العربية وأخواتها .. تجاوزاتها وآفاتها
احمد الحمزي
احمد الحمزي

قناة العربية التي تعتبر نفسها منبر لدول ما يسمى بدول الاعتدال حسب التسمية الصهيونية الأمريكية ، ليس لها من العربية إلا اسمها .

 هذه القناة التي تدعو إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني بدون حتى ثمن بدعوى التعايش السلمي والاعتدال ، تطبيع مع كيان يقتل ويشرد ويهجر ويهدم ويسلب وينهب بشكل يومي لإخواننا الفلسطينيين.

هذه القناة التي تجاهلت ذكرى النكبة الأليمة ذكرى الهزيمة المروعة للجيوش العربية وتحيي بالمقابل حملة شعواء تسعى من خلالها لتوسيع الهوة بين الفرقاء اللبنانيين.

العربية بلا شك من خلال أسلوبها هذا هي تدعي إلى الطائفية والمذهبية وتسعى لتعزيز خلاف اللبنانيين على أساس مذهبي وطائفي .

من يتابع مجريات الأحداث وخاصة ما يجري في لبنان من خلال هذه القناة يتبادر على ذهنه سؤال هل هذه القناة قناة إخبارية مستقلة ومحايدة ؟ هل تسعى لخدمة المواطن العربي وغيره من خلال تغطيتها للإحداث بأمانة ومصداقية؟ أم هل هذه القناة قناة لبنانية محسوبة على جبهة معينة في لبنان بل فاقت في انحيازها تلك القنوات الخاصة للفئات اللبنانية.

بل من خلال دورها في تغطية الصراع اللبناني اللبناني وتغطيتها لتلك الأحداث المؤلمة التي تجاوزها اللبنانيون بلغة الحوار ولبنان أولا ، ذهبت إلى ابعد من التبعية، حيث ذهبت إلى زرع الفتنة وصب الزيت على نار الحرب الأهلية، وكان دورها للأسف الشديد شبيها بدورها السلبي أثناء تغطيتها للعدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان.

وأنا هنا لا أتحدث بلهجة طائفية ولا أحب هذا التوجه الذي لا يرضاه الله ولا رسوله ، وعندما أتحدث عن حزب الله أتحدث عنه كمجموعة وفصيل عربي مقاوم ، أتحدث عما صنعه من انتصار عجزت عن صنعة حكومات حيث هزم الجيش الذي قيل انه لا يقهر وألحق به وبمن وراءه هزيمة نكراء جعلته يعيد حساباته في المنطقة العربية ، وجعلته يتخلى عن فكرته الشرق الأوسط الكبير ، مع أن لحزب الله أخطاء وهفوات كان ينبغي أن يترفع عنها لكن هذا لا يمنع من شهادة حق أقولها .

ولم تكن قناة العربية إلا بوق يروج من خلاله لفكرة الشرق الأوسط الجديد آنذاك ، الشرق الأوسط الذي حلمت به أميركا وإسرائيل ودول الاعتدال بأنه سيولد في لبنان ، وان ذلك العدوان الإسرائيلي الذي أتى بدعم أمريكي وتشجيع من قبل بعض الدول العربية ومن يدور في فلكهم ما هو إلا مخاض للشرق الأوسط الذي وعدتهم به أميركا .

 وقد وضعت تلك الحرب مولودا جديدا اسمه الشرق الأوسط العصي على أعداءه والمقاوم للمحتلين والرافض للهيمنة والاستعمار الذي تعودت عليه أميركا وحلفاءها ،شرق أوسط كبير في عروبته ومقاومته شرق أوسط خلاف شرقهم .

قناة العربية للأسف الشديد لم تكن يوما منبرا صادقا وعادلا في توجهها ، ولم تكن وسيلة توعية عروبية بقدر ما هي مروجه لأفكار وسياسات وتوجهات تريد أن ترسخها وتنقلها وكأنها مذهب يريد أن يرسخ أفكار ومعتقدات كل ما سواها خاطئ.

لو نظرنا إلى تغطيتها لما يدور في العراق وما يدور في فلسطين سنجد أنها لا تنقل الخبر كخبر ولكنها تنقله بشكل مسيس ويخدم توجه معين على حساب الحقيقة التي كان من المفترض أنها تكون هي الغاية الأولى لها كوسيلة إعلامية.

