أزمة شديدة ومثقف غارق في إشكالاته
نجيب غلاب
نجيب غلاب

مارب برس – خاص

اليمن تمر بتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية في هذه المرحلة من التاريخ، ويعيش أزمة مركبة في كافة مجالات الحياة، حيث بلغت الأزمة شدتها ووصلت القلوب إلى الحناجر، فالعالم من حولنا يتغير كل لحظة، ونحن سادرون في خلق الأزمات.

من المفترض أن تنتج لنا الأزمة مثقفين عظماء قادرين على التفاعل مع هذه التحولات التاريخية، ولكن الخمول مازال قائما والتعامل مع الواقع يتم بالطريقة القديمة، ويتم إعادة إنتاج التحليلات السابقة الجامدة، فالمثقف اليمني أما أن يعيد إنتاج الماضي ويصارع في وديان خاوية تعيق التغيير وتنتج التخلف، أو أن يستهلك طاقاته في قضايا لا علاقة لها بواقع الناس، أو أن يصارع من اجل السلطة والثروة.

في هذه المقالة المطولة والتي هي جزء من ورقة بعنوان "المثقف بين الحكم والمعارضة وإفراغ المجال الثقافي" قدمتها في أحدى الندوات قبل عام، سنحاول ان نستعرض الإشكالات التي تواجه المثقف اليمني، وأرجو من القراء الكرام أن يعلقوا علي المقالة حتى استفيد وأكون قادر على تطوير أفكارها.

الإشكالية الأولى

التحليلات المقدمة لفهم الواقع مبنية على موقف عاطفي، فالمثقف اليمني لا يحاول أن يفهم ويحلل ويفسر باستخدام منهجية عقلانية، بل يبني رؤيته على أساس عاطفي، ويحكم على الواقع حكما قيميا، فهو لا يستخدم عقله في فهم الواقع إلا فيما ندر، وتتعمق الإشكالية أن تلك العاطفة ممتزجة بالايدولوجيا وملتحمة بالمصالح الأنانية للفرد أو للمجموعة التي يدافع عنها.

وفي ظل الأزمة المركبة التي يعاني منها المجتمع، ومع التحولات الداخلية والعالمية فالطريقة السابقة لا تقود إلى التغيير، لان التغيير يحتاج إلى تفكيك الواقع بمنهجية علمية وبطريقة تؤسس لمشاريع عقلانية لا تتجاوز الوضع التاريخي لليمن وتجربته الحضارية.

الإشكالية الثانية

الإغراق في السياسة والدخول في مواجهة مع النظام السياسي ونفي شرعيته و وممارسة النقد بصرامة وجراءة وتجاوز حدود اللياقة، وتحدي سلطة الدولة وقوانينها بطرح رؤى سياسية مؤسسة للعنف، والتعامل مع الحاكم كعدو، ورفض شرعيته الدستورية، وهذه التعامل في ظرفنا الراهن يدمر ولا يعمر.

وأقول هنا لا اختلاف في نقد الحاكم وبقسوة فهذا أمر مبرر ومقبول، طالما ظلت الموضوعية هي المتحكمة في قولنا، المشكلة لدى المثقف الذي يسلط كل الطاقة النقدية نحو السياسي، أنه ينسى السلط الأخرى التي ربما تكون أشد قسوة على المثقف، بل قد تحاصره من كل مكان، بما في ذلك ان تجبره على خلق سلطة داخلية يفرضها على نفسه، فالمجتمع وعلماء الدين وشيخ القبيلة والحزب ورغباته الجامحة في الثروة والسلطة والهيبة كل ذلك ربما تشكل قوة طاغية على حرية المثقف.

