دولة (حجر الزاوية)
محمد الصراري
محمد الصراري

حجر الزاويه هو ذلك الحجر الذي يستند عليه البناء و يبقى قائما على وجوده ،فاذا ما انزلق هذا الحجر تداعى البناء و بقي اثر بعد عين ، ليس الحديث هنا عن اساليب لبناء المدارس او المستشفيات و لاحتى القصور او المساكن التي تتطلب تخطيط وتصميم هندسي ،انما الحديث هنا عن اسلوب اصبح شائعا لبناء الانظمه الحاكمه في العالم الثالث عامه و الوطن العربي خاصه الذي يعتمد بصوره دائمه على هذا النوع من الاساليب غير مستفيد من الدروس و العبر من الازمات و الكوراث التي حدثت و تحدث نتيجه لإتباع هذا النوع من الاساليب التي باتت تدرس في كتب التاريخ ، فقط لاستخلاص الدروس والعبر.

فمنذ تسعينات القرن الماضي وهذه الانظمه تتداعى واحدا تلو الاخر ، و البدايه كانت من الصومال عندما سقط نظام الدكتاتور محمد سياد بري الذي حكم الصومال بالحديد و النار وكانت النهايه الى منفاه خارج بلاده بعد ثوره شعبيه اجبرته على الرحيل وماتبع ذلك السقوط من فوضى و حروب ادخلت الصومال نفقا مظلم لازالت تعاني من تبعاته من حروب ودمار الى يومنا هذا ،كذلك ماحدث في العراق عندما زحفت قوات الاحتلال الامريكي عام 2003 و سقوط النظام العراقي السابق ،حيث اسهم هذا السقوط في إدخال العراق في حاله فوضى عارمه من حروب و اقتتال طائفي وفقدان للامن وغياب تام لمؤسسات المجتمع المدني في بلد كان يعتبر نموذج فريد في النهضه الاقتصاديه و الاجتماعيه و التعليميه في المنطقه ،كذلك ماحدث قبل ايام قليله في تونس، ايضا كانت تعتبر احد النماذج التي كان يدعو البعض للاقتداء بها في العمليه التنمويه التي حققت ارقام وصفها الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بانها معجزه في ظل الظروف التي تمر بها بلدان المغرب العربي ،ولكن بمجرد ظهور الوزير الاول محمد الغنوشي على شاشه التلفزيون والاعلان عن توليه منصب رئيس الجمهوريه بصوره وقتيه و إعلان حاله الطوارئ حتى عمت الفوضى و الانفلات الامني وتعطيل مؤسسات المجتمع المدني في تونس ،ومايحدث في مصر حيث لازالت المعركه بين الشعب المصري و الرئيس مبارك في كر وفر ،والسودان يمضي في نفس الدرب على مايبدو ،فالمعارضه في السودان تلوح باسقاط النظام في حال انفصال الجنوب عن الشمال و سيتضح ذلك خلال الايام القليله القادمه .

ماذكرناه هي عباره عن نماذج لدول كانت تتحدث عن دوله المؤسسات في كل مناسبه او عند اتاحه الفرصه لاستعراضها كاحد اهم المنجزات،حيث ان هذا المصطلح يشير الى وجود مؤسسات حاكمه في الدوله مستقله عن الحاكم بصفه قانونيه ومن المفترض في دوله المؤسسات ان يكون الجميع متساؤؤن في الحقوق و الواجبات امتثالا لاحكام الدستور و القوانين المنظمه للعمل في هذه المؤسسات .

الاان الاحداث و الظروف التي مرت بها هذه الدول من حروب و ازمات و ثورات كشفت لنا الحقيقه بعيدا عن الادعاءات الكاذبه و المزايدات التي يرددها ازلام النظام في دول قائمه اساسا على نظام" دوله الاشخاص" المستنده على وضع هولاء حجر زاويه لهذه الانظمه المهترئه اصلا ،حيث يتوقف بقاء جميع مؤسسات الدوله و انشطتها على هذا الحجر الذي يبقى صمام الامان امام كل التطلعات و الخيارات المتاحه ،حتى لايفكر البعض في ازاحه هذا الحجر خوفا من التداعيات التي ستتبع انزلاقه ،وفي كل الحالات يبقى هذا النظام قائما الى ماشاء الله ان تحدث ازمه لتبدء بعدها مسيره التغيير و لكن بعد ان يدفع الشعوب الثمن ابان وجود هذه الانظمه من سياسات الفقر و الجوع و الاضطهاد و بعد زوالها بالانفلات الامني و الفوضى العارمه ،و لهذا يجب ان يذكر التاريخ نظام الحكم المبتكر حديثا " دوله حجر الزاويه" الذي لم يعرفه من قبل الى جانب الانظمه الاخرى .

طالب دراسات عليا – التخطيط الإقليمي

malsarari@yahoo.com


في الخميس 03 فبراير-شباط 2011 08:00:14 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=8985