وداعا يا عم سالم !!
كاتب/علي الغليسي
كاتب/علي الغليسي
  • الحرب في الميدان توقفت بعد ساعات من احتدامها... غير أن حزن قلبي الكبير يحتاج إلى سنوات طويلة حتى يتوقف ، ليس لأني فقدت عزيزا فحسب .. بل لأن واحدا من أبرز الناشطين في مجال إصلاح ذات البين سقط برصاص طالما نجح في إسكاته بعدد من الحروب القبلية .
  • الساعة تشير إلى الثانية عشر من ظهر يوم الأربعاء 22/ إبريل .. هناك عدد مهول من المكالمات التي لم يرد عليها .. لا وقت لتصفح تلك الأرقام لأن أحدهم ينتظر الرد ليسوق إلي الخبر الصدمة .. أحسن الله عزاءك في الشريف سالم بن سعود .. لم تمنحني عبراتي ودموعي وقتا لسماع التفاصيل التي استمر يسردها لجوالي المرمي على الأرض.
  • لا شأن لي بمناقشة معارك الأغبياء والمتهورين التي تذهب دوما بأرواح الطيبين ـ ليس أبو تركي أولهم ولن يكون آخرهم ـ لدى مجتمع عشق الفوضى والعنف والثأر حد الثمالة.. قتلوك ياعم سالم وأنت الذي تكره القتل ، وحقنت الدماء في أكثر من قتال.. آه ما أصعب الموت بهكذا طريقة!!قاتل الله الجهل كم أوقد فينا حروبا ولعن الله الجاهلية والعصبية العمياء كم خلفت من مآس وقربت من حتوف . 
  • عام ونصف تقريبا من عمر جمعية المستقبل للتنمية والسلم الاجتماعي بمحافظة مأرب التي كان الفقيد رئيسها أثمرت نجاحات كان للمرحوم الدور الأكبر في تحفيزنا لتحقيقها ، وكانت جهوده الجبارة خير دافع لنا لمحاربة الثأر من خلال أنشطة الجمعية المتنوعة ، وقد كان رحمه الله لا يكل ولا يمل ولا يتوانى عن المساهمة في حل المشاكل القبلية وعقد الأصلاح بين قبائل المحافظة ، جعل من إصلاح ذات البين همه الأكبر وشغله الشاغل ولم تنل من عزيمته كثرة العراقيل التي من الصعب أن تصمد معها القناعات وأن يستمر الفرد سائرا في طريق يحيط به الرصاص من كل جانب ، لكنه كان واقفاً كطود أشم وكحالة متفردة كان الصمود عنوانا لها .
  • حملة "إلا التعليم" التي نفذتها الجمعية بهدف الوصول إلى وثيقة قبلية تنص على تهجير دور العلم والمؤسسات التعليمية وإبعاد الطلاب عن المشاكل القبلية وقضايا الثأرات بما يكفل مواصلة تعليمهم في أمان وسلام ، مثلت لديه هاجسا إضافيا دفعه إلى توظيف كل شيء من أجل إنجاح تلك الحملة ، لكنها لم تمنعه من قبول رئاسة لجنة الشيخ الأحمر لإصلاح ذات البين في مأرب والتي استطاع خلال عمله فيها توقيع عدد من الأصلاح بين قبائل متنازعة في المحافظة لمدة عام .
  • آآآآآآآآه ... ما أقسى الموت حين يغيّب علينا أباً ومصلحا اجتماعيا فاضلا كان بالأمس مليئاً بالحيوية والعطاء ، وما أفجع الموت حين يداهم حيوية إنسان كان معنا يشاركنا رحلة التعب والحياة في مطاردة خيط أبيض في أفق أسود نهلك دونه بعد أن صار الشقاء عنوان حياة .
  • (أبو تركي)...كم يؤلمني رحيلك وكم صدمني خبر وفاتك لكن تيقن أنك أكثر حظاً منا لأنك ودعت العذابات والشقاء الذي لم ينقطع وتركتنا (ناقصين واحد)نعيد اقتسام التعب والشقاء دونك وأرجو الله أن تكون قد غادرتنا إلى جوار النبيين والشهداء والصديقين في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
  • (عم سالم) هل صحيح أننا لن نراك بعد اليوم ؟ هل صحيح أنك رحلت عنا إلى غير رجعة ؟!يعني لن تعاتبني مجددا على تأخير خطة أو تقرير ؟!دورات إدارة النزاعات وخطط محاربة الثأر وأنشطة الجمعية ماذا عنها؟؟ ... هل بذرت فينا قيم حب الخير ورسمت لنا أهداف تحقيق السلم الاجتماعي لمجتمعاتنا وكيف يجب أن تكون في مجتمعك فاعلا وخدوما لترحل فجأة بدون وصية يمكن العودة إليها كلما شعرنا بفتور وتوان وكسل,بل ولتكون لنا نورا في هذه الدروب المظلمة.
  •   لم يكن رحيلك خسارة علينا فحسب ‘ ولم يقتصر حبك علينا فقط ، بل هناك (أمة) ترثيك اليوم ، هناك أقطار فيها أحبابك ومحبوك سيبقى ذكرك خالدا فيها بصلح عقدته أو مشكلة ساهمت في حلها فنم قرير العين .. فقد كنت عظيما بحبك للناس وبحب الناس لك.
  • الحزن غير كاف.. والدمع غير مكفوف.. والنعي لا يفي بمثل هذا المصاب الجلل الذي خلف لنا كسراً غير مجبور وكتماً غير مقدور والبوح بحجم المأساة لا يشفي قلوبنا المجروحة لكنها أقدار الله التي تحتاج منّا الرضا والتسيلم والصبر الجميل رحمك الله يا(أبوتركي) وأسكنك فسيح جناته وألهم أهلك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان ، وعوضاً بحجمك نرجوه من الله العلي القدير و"إنا لله وإنا إليه راجعون".. الخلود لذكراك ..ولنا الوفاء من بعدك للقيم التي آمنت بها وناضلت من أجلها ، ولم تتخل عنها حتى النفس الأخير .

 


في الجمعة 24 إبريل-نيسان 2009 09:44:43 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=5193