نصر طه : إيران تعبث بأمن اليمن
متابعات
متابعات

  مارب برس - مجلة أكتوبر المصرية

القرصنة غرباً، الحراك والمطالبة بالانفصال جنوباً، تنظيم القاعدة وتمركزها فى المنطقة الوسطى.. والتمرد الحوثى فى الشمال.. أربعة تحديات خطيرة تواجه الدولة اليمنية فى الوقت الحالي وإذا لم تتعامل معها، الدول العربية بجدية معنوياً ومادياً، فسوف تدخل اليمن في صراعات ومخاطر الانشقاق الداخلي.. هى تحديات تتطلب ضرورة خلق قبضة أمنية يمنية قوية ضد أى متمرد أو أصولي يحاول إثارة القلاقل فى القطر اليمنى والتي وإن حدثت فسوف تنعكس بالسلب على المنطقة العربية برمتها.. لكن السيد نصر طه مصطفى نقيب الصحفيين اليمنيين السابق والرئيس الحالي لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ» يرفض التعويل على التحدي الأمني باعتباره أهم ما يواجه اليمن. مشيراً إلى أن التحدي الاقتصادي يحتل صدارة المشهد اليمنى مما يحتم على الدول العربية الدعم المالي لتخطى أزمات التنمية فى مناطق التمرد اليمنية.

نصر يؤكد أيضاً على أن التحدي الأمني لن يسبب خطراً فى حالة عدم التهاون معه والتعامل بشكل جاد مع الخارجين عن الوحدة.. نصر الذي اتسم في حواره مع مجلة «أكتوبر المصرية» بالوضوح والجرأة ولم يتحسس خطى حديثه كما يفضل البعض.. أكد أننا العرب مازلنا نفتقد الجرأة في تناول قضايانا فضلاً عن افتقارنا نسبياً لحرية تناول جميع أزماتنا الداخلية موضحاً أن الحرية التي يقصدها ليست حرية النقد لأنه لو كان كذلك فعلى حد قوله نحن أولى بمجالسة الحكومات من خلال الصحف المعارضة.. ولم يقتصر «نصر» بالحديث عن الإعلام العربى واليمنى بشكل خاص وإنما أيضاً تحدث عن اليمن من الداخل سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً مشدداً أيضاً على أن هناك إجماعاً شعبياً يمنياً واسعاً على استمرار دولة الوحدة وحسم فتنة التمرد الحوثى والتي تؤثر على هيبتها داخلياً وعلى سمعتها خارجياً.. غامق

ملفات كثيرة فتحها نصر مصطفى فى اليمن وخارج اليمن ولم يكن بخيلاً فى تناوله لهذه الملفات الشائكة، وإنما تناولها بروح المثقف الواعي المدرك لخطورة هذه الملفات فى المستقبل إذا لم تتم معالجتها..

* ما هو تقييمك لحرية الإعلام فى اليمن؟

** الحرية فى العالم كله لا يمكن أن تكون مطلقة وعندما يتعدى أحد على الحرية الشخصية لأى مسئول أو شخص لابد من اللجوء للقضاء.. وفى اليمن نعيش – بصدق - على مساحة كبيرة من الحرية ومثلما يحدث في مصر من الصحف المعارضة ضد النظام يحدث في اليمن على نفس المستوى.

* لكن ما حقيقة إغلاق بعض الصحف وحجب المواقع الإلكترونية؟

** هذا طبيعي ويحدث بأحكام قضائية والمتضرر يقوم باللجوء للقضاء. وعندما قامت وزارة الإعلام بإغلاق صحيفة توجه القائمون عليها إلى القضاء واستطاعوا الحصول على حكم قضائي بالعودة إلى الصدور وقامت السلطات بتنفيذ الحكم على الفور.. أما الصحف التى يقال إنها موقوفة فى اليمن فهي ليست موقوفة ولكنها ممتنعة عن الصدور لأسباب قلقها من عملية الحجز الإداري الذي تقوم به وزارة الإعلام بموجب القانون واليوم لا توجد صحيفة يمنية موقوفة رغماً عنها.

* ماذا عن فضائية المعارضة «عدن الحرة»؟

** هذه القناة أنشأها الانفصاليون المتواجدون فى بريطانيا ويديرونها من هناك.. فضلاً عن وجود قناتين يمنيتين في الخارج واحدة حزبية وأخرى مستقلة.