وصل بها الحال إلى الإيحاء للمشاهد والمتابع لها بان إسرائيل هي الصديق الأقرب الذي ينبغي أن نوده ونهادنه على حساب أرضنا المغتصبة ومقدساتنا التي يسعى هذا العدو الغاشم إلى تدنيسها ، وصل بها ذلك لدرجة أنها تصور للجميع أن إسرائيل هي الصديق ويجب أن تكون معها المبادرات السلمية وإيران هي العدو الأكبر الذي يجب أن يحارب، إيران لا ننكر أنها دولة خطيرة ولها أهداف وإستراتيجية لا تقل خطورة عن أهداف وإستراتيجية أميركا وإسرائيل .

 لكن ألان نحن لنا عدو يحتل أرضنا ويمارس ضد أبناء جلدتنا وإخواننا في فلسطين والعراق وأفغانستان أبشع أنواع الجرائم والمعاملة الغير إنسانية ، عدو يجب أن نواجهه بكل طاقاتنا بكل الوسائل المتاحة ، ومن أهم هذه الوسائل الإعلام الذي أصبح الوسيلة الأهم في عصرنا .

ولأهمية هذه النقطة أريد أن أضيف أن إيران دولة لها مشروع وأهداف تسعى لتحقيقها ومصصمه عليه بينما نحن العرب لا نملك أي إستراتيجية ولا أهداف ولا مشروع ، نحن العرب نجيد الصراخ من ما يخطط له الآخرين ولا نواجه هذه المشاريع التي تستهدفنا سواء من أميركا وإسرائيل أو من إيران لا نواجهها إلا بالصراخ والعويل والشكاوى فقط .

وفي الخلاف الفلسطيني الفلسطيني تعتبر قناة العربية أداة تحريضية تؤجج وتوسع الخلاف بين الأطراف الفلسطينية خاصة في تغطيتها للإحداث التي حصلت في غزة حينها ، وفي الوقت الذي أبدت فيه الأطراف الفلسطينية تفهما تجاه بعضها البعض ، وجنحت إلى الحوار إذ بهذه القناة تعيد الأمور إلى بدايتها بما تسميه انقلاب في غزة .

تحولت هذه القناة للأسف الشديد من وسيلة إعلامية إلى مدرسة تريد ان تربي وتخرج جيل على توجه معين على حساب توجهات أخرى وقيم أخرى.

قناة العربية هي النموذج لحالة المواجهة الحالية في العالم العربي والإسلامي اتخذت من شعار بوش أثناء غزوه لأفغانستان والعراق من لم يكن معنا فهو وموافق لنا في كل ما نفعله فهو عدو ، وللتوضيح أكثر قناة العربية تعتبر من يعتبر أميركا وإسرائيل عدو ومحتل ومغتصب تعتبره هذه القناة إرهابيا وعدوا للأمة وللعالم ، وفي المقابل قناة العربية تعتبر كل من يؤيد المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق ومن يدعمها ويتعاطف معها تعتبره حسب تصنيفها تعتبره مساندا للإرهاب والتشدد الأعمى .

ولتكون الأمور أكثر إيضاحا العربية تعتبر من يرفض الاحتلال وممارساته ومن يؤيد حماس وحزب الله والمقاومة في العراق تعتبره عدو للسلام حسب التصنيف الأمريكي الذي تنتهجه العربية للأسف الشديد ، وكذلك تعتبر من يدعو للتطبيع مع الاحتلال ويتنازل عن حقوق الأمة ويتخلى عن مبادئه وقيمة الإسلامية والعربية تعتبره المثل الأعلى في الاعتدال .

هذا في الجانب السياسي وأما الجانب الاجتماعي فحدث ولا حرج ،خرجت عن نطاق الواقع وخرجت عن القيم التي من المفترض أنها تنشر القيم والأخلاق الحميدة كونها وسيلة إعلامية إخبارية لكنها وكما يقال شبت عن الطوق.

وخير ما وجدته في هذا الجانب ما نشره موقع "مأرب برس" حول العربية وأخواتها في خروقاتهم للمبادئ الدينية والأخلاقية وبإمكان القارئ أن يرجع إليه للمزيد من الاطلاع ،.


في الإثنين 23 يونيو-حزيران 2008 08:55:40 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=3873