آثار مأرب تحكي قصة جنتي مملكة سبأ ومجدها الحضاري
 

آثار مأرب تحكي قصة جنتي مملكة سبأ ومجدها الحضاري

 علماء الأثار يؤكدون أن معبد القمر بعد اكتمال حفرياته سيكون أعجوبة الدنيا الثامنة

تزخر اليمن بالعديد من الموارد السياحية سواء الأثرية أو التاريخية أو الطبيعية والشاطئية، وهي تسير نحو تبوؤ المكانة اللائقة بها علي خريطة السياحة العالمية ..وهو ما تناولنا جزءاً منه في الرسالة السابقة ويتعلق بالعاصمة صنعاء، وفي هذه الرسالة نواصل الحديث عما تزخر به اليمن في محافظة تاريخية أخري تملأ شهرتها الأفاق لأنها تحتضن آثار حضارة من أعظم الحضارات التي عرفها العالم وتحدثت عنها الكتب السماوية وهي حضارة مملكة سبأ التي امتد تاريخها لعدة قرون في محافظة مأرب التي قمنا بزيارتها في إطار الدعوة الكريمة لمتابعة فعاليات احتفالات الجمهورية اليمنية بعيدها الوطني السادس عشر من عمر الوحدة اليمنية المباركة.

وقد كانت منطقة مأرب الواقعة علي بعد 170كم شرق العاصمة اليمنية صنعاء عاصمة لمملكة سبأ، وهي مهد أعرق حضارة قديمة عرفت في جنوب الجزيرة العربية، مملكة سبأ التي كانت المرتكز الأساسي للحضارات اليمنية القديمة إذ اعتبر الحميريون امتداداً متكاملاً لمملكة سبأ التي سادت كامل منطقة جنوب الجزيرة العربية، والبحر الأحمر حتي مناطق اريتريا وأثيوبيا الشرقية في القرن الأفريقي .

اشتهر السبئيون بمهارتهم في مجال التجارة كما عرفوا بالجسارة وفن القتال، وكانوا يعبدون الكواكب من دون الله، وذلك هو النبأ العظيم الذي عاد به الهدهد إلي سيدنا سليمان عندما مر بمملكة سبأ ووجد أهلها يعبدون الشمس، وتحكمهم امرأة هي الملكة بلقيس التي أرسل إليها سيدنا سليمان لتدخل في دين الله، فترددت وأمرت له بهدية علها تكشف حقيقة مقصده وهل هو فعلاً نبي مرسل أم مجرد طامع في مملكة سبأ التي كانت تعيش أزهي مراحل رقيها وحضارتها وهي المملكة التي حكمت بالشوري وطبقت الديمقراطية قبل آلاف السنين حيث انها لم تقطع في أمر التصرف مع سيدنا سليمان إلاّ بعد أن شاورت قومها فقالت (قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتي تشهدون) ذلك بعد أن وصلتها رسالة سيدنا سليمان (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم أن لا تعلوا علي وأتوني مسلمين) وقالت الملكة بلقيس كما ورد ذكره علي لسانها في القرآن الكريم (إن ! الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون).

إذن تلك هي مملكة سبأ والملكة بلقيس التي ورد ذكرها في الكتب المقدسة، ومن بينها القرآن كانت هي التاريخ والحضارة والثقافة والمجد العربي في جنوب جزيرة العرب علي مدي عشرات القرون لكنها تحولت إلي مجرد أساطير وحكايات يتواتر ذكرها علي ألسن الرواة فمثلاً سد مأرب العظيم الذي كان واحداً من نحو 80 سداً في مملكة سبأ تحول بعد سيل العرم إلي أسطورة باستثناء جزء بسيط من جداره الضخم لا يزال منتصباً عند الضفة الغربية لوادي أرض الجنتين، وأما سواه من معالم مملكة سبأ فقد طماها سيل العرم وزحفت عليها كثبان رمال الصحراء لتدفنها علي أعماق مختلفة وحولتها إلي مجرد أساطير يحاول الباحثون الاسترشاد إليها من خلال ما وصلهم من المخطوطات وبعض النقوش القديمة وبخاصة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين.

