اليمن: شهادة دولية في الفساد !

    *ناجي جميل  

بعد  قرار البنك الدولي تخفيض معوناته لليمن بنسبة 34% بسبب تدني التنمية وزيادة الفساد في 11 ـ 12 ـ 2005 وتوقع البنك ان تحذو الدول المانحة حذوه لا يمكن لأي سلطة تحترم نفسها وشعبها وتحرص علي سمعتها الدولية ان تسكت ولا ترد اذا كانت بريئة من الإتهام العلني الثاني للبنك الدولي. السلطة اليمنية ظلت تنكر وجود فساد وتطالب من يتحدث عنه بان يبرهن علي وجوده. هذه السلطة هي نفسها التي تستثمر في الفساد لكسب الولاء الأعمي لكبار موظفي الدولة الذين اصبحوا اكثر ثراء بفعل الفساد. في فبراير من هذا العام وفي مدينة عدن وليس في واق الواق حذر رئيس البنك الدولي انذاك جيمس ولفنسون بان الفساد مستشري في اليمن وان علي السلطة محاربته اذا رغبت في تحقيق ازدهار اقتصادي لأنه لا يوجد مجتمع مزدهر في ظل وجود الفساد. السلطة لسوء حظ اليمنيين تتهرب من مواجهة الحقيقة المعروفة للقاصي والداني وتنكر وجود الفساد وفي حديث لرئيس الوزراء الحالي عندما كان وزيرا للخارجية مع هيئة الإذاعة البريطانية نفي فيه وجود الفساد واتهم الأحزاب المعارضة بما تتهم به السلطة وكأن هذه الأحزاب هي التي تحكم وتهيمن علي موارد الدولة.الرئيس انكر عدة مرات وجود فساد في البلاد وطالب من يتحدث عنه باثباته هذا غير اتهام من يتحدث عن الفساد بانه ضد الجمهورية والوحدة وما يسمي بالثوابت الوطنية التي افرغت من كل معانيها ومضامينها والتي تنتهك ويداس عليها كل يوم من قبل فئة جشعة تجردت حتي من القيم الدينية. من المؤكد ان السيد كرستيان بورتمان نائب رئيس البنك الدولي لم يقل كلامه من فراغ وهو وبنكه ليسا من اعداء الجمهورية والوحدة والمنجزات التلفزيونية. السيد بورتمان وصف الفساد في اليمن بانه محنة ودعا رئيس الحكومة الي جعل مكافحة الفساد اولوية قصوي ولم نسمع عن رئيس الوزراء انه نفي ماسمع لأسباب معروفة ينطبق عليها المثل اياك اعني واسمعي ياجارة. دأبت السلطة علي تقديم مبادرات اصلاحية لكل الدنيا لكنها تنسي بيتها الزجاجي واخر مبادراتها في القمة الإسلامية بمكة المكرمة في هذا الشهر باصلاح منظمة المؤتمر الإسلامي وانشاء اتحاد اسلامي. يا الله اليس الاجدي إصلاح الخراب في وطننا ووحدتنا الحقيقة القاسية هي ان السلطة تدفن رأسها الغارق في الفساد في الرمال كالنعامة سواء بسواء وتظن انها تستطيع مواصلة خداع الشعب والمنظمات الدولية ولكن يظل هناك امل بان تفيق السلطة سريعا وتأخذ الزمام في محاربة الفساد والمحسوبية والقروية والاسرية في كل المجالات وعلي رأسها الأمن والقوات المسلحة. من يريد ان يتناول البيض عليه كسر البيضة. ولا يكفي اطلاقا ان يخدع الشعب بانشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد يديرها اشخاص من نفس الصنف الذين نتبرأ الي الله منهم والذين لايمكنهم البقاء في مناصبهم اذا اظهروا عزما علي القيام بالواجب المناط بهم. ان انشاء محكمة لمحاربة الفساد وجعل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تابعا لمجلس النواب يعطي بصيص امل بان السلطة جادة في استرداد سمعتها ومصداقيتها لدي الشعب ولدي المؤسسات الدولية التي لحسن طالع السلطة اصبحت اقل صبرا من الشعب اليمني.البنك الدولي ابلغ الرئيس شخصيا في واشنطن اثناء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر الماضي بسياسته الجديدة بتخفيض معوناته بنسبة الثلث بسبب تراخي السلطة في محاربة الفساد وتقصيرها في تحقيق نسبة نمو حقيقي. هذا الوضع غير المسبوق في المنطقة العربية كلها وهذه الفضيحة تتطلب شجاعة من قبل ولي الامر للحد من نفوذ اسرته وانسبائه المهيمنين علي القوات المسلحة والامن والموجود منهم اربعة في مجلس الوزراء والذين يقودون محافظات وفي مناصب وكلاء وزارات وفي مكتب رئاسة الجمهورية وفي