الدور الإقليمي القطري نجاحات وملاحظات
محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمراني

في الأسبوع الماضي قامت حرم أمير قطر الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئيس مجلس أمناء مؤسسة صلتك بزيارة بنك الأمل للتمويل الأصغر في العاصمة اليمنية صنعاء.وقد أعجبت حرم أمير قطر بفكرة البنك الذي تلامس إحتياجات الأسر الفقيرة في اليمن خاصة بعد أن تم عرض فيلم وثائقي حول النشاطات والمشاريع التي مولها البنك وما تم إنجازه بالإضافة إلى ما يقوم به من توفير خدمات مالية ميسرة للشباب اليمني بهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأسر ذات الدخل المنخفض والمحدود في اليمن.

وأعلنت الشيخة موزة عن تقديم تبرع شخصي بقيمة 2 مليون دولار لبنك الأمل من أجل تمويل المشاريع الصغيرة وخدمات تطوير أعمال الشباب.

كما وجهت بتفعيل التواصل والشراكة بين مؤسسة صلتك وبنك الأمل من أجل إيجاد المزيد من قروض تمويل المشاريع الصغيرة وخدمات تطوير أعمال الشباب في اليمن من خلال إنشاء صندوق استثمار مشترك لقروض الشباب بقيمة 2 مليون دولار حيث ستقوم كل جهة بتسديد مليون دولار لحساب الصندوق، وسيؤدي هذا الاستثمار إلى تمكين صندوق قروض الشباب من توفير كل خدمات دعم الأعمال التجارية إلى 50,000 من صغار رجال الأعمال اليمنيين وعلى مدى السنوات الثلاث المقبلة التي سوف تخلق ما يقارب 75,000 فرصة عمل أو دعم الشباب في جميع أنحاء اليمن.

جهود قطرية مشكورة

وهذه الجهود القطرية هي محل تقدير كافة أبناء المجتمع اليمني وتأتي ضمن دور قطري إقليمي برز في الآونة الأخيرة حيث أصبحت قطر قوة إقليمية فاعلة وذات تأثير إيجابي في كثير من الأحداث التي تشهدها المنطقة كما نرى في جهودها من أجل إحلال السلام في دارفور وكذلك كسر الحصار عن غزة ودورها السابق في الوساطة بين السلطات اليمنية والحوثيين والتي اثمرت السلام في صعدة في جولات الحرب السابقة. 

كما أننا يجب أن بشيد بدور قطر الرامي لتوحيد الصف العربي وتعزيز مسيرة التضامن المشترك بين الدول العربية لمواجهة ما تتعرض له من تحديات.

نموذج للإعلام الحر

لقد قدمت هذه الدولة انموذجا يحتذى في الإعلام الحر المتمثل بقناة الجزيرة واخواتها والتي نافست أكبر القنوات العلامية وقدمت الرأي الآخر وأصبح المحللين السياسيين يسمون هذا الجيل ب "جيل الجزيرة"وكذلك فإن التعامل الراقي والمسئول مع العديد من الملفات والأزمات بدبلوماسيتها المتزنة والمرنة التي تنتهجها ساهمت في حل أزمات كادت أن تعصف بالمنطقة.

دور قطر في المصالحة السودانية

لقد كان وما يزال لقطر ايضا دور في السلام الشامل في جنوب السودان كما لعبت دورًا مهمًا في قضية دارفور وتحسين العلاقات السودانية التشادية وبين السودان والفصائل الدارفورية المختلفة حتى وصلنا الى المباحثات والمحادثات المشتركة التي تقودها قطر وهي جهود مشتركة ما بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والجامعة العربية ولكن لقطر فيها القدح المعلى ومساهمتها المقدرة والكبيرة حتى توجت بتوقيع الاتفاقية الاطارية بين الحكومة وحركة العدل والمساواة.

