تكريم مستحق في زمانه ومكانه
عبده بورجي
عبده بورجي

حقاً إنها رسالة إنسانية سامية ذات دلالات ومعان بليغة عنوانها الوفاء والعرفان لكل من أعطوا بتميز وتفوقوا بإبداع في ميادين الفكر والثقافة والأدب والفن.. وهو تقليد رائع ومحمود استنته وزارة الثقافة لنفسها مؤخراً في عهد وزيرها الديناميكي الصديق العزيز الدكتور محمد أبو بكر المفلحي وأقصد به هنا تكريم كل المبدعين من أبناء الوطن الذين كانت لهم إسهاماتهم البارزة وتفوقهم المتألق في تلك الميادين الإبداعية.

وحسناً فعلت الوزارة عندما لم تكتف بما دأبت عليه في الماضي بالاكتفاء بإقامة مثل هذه الاحتفاليات التي تنال التقدير والاعجاب لتكريم بعض الرموز البارزة في تلك الميادين بين حين وآخر في العاصمة صنعاء .. بل بادرت أيضاً بالانتقال بمثل هذه الاحتفاليات التكريمية للمبدعين إلى محافظاتهم وهي لفتة جميلة وموفقة ليس فقط من حيث أنها تذكر ببعض من ظلوا مطمورين في غياهب النسيان أو التقصير أو ربما الإهمال وعدم الوفاء والتقدير .. ولكن أيضاً من حيث تنوع التكريم وشموليته وبحيث اظهرت قوائم الأسماء المكرمة في بعض المحافظات حتى الان بأنها شملت أجيالاً متعاقبة سواء من المبدعين الرواد ممن رحلوا عن دنيانا أو ممن لازالوا أحياء أو أيضاً ذلك الجيل من الشباب الواعد الذي كان له عطاءاته المتميزة في إطار تلك الجسور التي ظلت ممتدة ومتواصلة بين الأجيال..

وهاهي وزارة الثقافة وبالتعاون مع منتدى تهامة الثقافي التابع لجمعية الحديدة الاجتماعية التنموية وقد أقامت احتفاليتها هذه المرة في موطن الشعر والثقافة والأدب والفن.. في تهامة الخير والعطاء والإبداع .. حيث نوارس البحر المحلقة في فضاءات بعيدة مفتوحة وحيث السفن التي تنشر أشرعتها لتبحر نحو شواطئ الإبداع والتألق.. وحيث يعزف الموج الهادر سيمفونيته الرائعة التي تتردد أصداؤها في النفوس البيضاء النقية وفي القلوب الصافية الرقيقة المرهفة والمفعمة بأحاسيس ومشاعر الحب والذوق والجمال والفن.

إنه تكريم مستحق في مكانه وزمانه لمن أبدعوا من أبناء تهامة وكان لهم حضور بديع في الانتاج أو الحفاظ على ذلك التراث التهامي الزاخر بتنوعه والمتفرد بأصالته وتجدده فكراً وثقافة وأدباً وشعراً وفناً وفلكلوراً شعبياً تميز بغناه وروعته.. وهو ما سيعطي حافزاً لكل قادم ومهتم نحو مزيد من العطاء المتألق وفي اتجاه استكشاف آفاق جديدة لخدمة ذلك التراث ليس فقط في لملمة الكثير من شتاته المتبعثر في الخزائن المهجورة أو ذاك الذي لازال مخزوناً في ذاكرة بعض من لازالوا أحياء من كبار السن رجالاً ونساءً. . ولكن أيضاً في ابتكار وسائل جديدة لتطوير ذلك التراث وإظهاره في قوالب فنية مشوقة وجذابة وفي إطار الاستفادة المثلى من تقنيات هذا العصر والمواكبة الواعية لكل ما شهده الوطن والعالم من متغيرات وتطورات شملت كافة مناحي الحياة وآفاق الثقافة والإبداع والفن على وجه الخصوص .

إنها مسؤولية ينبغي عدم التردد في الاضطلاع بها وتوفير الإمكانات اللازمة لها ليس فقط باعتبارها مهمة وطنية بل أيضاً لأنها مسؤولية إنسانية ..

وحيث أن مثل هذا التراث كما هو حال كافة التراث الوطني والقومي والإنساني وفي أي بلد كان يظل ملكاً لكل بني البشر أينما كانوا .. لأنه نتاج إبداعات العقول وتعبير راق عما تجيش به النفوس والافئدة من انفعالات ومشاعر إنسانية في لحظات مختلفة من الفرح والالم والزهو والفخر أو اليأس والخيبة وفي لحظات الانتصار والانكسار.. إنه تخليد لأزمان ومناسبات ووقائع وتفاعلات إنسانية شتى تسجلها الصحائف والاوراق المبعثرة وتحفظها ذاكرة التاريخ والانسان والزمان.. إنه ميراث تظل تتوارثه الأجيال المتعاقبه واحداً تلو آخر..

والشكر موصول لكل من أعطى للإبداع مساحة في دائرة اهتمامه وتفكيره وقناعاته ونهجه .. ولكل من حرص على تجسيد الوفاء عملاً ملموساً لكل من يستحقونه ممن أدركتهم حرفة الادب والفن والثقافة عموماً فأعطوا لها بتألق هفت إليه النفوس ورقصت له القلوب وخلده الوجدان.

وهنيئاً لمن نالهم التكريم من الرموز المبدعين في هذا الجزء الغالي من اليمن الحبيب .. تهامة الإبداع الحاضنة لكل فكر مستنير متسامح وثقافة متجددة شاملة وفن راق أصيل .. إنها حاضرة الاشاعرة حيث العلم والعلماء والشعر والشعراء والحكمة والطيبة والقيم والمعاني الإنسانية الجميلة وحيث الأرق قلوباً والألين أفئدة..

وحيث الخير والحب والذوق والفن


في الأحد 05 إبريل-نيسان 2009 07:06:00 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=5116