 من جانب آخر يمكن القول أن الموقف الذهني ليس بالضرورة ان يكون ناقدا بصرامة وقائم على المواجهة، حتى في الحالات التي يتم فيها التأسيس لمشروع بديل، وقادات التغيير في الفكر الإنساني عارضوا بقوة، لكنهم ظلوا ملتزمين بما يحفظ للمجتمع تماسكه وتضامنه، فسقراط قاوم وتحدى ولكنه تجرع السم بقناعة تامة احتراما للمجتمع وقانونه الناظم له، وفي تاريخنا الإسلامي كان المثقف قوة إيجابية تقاوم الفعل الخاطئ بطرح الرؤية الاصواب، فالشيخ الجليل بن تيميه لم يدخل في مواجهة حاسمة وغاضبة وناقده لواقعه، لكنه وصف الواقع وأزماته ومثالبه، ولكنه كان واقعي إلى درجة قبول مغتصب السلطة والتعامل معه، لكنه لم يوافق على هذا الاغتصاب، واعتبره خارج عن القيمة الأصلية لمفهوم الحاكم المختار بإرادة حرة من الناس، كان الشيخ يُحكّم العقل فجعل الدولة العادلة وأن كانت كافرة منصورة والدولة المسلمة مهزومة أن كانت ظالمه.

كان يتحرك برؤية واضحة ومشروع فكري أسس له فكان رمزاً مستمراً للمثقف الباحث عن الصواب، مثقف متحرر قاتل الأعداء مع سلطة أعترف بشرعيتها وهو على يقين أنها مخالفة للمبدأ الذي يحكم نسقه الفكري، ولكنه مثقف حقيقي يقاوم ويبني يعارض ويؤيد، يتحرك بما يخدم واقعه وتحولاته.

استشهد المثقف في السجن ولكن فكره ظل نورا يرشد الأحرار من بعده لا بإعادة إنتاجه بل بتجاوزه وفق مقتضيات وحاجات الواقع وتحولاته، فالحركة الدائمة للحياة تخلق مثقفيها ومشاريعها الجديدة المتوائمة مع حركة الواقع وتفاعلاته وحاجاته، وأن كان لها نكهة القديم ولكنها تظهر بصورة جديدة كأنها خلق جديد، وأي محاولة لإعادة أنتاج المثقف القديم ببعث فكره كما هو، فان النتيجة مثقف هزيل معزول ومهزوم وعاجز لا يمكنه في تفاعله مع الواقع، فتبني أفكار القدماء ينتج الأزمات نتيجة اختلاف الزمان والمكان، فالبعض قد بعث أفكار الشيخ الجليل بصورتها القديمة فأصبحت مدانة ومتخلفة، وأصبح المثقف العظيم محل إدانة من البعض بفعل سذاجة من قاس الحاضر على الماضي، وتحيز من حكم على أصالة الأصيل بسلوك المقلد البائس.

الإشكالية الثالثة

تحويل القيم التي يدافع عنها المثقف إلى قيم مطلقة، وتصبح هي الحق الذي لا يأتيه الباطل، وتتحول الأفكار السياسية مثلا إلى أفكار ميتافيزيقية مطلقة لا يمكن التشكيك بها، وتصبح حقائق يقينية أشبه بالعقائد الدينية، وتتحول الفكرة النسبية التي هي نتاج عقلي من المحتمل أن تكون خاطئة، أو لنقل غير عملية، حق مطلق نقدها يعني خيانة للقضية.

من المؤكد عندما يصبح النسبي مطلق فأن النتيجة أن يتم التشبث بالفكرة والنضال من أجلها للتحول إلى صنم معبود، انظر تعامل أحزاب المشترك في تعاملها مع مشروعها السياسي وقناعتها المطلقة ان السياسي طريق لإصلاح كل مناحي الحياة، وهذه ليست حقيقية مطلقة فالثقافة مثلا قد يكون لها الأولوية لإحداث التحول، والتاريخ الإنساني الفكري والعملي الواقعي لم يمنح السياسي أولوية للتغيير، ولكن الفكر المؤدلج عندما يعجز عن تغيير الواقع يتجه إلى السيطرة على السلطة السياسية واستخدام أدواتها لخدمة الفكر ومصالح النخب الحزبية.

