بين عاقر ناقة صالح وعاقر وحدة الصالح
محمد راوح الشيباني
محمد راوح الشيباني

في وطني اليمني الكبير وباتجاهيه الرئيسيين الشمال والجنوب ، هناك فئتان من علية القوم ، إحداهما بيدها كل مقومات وإمكانيات وأسس التحديث والمدنية لبناء وطن ودولة كريمة عزيزة وشامخة بين الأمم ولو في الحد الأدنى قياسا بالمحيط الإقليمي ، وطن بما تحمله الكلمة من معنى اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ، زراعة وصناعة وتجارة ، ونظاما ينتظم الجميع تحت سلطانه كحبات العقد ، ومؤسسات دستورية حقيقية ترى الجميع كما ترى الأم أبنائها سواسية دون استثناء ، دولة فيها الأفضلية للعلم والعلم وحده الذي يؤدي إلى النبوغ والتفوق في شتى المجالات ، العلم وحده لا العرق أو القبيلة والحزب ، وفئة أخرى بيدها كل مقومات وملكات وعلوم وفنون الهدم والنهب والسلب والتخريب والفوضى والحياة خارج العصر والـتـلذذ في الواقع الذي تعيشه لدرجة المفاخرة به كخصوصية تميزها عن غيرها بالبلطجة وتريد نشر ثقافتها وجر الآخرين إليها قسرا وعنفا ، لأن ثقافتها تتيح لها سلب إخوتها حقوقهم وجرهم خلفها لاستجداء الغذاء والدواء والمعيشة من غير خيرات وطنها وكسب يدها ، ورغم وفرة ما بيدها وما يكفيها ويفيض عن حاجتها ، لكنه الحياء عندما يفقد من وجوه الرجال يسلبهم أي شعور بالخجل أو الاعتداد بالكرامة الوطنية والانتماء إلى الدين الإسلامي الحنيف الذي يحث أبنائه على العمل والعفاف والاستغناء عن الآخرين .

كنا أخي الرئيس عندما تحققت الوحدة المباركة ظننا وبعض الظن إثم فادح فعلا ، أننا سننقل تجربة جنوبنا الحبيب في النظام والقانون والإدارة المدنية وقانون المرور والتشاكي والتقاضي والانضباط العسكري الصارم التي ورثها من فترة الاحتلال البريطاني إلى شمال الفؤاد .. لكن وبدلا من ذلك وخصوصا بعد حرب 94م ونتائجها المعروفة وزادها انفراد ((الحصان )) بالعلف لوحده وجدنا أنفسنا ننقل عبث وغثاء وتخلف وفساد الشمال والغرب إلى الجنوب والشرق ليصبح كل الجسد اليمني فاسدا وعليلا وليس هناك ما يلوح في الأفق من أمل يشير إلى الشفاء والبراء من هذا المرض المهلك .. فبرزت مضاعفات المرض في الجسد اليمني ( عاقر الناقة ) ناقة الوحدة (( قدار بن سالف )) في (( أبين )) و(( مسيلمة الكذاب )) في صعدة وما بينهما رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ..

فصار حالنا كأصحاب الجنة الذين (( اقسموا ليصرُمنـها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم )) جميعنا أفسدنا بدون استثناء إلى درجة الأجرام في حق هذا الوطن .. فالسيئة تعم على عكس الحسنة .. نعم الجميع مدان في هذا الوطن ، الذين أجرموا والذين سكتوا عن ذلك الأجرام أو تماهوا وتعايشوا معه رغبا أو رهبا .. ترى هل هي ( لعنة ) الجنتين المذكورة في القرآن الكريم ( فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم ) ثم قال ( ذلك جزاؤهم بما كفروا) فهل لا زالت تطاردنا إلى يوم الدين ؟؟ أم يا ترى هو غضب السماء على الأجداد حين قالوا (( ربنا باعد بين أسفارنا ..! )) لأننا اليوم ندمر كل بقايا القيم والفضيلة في حياتنا ووطننا ومعها نخرب بيـوتـنا بأيدينا وأيدي أعدائنا ، فالذين يرفعون أعلام التشطير وينادون بالانفصال يجب أن يبصق الناس في وجوههم وهذا أقل شيء نفعله معهم ولكن أيضا يجب في نفس الوقت البصق مرتين في وجوه أولئك الفاسدين الذين يدفعون الناس بتسلطهم وهمجيتهم وأعمالهم المتخلفة المستفزة الضارة بالوحدة والوطن ، لأن يكفروا بالثورة والجمهورية والوحدة والوطن أجمعين .. وهم في الشمال أكثر من الجنوب ..

