بعد تزوير الانتخابات ودعم بوش للمعارضة .. ثورة برتقالية في اليمن
كاتب/لطفي شطاره
كاتب/لطفي شطاره

" مأرب برس - خاص "

لم يكن لدي أدنى شك في غباء إعلام الحزب الحاكم " المؤتمر الشعبي العام " في تضليل الرأي العام في الداخل والخارج ، ومحاولة تلميع نظام قائم على الكذب ومصادرة حقوق الآخرين ، حتى أوردت مواقع الحزب الحاكم مقتطف من كلمة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الذي أشاد بالتجربة الديمقراطية في اليمن.. وقال الرئيس بوش خلال لقاءه مع الدكتور أبوبكر القربي وزير الخارجية والمغتربين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة حالياً: "ان الديمقراطية اليمنية رائعة وسندعمها".

الرسالة التي أراد الرئيس الأمريكي أن يوصلها للشعب اليمني عبر وزير الخارجية عكس ما فهمه إعلام " المؤتمر " الذي أعتقد أن هذا التصريح هو دعم للرئيس علي عبد الله صالح وتكريس كذبة فوزه الساحق التي يروج لها إعلام " عسكري متخلف " يدار من داخل دائرة التوجيه السياسي والمعنوي يصدر الأوامر لإغلاق المطابع وحجب المواقع الاليكترونية ويقلب الحقائق ، فبوش أعلن موقف بلاده في هذا التصريح الداعم للحراك الديمقراطي في اليمن ، وتشجيع قوي من قبل الإدارة الأمريكية للمعارضة التي تقودها أحزاب المشترك ، والتي خرجت لمواجهة النظام الذي أغتصب السلطة في اليمن على مدى 28 عام ومازال يصر على احتكارها عبر تزوير إرادة الناخبين .. تصريحات الرئيس الأمريكي رسالة واضحة وقوية للمعارضة في اليمن تتلخص في شيء واحد " بأن موقفكم هذا رائع وسندعمه " ، وتوقيت إعلان هذا التصريح تزامن مع فضيحة التزوير الواضحة التي مارسها حزب الفساد الحاكم ، وجاءت أيضا متطابقة مع الموقف الذي أعلنه الأستاذ محمد قحطان الناطق الرسمي باسم المعارضة الذي التقط أبعاد تصريح الرئيس الأمريكي وهدد بإنزال الشعب إلى الشارع اذا ما أصر الحزب الحاكم على اغتصاب السلطة عبر عملية التزوير الواضحة ، وفرض سياسة الأمر الواقع التي يحاول فرض نتائج غير حقيقية عبر إعلام الدولة الذي يسخره لإرسال أكاذيب للعالم بفوز ساحق للرئيس صالح بعد ساعة من إغلاق مراكز الاقتراع ، وللأسف فقد استعجلت دولا مثل السعودية ومصر والكويت في إرسال التهاني للرئيس علي عبد الله صالح حتى قبل أن تتأكد من سفارات بلادها في صنعاء عن حقيقة الوضع وتقييمه ، وكيف حصد الرئيس هذه النسبة بعد ساعة فقط من انتهاء عملية التصويت ؟ .. وكما أشرت أن اغتصاب السلطة وتزوير إرادة الناخبين وتضليل العالم بما يجري في اليمن اليوم وراؤه إعلام الدولة الذي سخر ويسخر للانقلاب على الإرادة الشعبية والتحولات الديمقراطية التي قصدها الرئيس الأمريكي جورج بوش في كلمته ، واذا ما صحت المعارضة اليمنية في تهديدها ونزلت الى الشارع سلميا " بدون سلاح ولا جنابي " وبطريقة مدنية ومتحضرة فسنسمع تصريحات أمريكية وأوربية تؤكد ما قلته ألان من حقيقة الموقف الأمريكي الذي أفصحت عنه كلمة الرئيس بوش المقتضبة . لا يمكن السكوت على نظام يستخف بإرادة شعب ويكذب على الخارج بنتائج وهمية تلاعب بها مجموعة استمرئت الكذب بعد أن تعودت على التضليل وقلب الحقائق .. وما تواجهه المعارضة اليمنية اليوم يكرر نفس السيناريو الذي جرى في جمهورية أوكرانيا قبل عامين تقريبا ، فالمشاركون في الثورة (البرتقالية) دخلوا الانتخابات وهم يدعون للتخلص من نظام الرئيس ليونيد كوتشما وأتباعه وضمنهم رئيس الحكومة فيكتور ينكوفيتش الفائز بالرئاسة حسب النتائج التي ذكرتها اللجنة الانتخابية المركزية في أوكرانيا حينها . رفضت المعارضة هذه النتائج قبل ظهورها ، حتى إنه كان قبل بداية الجولة الثانية من الانتخابات . كان بعض المراقبين يشيرون إلى أن زعماء المعارضة بدؤوا تحضيراتهم لـ(الثورة البرتقالية) منذ عدة أشهر، إذ أشاروا إلى معلومات لديهم عن احتمال التزوير لنتائج الانتخابات .. وجاءت النتائج وقتها متطابقة مع ما تكهنت به المعارضة الأوكرانية من قيام مغتصبي السلطة بتزوير إرادة الناخبين ، ولهذا لم يكن امام المعارضة الا النزول النزول الى الشوارع وسط الصقيع وهم يحملون الشموع ، ناموا ليال في شوارع العاصمة كييف وتعطلت الحياة بإرادة الشعب وليس بأوامر السلطة ، وجاءت النتيجة في محصلتها الاخيرة بخروج المغتصبين وإعتلاء المنتخبين . وما اشبه الليلة بالبارحة ، وما أروع أن تكون اليمن هي النسخة العربية من أوكرانيا التي نخرها فساد المتسلطين استعاد شعبها زمام السيطرة بعد التخلص منهم سلميا ، وما أجمل أن تكون صنعاء هي كييف العربية لتعطي درسا حقيقيا لإمكانية التغيير السلمي اذا أرتقت السلطة في بلادنا إلى مستوى وعي المعارضة التي مازالت تطالب بحقها وحق الشعب اليمني المسلوب الإرادة والواقف وراؤها لانتزاع حقوقه سلميا وبدون طلقة رصاص واحدة .. لم يعد امام المعارضة اليمنية التي توقعت عملية التزوير قبل مشاركتها في الانتخابات ، وبعد أن أعلن النظام صراحة الانقلاب على الديمقراطية عبر تزويره لنتائج الانتخابات .. وبعد التشنج الذي بدا واضحا على من تبقى من أعضاء اللجنة العليا للانتخابات امام الصحافيين ليلة أمس ، وتضارب المعلومات حول النتائج الأولية ، واستغلال الرئيس وحزبه الحاكم للإعلام للترويج لكذبة فوزه على العالم من خلال عمليات تزوير واضحة ، الا أن تنزل المعارضة الى الشارع وبطريقة سلمية " بدون بندقية ولا جنبية " ويفترشون الطرقات في العاصمة وبقية المدن اليمنية الاخرى ، لإجبار الحاكم على الرضوخ لإرادة الشعب وتسليم السلطة لمن أراده الشعب رئيسا لا من يفرضونه علينا بكذب الإعلام وتزوير الصناديق والترهيب بالعسكر ، فقد ولى عصر البلطجة والترويع بالقوة ، فأنظار العالم تتجه اليوم نحو اليمن لمشاهدة تغيير سلمي وحقيقي للسلطة ، وتصريحات الرئيس الأمريكي واضحة المعنى والتوقيت ، وتؤكد أن واشنطن ستدعم الديمقراطية في اليمن ولم تقل أنها ستدعم الرئيس صالح او حزبه . بعد أن تكشفت نوايا مغتصبي السلطة في بلادنا ، ونواياهم في استعباد شعبا أراد الخلاص عبر صناديق الانتخاب ، فأرادوا إذلاله عبر تزوير مفضوح ، فهل تكون اليمن حقا هي أوكرانيا الشرق الأوسط ؟ وهل تكون صنعاء هي كييف العربية ، وهل تنطلق " ثورة سبتمبرية " أخرى سلمية يعانق المواطن فيها الجندي حتى وأن حرضته السلطة على الاشتباك معه ، اليمن كبير بشعبه الذي يريد الخلاص من نظام كرس الفساد ونشر الجهل والمرض واستعبد الناس بقوة المال والإعلام والعسكر .. فالشمال يئن من الإذلال باسم الدولة والجنوب يحتقن من الاحتلال باسم الوحدة .  

 
في الجمعة 22 سبتمبر-أيلول 2006 04:26:52 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=564