ورحل نجم آخر من أسرة شيخنا العمراني
محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمراني
 

ربى شيخنا العلامة القاضي محمد بن إسماعيل العمراني أولاده على الحرية ولذا فقد أختار بعضهم كالدكتور عبد الرحمن ــ رحمة الله تغشاه ـ وكذلك الدكتور عبد الغني العمل الأكاديمي ، فيما أختار عبد الوهاب وعبد الرزاق العمل الدبلوماسي ، وأختار عبد الملك العمل التجاري.

ولكنهم جميعا أخذوا من شيخنا حسن الخلق والتدين الفطري والبعد عن التعصب والانتماء الحزبي ، والثقافة الواسعة والتأليف والروح المرحة المحبة للحياة . رحم الله من توفي منهم وحفظ الله من بقي.

في 1 آذار مارس 2021م توفي الدكتور عبد الرحمن العمراني ، الأكاديمي بجامعة صنعاء والشاعر والناقد القائل :

عن بلادي كم تغربت طويلا

ولها عدت غريبا ودخيلا

صهرتني غربتي في أمتي

فامتزجنا سوءَ حظٍّ وميولا

رحلتي رحلتُها في بحثنا

عن غداةٍ مثلنا تهوى الرحيلا

حدثت وفاته ــ رحمة الله تغشاه ــ في حياة شيخنا العمراني الذي غادر دنيانا بعد أربعة أشهر من وفاة الدكتور عبد الرحمن حيث توفي في 12 يوليو 2021م الموافق 2 / 12 / 1442هجرية .

قبل يومين رحل نجم آخر من أسرة شيخنا العمراني ، الدبلوماسي والكاتب والإنسان السفير عبد الوهاب العمراني ـ رحمة الله تغشاه ـ وقد صدمت بوفاته فقد كنت أتواصل معه بشكل شبه يومي ولم ينقطع تواصله معي إلا منذ أيام قليلة حين اشتد مرضه.

 

عبد الوهاب العمراني فضلا عن كونه دبلوماسي معروف هو محلل سياسي كتب مئات المقالات بمصداقية ورؤية ثاقبة وحس وطني عالي ، وقد أخبرني مؤخراً أنه يعد لإصدار كتابه عن الشأن اليمني . 

 

 ولأنه تنقل كثيرا بين المدن والبلدان بحكم عمله الدبلوماسي فقد حرص على جمع مشاهداته وسجل انطباعاته وحصاد رحلاته الكثيرة منذ 30 عاما في كتابه الشهير " رؤية يمنية في أدب الرحلات " والذي قال عنه الدكتور عبد العزيز المقالح في مقدمة الكتاب " هذا الكتاب أمتعني وأضاف إلى معلوماتي الكثير ، ولغته بديعة وخالية من التكلف والتصنع ، يمكن القارئ متابعته بسلاسة ويسر ، وكلما قطع جزء من الكتاب زاد شوقه إلى استكمال بقية الأجزاء وبوصفي واحدا من أوائل قرائه أتمنى ان يواصل السفير عبد الوهاب العمراني كتاباته عن اسفاره الجديدة بالمستوى الأدبي الراقي وإخلاص الأديب المبدع " .

 

كتب السفير عبد الوهاب العمراني منذ الثمانينات بشكل دائم تحليلات سياسية في الصحف اليمنية والعربية تتناول الأحداث في اليمن والعالم العربي ، ومؤخراً صار ينشر بشكل مستمر في صفحته بالفيسبوك تعليقاته عن الأحداث ومقتطفات من كتابه ورحلاته مدعمة بالصور والوثائق النادرة ، وقد أخبرني أنه ما يزال يتطلع لزيارة بلدان عديدة والكتابة عنها وإصدار كتب جديدة تثري المكتبة اليمنية وتضيف لها الجديد والمفيد .

عمل السفير عبد الوهاب العمراني في البعثة اليمنية في الاتحاد الأوربي وألف كتابا هاماً عن " الاتحاد الأوربي والعلاقات اليمنية الأوربية " ، وهذا الكتاب برأيي متفرداً في بابه ، ويوثق لعلاقات اليمن بالدول الأوربية ، وهو ثمرة لسنوات طويلة من العمل في هذا المجال .

والسفير العمراني عضوا في نقابة الصحفيين العرب وعضو كتاب آسيا وإنسان رائع وخلوق يفرض حبه على كل من يعرفه ويتعامل معه حيث مثل بلده بصدق ، وكان في حياته أيضا سفيرا للثقافة والإبداع اليمني اينما حل وارتحل.

كم حدثني عن مشاهداته وانطباعاته وعن عادات تلك الشعوب وتقاليدها وثقافتها ، وكم تحدثنا في أمور ثقافية وفكرية حتى أنني استفدت من رسائله الصوتية التي كان يرسلها إلي أكثر من بعض الكتب التي قرأتها ، وذلك لأنه كان يعطيني خلاصة تجاربه وخبرته في الحياة.

ما زلت غير مصدق رحيله ، وما زلت لم استوعب حتى الآن أن هذه الابتسامة قد رحلت إلى الأبد .

 

نصيحة : اقرأوا كتبه وخاصة كتابه الرائع " رؤية يمنية في أدب الرحلات " موجود في النت pdf فقد وثق في هذا الكتاب مشاهداته وانطباعاته عن المدن والمناطق والأماكن التي شاهدها في عشرات الرحلات التي قام بها في شتى بقاع العالم ، فهو لا يكتفي بتصوير المعالم الأثرية والمدن والميادين ، وانما يقدم من خلال رحلاته رؤية يمنية رائدة في أدب الرحلات . 

رحمة الله تغشاك أيها الإنسان المبدع وجمعنا الله بك وبشيخنا العمراني في مستقر رحمته . والله المستعان .


في الثلاثاء 21 مايو 2024 04:30:39 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=46967