السفارات وكل المتورطين في نهب المال العام بدون إستثناء. وباديء ذي بدء اري ان من واجب السلطة ان تعتبر مكافحة الفساد مسؤوليتها مع المعارضة وكل القوي الفاعلة في المجتمع وكان من واجبها ان تستقبل مشروع احزاب اللقاء المشترك للاصلاح السياسي والوطني بصدر رحب يجسد مسؤوليتها الدستورية وكلامها الكثير عن الديمقراطية بان المعارضة هي الوجه الاخر للسلطة وجزءاً منها وانها تؤمن بالتداول السلمي للسلطة ولكن اعلامها شن حملة شرسة وغير متوقعة ضد هذا المشروع الذي صدر في 26 ـ 12 ـ 2005 واعتبرت خيانة وطنية وناتجة عن الاجهاد السياسي والاحباط الناجم عن الابتعاد عن السلطة. دقق اخي القاريء واختي القارئة في هذه اللغة الديمقراطية جدا. ويضيف هذا الاعلام العصبي الاعور بان هذا المشروع يعبر عن اهداف انانية وان الحديث عن الاصلاح وبالاخص حقوق المرأة ليس الا استجابة للمطالب الدولية للمساواة في الارث.وما اشبة الليلة بالبارحة عندما زعم اعداء الجمهورية عام 1962بأن الجمهورية تعني ان مرتك ماعاديش لك وحدك. ويصف هذا الاعلام دعوة احزاب اللقاء المشترك الحد من سلطات الرئيس بانها أي الاحزاب هذه تركز اهتمامها علي اضعاف الرئيس وتقوية برلمان تحركه الفوضي. هذا الإدمان علي الإستبداد عبرت عنه اكثر من صحيفة رسمية وغير رسمية ممولة من قبل اطراف خفية تستأثر بنصيب كبير من المال العام أجمعت علي رفض الإصلاح وعلي التعبير عن تسفيهها للبرلمان المنتخب من قبل الشعب واحد اركان السلطة الدستورية . هنا اقول اما ان نناقش مناقشة موضوعية بعيدة عن التضليل او تشطب السلطة بجرة قلم ما تبقي من هامش ديمقراطي ضيق وتعود الي سيرتها الاولي. الفساد في اليمن واضح وضوح الشمس في كبد السماء ولو لم يكن كذلك ما انبري 16 نائبا لانشاء منظمة برلمانيون ضد الفساد في 9 ـ 12 ـ 2005 وهذه المنظمة بحسب بيانها الذي تجاهله الاعلام الرسمي يقول بان المنظمة ستعمل علي تعزيز قدرة مجلس النواب وتفعيل دوره الرقابي والدفاع عن مصالح الشعب وصون ثرواته في مواجهة الفساد الذي يهدد الثروات الوطنية والملكية العامة والخاصة. ما العيب في هذا؟ منظمة تعمل في اطار الشرعية. لماذا تخاصم وهي بحمد الله لاتنوي لا ظاهرا ولا باطننا التآمر علي المنجزات والمكاسب هي فقط تريد الإضافة الي ما تحقق وتخشي من ان يتسع الخرق علي الراتق وتنضم مؤسسات دولية اخري الي جانب البنك الدولي او دول مانحة لحجب مساعداتها عن اليمن وهذا غير مستبعد لأن اي مانح يريد ان يتأكد ان الشعب اليمني يستفيد مما يقدم من دعم. ان القلق هو ان تعلن هذه الجهات ان اليمن دولة فاشلة تتطلب تدخلا دوليا. نعم هذا غير مستبعد وقد تطلب دول الجوار هذا التدخل لحماية مصالحها الوطنية. هذا الكلام ليس هزلا. اليمنيون عشرون مليون اي تقريبا مثل سكان دول الخليج مجتمعة اغلبهم بائسون يائسون. ولذلك بدلا من ان تظل السلطة تتجاهل مطالبه الاساسية وتتباري في فصاحتها اللغوية التي كانت من قبل تسمي الإصلاح منظومة والأن تسميه مصفوفة حيث لاإصلاح ولا يحزنون واقسم بالله ان هذه هي الحقيقة ولو كانت هناك ادني رغبة للاصلاح لقيل لاحزاب اللقاء المشترك تعالوا نناقش سويا مشروعكم مع مشروع لنا لأننا معنيون كسلطة بالاصلاح اكثر منكم باعتبار مسؤوليتنا الرسمية وطنيا ودوليا ولاننا الذين نلام وننتقد ونحن حسساسون ازاء اي كلام يهين السلطة ويضر بمصالح البلد لكن لا حياة لمن تنادي. مشروع المعارضة الحقة (هناك معارضة مستنسخة وقفت ايضا ضد مشروع الإصــلاح) يتضمن بإيجاز ما يلي: 1 ـ رغبتها في إقامة حوار بناء مع كل المؤمنين بحق اليمن في الاصلاح والتطوير.2 ـ إيجاد توازن بين السلطات الثلاث وضمان الحقوق والحريات وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية وتوفير شروط التبادل السلمي للسلطة كاساس متين للاستقرار