 

* لكن ألا تؤثر في الشارع والإعلام اليمنى؟

** حتى الآن لم نلمس تأثيرا كبيرا ونتمنى صدور قانون الإعلام المسموع والمرئى للسماح بإنشاء قنوات فضائية خاصة فى اليمن.

* ما هو دور وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» فى تنوير المواطن اليمنى ومواجهة التحديات؟

** نحن في الوكالة قمنا بتطوير كبير حيث أنشأنا صحيفة يومية ومركز بحوث معلوماتى يقوم بإصدار أبحاث متميزة ومحايدة تقوم بطرح كثير من القضايا فضلاً عن تقديم خدمات مختلفة للجمهور وتغطية أنشطة أحزاب المعارضة والمجتمع المدني وليس التركيز فقط على النشاط الحكومي.

* وماذا عن اتحاد وكالات الأنباء العربية بصفتك عضواً فى أمانتها العامة؟

** هناك تحديات خطيرة تواجه وكالات الأنباء العربية خاصة على المستوى التنافسي بينها وبين الإعلام الفضائي المتواجد حالياً. وفى الحقيقة بدأت «سبأ» فى مواجهة مثل هذه التحديات حيث لمسنا ذلك منذ فترة وقمنا بتأسيس الكثير من الخدمات الأخرى كتقديم خدمة الترجمة والأخبار على الموبايل.

قضية اليمن

* هل ترى أن الإعلام العربي مُلِّم بالقضايا اليمنية؟

** للأسف من خلال زياراتي المتعددة للدول العربية اتضح لي أن صورة ما يجرى فى اليمن ليست واضحة في الإعلام العربي ولابد من بذل جهود أكبر لتوضيح الحقيقة داخل اليمن.

* لكن أين دور الإعلام اليمنى فى توضيح حقيقة ما يجرى داخل اليمن؟

** الإعلام اليمنى لا يزال قاصراً جداً فى توضيح حقيقة ما يجرى فى اليمن نتيجة قلة الإمكانات والخبرات وضعف التواصل مع باقى وسائل الإعلام العربية.

* والإعلام العربي بشكل عام هل يواجه نفس التحديات؟

** بالإمكانات والخبرات الموجودة مازلنا فى حاجة للتطوير لأننا عاجزون عن المواجهة.. نحتاج إلى كثير من الجرأة والحرية ولا أقصد حرية التعبير فقط أى النقد لكن الحرية بشكل عام لأنه فى مجال النقد نحن كمؤسسات إعلامية حكومية أولى بنقد القرارات التى تصدرها الحكومة وتضر الشارع اليمنى.. نحن أولى بانتقاد تصرفات الحكومة من المعارضة.

* ما هى رؤيتك فى القنوات العربية الموجهة ضد دول عربية بعينها؟

** لا شك أن هناك قنوات فضائية مثل «الجزيرة» تشبه المنظمات الدولية التى تتحدث عن مستوى حرية الصحافة في البلاد التي توجد فيها حرية صحافة بينما لا تتحدث عن دول أخرى لا تتمتع بأية حرية من الأساس، و«الجزيرة» مثلا تستفيد من مساحة الحرية المكفولة فى اليمن وتنشر الكثير من الانتقادات للدولة، بينما لا تستطيع أن تفعل ذلك مع دول عربية أخرى لا توجد فيها حرية صحافة ولا تعطى مساحة ولو قليلة لمراسليها للكشف عن أى إخفاقات فيها، ومن ثم فهى تشبه تلك المنظمات الغربية التى تنصب نفسها ناقداً للدول العربية التي توجد بها حريات.

* أزمة مصر- الجزائر الأخيرة هل ترى أن إعلام البلدين سبب فيها؟

** وسائل الإعلام المصرية والجزائرية ارتكبتا خطأً مهنياً فى تناول الأزمة ومن قادوا هذه الحملات عليهم تقييم أدائهم ليعلموا نتيجة ما فعلوه.. وتوجهي باللوم للإعلام المصري يأتي لكونه الإعلام العربي الأكثر مشاهدة وتأثيراً وانتشاراً. وأنا شخصياً كنت متابعاً للأحداث عن طريق الإعلام المصري.. ولكن يبقى أيضاً أننا كعرب نعتز بمصر لأنها الشقيقة الكبرى والتى نتمنى أن تكون صورتها أكبر مما صورها الإعلام الجزائري.