وظلت مأرب مهداً لحضارة إنسانية عملاقة يزيد عمرها عن ثلاثة آلاف سنة، كما ظلت أرضاً للأساطير والحكايات غير أنها اليوم واليمن عند عتبة الألفية الثالثة نجدها في حالة الطلق إنها في حالة مخاض حقيقي تريد أن تضع حملها وتكشف عن كنوز سبأ وحمير التي توارت منذ آلاف السنين في باطن أرضها حيث امتزجت الحقيقة بالأسطورة، وتكاد أعمال الحفر والتنقيب المتواصل عن الآثار أن تحول الأسطورة إلي حقيقة علي أرض الواقع، وذلك ما تم مؤخراً بعد أن أنهي فريق أثري ألماني تابع لمعهد برلين للآثار أعمال الحفر والتنقيب والترميم لعرش بلقيس طوال مدة 13 سنة انتهت في نوفمبر الماضي وجري الاحتفال رسمياً بذكري الألفية الثالثة لبناء عرش بلقيس معبد الشمس .

عرش بلقيس

ولم يشأ الزمن ولا التاريخ أن يظل عرش بلقيس مجرد أسطورة وهو الموقع الأثري الأشهر بين آثار اليمن عُرف بأعمدته الخمسة وسادسها عمود مكسور كان حتي عام 1988م ينتصب وسط كثبان الرمال المحيطة به، يجهل الإنسان ما تخفي تحتها باستثناء أن اليمنيين استخدموا صور تلك الأعمدة كرمز وطني مهم للبلاد اليمنية فتصدرت لوائح الإعلانات، وظهرت مرسومة في العملات الورقية وعلي طوابع البريد، وأغلفة بعض كتب التاريخ اليمني.

تغني الشعراء والمبدعون اليمنيون بعرش بلقيس، وظلوا يترقبون عودة ظهور معبد الشمس وسطوع شمس حضارة سبأ وحمير ومنذ 1888م أضحي معلوماً لدي الباحثين أن عرش بلقيس تسمية شعبية لمعبد سبئي قديم كان الرحالة النمساوي والباحث أدورد جلازر أول من دوّن نقشاً سبئياً حفر علي أحد أعمدة المعبد في العهد السبئي الوسيط ويتحدث النقش عن المعبد السبئي المقة، رب المعبد، برآن ويحذر كل من يحاول أن ينهب كنوز المعبد الفضية، والمعبود السبئي المقة كان يرمز لعبادة القمر، أحد الكواكب السماوية أما برآن فهو الاسم السبئي القديم لقسم من الجنة اليسري في أرض مأرب، وكان معبد برآن عرش بلقيس يبعد حوالي 3كم عن أسوار المدينة وموقعه كما هو الحال تقريباً وسط حقول الجنة اليسري بعيداً عن أماكن الاستيطان البشري ويوجد علي بعد 3كم في الشمال الشرقي محرم بلقيس وهو أكبر معبد كان يحج إليه السبئيون في مواقيت محددة في السنة ويعرف باسم معبد آوام أو م! عبد القمر وهذا المعبد ينتظر فرق التنقيب الأثرية تأتي إليه لتستكمل ما بدأته قبل نصف قرن حتي تكشف عن تفاصيله المدفونة تحت الرمال فيزهو بعودته إلي النور كما يزهو اليوم عرش بلقيس الذي أصبح مفتوحاً أمام الزوار وحتي يكتمل ظهور أعجوبة الدنيا الثامنة يفرض عرش بلقيس علي أي زائر لأرض الجنتين أن يقف وقتاً مع التاريخ يتأمل عظمة الإنسان اليمني قبل ثلاثة آلاف سنة ومستوي تطوره الحضاري المتكامل .

