معالي الوزير والشيطان
سيف الحاضري
سيف الحاضري


في فندق الملوك والأمراء وأصحاب الجلالة والسعادة.. يسكن معالي الوزير.. 
الساعة الرابعة عصراً..
يستيقظ معالي الوزير وينظر إلى ساعة تلفونه الآيفون..
 يركل اللحاف من عليه ويكلّم نفسه.. يا الله لقد تأخرت على موعد الاجتماع لدعم قبائل حجور..
وهو يتمتم بكلمات، يعاتب نفسه، كان الوزير في دقائق على بوابة المصعد..
فتح المصعد بوابته ليدخل مرتبكاً.. يكمل لَبْس جاكيت بدلته الراقية..
يبدأ المصعد في النزول ولم ينتبه الوزير إلى من كان بداخل المصعد.. 
وصل المصعد الدور الأرضي، فتح الباب.. همَّ الوزير بالخروج، لكنه سمع صوتاً يناديه، معالي الوزير: كيف حالك؟ 
الوزير- وهو يمشي مهرولاً في خطواته، يلتفت خلفه فيرد: وعليك السلام، أعذرني أخي العزيز ليس لدى وقت أريد أن ألحق حضور اجتماعات نناقش فيها كيف ننصر إخواننا في حجور..! 
ترك الوزير ذلك الرجل ولَم يسأل حتى عن اسمه.. 
الوزير- في خُطى مستعجلة- يمسك بالهاتف ويتصل: السلام عليكم، كيفك أخي الحبيب؟ أنا الآن طالع لكم في الدرج.. الأخ النائب موجود؟ 
الطرف الآخر: عفواً معالي الوزير والله إنتوا تأخرتوا خمس دقائق.. الأخ النائب خرج من مقر إقامته متجهاً إلى الأخ الرئيس.. 
الوزير: يا أخي الحبيب أنا كنت الآن خارج من اجتماع.. لم أنَمْ، كنّا نناقش كيف يتم التحرك لدعم حجور.. تصدق يا أخي أنني إلى الآن لم أتناول غدائي.. عموماً بلّغوا الأخ النائب أنني حضرت ورجعت من أمام الجناح من شان أبلغه ماذا تم في اجتماعنا من شان حجور.. 
الطرف الآخر: حاضر.. أبشر معالي الأخ الوزير.. 
أغلق الوزير هاتفة وعاد للخلف متجهاً نحو الجناح الكائن في نفس الفندق الملكي في الدور الرابع.
 يصل الوزير مسرعاً، يطرق الباب، فيخرج عليه جندي من القوات السعودية المكلفين بحماية كبار شخصيات الدولة المغتربة.. 
الجندي: هلا.. من أنت؟ 
الوزير: أنا معالي الوزير. 
الجندي: أهلاً معالي الوزير.. ما عندنا خبر أنك على موعد مع الدكتور رئيس الوزراء، بس لو سمحت دقيقة أسأل المختص. 
الوزير: ما في مشكلة.. بس بسرعة فالوقت يضيع علينا وأنا معي متابعة قضية حصار حجور!
الجندي: اَي ولا يهمك.. دقيقة. 
الوزير: ما يخالف. 
مرت دقيقتان.. 
عاد الجندي.. يفتح الباب قائلاً: العفو معالي الوزير.. تفضل سامحنا وقفناك لأنه ما عندنا خبر.. الأن خبرونا.
الوزير: خير ما في مشكلة. 
دخل الوزير.. استقبلة سكرتير رئيس الحكومة. 
السكرتير: أهلاً معالي الأخ الوزير, تفضلوا دقائق ويخرج الدكتور إليكم.. 
الوزير: يا أخي استعجله.. أنا الآن كنت عند الأخ النائب وجلست معه جلسة مطولة وأقنعته أن يتحرك فوراً للرئيس من أجل أن تتحرك الشرعية لنصرة حجور، والأخ النائب ما قصّر تحرك مباشرة!
فجأة.. يخرج دولة رئيس الوزراء في عجلة من أمره، يمسك يد الوزير ويتجهان نحو الخروج من الجناح.. 
رئيس الحكومة: أهلاً بالأخ الوزير.. قالوا في معك موضوع مهم تعال كلمني واحنا ماشيين معي اجتماع خارج الفندق.. 
الوزير: أيوه، نعم.. أنا حبيت أبلغك أنني كنت عند الأخ النائب وأقنعته أنه لازم يتحرك لفخامة الأخ الرئيس لتحديد موقف من حصار حجور، وقد نقلت له أن زيارتي له كانت بتكليف منك وهو يبلغك تحياته وقد تحّرك مباشرةً نحو الرئيس!!