* دعني أسألك عن ماهية التحديات التي تواجه الدولة اليمنية فى الوقت الراهن؟

** التحديات التى تواجه اليمن كبيرة والتحدي الاقتصادي يحتل صدارة المشهد وتولد عنه التحديات الأمنية التى يعيشها المواطن اليمنى حالياً عن طريق التمرد الحوثى فى محافظة «صعده» الشمالية.. فضلاً عن النشاط الذى يقوم به تنظيم القاعدة فى الوقت الحالى.

* لكن مع وجود هذه القلاقل لماذا تقلل من التحدي الأمني؟

** التحديات الأمنية لا تشكل خطراً حقيقياً على الوضع اليمنى بشكل عام. لكن التهاون معها وعدم التعامل بشكل صحيح مع الخارجين على القانون من الممكن أن يؤدى إلى مخاطر حقيقية.. الشعب اليمنى بطبيعته متماسك فى علاقاته الاجتماعية وعلى الصعيد السياسي مترابط ومدرك جداً لقيمة الوحدة التى قامت فى 22 مايو 1990 والمواطن اليمنى مدرك أيضاً أن أية تجزئة للقطر اليمنى تحدث فسوف يؤدى ذلك إلى مشاكل أخطر بكثير مما هى عليه الآن فى ظل الوحدة..

* تحدثت عن القاعدة باعتبارها أحد المخاطر هل هناك تواجد لها فى اليمن؟

** لا يوجد أى تمركز للقاعدة فى العاصمة لكن حضورها يتركز فى المنطقة الوسطى من اليمن والتى تشمل محافظات مأرب وأبين وشبوه وإذا نظرنا إلى خريطة اليمن فسوف نجد أن هذه المنطقة تجمع بين تضاريس جبلية وصحراوية وهى ما تجد فيها القاعدة مساحة مناسبة للتنقل والتواجد تحت حماية بعض القبائل اليمنية.

* هل بينهم وبين الحراك الجنوبى أى تعاون؟

** نعم.. ولم نكن نصدق ذلك فى بداية الأمر ولم نكن نتوقع أن يصبح الحراك أو بعض عناصره مظلة للقاعدة وأن تتوحد التوجهات الاشتراكية مع الأصولية الدينية لكن ثبت ذلك مؤخراً. ومما لا يدع مجالاً للشك أن كثيرا من عناصر الحراك أصبحت تشكل مظلة للقاعدة وأصبح كل طرف مستفيدا من تواجد الآخر بهذا الشكل.. هنا تحالفت المصالح.. علاقة لا تربطها العقيدة ولكن المصلحة..

* أين تكمن مصلحة الطرفين فى وجود الآخر؟

** القاعدة تجد أن الحراك بما سيؤدى إليه من فوضى داخل اليمن إذا ما حدثت تجزئة سيوفر لها الأجواء المتاحة لإقامة قواعد للتمركز العسكرى داخل اليمن بل قد يوفر لها الفرصة المناسبة لإقامة إمارة صغيرة.. أما الحراك فيجد أنه إذا ما أصبح مظلة للقاعدة فإن نشاطه سيكون أكثر فعالية وسيمده بالقوة والتواجد السياسى.. ومن ثم تجتمع أهداف الطرفين مستهدفة أمن واستقرار ووحدة اليمن واقتصاده.

* ما حقيقة الغارات التى كانت تشنها القوات اليمنية على بعض المناطق؟

** لا توجد غارات ولا يُعقل أن تقوم قيادة بالإغارة العسكرية على شعبها، ما حدث يتعلق بغارة ضد فلول القاعدة في المنطقة الوسطى والقصف الجوى على مواطن وجودهم وقيل إنه راح ضحية الغارة مدنيون وليس هناك ما يؤكد ذلك من أدلة. ولكن فى النهاية هذه أخطاء قد تحدث والضربة لابد أن تكون قوية للقاعدة.

