المؤتمر الشعبي العام ..المنتج الوحيد لمادة التصالح والتسامح
احمد طلان الحارثي
احمد طلان الحارثي

ممتد في أعماق التاريخ لكن عمره لا يزيد عن (26) عاماً ، أبهر العالم بالمنجزات والمعجزات (خور المكلاّء ونفق سيحوت وسائلة صنعاء) والسكك الحديدية والكهرباء النّووية ، ومن منتجاته مادة التصالح والتسامح ولا ضرر ولا ضرار والشورى والديمقراطية والوحدة والأغلبية الساحقة والجرع المتلاحقة ومستقبل أفضل ويمن جديد مبني من مخلفات الصناديق والهيئات الدولية (المانحة) ، ومن صناعته الهيئة الوطنية العلياء لمكافحة الفساد واللجنة الوطنية العلياء لمعالجة قضايا الثار ولجنة متابعة وتقييم الظواهر الاجتماعية السلبية التي تؤثر على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والتنمية والهيئة العلياء للرقابة على المناقصات والمزايدات ، وهو المالك الوحيد للقوات المسلحة وقوات الأمن العامة والخاصة والمركزية والسياسية والقومية ، وهو صاحب أشهر ماركة في عالم الممنوعات من الخطوط الحمراء لأن طريقه محفوفة بالمخاطر ومفروشة بسجّاد المغريات المادية والمعنوية وعلى كافة الأصعدة البنكيّة والوظيفية والاستشارية ، حتى أصبح الانتماء الحزبي بضاعة يتهافت عليها المفلسون من المبادئ والقيم النبيلة وغدت تجارة لمن يملك المال دون غيره من المبادئ والأهداف ذات الأبعاد الوطنية الشريفة . كل ذلك علامات تجارية مسجلة باسم (المؤتمر الشعبي العام) لا يجوز تقليدها أو استخدامها بدون إذن مسبق من صاحب الحق (الخيل وأتعابه الميامين) المالك الوحيد لليمن وشعبه (دمه وروحه وجلده وعظمه) وجميع ثرواته لأنه بارع في الاختراعات وماهر في سرد المنجزات وتعداد المكاسب والتحولات ، الذي أرسى دعائم الشورى والديمقراطية التي لا تحابي مع غيره أحداً ولا تعطي الكرسي إلاّ له سرمداً ولا يمكن أن تكون خلاف ذلك أبداً ، ديمقراطية تجعل من النقابات والاتحادات وكافة منظمات المجتمع المدني ملكية خاصة لا يجوز التطاول عليها أو المساس بها ومن يحاول في ذلك فلا يلومنّ إلاّ نفسه ومن أنذر فقد أعذر .

 إنه الوحدوي إلى حد العبث بالوحدة وتشويه سمعتها وتعطيل مسارها ويده ممدودة على الدوام لمصافحة كل من لديه الرغبة في الحصول على شعرة من ذيل حصانه المسعور بشرط الوقوف خلف الحصان بصورة مستمرة حتى ولو كان في وقت مخاض الولادة والتبوُّل .

 إنه المتسامح إلى حد التفريط بحياة الشعب في سبيل الاستمرار والديمومة على منهج الفساد والإفساد وهبر الفلوس والمناصب والفلل والسيارات ، بما حباه الله من وسائل الدعاية والإعلان لهذا العملاق المستأسد على حساب السواد الأعظم من الناس .

 تخيلوا كيف أصبحت البلد في ظل هذه الإمكانيات الهائلة من الثروات الوطنية تحت قيادته (الحكيمة) التي لا تمتلك من مقومات الدولة سواء فن الدعاية والتحريض والدجل والتضليل وقلب الحقائق وتزييف الوعي الجماهيري .

 هناك محافظة (ستين في المائة) من سكانها فقراء ولأن من أبنائها مسئولين كبار يحاول إسكاتهم ببعض المناصب التي لا تسمن ولا تغني من جوع في ظل هيمنة كبار المتنفذين على مقاليد الأمور ، ولهم الفخر بأن تظل هذه المحافظة تحت أقدام المتنفذين ينهبون خيراتها ويزرعون الفتن والأحقاد بين أبنائها .

 هذه المحافظة كانت ضمن جغرافية دولة يحكمها النظام والقانون ، فأمرت بالتحقيق في قضية مقتل إمراءة وبعد أن ثبتت الجريمة تم تنفيذ حكم الإعدام في أثنين من أقاربها لهذا السبب ، دولة أمرت بقطع يد أحد أفراد جيشها لأنه سرق ((تنكه سمن)) ، ولهذه الأسباب ظلت الناس تتذكر هذه الدولة ويحنّون عليها حتى تذكروا مآسيهم مع بعضهم البعض فأقبلوا متسامحين متصافحين ، لعلهم يجدون من يعينهم على تجاوز محنهم التي تراكمت على ظهورهم ولم يزدها مرور الوقت إلاّ عبئاّ ومشقة ،في ظل دولتهم الحالية الموثقة في الأدراج ويملك مفاتيحها من لا يهتم بشعبها وينظم شؤونه وفق أسس عصرية تجعل من الدولة سلطة عادلة تنصف المظلوم من الظالم وتعين على نوائب الحق .

 هذه الدولة التي يحكمها حزب ارتفعت عقيرته واشتد غضبه عند ما سمع بمهرجان التصالح والتسامح بين أبناء الشعب وأعدّ لهم ما استطاع من قوة ومن استطبلات الخيول وحشدها لمنع التسامح والتصالح وأصدر البيانات المنددة بذلك ، ولسان حاله يقول ((نرفض التصالح والتسامح القائم اليوم رفضاً قاطعاً كونه مسيّّس ولا بد أن يكون التصالح والتسامح تحت رعاية الدولة حتى تحصل اسر الشهداء والمفقودين ومن تضرروا على كافة حقوقهم المادية والمعنوية وعندها يعتبر ذلك تصالحاً وتسامحاً حقيقياً)) .

 ونحن نتساءل أين دور الدولة ولماذا تظل غائبة عن دعوة الناس للتسامح والتصالح ونبذ الفرقة والشحناء ، ولماذا هذا الغضب على الطالبين للتسامح الذي غيبته حكومة المؤتمر الموقرة ثم واجهته بالرصاص ومسيلات الدموع عند ما بادر إليه الراغبين فيه ، وأسئلة كثيرة تطرح أمام حكومة المؤتمر تنتظر الرد عليها ممن يقتلون المطالبين بحقوقهم المسلوبة القادمين تحت راية التصالح والتسامح .

 ولا غرابة في الأمر فالمؤتمر الشعبي العام يتكسب كل من يقوم بخدمة أهدافه ورعاية مصالحه ويدفع لهم كل غالي ورخيص من قوت الشعب لكي يضمن مثل هذه الأصوات الرافضة لكل قيم التسامح التي لا تتواكب مع مسار الفاسدين والمفسدين .. وهل تعلمون أن قائل هذه الكلمات قد تم تكريمه على هذا العمل الجبار حيث حصل على منصب (وكيل محافظة) بعيد تصريحه بها وهذا يدعم كل ما أشرنا إليه في سياق الموضوع وللقراء الحكم بما يناسب المقام ..          


في الإثنين 21 إبريل-نيسان 2008 09:46:11 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=3632