يقول فريق الحفر والتنقيب الأثري الألماني برئاسة بوركهارد فوكت رئيس المعهد الألماني للآثار بصنعاء (عندما بدأ التنقيب في عام 1888م لم يكن قد تبقي من عرش بلقيس سوي تل منخفض يرتفع عند الحقول المجاورة بحوالي ثلاثة أمتار ويبرز في أعلاه صف من الأعمدة تنتشر حوله أحجار البلق المهدمة وبعض العناصر المعمارية المتكسرة، وخلال أربعة مواسم من أعمال الحفر والتنقيب تلتها عملية تثبيت وترميم المعالم بكل عناية بعون مالي ألماني، أصبح المعبد عرش بلقيس مهيأ لاستقبال الزوار ومفتوحاً لعامة الناس).

ولا شك أن الكشف المتكامل لعرش بلقيس في وادي مأرب قد شد الانتباه إلي مهد الحضارة السبئية وحفز السلطات والمهتمين بالآثار والحضارات القديمة للدخول في مشروعات حفر وتنقيب واسعة عن آثار الحضارات اليمنية القديمة في جنوب الجزيرة العربية، حيث توجد نحو عشر بعثات أثرية غربية أمريكية، فرنسية، ألمانية، إيطالية، كندية، واسترالية وغيرها تقوم بأعمال حفر وتنقيب عن الآثار في مأرب وشبوه وحضرموت ولحج وأب وزبيد، وغيرها من مراكز وعواصم الحضارات اليمنية القديمة، وأعلن الخبير الأثري اليمني ورئيس الهيئة العامة للآثار والمخطوطات الدكتور يوسف عبد الله (إن عدداً من الفرق وخبراء الآثار ستصل إلي اليمن خلال الأسابيع المقبلة للبدء بعملية الحفر والتنقيب خلال الموسم الجديد، ومن بين هذه البعثات بعثة أثرية تابعة للمؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان تتكون من آثاريين أمريكيين، وكنديين، وبولنديين، وروسيين، وفلسطينيين وذلك لاستئناف ع! ملية الحفر والتنقيب عن معبد آوام أو محرم بلقيس الذي يقع علي بعد نحو 3 كم إلي الشرق من عرش بلقيس، وهو المعبد الذي وصفه البروفيسور الكندي بيل جلانزمان بأنه قد يصبح أعجوبة الدنيا الثامنة).

ومحرم بلقيس أو معبد القمر يزيد عمره عن ثلاثة آلاف سنة وهو معلم أثري مذهل يحيط بالكثير من أسرار عظمة مملكة سبأ وهو جزء مهم من التراث الإنساني العالمي ويعتقد فريق التنقيب والحفر الآثاري إن هذا المعبد قد وجد خلال الفترة 1200 قبل الميلاد حتي عام 550 للميلاد، وتري مرلين فلييس رئيسة الفريق الأثري (أن محرم بلقيس اكتشاف مذهل لم يره الناس منذ آلاف السنين).

ومن الطريف أننا عندما زرنا عرش بلقيس فوجئنا بالسيد مبخوت مهتم الشريف المسؤول في مديرية آثار مأرب يقول لنا إن هدهد سيدنا سليمان عليه السلام مازال حياً وهذا مكان عشه فاندهشنا فقال لنا : جاءت باحثة ألمانية لتشاهد عرش بلقيس فجاء هدهد ووقف في أعلي العرش فقلت لها مازحاً هذا هدهد سليمان.

السدود مفتاح الحضارة

وكانت السدود العظيمة التي شيدها السبئيون والمعابد أهم علامة بلوغ حضارتهم وأوجها وذلك في القرن العاشر قبل الميلاد بلغ ارتفاع سد مأرب 16 متراً وعرضه60 متراً وطوله 620 متراً، وهذا يعني حسابياً أنه يمكن أن يروي 9600 هكتارا من الأراضي، منها 5300 في السهل الجنوبي، والباقي للسهل الشمالي، كان يشار إلي هذين السهلين في النقوش السبئية مأرب والسهلان 41 و يشير التعبير الدقيق في القرآن: (جَنَّتاَنِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ) إلي وجود حدائق وكروم في هذين الواديين أو السهلين، لقد أصبحت المنطقة أكثر مناطق اليمن غني وإنتاجاً بفضل السد ومياهه. أثبت الباحثان: الفرنسي ج. هوفلي والنمساوي غلاسر أن سد مأرب قد أوجد منذ زمن بعيد. وتروي الوثائق المكتوبة بلغة "حِمْيَر" أن هذا السد قد جعل المنطقة في غاية الخصوبة والعطاء.