* لماذا الضربات الأمنية للقاعدة فى هذا الوقت بالذات مع العلم بأنها متواجدة منذ زمن داخل اليمن؟

** نعم «القاعدة» متواجدة من التسعينيات وتقوم بعمليات ثم تخمل وخلال الفترة الماضية بدأت الدولة فى معالجات أمنية باعتقال عدد من عناصرها فضلاً عن المعالجات الفكرية المتمثلة فى الحوار الفكرى معهم حيث أجرى كثير من علماء الدين حوارات مكثفة مع عناصر القاعدة أدت إلى توبة بعضهم وقامت الدولة بعدها بمعالجات اجتماعية لإعادة تأهيل كثير من هذه العناصر ومن ثبت منهم عودته فكرياً وفرت له الدولة وظائف ومصادر للدخل بحيث يعود للحياة بشكل سليم وأصبح منهم بالفعل عناصر صالحة داخل المجتمع.

أما العناصر الرافضة لكل هذه الإجراءات أو التي رفضت تسليم نفسها للدولة فقد دخلت مع الحكومة فى المواجهة حالياً.

العمليات العسكرية

* لكن لم يُضر مدنيون فى هذه العمليات العسكرية؟

** قد يحدث وهذا وارد ولا تلام أية حكومة عليه.. لأن بعض العناصر المدنية للأسف تقوم بتشكيل غطاء أمنى للقاعدة وبالتالى فهى من الناحية الجنائية متواطئة معها لأنها قامت بتوفير مخابئ وغطاء أمنى لهم.

* لكن القرصنة من البحر، القاعدة فى المنطقة الوسطى، الحراك الجنوبى، والحوثيين، ألا ترى أن الوحدة تسببت فى خلق هذه التحديات؟.

** الربط بين هذه الأزمات والوحدة يظلمها.. الوحدة خلقت أوضاعاً مستقرة وحتى عام 2005 لم يحدث أى شىء حتى اضطرت الحكومة لاتخاذ إصلاحات اقتصادية أدت إلى زيادة الرواتب لكثير من قطاعات الدولة ولم تشمل الزيادة عددا من المتقاعدين العسكريين وهؤلاء بعضهم ينتمى للمحافظات الجنوبية ومن ثم بدأوا فى تحركات احتجاجية للمطالبة بتحسين أوضاعهم وعندما اتخذت الدولة إجراءات حاسمة لتحسين أوضاعهم فى 2006 و2007 كان هناك سياسيون انفصاليون داخل الحراك بدأوا في إثارة مشاعر أبناء الجنوب للنيل من الوحدة واستغلال احتجاج المتقاعدين والتصوير للشارع في المحافظات الجنوبية بأن الوحدة تستهدف معيشتهم وأوضاعهم الوظيفية مع أن الدولة قامت بتصحيح أوضاع المتقاعدين التي كلفت الحكومة ما يقارب الـ 50 مليون دولار وإعادة الكثير منهم إلى العمل فى العديد من وحدات الجيش.. لكن السياسيين فى الحراك كانوا قد ركبوا موجة التأثير والاحتجاج محاولين تأجيج الشارع اليمنى مستفيدين من حالة البطالة التى تعيشها البلاد مصورين للشارع اليمنى أن المستهدف الوحيد من البطالة هم أبناء المحافظات الجنوبية. على الرغم من أن البطالة «هَم» يمنى يعانى منه الجنوب والشمال الذي يبلغ عدد سكانه أربع أضعاف سكان المحافظات الجنوبية.

* لكن فى صيف 94 حدثت حرب أهلية مع الجنوب ولم تسلم اليمن طيلة الـ 15 عاما الماضية؟

** ما حدث فى 2005 كان استكمالاً لمخططهم الذى حاولوا تنفيذه فى مايو 94 بفصل الجنوب عن الشمال وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الوحدة.. هؤلاء هم نفس الشخصيات التى قادت حرب 94 وعادوا الآن لتحقيق نفس الهدف.

* كيف ترى دور مجلس التعاون الخليجي في مساعدة اليمن اقتصادياً؟

** دول الخليج بدأت منذ عام 2006 تتعامل مع الوضع فى اليمن بجدية وقدمت فى مؤتمر لندن للمانحين ما يقارب من 5 مليار دولار دعماً لليمن. والآن الحكومة تبحث مع دول الخليج كيفية تشغيل هذه الأموال كما اتخذت دول الخليج أيضاً قرارات سياسية مهمة تقضى بالمزيد من الدعم والمساندة لليمن سياسياً لأنها أصبحت مدركة أن أى اختلال فى توازن اليمن الاقتصادي والسياسي ينعكس على وضعها سلبياً.