السياسي.3 ـ اقامة نظام سياسي برلماني يحقق التكافؤ والتوازن بين السلطة والمسؤولية.4 ـ خضوع الحكومة للمساءلة البرلمانية.5 ـ تحديد مدة البرلما ن باربع سنوات ورئيس الجمهورية بخمس.6 ـ تعزيز دور القضاء في الرقابة علي دستورية القوانين واعمال مختلف المؤسسات والأجهزة الحكومية وانشاء محكمة دستورية عليا. 7 ـ اصلاح النظام الإنتخابي بما يضمن التمثيل العادل لكل ابناء المجتمع والأخذ بنظام القائمة النسبية وضمان حياد اللجنة العليا للإنتخابات.8 ـ إصلاح السلطة المحلية والأخذ باللامركزية بما يكفل توسيع قاعدة المشاركة السياسية.9 ـ توفير الفرص المتكافئة امام كل المواطنين في تولي الوظائف العامة وتحريم الخلط بين حقوق المواطنة والإنتماء السياسي.10 ـ تحريم ممارسة التمييز الحزبي والسلالي والعشائري والمناطقي والمذهبي في تولي الوظائف العامة.11 ـ إزالة السجون غير القانونية ومنع الحبس الإداري واعتبار ذلك جريمة يعاقب مرتكبها.12 ـ بناء القوات المسلحة علي اسس وطنية ترتكز علي الدستور والقانون وتوحيد مراكز القيادة والتوجيه في القوات المسلحة والأمن وتحريم الإنتماء الحزبي ومنع سياسة التمييز في الحقوق والواجبات بين افراد ووحدات الجيش والأمن وسن التشريعات التي تكفل خضوع التعيينات وكافة الترقيات لقاعدة الكفاءة والأقدمية وتبعية القوت وكافة الأجهزة الأمنية لمجلس الوزراء في كافة الشؤون.13 ـ إصلاح وزارة الداخلية واجهزة الشرطة والأمن.14 ـ إزالة الأثار السلبية للصراعات والحروب السابقة (1978 ـ 1994) وإيقاف الممارسات الضارة بالوحدة اليمنية وتحقيق مصالحة وطنية تعزز الوحدة الوطنية.15 ـ تحريم قيام رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس الوزراء ونوابه والوزراء ومن في حكمهم اثناء تحملهم المسؤولية من مزاولة اي عمل تجاري او مالي او صناعي الي آخر الفقرة السابعة من الصفحة العاشرة من المشروع.16 ـ إصدار او تعديل القوانين التالية:ـ قانون مكافحة الفساد.ـ قانون الذمة المالية.ـ القانون الإداري ـ قانون الشفافية وتحرير المعلومات ـ قانون التأمينات الصحية والضمان الإجتماعي ـ قانون الخدمة المدنية ـ قانون الخدمة في القوات المسلحة ـ قانون المناقصات والمزايدات.17 ـ تبني سياسة اقتصادية محفزة لنمو إقتصادي قابل للإستمرار مقترن بتنمية بشرية حقيقية وتحقيق هدف العدالة الإجتماعية بأبعادها الإنسانية.18 ـ ضمان الإستقلال الكامل للبنك المركزي والرقابة علي الجهاز المصرفي لتحقيق مهمته في استقرار الأسعار وكبح جماح التضخم واستقرار العملة وتعزيز النمو الإقتصادي. 19 ـ ضمان عدم تخلي الدولة عن وظائفها الإجتماعية في التعليم والصحة والثقافة. 20 ـ النهوض بالمرأة وتعزيز مكانتها ودورها في المجتمع وتمكينها من ممارسة كافة حقوقها الدستوريــة والقانونية والمشاركة في الحياة العامة.21 ـ دمج المهمشين (الأخدام ـ الحلاقين ـ الجزارين ـ الحجامين الكلمات التي بين القوسين اضافها كاتب المقال للتوضيح) في المجتمع وتمكينهم من ممارسة حقوقهم السياسية والإجتماعية. هذه بعض النقاط الرئيسية لمشروع الإصلاح التي لا تستوجب الرد الغاضب والرافض لها من قبل السلطة ونتمني ان تتمكن القدس العربي القاريء من نشر المشروع ليكون هو الحكم. إن اوضاع اليمن في غاية الخطورة وازماته تتفاقم وليس من مصلحته ومصلحة النظام ان يمارس مبدأ الإعتراض علي كل رأي يأتي من المعارضة. اليس من واجبنا ان نشيد بالتغيير الكبير الذي حدث في حزب الإصلاح وأليس من حقنا ان نتساءل لماذا يرفض الحزب الحاكم الإصلاح؟ هل الجمود من سمات السلطة التي تخشي الإصلاح؟ بعد قرار البنك الدولي الكرة الأن في ملعبها.

 ہ محلل سياسي من اليمن


في الثلاثاء 20 ديسمبر-كانون الأول 2005 05:02:51 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=42