الإشكالية الرابعة

الانخراط في المشاريع السياسية والدفاع عنها، وتحاشي أي نقد للتجارب السياسية السابقة وأخطاء الماضي والممارسة العملية، فالمعارضة السياسية الراهنة من القوى اليسارية والقومية والإسلامية تناضل من اجل الديمقراطية مثلا دون نقد لتجاربها السابقة الرافضة للديمقراطية، ولم يخرج مثقف من أوساطها ينتقدها حتى تكون قادرة على تكييف نفسها مع التحولات، وقادرة أيضا على بناء مشاريع فكرية متماسكة ومستجيبة للواقع وحاجاته.

 أما النخب المثقفة المؤيدة للحكم فأنها تدرك بوضوح طبيعة المشاكل التي يعاني منها الواقع، ولكنها تنخرط في مواجهة مع المعارضة خوفا على مصالحها، وتخاف أن تمارس نقد ذاتها، لأنها تخاف من ان تستغل القوى المنافسة نقاط ضعفها، ورغم ان النقد الذاتي يسهم في تجاوز الأخطاء، إلا أن مثقفي السلطة يتيهون في مقولات تبريرية غير متسقة مع واقع المشاكل، وهذا بطبيعة الحال يفقد مشروعهم السياسي قيمته رغم قدرته على تجديد نفسه بلا مخاطر من خارجه، فالمخاطر ربما تنفجر من داخله وهذه مسألة مهمة للتخلص من القوى الشريرة التي تمتص رونقه وربما هي المعيق الفعلي لنقد التجربة من الداخل.

ويمكن القول أن القوى المثقفة المؤيدة للحكم تعيش حالة أزمة مزمنة، وغير قادرة على توظيف المشروع الوطني، والقراءة المقدمة للمشروع الوطني من قبل القيادة هدفها خلق رؤى فكرية وثقافة حية قادرة على مواجهة الانتكاسات التي يحدثها أهل الفساد في منظومة الحكم، ولكن مثقفي الحكم عاجزين عن التفاعل معها وعاجزين عن مواجهة القوى المعادية أما بصورتها التآمرية القذرة، أو بصورتها الوطنية التي تحاول إخراج مسارات المشروع بما يخدم رغباتهم الجامحة في السلطة والثروة، بصرف النظر عن المخاطر التي قد تدمر المشروع الوطني .

الإشكالية الخامسة

نفي الآخر والاعتقاد الجازم بان رؤية معينة هي الحق وما عداها باطل رغم انطلاق الجميع من نفس المرجعية، وهي القيم المؤسسة للمشروع الوطني، وهذا الطرح لا يدرك أن الواقع الواحد لا ينتج أفكار متشابهة حتى في ظل المشروع الواحد، وكل مثقف له تفسيراته وفهمه للواقع، والحلول المطروحة من المثقفين قد تكون مختلفة ومتناقضة ولكنها ملتزم بجوهر المشروع والواقع المجتمعي، والمجتمع يختار ما يناسبه من المنتجات العقلية، هي كلها صواب لأنها نتاج الذهن يتفاعل مع الواقع المحيط، ولكن حركة الواقع لا تنسجم إلا مع صواب معين في لحظة تاريخية معينة، وقد تنتقل الحركة نحو الصواب الآخر بعد أن عدل نفسه وتطور وأصبح أكثر قدره على التوافق مع حركة التحولات وأسهم في الدفع بها نحو الآفاق الجديدة.

المهم أن المثقف الحصيف من يتماهى مع الواقع ويخلق مشروعه الفكري من عمق واقعه لا واقع آخر متخيل في الذهن أو منقول من مكان وزمان مختلفين كما هي عليه الحركة الحوثية أو الحركات المناضلة باسم الجغرافيا ليتحول المكان إلى قيمة محورية حاكمة لحركة الفكر والسياسة كالحركات السياسية الرافعة لقميص المسألة الجنوبية.

الإشكالية السادسة

المثقف الانتهازي المتحرك في مجال الأنا الفردية أو المناطقية والمتحيز لطائفة أو عشيرة أو حزب، هذا المثقف غالبا ما يوظف المعرفة والثقافة والفكر لخدمة مصالحه أو مصالح من يمثلهم، بصرف النظر عن القيم المؤسسة للمشروع الوطني، وعلى الرغم أن حركته قولا وفعلا إلى فناء، ولكن تأثيراته السلبية على الواقع مضرة وتضعف التقدم، مع ملاحظة أنها من جانب آخر تخلق مقاومة داخلية تقضي عليها لصالح القيم الناضجة المؤسسة للتضامن والإجماع العام.