التنمية تثمر السلام

لقد أدركت قطر أن السلام لن يحل بدارفور إلا بالتنمية وإعادة الإعمار وفي هذا الصدد أعلن سمو أمير قطر إنشاء "بنك قطر للتنمية في دارفور" برأسمال قدره مليار دولار وتلك خطوة كبيرة في سبيل تحقيق السلام .

وكذلك دور قطر وإسهامها في تخفيف حدة التوتر في منتصف التسعينيات ما بين السودان وارتيريا ودعمها لعملية مصالحة تمت في الدوحة بين الرئيس السوداني عمر البشير والرئيس الاريتري اسياسي افورقي وكان اللقاء الذي جمع الرئيسين في الدوحة قد توج باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد قطيعة دامت سنوات واعادة فتح السفارات في كلا البلدين. ذلك وقتها انجازا كبيرا يحسب للدبلوماسية القطرية التي مضت في جهودها نحو الاسهام في عودة السلام والاستقرار في السودان.

دور قطر في المصالحة اللبنانية

بذلت قطر جهودها الكبيرة والبارزة فيما يتصل بالشأن اللبناني حتى أستطاعت التوصل لإتفاق بين جميع الفصائل وتم تنصيب رئيس الجمهورية بعد فترة من الفراغ الدستوري والذي عجز عن حله الكثيرون ونجحت الدبلوماسية القطرية في فكفكة عقده وحلحلته ، بجانب اهتمامها بعدد من القضايا الاقليمية والعربية التي تشهدها المنطقة؟!

وكذلك دعم قطر الإعلامي والمادي للمقاومة الفلسطينية ودخولها على خط المصالحة الفلسطينية ومحاولاتها الحثيثة والدوؤبة في هذا الإطار .

مؤتمرات وفعاليات

لو قمنا بإحصائية سنوية عن المؤتمرات والندوات والفعاليات التي تقام في الدوحة لوجدنا كما هائلا من هذه النشاطات الثقافية والفكرية التي جعلت من الدوحة مركز إشعاع ثقافي وفكري وهمزة وصل حضاري بين الشرق والغرب ولعل من يتابع قناة "الجزيرة مباشر" التي تعيد بث وقائع بعض هذه الفعاليات قد لاحظ هذا .

وختاماً يجب أن نشيد باعتماد قطر نهج الحوار سواء عبر المؤتمرات ام عبر القنوات الدبلوماسية بين مختلف المجموعات الاقليمية والدولية كوسيلة ناجعة لحل القضايا على المستوى الدولي والاقليمي.

ملاحظات حول الدور الإقليمي القطري

يرى البعض أن الدور القطري الإقليمي يشكل منافسة للدور السعودي في التأثير الإقليمي وهذه وجهة نظر لا أرى أنها صحيحة بدليل إستمرار هذا الدور حتى بعد ذوبان جليد الخلافات بين قطر والمملكة العربية السعودية وعودة المياة إلى مجاريها كما أن الدور القطري دور متفرد ويتجاوز المجال السياسي إلى مجالات ثقافية وفكرية ويركز على الجانب التنموي لحل الأزمات والمشاكل وإحلال السلام وهو ما يعطيه نكهة خاصة ومتفردة كما يرى البعض ان الدور الإقليمي القطري يأتي محملا بغيوم إيرانية وقد يكون هذا صحيحا ولكن العلاقات القطرية الوطيدة مع إيران ليست خارجة عن سرب علاقاتها الوطيدة مع سوريا أو ليبيا أو تركيا وإنما تشكل قطر مع سوريا وليبيا وإيران تحالف الممانعة الداعم للمقاومة وهذا هو سر العلاقة الوطيدة مع إيران وهي علاقات ندية ولم تصل إلى مستوى الذوبان والتماهي وإنما تضل في دائرة التنسيق لما فيه مصالح مشتركة للبلدين ولما فيه خدمة للمقاومة والامة العربية.


في الأحد 23 مايو 2010 09:38:00 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=7173