نجم الخليج إضحوكة الاُمم
احمد نبيل
احمد نبيل

في مساء يوم الأحد الماضي, تُوج الشاب اليمني / فؤاد عبدالواحد بلقب نجم الخليج .فقد تناقلت جميع وسائل الإعلام والصحافة اليمنية هذا الخبر بكل فخر وإعتزاز,ونُشرت المقالات محمولة بكل معاني المدح والثناء .حتى أن أغلب اليمنيين من الشباب والبنات أستقبلوا الخبر والحدث بكل فرحة وسُرور عارمتين,وكأننا حررنا أرض فلسطين الحبيبة وأقصاها, او كأن بلدنا اصبحت من دول العالم الأول, أو كأننا ضمدنا جراح هذا الوطن البائس,الذي أصبح في امس الحاجة لمن يداوي جراحه . 

إعذروني فأنا لستُ ضد الفن وأهله ,ولا مُسيئاً لشخص بعينه ,ول يس في الأمر تجريحاً اومبالغة ,ولكن هناك أولويات في حياة الإنسان المسلم عامةً و اليمني خاصةً.خصوصاً خلال هذه الفترة الحرجة و في ظل الإختلالات الإجتماعية والأمنية والأزمات الإقتصادية الحادة التي تعصف بالمواطن تلو الأخر. فالفن لايمكن لهُ أن يُعالج شيئا هنا.

سمعنا وقرأنا في وسائل الإعلام إن عدداً من رجال الأعمال اليمنيين وبعض من البرلمانيين ووزارة الإتصالات اَزروا الشاب المطرب / فؤاد عبدالواحد بأكثر من 1 7 0 الف رسالة نصية تدعم فوزه باللقب الغالي والمُشرف لليمن على حد زعمهم ,ثم ذهبوا مُهرولين ومُسرعين إلى العاصمة اللبنانية ( بيروت ) لكي يُباركوا هذا المُصاب الجلل ,فوالله إن هذا لا يرفع ولا يُشرف اليمن في شئ .لكن أين انتم يا رجال الأعمال ويا برلمانيون من حل مشاكل البلد و نُصرة المظلوم أو مساعدة الفقير والمُحتاج ,بدلاً من كل هذا البذخ من أجل الدندنة .اليس الأحرى بكم أن تتجهوا إلى ماهو أسمى وأجل ,بتشجيع ابناء العلم والموهوبون والمبدعون في شتى ميادين العلوم المختلفة ,والمساهمة في خدمة المجتمع إقتصادياً وخيرياً ؟

أما شبابنا وبناتنا فقد أشعلوا الدنيا فرحاً وإبتهاجاً وسُعدا ,واستقبلوا الشاب / فؤاد عبدالواحد ,إستقبال (محمد الفاتح) وخرجوا الى الشوارع ورفعوا الأعلام وهتفوا بكل شرف وفخر ,(فُزنا ورب الكعبة).فإني اقف مُتعجباً هنا بماذا فاز هؤلاء ؟ فبالله عليكم ,من أجل فوز شاب يمني في مسابقة غناء, حدث كل هذا الصخب .فهل بالغناء سوف نبني الوطن ؟وهل بالفن سوف نرفع راية اليمن ؟ بل بالعلمِ والأدبِ ,نبني الوطن وننالُ أعلى الرُتبِ.

فوالله إن الإنسان العاقل و المدرك لهموم امته وبلده يخجل من كل هذه التصرفات و الأحداث وخصوصاً في الوضع المزري للاُمة الإسلامية والعربية الذي نعيشه اليوم,وكذلك يعلم أن الفن والغناء ليس معياراً لتقدم الشعوب ولا لنهضتها .

ففي نفس الوقت واليوم من عرض الحلقة الأخيرة من برنامج ( نجم الخليج ) التي تم بها التكريم باللقب, كانت غزة الجريحة تُقصف بالطائرات الإسرائيلية وتُضرب بالمدافع و بكل أنواع الأسلحة الجبارة ,وراح جر اء ذلك عدد من الشهداء.وفي نفس اليوم ايضا عُقدت المؤتمرات في أوروبا للحد من إنتشار الإسلام بين سُكانها تحت مُسمئ  ( ا ُوقفوا أسلمة أوروبا) . حتى في بلدنا, هذه الايام يموت الكثير من البرد والجوع . فقد تسببت موجة الصقيع التي ضربت المدن الجبلية باليمن مؤخراً في تسجيل وفيات بين المشردين، وسط "تجاهل" من كافة شرائح المجتمع لهذه الظاهرة .

لكن شبابنا وبناتا ورجال أعمالنا وأغلبنا في الحقيقة لم نعد نُعير قضايانا المصيرية لا الداخلية ولا الخارجية أي إهتمام ولا نُحرك ساكناً لها .أيُعقل إذن أننا بهذه المواقف المُخزية لازلنا من اُمة (محمد) ؟, عذراً يا حبيبي يا رسول الله ,فإننا نخذلك المرة تلو الاُخرى ,(فقد أصبحنا إضحوكة الاُمم في هذا الزمن) .

