المسئول البوانثروبي
محمد حسين الرخمي
محمد حسين الرخمي
 

هل سمعتم من قبل بمرض بوانثروبي Boanthropy الذي يجعل المصاب يتوهم بأنه بقرة ناضجة مكتملة الأركان، أجارنا الله وإياكم من هكذا أمراض!

يقول المختصون بان هذا المرض الغريب ينشأ نتيجة اضطراب نفسي يصيب الشخص، يبدأ معه في صورة حلم ثم يتطور إلى هلاوس سمعية وبصرية يتأثر بها مخه وتنعكس على جسمه وعضلاته، إلى أن يصبح واقعاً يتيقن المريض معه أنه ليس من بني البشر ويذهب للعيش مع الأبقار، وقد يأكل العشب مثلها ويصدر أصواتها إذا تفاقمت حالته ولم يتم اكتشافها وعلاجها مبكرا.

إلى هنا والأمر عادي جدا ومقدور عليه، فالشخص المُصاب عافانا الله وإياكم، يذهب في النهاية ليعيش مع الكائنات التي يتوهم أنها الأقرب إلى نفسه والتي يأنس بقربها، فتنحصر المشكلة فيه وفي أقاربه وأفراد أسرته، كان الله في عونهم.

ولكن.. ماذا لو كان هذا المريض أحد المسئولين النافذين في بلدك، وأصابه البونثروبي هذا بجميع أعراضه وتحولاته، عدا حكاية الذهاب للعيش مع الأبقار، فقرر بدلا من ذلك أن يجلب الأبقار إلي جواره لتكتمل القصة!

هنا سيكون فيروس كورونا لا شيء يذكر، أمام ما سيصيب الناس من هذا المسئول البقرة. فكورونا في أخطر تجلياته يحتاج إلى وسيط وعائل وفترة زمنية لكي ينتقل ويؤذي من حوله، بينما صاحبنا هذا لا يحتاج إلى كل ذلك الجهد، وباستطاعته أن يمارس آذاه ويوصل شروره إلى جميع من حوله بمختلف الطرق التي لا يحلم الكورونا بها!

- وإذا كنا جميعا نعلم بان المسئوليات والتعيينات الرسمية لدينا، وحتى من قبل أن نعرف بهذا المرض، كانت في الغالب لا تصل سوى الأبقار من أبناء الشعب، ونادرا ما تطال كائنات أخرى، فتخيلوا عندما تجتمع لدى المسئول عقلية البقر ولكن من مصدرين مختلفين، مصدر أصيل جاء به من بيت والده قبل أن يتم تعيينه، ومصدر مكتسب أصيب به من هذا المرض سيئ الذكر.

- ورغم كل ما يقوله الهنود عن فلسفتهم في عبادة الأبقار، إلا أنني اعتقد والله أعلم أنها جاءت نتيجة تقديس حاكم مُستبد في أحد الأزمنة الغابرة، أصيب بالبوانثروبي فأجبر الناس على عبادته والسجود له، وتوارث الناس في الهند ذلك ولكن بعد أن أسقطوا تلك القداسة على البقرة نفسها وجعلوا منها إله يعبد بعد أن رأوها أحق بالعبادة مقارنة بذلك الحاكم الفاسد وذويه.

وبالطبع ليس الهنود فقط من لديهم علاقة خاصة مع الأبقار، بل الكثير من الشعوب لها علاقتها أيضا مع تلك الأبقار التي تحكمها وتسيطر على رقابها، وإن اختلفت نوعية هذه العلاقة من شعب لآخر، إلا أن الاستسلام والخضوع من طرف واحد هي السائدة للأسف في أغلب هذه العلاقات!

ولذلك اقترح على منظمة الصحة كما شكلت لوبي عالمي لمواجهة وباء الكورونا وسخرت إمكانياتها ونفوذها في محاولة القضاء عليه، أقترح أن تعد العدة لتحرك مماثل يخدم صحة وحياة البشرية أيضا، وهو التحذير من داء البونثروبي المدمر وتنبيه العالم إلى خطورة المصابين به، خصوصا إذا علمنا أن تأثيراته على حياة الناس قد تكون أكبر وأدهى مقارنة بفيروس كورونا الذي بكل جبروته لم يتمكن في بلد كبير كالهند -على سبيل المثال- من القضاء إلا على عدة مئات من المواطنين وبعد جهد جهيد، بينما استطاعت الشرطة الهندية التي يقودها البونثروبي واخوانه من القضاء على آلاف الأشخاص وبمنتهى البساطة دون أن يلتفت إليهم أحد.. والله يستر !

   
في الأربعاء 06 مايو 2020 11:03:45 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=44907