تغير الأقدار ..!
حسناء محمد
حسناء محمد
 

تقبل الله صيامكم وقيامكم وصالح أعمالكم ..

تخيلوا معي أن أحدهم قد تحطم به قاربه وبقيت له أحد أخاشبه فتمسك بها وهو يعلم أنها لا تكفي لأن تنقذه , ولكنه أنس بها, بل وشعر بعد ساعة والموج يتقاذفه من كل مكان أنهما قد ارتبط بهما نفس المصير, وأنها تكابد ما يكابده, ويدور في نفسها هاجسه, وتعبث بها الظنون , مرة تريها النجاة قاب قوسين فتفرح وتستبشر, ومرة تريها ظلمات الهلاك التي تحيط بها فتسود عيناها ..!

وحين ينهكه التعب وتخور قواه, يرمي بما يستطيع من جسده عليها فتميل به ولكنها تحمله وإن كانت مثله تصارع نفس القدر..!

وهو في حاله تلك همس لها بعد أن تقطعت به السبل, قال: أتعلمين كنت مرة في جانب من البر أوقد نارا من أغصان شجر أحتمي بها من البرد الذي تسلل إلى فؤادي, ومن تلك الوحشة التي اعترتني تلك الليلة, ثم ضحك ما أعجب ما أنا فيه , فقد كنت ألقي بك لنار والآن أتمسك بك طوق نجاة

سبحان الله كيف تتبدل الأحوال ونظرتنا لكل شيء في لحظة واحدة ..

ومكث وهي هكذا طيلة النهار حتى إذا ظهر غسق الليل, سمع منادي النجاة فأراد أن يتركها فلم يستطع فحملها معه على ثقل ماهو فيه! فقيل اتركها فتردد ثم فعل ..!

ألم يكن قد ارتبط بها إحساسه وواجه معها تلك الآلام والوحدة والخوف والرجاء وشاهد معها سعة السماء والأرض وضيق لحظة العجز ..

كيف وقد شعر بأنها كانت تصغي إليه وتحسّ عليه ..

ونسج معها آماله ..!

بعض الأقدار الغريبة تصنع في النفس ما لا يصنعها غيرها مما اعتيد عليه ومما هو من طبيعة ما يمر ويكتب

إن كل ما يستشعر بعمق ويجول في بحر النفس حتى أخرها هو الذي يصنع ذلك الشعور الذي يتوج اللحظة لتبقى أبد الدهر .


في السبت 26 مايو 2018 01:13:39 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=43700