فالمثقف الانتهازي الرافض لقيمة كالوحدة اليمنية أو المقاوم للدولة الوطنية والنازع نحو الولاءات الدنيا أو الباعث للماضي بوجهه القبيح المؤسس للصراع والتناقض بين أعضاء الجماعة الوطنية. أو المثقف المتحرك في ظلال الأنا الفردية المؤسسة للفساد والاستبداد.

هذا المثقف أيّاً كان منهجه ومبرراته العقلية يمثل نقيض لفكرة المثقف الملتزم المدافع عن مشاريع عقلانية متوائمة مع الواقع وحاجاته، ومتناقض مع طبيعة الإنسان ومع الحراك العصري الباحث عن الرقي الإنساني وفق قيم تؤسس للتوافق والسلم والتضامن والتعاون، والمثقف الانتهازي موجود في ثنايا السلطة والمعارضة على السوء، وهؤلاء تحكمهم مصالحهم الأنانية، وهذه الفئة هي الداعم الفعلي لقوى الفساد وجزء من عملية الإنتاج المستمرة لقوى الفساد.

والمثقف الانتهازي في تصوري نتيجة لإشكالية مركبة تواجه المثقف اليمني تنتجها عملية مركبة، جزء منها يعود إلى ضعف المثقف وعدم امتلاكه أدوات منهجية وعلمية، وهذا جعله عاجزا عن تناول القضايا الجوهرية في بنية الثقافة التقليدية الاجتماعية أو في البنية السياسية والاقتصادية، وجزء آخر مرتبط بالسلوك والفعل اليومي وبالعادات والتقاليد المتناقضة مع الإنتاج المعرفي، فالمثقف الانتهازي مازال متماهي مع الثقافة بوجهها السلبي، فمازال الولاء العصبوي بشتى أنواعه في البيئة اليمنية متحكمة بسلوكه على مستوى السلوك والقول المتبادل بين الأصدقاء ذوي الانتماء المتشابه، ولكنه على مستوى الخطاب يتحدث عن مثاليات، ويصبح النقد الموجه والاعتراض على مستوى الخطاب محكوم بما يحرك العقل الباطن لا الخطاب المعلن.

والنتيجة أن المثقف لا يحلل ولا يفكك بل يتهم ويشتم ويغضب. فالقيمة كمحدد جوهري لالتزام المثقف منفية، هنا يفقد المثقف مصداقيته حتى أمام نفسه، ولا يجد من طريق أمامه إلا ان يستمر في تناقضاته، ويغرق في انتهازية مقيتة، ومع الوقت يبدأ في التنظير للقيم المتخلفة ويعيش حالة من الشقاء بين المثال المتعالي الذي يتمنى ان يكون عليه وبين رضوخه وهزيمته أمام الواقع.

والسبب في تصوري المصالح الأنانية التي يخاف عليها أو يريد تضخيمها، وعندما يحس المثقف أن حركته متجه نحو الأنا بوجهها القبيح هنا يقع فريسة تناقضات لا حصر لها بين الحقيقة وبين خطابه، بين المصلحة الذاتية والمصلحة العامة بين المنهج الموضوعي والنقد الزائف غير المبرر، ويعيش حالة شقاء مدمرة فيتجاوزه الواقع وينبذه ولكنه يستمر في خلق الأزمات وإعاقة تطور المجتمع.

الإشكالية السابعة

الصراع من أجل الراهن وتجاهل التأسيس الثقافي وغياب المثقف المستقل، فالمثقف المستقل في الجامعات والصحف ومراكز البحث وداخل الأحزاب وفي منظمات المجتمع المدني يكاد حاله حال النجم في ليلة ظلماء، فالمتابع للندوات والحوار والنقاش والكتابات الصحفية والفكرية والبيانات والمعارض والفن والأدب والتقارير الإستراتيجية...الخ أغلبها متحيزة لطرف ضد آخر، والمصيبة العظيمة أنها متضخمة بلغة السياسي الذي يفكر بالراهن والسطحي ولا هم لها بالتأسيس والبناء الثقافي والفكري.

