نهاية طاغية ودرس لكل ظالم
كاتب/لطفي شطاره
كاتب/لطفي شطاره

مأرب برس - خاص

عندما حسم القضاء العراقي نهاية الرئيس المخلوع صدام حسين وأمر بإعدامه شنقا .. خرج الزعماء والمسئولين العرب ينددون بهذا القرار واعتبروه أنه غير شرعي.. ولكن عندما كان صدام في سدة الحكم يذبح من يشاء ويعتقل من يشاء من أبرياء الشعب في العراق ، وبدم بادر وعلى شفتيه أفخر أنواع السيجار الكوبي لم يتجرأ هؤلاء حتى في إصدار بيان إدانة لتلك الممارسات او نقده على كل الانتهاكات .. بكاء الزعماء العرب على النهاية التي وصل إليها حكم طاغية هو بكاء على المصير الذي قد يواجهونه يوما تكون فيه الكلمة العليا للشعب .

 من خرج من القادة والمسئولين العرب ليستنكر قرار إعدام صدام فأنهم حاولوا ذلك حتى لا يكون صدام ونهايته ومحاكمته ومن تم إعدامه سابقة عربية لا يريدون أن تكون نهايتهم هي نفس نهاية صدام.. تذكروا هؤلاء الزعماء اليوم وصدام في طريقه إلى حبل المشنقة أن هناك قوانين وضعية يجب احترامها وهم الذين شطبوها من قواميس أنظمتهم وحكمهم وضد شعوبهم .. يحكمون بقانون وحيد وهو قانون القوة .. رئيس وزرائنا عبد القادر با جمال الذي يفتي في كل شيء ويفهم في كل شيء عندما قال أمس في مناشدته لأمريكا والحكومة العراقية بوقف تنفيذ حكم الإعدام بالرئيس العراقي المخلوع :" إن الحكومة اليمنية وبعد أن تعرفت على وجهة نظر المجموعات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والاتفاقيات والمعاهدات المتصلة بذلك تجد نفسها للحقيقة والتاريخ تطالبكم للتدخل لمنع تنفيذ الحكم لما في ذلك من سن قواعد جديدة غير إنسانية لا تتفق مع طبيعة المحاكمات السياسية ، وقد يؤدي التنفيذ أيضا إلى المزيد من تفاقم الصراعات الداخلية ومعاناة الشعب العراقي من جرائها ".. لم يقل لنا با جمال أين كانت إنسانية صدام عندما كان قابضا بالسلطة في العراق ؟ ، وأين كانت القوانين الوضعية عندما كانت أنياب أولاد الطاغية وحاشيته ينهشون أجساد فتيات العراق جهارا نهارا ؟ .. أين كانت القوانين وأين اختفت إنسانية صدام حسين عندما كانت يده هي العليا على العراق والعراقيين ؟.

ستقولون أنه تعامل مع أمريكا وخدم سياستها في المنطقة في وقت ما، ونفذ ما طلب منه تنفيذه في حربه ضد إيران التي استمرت 8 سنوات ؟ سنقول لكم لماذا قبل أن يلعب هذا الدور ؟ فليس دفاعا عن البوابة الشرقية للأمة كما كان يروج ، ولكن ليحفظ ويعزز من نفوذ قوته وسلطته كما يفعل كثير من الزعماء العرب اليوم ولكنهم لا يتعلمون ولا يستفيدون من دروس وعبر التاريخ وشواهد الحياة . 

