|
إن من الطبيعي أن يمارس الإنسان التسلط والقهر والاستبداد والاستعباد والظلم في حق أخيه الإنسان وإلا لما حرم الله الظلم والرق والاستعباد والاستبداد ولما أنزل التشريعات وأرسل الرسل لمحاربة هذه الأفعال والسلوكيات ولما جرم مرتكب من يمارس هذه الأخلاقيات ولما نهى عنها وشدد في عقوبة من يمارس الظلم والاستبداد ( يا عبادي، إني حرمتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا ) حديث قدسي (وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93)﴾ (فصلت).
لكن ما ليس من الطبيعي أن يقبل الإنسان على نفسه الظلم والضيم وأن يقبل لنفسه الرق والعبودية بعد أن حرره الله سبحانه وتعالى وكرمه على وجه الأرض ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاًِ ) الإسراء : 70. ما ليس من الطبيعي أن تمتهن كرامة الإنسان ويقسم الناس إلى فئات وطبقات كما كانت عليه جاهلية ما قبل الإسلام طبقة الأسياد , وطبقة الهاشميين وطبقة الوجاهة وكبراء القوم , وطبقة الناس العاديين , وطبقة الخدم والعبيد والطبقتين الأخيرتين خلقتا لخدمة الطبقات الأولى والناس حول هذا صامتون ساكتون لا يفعلون شيئا لتغيير هذا الواقع المؤلم بل يعملون على تكريسه خلافا لنصوص الوحي وتعاليم الإسلام وتوجيهات الأنبياء والمرسلين ( الناس سواسية كأسنان المشط لا فرق بين أسود وأبيض ولا عربي على عجمي إلا بالتقوى كلكم لآدم وأدام من تراب).كما جاء في الحديث
والمشهد الاجتماعي اليوم والسياسي أيضا ملئ بهذا ألتقسيم وملئ بهذه الممارسات الاستعلائية والاستبدادية المتسلطة للإنسان اليمني على أخيه اليمني , واقع ملئ بالظلم والقهر والاستبداد في السهل والجبل , في الريف والحظر حيثما وليت وذهبت وبأشكال وأساليب مختلفة .
وما يعرضه مسلسل همي همك على قناة السعيدة في هذا الشهر الكريم ما هو إلا جزء بسيط مما يمارس في مناطق مختلفة من اليمن وما مهجري الجعاشن إلا دليل حي على هذه العقلية التسلطية الاستبدادية , والمسلسل لم يقل غير الحقيقة ولم ينقل سوى جزء بسيط مما هو على ارض الواقع.
لم يحاك بيئة أخرى ولم يسقط غيبيات مفترضة وإنما حاكى البيئة اليمنية بكل جوانبها وببعض ما يدور فيها من ظلم وتعسف بغض النضر عن بعض الجوانب المبالغ فيها وعن بعض السلبيات في هذا المسلسل إلا أن إقبال الناس على متابعته والتحدث عنه في كل مكان ليعكس مدى مصداقيته في نقل بعض ما يعانيه الناس ودرجة نجاحه في طرق فضايا ما جرؤت أحزاب المعارضة بكل هيلمانها على فتحها وطرقها وتوعية الناس بها وبخطورتها وعلى إثارتها أمام الرأي العام وأمام النائب العام والجهات الدستورية المختصة .
لقد فعل مسلسل همي همك ما لم تفعله أحزاب المعارضة مجتمعة فتح أبواب لم تفتح من قبل طرح قضايا كل الناس تعاني منها لكنها لم تطرق من قبل ولم تجد من يفعلها ويجعل منها قضية رأي عام .
عجزت أحزاب المعارضة بكل إمكانياتها وماكينتها الإعلامية عن أن تصل إلى قلب الجمهور وأن تلامس الجرح الذي يعاني منه ليلى نهار من نهب للأرض والمال وهتك للعرض والكرامة والسيادة الوطنية وتجاوز للقانون والدستور والتشريعات واللوائح والأنظمة التي يتغنون بها ليلى نهار .
قد يختلف الكثيرون حول هذا المسلسل لكنهم جميعا مؤمنون وموقنون أنه قال ما لم تقله أحزاب المعارضة على مدى عشرين عاما لأنها مشاركة في صناعة هذا الواقع ناهيك عن أن يقله الحزب الحاكم الذي جل من يمارس هذه الأفعال محسوبين عليه إن لم يكنوا منتسبين إليه .
والأعجب والأغرب أن يشترك بعض الكتاب والصحفيين في مسلسل الهجوم على هذا المسلسل وكأنه قال كفرا أو خرج عن الثوابت الوطنية وكان الأجدر بهم أن ينبروا لتبني القضايا العادلة للناس وأن يقفوا بأقلامهم إلى جانب المظلومين والمضطهدين والمشردين والمسحوقين من أبناء هذا الشعب خير لهم من أن يتزلفوا ويجاملوا على حساب قوتهم ولقمة عيشهم وبالمجان .
في الأحد 29 أغسطس-آب 2010 10:06:58 م