وخروج هؤلاء القادة، قد يكون لها يدٌ في تنفيذ بعض الحوادث كما جرى في ميدان السبعين 21 مايو ولكن هناك من يدفع وراء القيام بها من خلال تأمين المعلومة وتسهيل الوصول الى الهدف ، إن تكرار هذه الحوادث في محافظات محددة وقطاعات عسكرية معينة يعني خلل وضعف كبير في قيادتها إن لم يكن تواطئاً فلماذا لم يتم إقالة هؤلاء ؟!!!


في الأحد 20 أكتوبر-تشرين الأول 2013 08:58:49 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=22435