رئيس الحكومة: أحسنت معالي الأخ الوزير.. هذا موضوع يجب أن يواجهه الأخ النائب وفخامة الرئيس.. 
وصل رئيس الحكومة ومن حوله حاشية الحرس ومرافقوه وسكرتاريته إلى موكب من السيارات الملكية الخاصة.. 
رئيس الحكومة: المعذرة معالي الأخ الوزير.. عندي موعد اجتماع مع سعادة السفير وسمو الأمير. 
الوزير: في أمان الله ورعايته.. بلغهم سلامي. 
يغادر موكب رئيس الحكومة ساحة الفندق الملكي. 
ومعالي الوزير يعود مهرولاً نحو صالة الاستقبال في الفندق الملكي.. 
يمسك الوزير تلفونه ليجري مكالمة: الو السلام عليكم معالي وزير الدفاع..
وزير الدفاع: وعليكم السلام معالي الوزير. 
الوزير : كيف أحوالك معالي وزير الدفاع، إن شاء الله بخير؟ 
وزير الدفاع: الحمد لله على كل حال. تفضّل معالي الوزير؟ أيش تأمر؟ 
الوزير: ما يأمر عليك ظالم. 
وزير الدفاع: هذه مدري.. لكن أيش؟.. تفضل؟
الوزير: شوف يا معالي وزير الدفاع.. أنا اليوم تحركت وعملت لك جولة مكوكية حركت الرئيس ونائبه يجتمعوا من أجل حجور وهم الآن مجتمعين..
 ورحت لرئيس الوزراء وأقنعته أن يتحرك الآن لسعادة السفير والأمير.. لا يمكن أن نترك حجور لحالها، وقلت أبلغك يا معالي وزير الدفاع.
وزير الدفاع: شكراً معالي الأخ الوزير.. ما قصرت.. وأنا سأتابع نتائج الاجتماعات وإن شاء الله يكون خير.. وأنا استأذنك، لن أطيل الكلام.. معي اجتماع في العمليات المشتركة لقيادة التحالف.. 
الوزير: بالتوفيق لا تتأخر أرجوك يا معالي وزير الدفاع أكيد اجتماع مهم جداً! 
أنهى الوزير مكالمته مع وزير الدفاع وهو في وسط صالة الاستقبال للفندق الملكي
ليجد بجواره مدير مكتبه وسكرتيره الخاص وأحد وكلاء وزارته ومسئولين في وزارات أخرى.. 
نظر إليهم الوزير وقال: أهلاً بكم.. الحمد لله.. لو تعلمون ماذا عمل هذا العبد لأجل حجور وأبطال ومقاومة حجور اليوم؟! 
فقال الجميع: خير معالي الأخ الوزير؟ 
الوزير: تعالوا نجلس في الكوفي، ونطلب لنا كابتشينو وقهوة وبعض الحلوى ونتكلم.. 
وخاطب مدير مكتبه: نادي على النادل ليرى ما يريد الأخوة..
جلس الوزير وحضرت الطلبات مما لذ وطاب.. 
وبدأ الوزير يروي لحاشيته ما قام بإنجازه طيلة اليوم..
وكيف أقنع النائب يجتمع بالرئيس من أجل حجور! 
وكيف أقنع رئيس الوزراء أن يطلب الاجتماع بسعادة السفير والأمير!! 
وكيف جعل وزير الدفاع يطلب اجتماعاً طارئاً بقيادة التحالف!!!
أثنى الجميع على الوزير، فزادهم الوزير كرماً بإنزال المزيد من الطلبات والمشروبات.. 
وأثناء استماع الوزير لذلك الثناء، رِن هاتف معاليه..!
وإذا بالمتصل من مكتب نائب الرئيس؟! 
الوزير يطلب من الجميع الصمت، ليجيب الهاتف.
الوزير: نعم.. 
مكتب نائب الرئيس: معالي الأخ الوزير السلام عليكم. 
الوزير : وعليكم السلام. 
مكتب النائب: لحظة معالي الوزير الأخ.. نائب الرئيس يريد يكلمك.. 
الوزير- بهمس لمن حوله- هذا نائب الرئيس! 
مكتب النائب: معالي الوزير كلم.. الأخ النائب معك.. 
نائب الرئيس: أهلاً معالي الوزير، كيف حالك؟ 
الوزير: الحمد لله. 
النائب: قالوا أنك جيت كنت تريدني في موضوع مهم!؟ 
الوزير: نعم سيدي النائب.. كنت أريد أن أبلغك أنني زرت دولة رئيس الوزراء وأقنعته يروح يقابل سعادة السفير والأمير من أجل حجور.. وفوراً اتصل وذهب للقائهم! 
النائب: بارك الله فيك.. أي خدمة؟ 
الوزير: شكراً سيدي النائب.. 