لقد تم إصلاح هذا السد خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد، إلا أن هذه الإصلاحات لم تمنع السد من الانهيار عام 542 للميلاد. انهار السد بسبب سَيل العَرِمِ الذي ذكره القرآن الكريم، والذي سَبَّبَ أضراراً بالغة، لقد هلكت كل البساتين والكروم والحدائق التي بقي السبئيون يرعونها لعدة قرون علي بَكْرَةِ أبيها، بعد انهيار السد عاني السبئيون من فترة ركود طويلة لم تقم لهم قائمة بعدها... وهذه كانت نهاية القوم التي بدأت مع انهيار السد.

نقوش مكتوبة بلغة سبأ

"كما استخدم في التعبير سيل العرم، فإن كلمة عَرِم مشتقة من كلمة عريمين المستخدمة في لهجة سكان جنوب الجزيرة، والتي تعني السد، الحاجز ، وقد عثر علي هذه الكلمة في أثناء الحفريات التي نفذت في جنوب اليمن باستعمالات كثيرة تفيد هذا المعني، علي سبيل المثال: استخدمت هذه الكلمة في الكتابات التي كانت تملي من قبل "أبرهة" الحبشي الذي حكم اليمن، بعد تعمير وأصلاح سد مأرب في 542 و543 م لتعني السد الحاجز مرة أخري. إذن فإن (سَيْلَ العَرِم) يعني "كارثة السيل التي حدثت بعد تحطم سد".

 (وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَي أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) (سبأ: 16). أي: إن البلدة بكاملها قد غرقت بعد انهيار السد بسبب السيل، لقد تحطمت جميع أقنية الري التي حفرها السبئيون، وكذلك الحائط الذي أنشؤوه ببنائهم حواجز بين الجبال، ولم يعد لنظام الري أي وجود، وهكذا تحولت الجنان إلي أدغال، ولم يبقَ من الثمار شيء، سوي ثمار تشبه الكرز وأشجار قصيرة كثيرة الجذور.

لقد أقر الكاتب وعالم الآثار المسيحي وورنر كيلر صاحب كتاب الكتاب المقدس كان صحيحاً" أن سيل العرم قد حدث كما ورد وصفه في القرآن الكريم، وأنه وقع في تلك المنطقة، وأن هلاك المنطقة بكاملها بسبب انهياره، إنما يبرهن علي أن المثال الذي ورد في القرآن الكريم عن قوم الجنتين قد وقع فعلاً.

وبعد وقوع كارثة السد، بدأت أراضي المنطقة بالتصحر، وفقد قوم سبأ أهم مصادر الدخل لديهم مع اختفاء أراضيهم الزراعية، وهكذا كانت عاقبة القوم الذين أعرضوا عن الله وترفعوا عن شكره، وتفرق القوم بعد هذه الكارثة، وبدأ السبئيون يهجرون أراضيهم مهاجرين إلي شمالي الجزيرة، مكة وسوريا.

يأتُي الحيز الزماني الذي شغلته هذه الكارثة بعد زمن العهد القديم والعهد الجديد، لذلك لم يرد ذكره إلا في القرآن الكريم.

تقف آثار مأرب المهجورة والتي كانت في يوم من الأيام موطناً للسبئيين، كآية من آيات العذاب تنذر أولئك الذين يكررون خطيئة القوم.

