انتباه.. لهذا القانون أنياب ومخالب
صلاح السلقدي
صلاح السلقدي

شبكـتُ عشر أصابعي على رأسي مذهولا وأنا أقرى بإحدى الصحف خبرا صاعقا، مفاده أن مجلس النواب يسعى لتعديل قانون هيئة الشرطة رقم 15 لعام 2000م بمواد تقنن للقتل الصريح والمتعمد للمواطنين في المسيرات والتظاهرات أو حتى مجرد اشتباه فردي بأي مواطن عابر سبيل قد يقوده حظه العاثر إلى أمام فوهة البندقية وذلك بواسطة قوات الشرطة تحت مبرر حماية النظام والأمن العام، ولما اسماه التعديل:(الحماية القانونية لمنتسبي هيئة الشرطة من المساءلة عن الأفعال التي تحدث منهم أثناء أدائهم لواجبات وظيفتهم..).

من ضمن هذه التعديلات هو إضافة فصل جديد إلى الباب الثاني اشتمل على ست مواد تضمنت حالات انتفاء الجريمة من الفعل المنسوب لرجل الشرطة وألزمته بإثبات أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وانه كان يعتقد مشروعيته وان اعتقاده مبني على أسباب معقولة, وفي حالة تجاوز رجل الشرطة حدود أداء الواجب فيعاقب على هذا التجاوز بوصفه جريمة غير عمدية..) . وهذا تبرير مسبق لأي جريمة يرتكبها الجندي، وتشجيع واضح على القتل والتحريض عليه، وفق منطق اقتل والقانون يحميك . وهذا لعمري لم يحدث حتى في أسوى قوانين الأنظمة القمعية على مر التاريخ، التي اتخذت وتتخذ من الأجهزة الأمنية والبوليسية أداة لتقتل بواسطتها كل من يناوئها .!

ومما ورد بهذه التعديلات أيضا هو انه لا يجوز رفع دعوى جزائية ضد رجل الأمن الذي ارتكب الجريمة إلا بموافقة وزير الداخلية شخصيا، أي إن وزير الداخلية الذي هو غريم وطرف معتدي يجب ان يوافق على رفع دعوى جزائية ضده، وهذا شرط لا يوجد له مثيل من الاستخفاف بأرواح الناس ومصادرة حق كفله شرع السماء قبل أن يكفله حق قانون الأرض، حين يجب على المجني عليه أو أولياء الدم ان يأخذوا الإذن المسبق من غريمهم برفع دعوى جزائية ضده.!

 ومن اغرب ما ورد بهذا القانون هو انه حين يعمد رجل الأمن إلى قتل مواطن في تظاهرة سلمية فأن هذا الجاني لا يتحمل أي مسئولية جنائية، وان الوزارة تتحمل دفع الدية للقتيل، هذا في حال أن اقتنعت الوزارة بدفع الدية أصلا،وإلا فإن روح المجني عليه ستذهب سدى وفق هذا القانون القاتل.

فأين هي روح الدستور المستمد من الشريعة الإسلامية حين يتم قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق مجرد الشبهة ، ثم وهو الأهم أين هي الالتزامات التي تقول السلطة إنها تلتزم بها تجاه المواثيق الدولية التي تحمي حقوق الإنسان وأهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.؟ وفي أي شرع يجيز لرجل الأمن أن ينفذ عقوبة الإعدام وفق ما يراه ووقت ما يقرره.

 يأتي هذا المسعى بتمرير هذه التعديلات الخطير المنتهكة لحقوق الإنسان والمتعدية على حياته ودمه وعرضه ،خلسة وفي غفلة الناس بالأحداث ا لجارية بالمنطقة، والغريب إنها تأتي أيضا في غمرة تعهدات سلطوية بإفساح المجال للحريات العامة ضمن ما تزعمه هذه السلطة إنها عملية إصلاحات سياسية واجتماعية، مجاراة للعاصفة الشعبية التي تهد أركان الأنظمة الاستبدادية بالمنطقة العربية.

وعلى الرغم إن قتل المواطنين المحتجين سلميا والعزل من السلاح في ساحات الميادين والشوارع هي سياسة قائمة على ارض الواقع وتتم كل يوم تقريبا وبشكل روتيني،من غير قانون يجيز ذلك، إلا إننا هنا نعلنها صرخة لكل المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني بالداخل والخارج، للتصدي لهذا التوجه الخطير الذي تسعى إليه السلطات باليمن لتشريع وتقنين هذا القتل والقمع والإمعان في التصفيات الجسدية للمعارضين والمحتجين بوجه سياساتها، والتصدي لاسترخاص حياة الإنسان بهذا الوطن المنهك من عبئ الاستبداد والقهر والقتل، وحماية أيضا لأرواح الأبرياء التي تفترسهم مثل هذه القوانين القاتلة،ولكي لا يتمكن الجناة من الإفلات من العقاب تحت حجة إنهم كانوا يطبقون القانون .

 (ولله الحجة البالغة)


في الإثنين 14 فبراير-شباط 2011 06:16:15 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=9126