لم نشاهد دموع التماسيح التي تذرف اليوم باكية على انتهاك القانون وذبح القيم الإنسانية في محاكمة صدام وقرار إعدامه ، عندما داس الأخير وهو في قمة غطرسته بأقدامه على القانون الدولي وبصق في وجه الإنسانية أثناء احتلاله لبلد صغير " الكويت " وجاره وأكبر محفظة كانت تقدم له المساعدات المالية بكل سخاء ، أين كانت الإنسانية عندما شرد شعب وقادة الكويت عن دياره في الوقت الذي كانت كثير من العواصم العربية تهتف " بالكيماوي يا صدام " ، والعالم يحبس أنفاسه قبل حرب تحرير الكويت بعد أن ركل بقوة قدمه كل أبواب التفاوض للحل السلمي لخروج مشرف من الكويت .. رفض الحل السلمي وقبل الهزيمة العسكرية وفي الأخير دفع الآلاف من الجنود والمجندين العراقيين الأبرياء حياتهم ثمنا لتلك الغطرسة.. أين كانت الإنسانية التي تتباكون عليها يوم رفض طاغية العراق مبادرة " حكيم العرب " الشيخ زايد آل نهيان رحمة الله عليه عندما أنتزع موافقة أمريكية للجوء صدام وحاشيته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ليس حبا بصدام بل رأفة بالأبرياء العراقيين الذين ستسحقهم آلة الدمار العسكرية لقوات التحالف وستمزقهم كما يجري اليوم فتن الانقسام الطائفي .. الم يكن بمقدور حاكم العراق وقتها أن يتنحى رأفة وإنسانية بشعبه وبقية شعوب المنطقة عندما كان قرار الحرب او السلام قبل اجتياح العراق بيده .. الم يجعله كبرياء مزيف بالشعور الوطني ووحدة عربية هشة للانتماء القومي ، يفضل أن يرى العراق تتذمر وشعبه تتطاير جثثه بفعل الآلة العسكرية التي كان يمكن أن يمنعها من فعل ذلك لو كان في قلبه شعرة من الإنسانية أو ذرة من الإحساس القومي .. سحق أرضه وشعبه وهوى بنفسه إلى " حفرة " أعتقد إنها سحيقة وستحميه حتى يعود مرة ثانية حاكما طاغيا ناهيا أمرا.. ولكنها كانت حفرة النهاية الطبيعية لكل المتغطرسين.. فمن يتباكى من الحكام او المسئولين العرب على صدام اليوم فأنهم يبكون على نفس المصير الذي ينتظرهم إذا انقلبت الأمور وتبدل الحال وصار للضعفاء والفقراء الكلمة العليا في إدارة شئون بلادهم بعد عقود من التفرد في الحكم والاستئثار بالسلطة والاستحواذ على الثروة الاستئساد على شعوبهم ببطش القوة وهيمنة العسكر .. 

اليوم أسدل التاريخ الستار عن أخر فصل من فصول حكم الطاغية صدام حسين، بتنفيذ حكم الإعدام عليه شنقا لما أقترفه من جرائم ضد شعب العراق العظيم ، ناهيك عن عنجهيته تجاه جيرانه .. نهاية صدام انتهت فجأة كما بدأ حياته السياسية للعراق فجأة مثله مثل أغلبية الزعماء العرب ، عندما أنقلب على كبار ساسة حزب البعث ، فواجه اليوم حبال المشنقة التي حاك حبالها سنينا بيده عبر ممارساته القذرة ضد شعبه سواء في الجنوب او الشمال ، وأعني ضد الشيعة في الجنوب او أعمال الإبادة بالغازات السامة ضد الأكراد في الشمال.

 اللهم لا شماتة.. اللهم لا شماتة.. اللهم لا شماتة ، ففي هذا اليوم أستعيد المقولة المأثورة التي تركها لنا الفنان الكوميدي الساخر ادم سيف في مسلسل الشهير " دحباش " عندما كان يردد عبارته الشهيرة " من عمله بيده الله با يزيده " إنها نهاية رسمها صدام لنفسه .. وغطرسته هي التي قادته إلى حبل المشنقة .. نكل بشعبه ودمر بلده .. وشرد الملايين من خيرة عقول أرض الرافدين .. عندما حول العراق إلى ضيعة لتكريت وبلاطجتها العسكر الذين جاؤوا منها ليعيثوا فسادا.

 .. إنها نهاية كل ظالم وكل طاغية وكل حاكم لم يستفد من نهاية صدام وحال العراق.

صحافي وكاتب بريطاني – يمني مقيم في لندن

Lutfi_shatara@yahoo.co.uk


في السبت 30 ديسمبر-كانون الأول 2006 10:24:13 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=905