|
لم يعد خافيا على احد بأن مشكلة الاراضي من أن اصعب المشاكل باليمن وتمثل التحدي الأكبر للحكومة اليمنية ، بل ان كثير من المحللين السياسين يعتبرون مشكلة الأراضي من اكبر المشاكل التي تهدد الأمن القومي اليمني. وذلك لخطورتها على الوضع العام في البلد واقلاق للسكينة العامة.
فالمتابع والملاحظ لهذه الآفة يجد أنه لا تكاد تخلو منها قرية او مديرية او محافظة في اليمن الا وفيها مشكلة ارض ونهب واستيلاء على اموال ناس بغير حق.
لكن الغريب في الامر ان الهوامير الكبار للأراضي هم انفسهم في كل المحافظات وان تعددت الواجهات فالخلفية واحدة .
لكن مايحز في النفس هو وصول هذة الآفة الى مفصل هام من اقتصاديات اليمن...
فالإستثمار هو ماتتغنى الحكومة اليمنية به ليل نهار وتشجيع الاستثمار هو من اساسيات عمل الحكومة اليمنية وأولوياتها وقد اصبحنا نسمع ان هناك شخصيات كبيرة ترعى الاستثمار في اليمن . ولكن للأسف الشديد واقعنا يحكي غير ذلك فالإستثمارات بدأت تتسرب من اليمن واحجام المستثمرين عن الاستثمار في اليمن بدا واضحاً.
قبل فترة قرأت مقالا للشيخ ياسر العواضي عن اراضي الحديدة وكيف ان ارضية احد الهوامير وصل طولها لأكثر من 60 كيلو متر يعني اكبر من احدى دول الخليج ، لم اصب بالذهول بل كنت متوقعا هكذا نهب فلي تاريخ طويل مع الأراضي ومشاكلها وقد خضنا معارك حامية الوطيس في كثير منها لكن ولله الحمد ليس نهبا بل دفاعا عن حقوق منهوبة وأعرف كثيرا عن اساليب هوامير الأراضي واطماعهم.
هذه المشكلة تعودنا عليها نحن كيمنيين فيما بيننا ، ولكن ان تصل الى عصب الحياة الاقتصادية في البلاد دون ان يوقف لها حد فهذه هي المصيبة .
في الاجتماع الاخير الذي عقد بجدة لمجلس رجال العمال السعودي اليمني قدم الجانب السعودي كتابا من اكثر من خمسمائة صفحة ويحوي مئات القضايا لمستثمرين وقعوا ضحايا لهوامير الاراضي في اليمن , الكتاب الذي صدر بعنوان (مشكلة اراضي المستثمرين السعوديين باليمن) ويحوي احكام قضائية وتوجيهات رئاسية وحكومية عليا , ولكن دون جدوى كل هذه الاحكام والأوامر لم تجد طريقها للتنفيذ بسبب قوة الهوامير ومن يقف وارائهم , والحكومة لم تحرك ساكنا لحماية المستثمرين بل ان الهيئة العامة للاستثمار مارست دور المصلح في كثير من القضايا وهذا ماحكاه الكتاب , فالهيئة العامة للاستثمار اصبحت شيخا مصلحا ولم تستطع ممارسة دورها الطبيعي لحماية المستثمرين حيث وهي الجهة المعنية الاولى في هذه القضية .
المستثمرون السعوديون من جانبهم بدءوا باتخاذ خطوات عملية لإسترجاع حقوقهم ولا أحد يلومهم على ذلك
فالخطوة الأولى التي قام بها المستثمرون السعوديون هي تقديم الكتاب وايصاله لأعلى المستويات في اليمن ,
اما الخطوة الثانية التي يزمعون القيام بها هي نشر قضاياهم في وسائل الاعلام المختلفة اذا لم تقم الحكومة اليمنية بما يجب لإنصافهم .
اما الخطوة الثالثة وهي الأهم فهي تقديم مقترح لرئيس الجانب السعودي لمجلس التنسيق السعودي اليمني صاحب السمو الملكي الأمير / سلطان بن عبدالعزيز آل سعود بخصم خسائرهم باليمن من المساعدات السعودية التي تمنح لليمن .
لا أدري كيف ستتصرف الحكومة اليمنية تجاه هذه المقترحات خاصة الأخير منها لأن مايؤلم حكومتنا هو المال , وأعتقد ان رجال الأعمال السعوديين عرفوا العصب الذي يؤلم حكومتنا. فهل ستقوم الحكومة بواجبها في حماية أموال المستثمرين أم انها ستصر على عماها والبقاء في موقف المتفرج حتى تشوه سمعة الإستثمار اليمني؟ وهل ستفرط الحكومة ومسئوليها بالاستثمار في اليمن كما فرطت بالوحدة التي قدمنا فيها دمائنا للحفاظ عليها فأصبح الانفصال قاب قوسين او أدنى فأساس المشكلة الجنوبية من بدايتها الى نهايتها هي نهب الأراضي في المحافظات الجنوبية والتي عجزت الدولة ان توقف اياً من هواميرها , يجب ان لا تنسى حكومتنا أن اكبر المستثمرين باليمن هم السعوديين حيث بلغت اجمالي استثمارات السعوديين باليمن أكثر من خمسمائة مليون دولار توزعت في استثمارات صناعية وسياحية والتفريط فيها خسارة كبيرة للإقتصاد اليمني وتفاقم هذه المشاكل ستؤدي الى احجام رؤوس الأموال عن الاستثمار في اليمن وهو مابدأ واضحا خلال الفترة الأخيرة حيث تراجعت رؤوس الأموال الاستثمارية في اليمن الى النصف مقارنة بالأعوام الماضية بحسب محللين اقتصاديين .
لقد تحولت اليمن من بيئة جاذبة للأستثمار الى بيئة طاردة للإستثمار وذلك بفعل عدة عوامل منها الوضع الأمني المهتري في اليمن ومشاكل الأراضي وحرب صعدة ومشكلة الجنوب ودخول القاعدة على الخط وغياب القضاء العادل وعدم وجود ادارات متخصصة للتعامل مع المستثمرين وتلبية حاجاتهم مما يعني ان الوضع لا يبشر بالخير والمعروف ان رؤوس الأموال جبانة تبحث دائما عن البيئة المثالية الآمنة للإستثمار , فهل من مغيث ؟؟.
في الخميس 15 يوليو-تموز 2010 05:35:28 م