بطانة الخير و بطانة الشر..!!
حمزة الجبيحي

مأرب برس - خاص

نعلم جميعاً بأن أي حاكم سواءاً كان رئيساً أو ملكاً، بأنه بشرٌ بطبيعته، مثله مثل كل إنسان خلقه الله سبحانه وتعالى، يعتريه الخطأ والنسيان، وعقله محدود الاستيعاب، فليس من العدل أن يظل الشعب وبكل ظاهرة تحدث – صغيرة أو كبيرة- يرجعها إلى شخص الحاكم!! فالشعب عندما يختار من يحكمه كممثل شرعي، يحق له أن يطالب من انتخبه بالاختيار الحكيم والمسئول لبطانته ومقربيه.. فالبطانة هي التي تقوم بأحد أمرين لا ثالث لهما: إما أن تكون البطانة معينة للحاكم على الخير وتوضح له كل ما فيه المصلحة العامة للوطن والمواطن، وتكون بذلك قد أعانته على تحقيق المصلحة العامة (أو هكذا يجب!!!).

أو أن تكون البطانة أداة للتظليل على استيعاب الحاكم للوضع القائم، وإيصال المعلومات المزيفة له، وتكون بذلك قد أدخلت البلاد والعباد في دائرة الفساد والمظاهر الهمجية كالتسلُّح غير المنظم، وتفشي الرشوة والمحسوبية والوساطة بشكل مهول.. وغيرها من أساليب تشويه المجتمع والإصرار على إبقائه جاهلاً (وهذا هو الواقع الملموس!!!).

إن الشعب بعد أن ينتخب من يحكمه، يظل ينتظر وبترقب شديد الوفاء بالوعود، وهي آتيةٌ لا محالة هذه المرة!! والبدء في تنقية وغربلة المقربين وحسن اختيار من هم حول طاولة إدارة الحكم.. عملاً بقول الرسول الكريم (صلى) حين قال (ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضُّه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضُّه عليه.. المعصوم من عصم الله!) صدق رسول الله (صلى).

ـ إنني وبهذه الأسطر لا اقصد التعميم.. ففي بعض الدول لاسيما الوطن العربي – كاليمن مثلاُ! - هناك قلة من بطانة الحاكم لا يختلف اثنان على نزاهتهم وكفاءتهم وحرصهم على مصلحة الوطن والمواطن، ويمثلون نماذج البطانة الصالحة التي لها مواقف دالة على حرصها على المصلحة العليا للوطن والمواطن (وهم القلة طبعاً..!!).

ولكن.. وكما يقال (الحسنة تخص.. والسيئة تعم!).. فبالوقت الذي توجد فيه تلك القلة من المقربين، وبتلك الأخلاق الفاضلة، فانه بالمقابل هناك النسبة العظمى من بطانة الحاكم وهي التي قصدها نبينا الكريم (صلى) في النوع الثاني من الحديث الشريف.. فأولئك هم الذين يظللون الحاكم ويشوهون الحقائق ويزينون الباطل.. إن مثل هذا النوع من البطانة السيئة يعملون على إظهار كل أمور الوطن والمواطن بأنها تسير للأمام وعلى ما يرام.. وما ذلك إلا لخوفهم من الحاكم الذي لو اكتشف حقيقة الأمور بنفسه أو من خلال أناس موثوقين، سيعمل على محاسبة تلك الشرذمة التي كان يعتمد عليها فظللت عنه حقائق الوضع القائم وصورته بغير حقيقته..!!.

ـ بكثير من الأحيان يلاحظ الشعب في معظم الفعاليات كالخطابات وغيرها، والتي يقوم بها الحاكم، لابد وان تتأثر بمن هم مقربين منه وكلٌ بحسب اختصاصه!!، حيث يلاحظ أن بعض الفعاليات التي يقوم بها الحاكم كبعض قرارات التعيين أو بعض الزيارات ميدانية أو حتى بعض الخطابات المناسباتية!! تكون ممتازة للغاية، حيث تعانق كل ما يتطلع إليه المواطنين، وتحاكي كل مافيه مصلحة للوطن.. ففي هذه الحالة تأتي للشعب قناعة بان الحاكم لم يستشر أحداً قبل قيامه بمثل تلك الفعاليات، بل كانت نابعة من تفكيره السياسي والوطني.

ـ ولكن.. وبكثير من الأحيان، تأتي مثل تلك الفعاليات وهي مصحوبة بشوائب عديدة تسيء للحاكم أكثر بكثير مما تحسن!!.. وفي هذه الحالة يكون من المؤكد أن هناك أطراف مقربة قدمت استشارا ت مظللة لإدراك الحاكم، والذي بالطبع سيتصرف وفقاً للمعلومات التي استند إليها، والواصلة إليه من بعض ذوي النفوس الضعيفة من المقربين الذين يملون على فكر الأخ الرئيس بما يتناسب مع مصالحهم الخاصة، وبما يتيح لهم فرصة اكبر لمواصلة استظلالهم بالحاكم على فسادهم.

إن المواطنين.. وعند مشاهدتهم لبعض الفعاليات التي لا تخدم مصلحة الوطن والمواطن، غالباً لا يكون النصيب الأكبر من لومهم موجهاً لشخص الحاكم، ولا يحسب إملاءآت بعض المقربين بأنها تحكم وتسيطر على فكر وعقليته، فذلك لا يعني أن الحاكم لا يستطيع التعبير عما يريده تجاه مصلحة الوطن فهو ـ وكما قلت آنفاً ـ إنسان محدود الاستيعاب كغيره.. إنما.. يحق للمواطنين أن يوجهوا عتابهم للحاكم من ناحية طريقة ركونه على بعض المقربين، وانه حان الوقت للتخلص من كل الذين يسيئون للوطن والقيادة سواءاً من المقربين وهم كثر!! أو من غير المقربين وهم أكثر!!

وهنا يجب القول للبطانة.. كفاكم تضليلاً للقيادة.. ونخص بهذا.. تلك المجموعة التي تنتمي إلى النوع الثاني من حديث الرسول (صلى) والمذكور في الأسطر الأولى من هذه العجالة، وقد آن لكم أن تفرغوا أماكنكم لكل من ينتمي إلى النوع الأول من الحديث الشريف نفسه!! وبالطبع المسئولية الأولى والأخيرة تقع على عاتق الحاكم، فهو الذي بيده اختيار الصالح من الطالح والعكس أيضاً!!! ولنا في وطننا اليمني نصيب الأسد مما في هذه العجالة!!!.

ـ اختم عجالتي هذه بحديث آخر لرسولنا الكريم (صلى) حيث قال: (إذا أراد الله خيراً بالأمير جعل له وزير صدقٍ.. إن نَسِيَ ذكَّره وإن ذكر أعانَه، أما إن أراد غير ذلك جعل له وزير سوءٍ.. إن نَسِيَ لم يذكِّره وإن ذكر لم يُعِنهُ) صدق رسول الله (صلى).


في الإثنين 24 ديسمبر-كانون الأول 2007 11:41:28 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=3027