أصبح السبئيون أصحاب أعظم حضارة قامت علي الري بعد بنائهم سد مأرب بأحدث الوسائل التقنية، لقد سمحت لهم أرضهم الخصبة التي امتلكوها وسيطرتهم علي الطرق التجارية، أن ينعموا بالرخاء والازدهار الذي طبع أسلوب حياتهم، ومع ذلك "أعرضوا عن الله" الذي يتوجب عليهم أن يكونوا ممتنين، شاكرين له ولأَنْعُمِه، لذلك انهار سدهم وأهلك "سيل العَرِم"كلَّ ما بنوه. عاد اليوم السد السبئي المشهور مرة أخري إلي ما كان عليه من إمكانات الري السابقة

يخبرنا القرآن الكريم أن ملكة سبأ وقومها كانوا يعبدون الشمس من دون الله قبل أن تتّبع سليمان، وتوضح المعلومات التي تحملها هذه النقوش هذه الحقيقة، كما تشير إلي أنهم كانوا يعبدون الشمس والقمر في معابدهم .

 بعد طول انتظار وترقب تكاد الملكة بلقيس ملكة سبأ تعتلي صرح عرشها معبد الشمس أو معبد برآن في أرض الجنتين لتؤدي مناسك التعبد التي اعتادت تأديتها قبل نحو ثلاثة آلاف سنة لعبادة النجوم والكواكب فمن إعادة بناء سد مأرب العظيم منتصف الثمانينيات من القرن العشرين إلي الكشف عن عرش بلقيس تبدو أرض مأرب اليمنية علي طريق المجد ثانية تحاول أن تستعيد بريقها الحضاري في جنوب جزيرة العرب بل إن علماء الآثار الغربيين الذين بدؤوا الحفر والتنقيب عن محرم بلقيس، أو معبد القمر يؤكدون أنهم في الطريق إلي الكشف عن أكبر معبد من معابد الحضارات اليمنية القديمة ويؤكد فريق التنقيب الأثري التابع للمؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان بأن محرم بلقيس سيكون أعجوبة الدنيا الثامنة حيث يعود تاريخ إنشائه بحسب النقوش التي تم العثور عليها حتي الآن إلي القرن الثاني عشر قبل الميلاد!!

وعندما زارت بلقيس ملكة سبأ الملك سليمان وكانت مملكة سبأ التي عاصمتها مأرب مرياباً غنية جداً لمهارة أهلها في التجارة وسيطرتهم حينذاك علي الأسواق كما ورد في التوراة أن بلقيس قدمت إلي سليمان الذهب والحجارة الكريمة والطيوب بكميات كبيرة، وأشار القرآن الكريم إلي ذلك وإلي ثراء الملكة بلقيس ورخاء السبئيين عامة، وذلك في حوار بين سليمان والهدهد، قال تعالي (وتفقد الطير فقال مالي لا أري الهدهد أم كان من الغائبين، لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين، فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين، إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم).

وكانت مملكة سبأ تسيطر علي طرق القوافل التجارية بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها وصولاً إلي مصر وغزة وبلاد ما بين النهرين، وكان السبئيون يصدرون إنتاجهم الخاص من البخور والطيوب والعطور والتوابل في هذه الاتجاهات وكانوا يلعبون دور الوسيط مع الهند بفضل مرافئهم علي المحيط الهندي وكانت ديانة سبأ قريبة جداً من الديانة البابلية بمجوسها وبعبادة الكواكب وأما الالهان الرئيسان فكانا الإله القمر، والإله الشمس التي يتجه نحوها السبئيون ليصلوا عند الفجر، والسبئيون مزارعون ماهرون وبناة قلاع وقصور ذات هندسة معمارية متميزة، ومؤلفات فنية. وأبدع السبئيون حضارة خاصة بهم تحميهم من الغزاة علي الجبال الشاهقة والصحاري الشاسعة، والمساحات البحرية الواسعة وعرفوا بالازدهار إلي درجة أنهم وصلوا إلي مستوي عال جداً من الازدهار. وكانت مأرب العاصمة من أكثر المناطق ازدهاراً في ذلك الزمن. أشار الكاتب الإغريقي بليني الذي زار المن! طقة وأسهب في مدحها إلي وقال انها أراض واسعة وخضراء.


في الثلاثاء 20 يونيو-حزيران 2006 12:05:07 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=257