* ينعكس أمنياً أم اقتصادياً؟

** أمنياً واقتصادياً لأن الانفصال واشتعال الحرب ينعكس بشكل كبير على الوضع الخليجي كما هو الوضع فى العراق حالياً والذي تسبب قرار الحرب عليه فى زعزعة استقرار دول الخليج أمنياً واقتصادياً.

 

* برؤيتك السياسية هل نجحت الوحدة فى السنين الماضية أم أصابها الفشل نوعاً ما؟

** الدلائل الملموسة والعملية تؤكد نجاح الوحدة والاندماج الكامل بين مواطني اليمن جنوباً وشمالاً وحققت مصالح اقتصادية لهم فضلاً عن انتشالهم من النزاعات التي ظلت قائمة على مدى عقود.. والوحدة تسببت فى استقرار الأوضاع وعودة الكثير من أبناء الجنوب إلى وطنهم.. الجميع أدركوا هنا أن بقاء الوحدة يأتى لمصلحة اليمن وأن أية تجزئة سوف تؤدى إلى حروب تشتعل على مدى سنوات طويلة.

* كيف ترى مسيرة التنمية فى الجنوب والشمال بعد الوحدة؟

** بقدر أن طموحاتنا للتنمية تعد كبيرة جدا لكن ما تم إنجازه بالنظر لإمكانات الحكومة كان أكثر مما هو متوقع.. هناك طفرة حدثت فى المناطق الجنوبية وعلى سبيل المثال فإن «عدن» قبل عام 90 ليست كما هى اليوم من حيث المساحة فقد زادت 3 أضعاف عما كانت عليه ومن حيث التنمية الاستثمارية والبشرية والمنشآت التعليمية والخدمية وأيضاً اكتملت أكبر شبكة طرق فى اليمن وعلى سبيل المثال فإن محافظة حضرموت الجنوبية هي أول محافظة يمنية تكتمل فيها شبكة الطرق.

التنمية المعطلة :

* هل الاهتمام بالجنوب جاء على حساب التنمية فى الشمال؟

** نعم حدث تقصير في حق التنمية فى الشمال لكن القرار السياسي لصالح التنمية في الجنوب كان وطنيا لأن الشمال قبل الوحدة كان محظوظا تنموياً مقارنة بالجنوب. ومن ثم فقد كان هناك هدفاً سياسياً بتعويض المحافظات الجنوبية التى كانت تعانى قبل الوحدة من جمود الوضع الاقتصادي والتنموي خلال الحكم الاشتراكي. وبالفعل وصلت نسبة التنمية فيها إلى 58% من إجمالى الموارد التنموية فى اليمن بأكمله.

* ألا ترى أن هذا القرار تسبب فى التمرد الحوثى الشمالي فى الوقت الحالي؟

** ليس صحيحاً هذا الكلام لأن القرار كان ضروريا واليمن كانت مدركة لذلك.. لكن أيضاً نتفق أنه كان فيه ظلماً نسبيا للشمال لأن محافظة «صعده» على سبيل المثال كانت محرومة بشكل كبير من التنمية التعليمية مما أدى إلى ظهور حركة التمرد.

* بعيداً عن الانفصال ما هى رؤيتك فيما يسمى بحق تقرير المصير الجنوبى.. وهل الأفضل لليمن تقسيمها إلى ولايات تحت مظلة دولة واحدة؟

** ما يُسمى بحق تقرير المصير ما هو إلا مزايدة سياسية تقوم بها بعض العناصر.. لكن أبناء الجنوب اليوم زاد وعيهم بأهمية الوحدة وحدث التحام اجتماعى مع أبناء المحافظات الشمالية وأصبحوا يشعرون بأنهم كيان واحد يصعب تمزيقه.. أما عن الولايات فالحكومة تتخذ إجراءات تضمن تطبيق نظام الحكم المحلى بحيث إن كل محافظة من الـ 21 محافظة يمنية تسير على خطة لا مركزية مالياً وإدارياً ويحق للمواطن فيها انتخاب المحافظين وليس تعيينهم من جانب الدولة وهذا يعطى للمواطن حق الاختيار.. وهذه هى الإرادة الشعبية فى الجنوب والشمال.