الوزير- بعد أن أغلق تلفونه-: الحمد لله النائب قال الأمور طيبة بخصوص حجور وطلب أقابله بكرة الصباح بدري..
الجميع من حول الوزير يزيدون في الثناء عليه! 
 يرن هاتف الوزير من جديد... 
ينظر الوزير لهاتفه من المتصل، فيطلب من الجميع الصمت.. ويهمس هذا اتصال من مكتب رئيس الوزراء!
الوزير: نعم.. ! 
المتصل: معك سكرتير رئيس الوزراء معالي الوزير، يريد أن يكلمك.. لحظة خليك معي.. 
معالي الوزير يطلب مزيداً من الصمت. 
سكرتير رئيس الوزراء: معالي الوزير كلم رئيس الوزراء؟ 
رئيس الوزراء: السلام عليكم معالي الوزير. 
الوزير: وعليكم السلام.. 
رئيس الوزراء: هل عندك أي خبر حول اجتماع الرئيس ونائبه بخصوص حجور؟! 
معالي الوزير: نعم سيدي.. اتصل بي الأخ نائب الرئيس وأبلغني أن الأمور طيبة وطلب حضورى صباحاً..
رئيس الوزراء: الحمد لله.. كنت أشتي اتصل بالرئيس والنائب حتى أسأل عما عملوا، لكن أنت الآن طمنتني.. بكرة معالي الوزير أول ما تخرج من عند النائب تعال إلى جناحي وسيتم إبلاغ الحرس من الآن السماح بدخولك في اَي وقت..! 
الوزير: تحت أمرك دولة رئيس الوزراء.. 
الوزير يصدر تنهيدة طويلة ويقول: رئيس الوزراء يؤكد أن اجتماعه بسعادة السفير والأمير طيبة بخصوص حجور..
يزداد ثناء الحاضرين للوزير.. وسكرتير الوزير يدوّن كل ما تحدث عنه وكذلك ثناء الحاضرين عليه.. !
السكرتير يهمس في إذن الوزير: الخبر جاهز نرسل لجماعتنا ينشروه؟ 
الوزير: نعم.. نعم لا تتأخر وشِرْ للنتائج المثمرة.. 
السكرتير: حاضر معالي الأخ الوزير.. 
وأثناء الحديث المتبادل بين الوزير والحضور يرن هاتف الوزير من جديد، فيقطع الحديث.. ينظر الوزير لهاتفة فيطلب من الجميع الصمت.. 
الوزير: نعم.. ! 
المتصل: معالي الأخ الوزير.. القات جاهز والشيشة جاهزة وجهزّنا عشاء نص خروف مع مشويات وفواكه وثلاثة أنواع سلطة ومنتظرين لك أنا ومعي الوزراء الاثنين أصحابنا؟؟! 
الوزير: كويس أنك ذكرتني.. قد كنت نسيت هذا الاجتماع المهم.. الآن إليكم، مسافة الطريق.. زيد رسل لي الموقع بالوتس لا عاد أغلط في الطريق!!!
المتصل: الآن.. 
الوزير للحضور من حوله، أعتذر منكم أخواني لديّ اجتماع مهم مع عدد من السفراء بخصوص حجور وتعز والحديدة.. تعرفوا نحن في حرب، بنشتغل ليل نهار في الرياض والمفسبكين يمكنونا حكومة الفنادق؟!!!
غادر الوزير مسرعاً نحو سيارته ومعه سكرتيره الشخصي..
ركب الوزير سيارته الملكية، وبجواره في الخلف سكرتيره الشخصي.. 
أبلغ الوزير السائق مكان الوجهة التي سيذهب إليها..
 انطلق السائق بالسيارة.. 
ساد نوعاً من الصمت داخل السيارة؟ 
فجأًة يسمع الوزير صوتا يناديه.. معالي الأخ الوزير.. 
الوزير يلتف لا يرى أحداً يتكلم!!
تكرر سماعة لصوت يناديه!! 
قال الوزير- في حديثه مع نفسه هل أنا موهم لسماع صوت يناديني أم انه الإرهاق؟ 
سمع نفس الصوت يقول له: 
أنت لست مرهقاً ولا تتوهم.. أنا الشيطان الملازم لك أحدثك.. 
الوزير يتمتم: أعوذ بالله من الشيطان.. 
الشيطان: يا رجل قل أعوذ بالله من الوزير.. أيش عاد بقيت للشيطان جمبك؟؟!! 
الوزير: وأنت مالك؟.. أيش دخلك...؟ 
الشيطان: كيف أيش دخلني..؟ خليتني عاطل عن العمل..
؟!!
انتهى...


في الخميس 07 مارس - آذار 2019 06:43:20 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=44181