كم حذر الدُعاة من البرامج الغنائية وأخطارها على الشباب؟ كونها تُعدُ إحدى مُخططات وعمليات التمييع للشباب العربي ,فتشغلهم عن الإبداع الفكري والعلمي اللذان هما من أهم ركائز رفعة الُامم وأساس قوة الدول,ولاسيما إنها تحرفهم عن المسار الديني والأخلاقي, وتعمل ايضاً على نحت شخصياتهم بشكل غربي ساذج, تجعل منهم مجتمع مقطوع الجذور بأصالته وحضارته ودينه , و مفرغ من أفكاره وقيمه وثوابته, وتطمس هويته الإسلامية بنشر سمومها عبر مؤثراتها وإغر اءا تها في جسد الامة ,فبلا شك لن نجني من بعد هذه البرامج الوضيعة إلا كل ضياع وهواَن لشبابنا وبناتنا ومجتمعاتنا ايضا,فوالله قد غزت وأستباحت العقول تلك البرامج التي لا تخلو من دسائس و مُخططات صهيونية و علمانية .اَلا يكفي ما وصلنا اليه اليوم من مستوى متردي فكرياَ وأخلاقياَ وعلمياً , بسبب تنافُرنا المتباعد مع الدين؟ ,فإلى متى سوف يظل شبابنا وبناتنا يلهثون وراء كل ماهو مُهلك ومُدمر لثقافته وفكره مروراً بالأغاني الى المسلسلات وألافلام الهابطة وغيرها؟( فقد اصبحنا إضحوكة الاُمم في هذا الزمن ).

 لكنه قد صدق الشاعر حين قال :

لقد أسمعت لو ناديت حياً *** *** ولكن لا حياة لمن تنادي

وناراً لو نفخت بها أضاءت*** *** ولكن أنت تنفُخ في رمادِ

فإذا كان الفنان او المُطرب يجلبُ كل الفخر والإعتزاز لبلده ويرفع رايتها.فكان بالأحرى لمصر أن تفتخر وتعتز قمة الإعتزاز والإفتخار كونها هي الدولة الأكثر انتاجاً للمغنين والمغنيات والراقصين والراقصات.ففي تاريخها الفني الى حد اليوم هناك حوالي 1000 فنان وفنانة وراقص وراقصة ,لكن هل هم من ساهموا في رفع مستوى مصر علمياً وأدبياً و شرّفها تشرفياً يليق بها ,والله لم ولن يُشرف أي بلد الأ من رفع رايتها في ميادين الدين والعلم والأخلاق والمعرفة ( كعالم جليل وكاتب كبير ومهندس مُبدع وصحفي مخضرم وأديب بليغ ومخترع عبقري وسياسي ناجح).

فاذا ما بحثت في تاريخ مصر وتعمقت , ستجد أن من شرّفها وأعزّها هم من أمثال ( عباس محمود العقاد و نجيب محفوظ و مصطفى محمود وطه حسين وجمال عبدالناصر وأحمد زويل و السيد قطب والسيد كشك وحسن البناء والشيخ الشعراوي) وغيرهم الكثير ممن أبدعوا في ميادين العلوم المختلفة .

وفي تاريخنا اليمني, فهناك الكثير من الأسماء التي سطعت نجومها في سماء الوطن الكبير, وجديرة بأن نفخر بها لا بغيرها , العقول اليمانية الرآسخة في ذاكرتنا ألى هذا اليوم من أمثال ( محمد محمود الزُبيري و عبدالله البردوني و هائل سعيد أنعم و العلفي والُثلايا والشيخ الزنداني والشوكاني و الهمداني وإبن الأمير الصنعاني ,ومن التاريخ القديم أروى بنت احمد الصليحي والملكة بلقيس وأسعد الكامل وسيف بن ذي يزن ) فهؤلاء هم من سأهموا في رفع وبناء الوطن وتاريخة وشموخة بالدينِ و بالعلمِ وبالمعرفةِ وليس بالدندنة والمسابقات الغنائية.

فوالله لو كانت المسابقة دينية أو قرأنية فلن تجد رجل أعمال واحد أو برلماني يُآزر او يدعم ولو حتى بألف رسالة نصية فقط , ثم يُهرول من بلد لبلد لمباركة الإبداع على حد زعمهم ,ولن تجد من شبابنا من يتكرم بتشجيع او هتافِ بسيط حتى, إذا فاز قأرئ للقرأن .

 فعن أبي مالك الأشعري سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول  : (( لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ ، يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ ، فَيَقُولُونَ : ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا ، فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )) رواه البخاري

فلماذا هذه الفرحة العارمة إذن يا اُمة محمد وعلى ماذا ؟وكيف تتفاخرون بمن سجد عند إعلان فوزه باللقب بين أقدام النساء؟وياليتهُ سجد شكراً لله من أجل حفظ كتاب الله . فلا نريد في بلدنا الطيب أن نصل الى مرحلة الفجور ,حيث أن الفجور هو الخروج عن إطار الأُصول والدين والحكمة.فمن واجب كل إنسان غيور على دينة وقيمة أن يخلع ثوب الصمت ويصرخ بأقوى قوتة ,(اوقفوا هذا العبث).

فنحن أهل الحكمة والإيمان ,كما وصفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً وأرقُ أفئدة , الإيمان يمان والحكمةُ يمانية )

فيا اُمة الإيمان والحكمة ,سألتكم بالله لا تجعلوها ( الفن يمان ,,, والدندنة يمانية )

في الخير لا أقول إلا ..........( اَه يا اُمة كانت اُمة محمد *** أصبحت اُمة نور ومهند )

(اَه يا اُمة ضحكت من جهلها الاُممُ ) .


في الجمعة 24 ديسمبر-كانون الأول 2010 06:38:38 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=8592