* لكن الحوثيين فى الشمال هل يرضون بذلك؟

** هم متمردون والتعامل معهم سيكون باللغة التي اختاروها.

* وهل تستطيع القوات اليمنية القضاء عليهم؟

** من الناحية الجغرافية مساحة تمردهم عن النظام محصورة جداً بينما كل محافظات الشمال مستقرة وآمنة ويؤمن أهلها بالمحافظة على وحدتهم فيما لا تزيد مساحة الأرض التي تجري فيها المعارك مع الحوثيين عن 10 آلاف كيلو متر مربع واليمن مساحته ما يقرب من 500 ألف كيلو متر مربع وهذا يعنى وجود 490 ألف كيلومتر مربع آمنة.. الشىء الآخر أن التمرد أصبح محصوراً وغير قادر على التمدد والتوسع فى أماكن أخرى وكل يوم تزداد عملية التضييق عليه والدولة هذه المرة فى الحرب عليهم اتخذت تكتيكا جديداً منه الحصار وقطع الإمداد والأموال عن المتمردين الحوثيين.

* كم متمردا حوثيا تقريباً؟

** ليس هناك إحصاء محدد لهم وكل ما يقال هو مجرد تخمينات محللين لأن تواجدهم فى أماكن متفرقة فى الجبال يصعب حصرهم عددياً.

* كم منطقة يسيطرون عليها؟

** في عدد من المديريات محددة ومعروفة والنازحون هربا منهم متواجدون فى مخيمات غرب محافظة «صعده» وجنوبها.

* ألا ترى أن الحكومة كان عليها قبل الضربة العسكرية الجلوس مع الحوثيين والتحاور معهم؟

** كافة أشكال التحاور معهم تمت فى السنوات الماضية.. نحن نتحدث عن معركة بدأت منذ عام 2004 وعمرها 5 سنوات ونصف العام. نعم بدأت بالسلاح لكن تخللها حوارات فكرية وسياسية مع قيادات حوثية وتم توقيع اتفاقية صلح معهم لكنهم قاموا بنكثها.. هم تبنوا مشروع إقامة دويلة فى منطقة «صعده» ذات طابع طائفى وأهداف سياسية ولديهم دعم سياسى ومالى وإعلامى من إيران والهدف من إقامة هذه الدويلة هو إيجاد ثغرة لاختراق المنطقة وإثارة النزاعات المذهبية والطائفية.

* لكن إيران نفت دعمها لهم وأمريكا أكدت ذلك أيضاً.. فما دليلك على هذا الدعم؟

** أن تنفى إيران هذا أمر طبيعى لكن عندما نجد الإعلام الإيرانى يساند الحوثيين مهاجماً الدولة والشعب ألا يعد ذلك دليلاً.. وعندما يخرج وزير الخارجية الإيرانى مهاجماً الضربات الأمنية والحكومة ألا يعد ذلك موقفاً رسمياً.. وعندما يدعو خطيب الجمعة فى طهران المعبر عن رأى المرشد، على الحكومة اليمنية والشعب الذى يقف ضد الحوثيين ألا يدخل ذلك ضمن أدلة اتهام الحوثيين والإيرانيين بإقامة دويلة طائفية داخل اليمن، وإلا فلماذا يتحدث الموقف الرسمى الإيرانى عن ضرورة وضع مصالحة ولا يدعو المتمردين لوضع السلاح؟ مادمت تتحدث عن صلح إذن فأنت طرف فى القضية أو قادر على التأثير على الطرف الآخر!

* لكن كانت هناك مضايقات حكومية ضد الحوثيين سواءً بشطب حزب الحق السياسى وملاحقة حركة الشباب المؤمن أو إغلاق المدارس التابعة لهم.. أليست هذه المضايقات تفجر التمرد؟

** أولاً: حزب الحق موجود فى الشارع منذ عام 1990 وعندما بدأ التمرد الحوثى فى 2004 كان الحزب قائماً وقام بحل نفسه فى 2006 وأعلن أمينه العام السابق القاضى أحمد الشامى حل الحزب بسبب تورط بعض عناصره فى أزمة التمرد ودعم بعض أعضائه لهم ومن ثم حل الحزب كان قراراً ذاتياً نتيجة التمرد..