إن كثيرا ممن يتولون المسؤولية الآن في جنوب الفؤاد باسم الحزب الحاكم هم مع الأسف الشديد من أراذل القوم وسفهائه وسقط المتاع في المجتمع بغض النظر عن ألقابهم الجغرافية .. لماذا تم إلغاء العمل بقانون المرور والتأمين الإجباري على السيارات في عدن بدلا من تعميم هذا القانون المفيد جدا للجميع على كافة محافظات الوطن الموحد ؟؟ ولماذا لا يعمم منع حمل السلاح الذي كان سائدا في عدن قبل الوحدة م ومعه ذلك الانضباط العسكري الشديد الصرامة على كافة مدن الوطن ؟؟ ولماذا لا يعمم ذلك التعليم النموذجي والمنهجي الذي كان يميز الجنوب عن الشمال قبل الوحدة على كل الوطن الموحد بعد إعادة الاعتبار لمادة التربية الإسلامية ؟؟ ومعه ذلك التعليم الفني الوسطي المتميز سواء في المعاهد الفنية أو (( إصلاحية المنصورة )) التي كانت إصلاحية بمعنى الكلمة لا ( سجنا ) للتعذيب والقهر وانتهاك أدمية النزلاء فيه والخروج إلى الجريمة الضياع مرة أخرى ..

صحيح انه كانت هناك دورات دم بين الأخوة الأعداء في الحزب الاشتراكي كل أربع أو خمس سنوات ومع ذلك كله كانت هناك دولة بمعنى الكلمة أمام المواطن ؟؟ دولة تحمي الجميع ويشعر بوجودها الجميع رغم كل حالات البؤس وانعدام البضائع في المحلات فقد كانت هناك دولة وكان هناك أمن وهناك محاكم تعتمد زمنا محددا للفصل في قضايا الناس بدون رشوات أو تلاعب بالجلسات ولا قضاة يتصرفون بأمزجتهم ويصدرون الأحكام من دواوين القات في منازلهم حسب العرض والطلب .. المواطن أخي الرئيس في جنوبنا الحبيب جاءت له الوحدة بالبضاعة والأسواق المفتوحة وحرية الحركة والسفر والخير الكثير وهذا نعمة غير مجحودة لكنه فقد الدولة ومعها النظام والقانون والوظيفة التي كان يعيش منها وتكفيه إلى نهاية الشهر والكل متساوون ولو بالفقر فالمساواة في الظلم عدل في بعض الأحيان ..

نعم المواطن يشاهد البضائع بكل ألوان الطيف ولكنه فقد القدرة على الشراء وحتى النظر إليها لأنه فقد الشعور بالأمان من المستقبل وهو يرى تقلبات الأيام أمامه تسحقه يوميا أمام أسرته وتسحق أسرته معه ومعهم كل المستقبل الذي حلموا به في ظل الوحدة ، حين يجد نفسه قدرة وطاقة عاطلة في المنزل وأمامه ابنه وابنته عاطلين عن العمل في سن البذل والعطاء ..نقولها أخي الرئيس أمام أنفسنا وضمائرنا لأنك الأخ الأكبر لكل من في هذا الوطن وعودتنا في لقاءاتنا معك على سعة ورحابة صدرك في سماع النقد الخالي من التجريح والبذاءة والشخصنة .. نعم علينا أن نعيد للوحدة بريقها ورونقها وألقها وجمال الحلم الذي تغنينا به قبل ويوم تحقيقها .. نقولها لك أخي الرئيس لأنك شاركت في صنع وتحقيق هذا الحلم اليماني العظيم فلا تدع ( الأوباش ) يخنقوه ويقتلوه ويضيعوا معه أهم انجاز حققته في حياتك أمام ربك وتاريخك وشعبك ووطنك ودخلت به التاريخ من أشرف الأبواب وأوسعها فلا تخرج بضياعه من أضيقها وأسواها .


في الأربعاء 24 فبراير-شباط 2010 04:31:54 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=6571