مسجد 5 نجوم
زكريا الكمالي
زكريا الكمالي

مارب برس – خاص

وأخيراً، أفتتح الجامع الصالح.. والكلية الصالحة..

شارك في افتتاحه كل رجال الدولة الصالحين، وعلماء ومفكري الأمة العربية والإسلامية الأصلح، وتضرعوا بالدعء للخالق بأن يجعله الله في «بنك» حسنات بانيه، الذي أثبت للعالم بأنه واحد من القادة القلائل الذين «لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله»، وبناء بيوت الله بأرقى التقنيات التي تنافس فخامة فنادق الشيراتون!!

ـ ولإنه ليس كبقية المساجد، التي يتساوى معها فقط في استقبال المصلين خمس مرات في اليوم والليلة، فقد كان الاحتفاء الرسمي به، وبقرب موعد افتتاحه شبيهاً إلى حد كبير بالأعياد الوطنية للثورة، بل أنه فاقها ربما إذا ما استثنينا «العرض العسكري».

ـ ظهرت الصحيفة الأولى في البلاد/ هـ.. يوم الافتتاح، بافتتاحية على صفحتها الأولى باسم «الجامع»، وملحق خاص من 16 صفحة، مكرساً للحدث.

قالت الثورة في افتتاحيتها: «ولقد كان وأن ألقى الاختلاف بظلاله على معالم الجامع الصالح ولم يكن للرحمة مجال وللخير مكان في ماتعرض له من التهجم والسيئ من ردود الأفعال المتشنجة».

ـ ولأنه الصالح، فقد أوفد كافة زعماء وملوك وقادة الدول العربية مندوبين عنهم لحضور الكرنفال، بعد رسائل خطية وشفهية واتصالات هاتفية من «باني نهضة اليمن وباني الجامع» لهم، لطلب المشاركة في الافتتاح.

ـ تحرك رئيس مؤسسة الصالح الخيرية، في أكثر من دولة عربية، موجهاً لقاداتها «دعوات حضور». وصال القاضي الهتار في أكثر من عاصمة عربية، موزعاً على وزراء أوقافها وعلمائها ومفكريها الدعوات التي تتحول في أخبار الوكالة الرسمية إلى رسائل هاااامة تتعلق بالتعاون المشترك بين البلدين، وسبل «إصلاحها» والدفع بها قدماً.. إلى السبعين، حيث الجامع ينتظر.

ـ في ملحق الثورة «المكرس»، قال المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية عبدا لعزيز المقالح، أنه كا «متحفظاً» على قول أي شيء بشأن الجامع منذ لحظة بناءه، وحتى يوم الافتتاح.. بعدها ذهب التحفظ.

المقالح الذي ظهر «مثقفاً صالحاً»، أرجع سبب تحفظه إلى أن صنعاء ليست بحاجة إلى مساجد جُدد، وأن مآذن العاصمة الشاهقة بإمكانها أن تصد السماء لو أنها فكرت بالهبوط، ذات مساء «وهذه لايقولها إلا الأدباء»، لكنه عندما شاهده بعد ذلك بأنه «تحفه» صاغها «الرجال» من أغلى التحف.

كان الأحرى بالمقالح، وهوالأدرى بـ »شعاب صنعاء» و«شُعوبها» ومساجدها التي تنافس البشر، والأعرف بأن المال المهدر على بناء «حرم يمني» كان بامكانه ان يبني مستشفى للسرطان، أو مدينة طبية تحمل اسم الصالح، أو مسرح وطني ـ باعتباره أحد مثقفي البلد العتاد، أو مدينة سياحية، كان الأحرى به بعد كل هذا أن يظل متحفظاً إلى مالا نهاية.

لحظة الافتتاح، ونشر فضائية اليمن لربيورتاج مطول عن «التحفة الإسلامية البديعة» تساءل أحد الأصدقاء:

ماذا لو شاهد المانحين ماجرى ـ لن يأمروا بهدمه بالتأكيد ـ لكنهم سيفتحون أفواههم بمسافة مائة وستة أمتار ـ طول المئذنة الواحدة ـ للضحك علينا.

وماذا سيقول الذي قدموا من كل البلدان بطائرات الأغاثة، والذين تبرعوا بأقساط من راتبهم الحقير لصالح متضرري السيول في المنطقة الشرقية، وهم يشاهدون «النعمة» تصارع الفقر في «الصافية»..

والفقر يصرع الناس في كل المحافظات، جنوباً وشرقاً وغرباً.

***

أتخيل نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية يرأس وفداً رفيعاً يوماً ما إلى مقر البنك الدولي، ليناقش مع مسئوليه امكانية تمويل البنك لمشروع حماية الجامع من الرياح، وعوامل التعرية وكوارث الطبيعة التي قدتها جمه.

ونائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن يبحث في صنعاء امكانية إقامة مشروع لحماية الجامع من «الشحاتين» ولصوص الأحذية.

ووزير الأوقاف يبحث هنا وهناك إمكانية تمويل دولة شقيقة لمشروع «ترجمة فورية» للصلاة التي تقام في الجامع، واستقدام خطباء يتكلمون الحمس اللغات.

أعتقد أن قادم الأيام لن تجعل ذلك خيالاً دائماً بل ستحوله إلى حقيقة والدليل، إعلان وزير الاتصالات طباعة وزارته لطابع بريدي يحمل صورة الجامع!!

نسأل الله الهداية، ووفقنا الله وأياكم إلى مافيه، «صالح» الأعمال، والمساجد.

alkamaliz @hotmail.com


في الأحد 23 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 08:53:40 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=4474