ثانياً: الدولة دعمت الشباب المؤمن مالياً عندما كانوا يقومون بنشاط تعليمى لكنهم عندما تركوا النشاط التعليمى والتربوى ورفعوا السلاح فى وجه الدولة كان يجب التعامل معهم على أنهم متمردون.

* هل هناك حل الآن بعيداً عن الضربات الأمنية؟

** يجب أولاً أن تستعيد الدولة سيطرتها على كامل المناطق التى سيطر عليها الحوثيون وتضع يدها بالقوة على الأرض وليس هناك خيارات غير ذلك.

* لكن بعد وضع اليد والسيطرة.. ما هو الضامن للحفاظ على المواطنين الحوثيين؟

** فى اعتقادى أن الدولة ستعمل على إجراء حوارات ومعالجات سياسية مع عناصر التمرد وسوف تقوم- وأنا على ثقة من ذلك- بإجراء حوارات فكرية مع مختلف العناصر ولكن واجبها أولاً بسط سلطتها على الأرض التى يسيطر عليها الحوثيون لأنه لا توجد دولة فى العالم ترضى بأن يكون هناك شبر من أرضها فى يد قوى خارجية أو متمردين.

موقف السعودية

* كيف ترى التدخل العسكرى من السعودية ضد الحوثيين؟

** فى البداية لا يوجد تدخل عسكرى من المملكة العربية السعودية بل هناك اعتداء على أراضيها ومن ثم فهو ليس تدخلاً إنما دفاع عن أراضيها وهذا حق مشروع لها.. فضلاً عن ذلك فإن الحوثيين كانوا ينشدون من هذا الاختراق كسب تعاطف مواطنى «صعده» معهم ولكنهم فوجئوا بعدم حدوث هذا التعاطف المنتظر وبالتالى تورطوا الآن فى هذه المعركة والسعودية من جانبها معنية بالتعامل مع أى متسلل على أراضيها وهذا شأنها واليمن تتفهم ذلك.

* هل هناك اتفاق من أى نوع بين السعودية واليمن بشأن ذلك؟

** نعم يوجد تنسيق غير مسبوق يمنى سعودى سواء على الصعيد الأمنى أو السياسى لمواجهة التمرد الحوثى والقاعدة أيضاً فضلاً عن الدعم الاقتصادى.

* حقيقة ما يقال عن الأيادى الخفية الخارجية التى تحرك النظام اليمنى؟

** هذ آخر شىء يمكن حدوثه فى اليمن ومستحيل أن يكون الخارج له دور فى صنع القرار الوطني اليمنى.. هناك دور واحد فقط فى دعم الاقتصاد ودعم برامج الإصلاحات والحكومة تأخذ بعض النصائح فى هذه المجالات فضلاً عن آراء البنك الدولى وصندوق الدعم فى النواحى الاقتصادية، لكن القرار السياسى لا يوجد هناك أى ضغوط عليه.

* فى المقابل ما هى الأدوار الخفية لبعض الدول فى إثارة القلاقل داخل اليمن؟

** إيران وحدها من تريد إثارة الشغب داخل اليمن والتمرد الحوثى لم يمكن ليستمر دون دعم إيرانى له.

* الدعم الخارجى من إيران فقط؟

** نعم.. ولا يتلقى الحوثيون على الإطلاق أى دعم إلا من إيران.

* ماذا عن دعم الانفصاليين فى الجنوب؟

** بحسب علمي ليس لهم أى دعم خارجى.

* فى ظل الاقتصاد العالمى الحر ماحقيقة ما يقال عن سيطرة القطاع العام اليمنى على الاقتصاد؟

** أولاً: النظام الجمهورى فى اليمن قام فى 62 بدعم من الرئيس عبد الناصر ولولا هذا الدعم المصرى لما قام النظام الجمهورى واليمنيون كلهم يشعرون بالامتنان لمصر ولكل الحكومات المصرية المتعاقبة على ما قدمته من دعم لليمن في مختلف المجالات.