أن غياب المثقف المستقل واستمرار الوضع لصالح الحرب بين مثقفي السلطة والمعارضة يؤسس للمناكفات السياسية والحروب الإعلامية التي لا تغني ولا تسمن من جوع، ويجعل العمل السياسي مجال للصراع الضار وعليه فأن ضبط العمل السياسي وتأسيسه على قيم أصيلة وحقيقية يحتاج إلى إعادة الاعتبار للمجال الثقافي كمجال ثالث يخلق توازن حقيقي في حرب داحس والغبراء اليمنية.

الإشكالية الثامنة

فقدان الأمل والتشاؤم وغياب الدراسات المهتمة بالمستقبل، فالجميع غارق في الراهن والآني، وهذا ولد إحباط يلف عقول وأرواح البعض فأقعدهم عن التفكير في المستقبل، وإذا فكر البعض بالمستقبل فأنه أما أن يغرق نفسه في حالة من التشاؤم واليأس يصل أحيانا إلى مرحلة القنوط، وهكذا تعامل ينتج رؤى مستقبلية غامضة وغاضبة وتهدف إلى تعبئة الناس، وأما أن يقدم المثقف تحليلات نقدية قاسية تفكك الواقع بسيوف محارب لا بمشارط طبيب ماهر، وهذا يجعل منها تنكأ الجرح ولا تعالجه، وهي أشبه بهموم يتم تفريغها دون طرح البديل.

أما البعض الآخر نتيجة يأسه يطرح حلول مثالية لا علاقة لها بالواقع مستقاة من عوالم الماضي أو تجارب شعوب أخرى، وهدفها رفض الراهن بكليته والتأسيس لحلم يعشش في العقول مسنود بقيم إيديولوجية غير قادرة على تحليل الواقع، وحلول مطروحة لا يمكن أن تعمل في الواقع مما يجعلها غير قادرة على صياغة سياسة أو ترشيد قرار، وهذه الرؤى تنتج الفشل والعجز ولا تخدم التغيير ولا تؤسس لمستقبل واقعي، فهكذا تعامل في ظل واقع يعاني من مشاكل كثيرة ومتراكمة يجعل النتائج العملية أما أن تؤسس لمشاريع الأنا الفردية ويصبح كل فرد مشروعه ذاته، وهذا يؤسس للفساد، أو تؤسس لفكر يبحث عن المستقبل بعد الموت وينسى نصيبه من الدنيا، وهنا تصبح الحلول تتمحور حول فكرة الموت، وهنا يجمد العقل ويقيد الإنسان عن العمل والإبداع والإنتاج، ويغرق المرء في الصوفية والانعزال عن الواقع وإذا تحرك هذا المشروع فأنه يضع حلول إنقاذية ثورية ومتهورة لا عقلانية تجعل من الجسد معبر إلى السعادة الأبدية، وينتج عن ذلك إرهاب مجنون يجذر ويرسخ التخلف ويغرق الحياة في صراع الفناء والدمار وتصبح الحركة مناقضة لأصل الوجود الإنساني وفطرته التي غرسها الخالق فينا الساعية دائما لتعمير الأرض واستعمارها وإقامة العدل.

الإشكالية الثامنة

المثقف المأزوم الذي يحلل ويفهم الواقع بناءً على مواقف عاطفية، ويدخل في مناكفات ومنافسة مع الأنداد أو الزملاء أو الحزب المنافس، وتتضخم ذاته ويدور حولها ويعتقد بالجدارة والأحقية وينبذ الآخر ويشوه ويدمر صورته، وتتحول الأدوات المعرفية لفهم الواقع إلى خناجر للانتقام. وهذا المثقف يتحول إلى أداة تبريرية لكل حدث وفعل يتوافق مع مواقفه ورؤيته، فيصبح من صنّاع الأزمات ويعيد إنتاجها وبصورة أشد وطأة على المجتمع.

 

 
في الأحد 17 فبراير-شباط 2008 09:56:40 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=3358