ثانياً: كانت هناك توجهات اشتراكية فى الشمال ونظام اشتراكى بالكامل فى الجنوب والتوجهات فى الشمال نتج عنها إنشاء مؤسسات للقطاع العام ومازالت تلك المؤسسات متواجدة إلى الآن ولكن مع ذلك فهناك نشاط واسع للقطاع الخاص فى الشمال.. وعندما كان ما يسمى «بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» فى الجنوب كان النظام هناك قائما على الاشتراكية الكاملة ولكن بعد الوحدة اتخذ اليمن الموحد قرارا بأن الأولوية لاقتصاد السوق وبالتالى حدثت خصخصة للكثير من مؤسسات القطاع العام الفاشلة سواء فى الجنوب أو الشمال بينما تم الإبقاء على مؤسسات القطاع العام الناجحة ومن الممكن تسمية النظام الاقتصادى القائم حالياً فى اليمن بالمختلط.

* كيف ترى دعم الدول العربية لليمن غير دول الخليج؟

** اليمن تعتمد بشكل أساسى على الخليج والدول المانحة كأمريكا والاتحاد الأوروبى والمؤسسات المانحة كالبنك الدولى وصندوق النقد الدولى والمؤسسات الدولية والعربية والإسلامية.. بينما لا يتعدى أى دعم عربى آخر عن كونه دعما سياسيا لا أكثر ولا أقل.

* دور مصر تجاهكم كيف تراه؟

** مصر بالنسبة لنا دعمها أساسى بشكل كبير على الصعيد السياسى والعسكرى والمعنوى فضلاً عن الدور التعليمى حيث تستقبل مصر الآلاف من الطلاب اليمنيين فى المرحلة الجامعية ودراسات الماجستير والدكتوراة.. والتعاون الأساسى فى تصورى يتمثل فى العلاقة القائمة اليوم بين القيادتين المصرية واليمنية والتى تقوم على الثقة المتبادلة وإدراكها للمصالح الحقيقية بين البلدين.

* ماذا عن الجانب الاقتصادى؟

** هناك الكثير من رجال الأعمال اليمنيين فى مصر بدأوا فى استثمار أموالهم فضلاً عن إنشاء عشرات المصانع المملوكة ليمنيين فى مصر.

* بعيداً عن تحديد دولة بعينها.. هل هناك من الدول العربية من تتجاهل دعم اليمن؟

** حقيقة الأمر.. كل الدول العربية وقفت معلنة بشكل رسمى مساندة اليمن فى وحدته وأمنه واستقراره.. هناك فقط ملاحظات على الأداء الإعلامى لبعض الدول تجاه القضايا اليمنية لكن فى النهاية الحكومة اليمنية قادرة على التفاهم مع هذه الدول.

* ماذا عن الوجود اليهودى داخل اليمن وهل لهم حق الترشيح فى الانتخابات وممارسة حياتهم الطبيعية أم أنهم يعتبرون أقلية؟

** اليهود فى اليمن مواطنون عاديون يمارسون حقوقهم الدستورية وليسوا بأقلية ولا يعاملون كذلك فحقوقهم مصانة بدليل الحفاظ لهم على كامل الحق فى الترشح لأى انتخابات والمنافسة فضلاً عن حقهم الاجتماعى فى الاندماج داخل المجتمع اليمنى وإقامتهم لمعابدهم بحرية كاملة.

* ما حقيقة ما يقال عن القبلية التى تسيطر على اليمن دون اعتبار للكفاءة؟

** هذه أشياء اجتماعية متوارثة ولا تؤثر على سير الدولة والتى تتعامل معها بشكل طبيعى.. يجب أن تعلم أن القبائل لا تتحكم فى بناء الدولة أو صناعة القرار السياسى.

* مضى 2009 ونحن الآن فى بدايات 2010.. ما يمثله 2009 لك كشخصية إعلامية بارزة فى اليمن؟

** 2009 كان عاماً قاسياً على اليمن بالكامل وصعبا اقتصادياً وأمنياً وسياسياً والأمل الأكبر أن تحدث انفراجة فى 2010 ويكون هذا العام شاهداً على انتهاء التمرد وتستطيع خلاله اليمن معالجة الأزمات الاقتصادية بدعم الأشقاء العرب والمجتمع الدولى.. اليمن دولة مهمة والتساهل أو التغاضى عما يحدث فيها ينعكس على كل المنطقة العربية لأن ما يتطاير منها من نار سوف يطول الجميع.

? هل هناك بوادر انفراج أزمة تراها فى 2010؟

?? نعم.. إن شاء الله

 
في الجمعة 30 يوليو-تموز 2010 07:56:05 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=7632