ماذا سيحدث لو ألغيت اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وإسرائيل؟ تركيا تبدا بتسليم مسيرتها بيرقدار لأول دولة أوروبية.. وتتربع كأبرز 3 دول مصنعة للمسيرات حول العالم. المليشيات الحوثية تنفذ حملة اعتقالات بحق قاصرين يمنيين لانسحابهم من معسكرات الصيف الحوثية ... تفاصيل أجهزة الأمن بمحافظة مأرب تكشف تفاصيل وملابسات انتحار شاب في احد سجونها إيران تقترب أكثر من السلاح النووي .. «الدبلوماسية الغامضة» قرار رئاسي.. لتجنيد السجناء في صفوف الجيش .. كييف في ورطة رئيس الوزراء يناقش في لندن مع مسؤولي المنظمات الدولية فتح مكاتبها بعدن وتحويل المساعدات عبر البنك المركزي شاهد بالصور هذا ماحدث ليل امس بمحافظة مأرب.. مصدر الإنفجار العنيف الذي سمع ورواية مختلفة للحوثيين خبر غير سار لمدرب برشلونة تشافي هل لهجمات الحوثيين علاقة؟.. بريطانيا تكشف عن سلاح جديد لتفجير الطائرات المسيَّرة على الفور ''صورة''
حين حصلت الوحدة بين شطري اليمن في مايو/أيار عام 1990، كان يصح القول إن اليمن استثناء عربي، لأن دولتين توحدتا، على الرغم من اختلاف النظامين السياسيين، وقدمت كل منهما تنازلاً من أجل مشروع جديد، يأخذ بمحاسن التجربتين السابقتين. ولكن، هذا الحلم لم يستمر أكثر من عام، وانقلبت الآمال الكبيرة إلى كوابيس، ولم يطل الوقت حتى انتهى الطرفان إلى حرب مدمرة في عام 1994، وانفرطت الشراكة، وصارت الوحدة بالنسبة إلى الطرف الجنوبي نمطاً من "الاستعمار الداخلي".
ومن يرجع إلى حيثيات تلك الفترة، يجد أن الخاسر ليس الجنوب وحده، بل اليمن بشطريه، لأنه بدلاً من أن ينتقل إلى البناء، لتجاوز الفروق بين التجربتين، كما حصل في الحالة الألمانية، انحدر إلى الحروب الداخلية والنزاعات ذات الطبيعة القبلية والمناطقية والطائفية، ومن خلف ذلك كله، لعبة السلطة ونزعات السيطرة التي حاول، من خلالها، حكام صنعاء ممارسة هيمنة مركزية، تحت مفهوم "عودة الفرع إلى الأصل"، على حد تعبير الشيخ القبلي، النافذ حينذاك، عبدالله بن حسين الأحمر.
جاءت ثورة الشباب اليمني في فبراير/ شباط 2011 كي تنتشل اليمن من حالة التردي التي عاشها، بعد انسداد أفق مشروع الوحدة، وأنعشت الآمال بتسويةٍ تاريخيةٍ بين الجنوب والشمال، وداخل الشمال نفسه، الذي عانى من ست حروبٍ، خاضتها السلطة مع الحوثيين في صعدة، من أجل إنهاء مشروعهم، الذي بدأ دعوياً، وانتهى إلى تمرد مسلح. ونجحت المبادرة الخليجية، بمساعدة الأمم المتحدة ومندوبها الدؤوب، جمال بن عمر، في وضع البلاد على السكة، وأنجزت أمرين هامين، الأول، إبعاد الرئيس علي عبدالله صالح وعائلته عن الحكم، وعقد مؤتمر الحوار الوطني، الذي كان بمثابة تصفيةٍ لملفات الماضي، ووضع جدول عمل للسير بالبلد نحو المستقبل. ولكن، تبين أن هذا الإنجاز تصعب ترجمته على أرض الواقع، لأن ميدان اللعب في الكواليس ظل مفتوحاً في غياب دولة يمنية متماسكة، ودعم عربي ودولي يمارس الرعاية المباشرة للتجربة، وعدم الاكتفاء بالنصح وتقديم المشورة فقط.
أخطر اللاعبين في الكواليس هو الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، والذي اكتفت المبادرة الخليجية بوضعه جانباً، وقدمت له الحصانة، وهنا أحد عيوبها القاتلة، وإذا كان هناك من خطر فعلي على اليمن ومستقبله وانتقاله بسلاسة ضمن توافق الأطراف على مخرجات الحوار الوطني، فهو عدم وضع ضوابط، تمنع صالح من التدخل في مجريات الترتيبات الجديدة، ذلك أن هذا الضابط، الذي حكم اليمن منذ عام ،1978 صارح أنصاره بأن لقب الرئيس السابق لا يليق به، وصار يتندر في مجالسه بوصف نفسه "الرئيس السابق واللاحق". وهذا الأمر ليس من فراغ، فهو ليس بلا أنياب، وطوال فترة حكمه، لم يفعل شيئاً غير بناء الجيوش والولاءات ومراكمة المال العام، مما جعله أغنى من الدولة نفسها، وكان دأبه الأساسي الانتقام من خصومه، من دون أن يسقط من حسابه العودة إلى الحكم، مهما كلف ذلك من ثمن. ولذا، عمل على حياكة خيوط اللعبة الأخيرة كاملة، ونجح في الثأر من خصومه، علي محسن الأحمر، وأولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ونائبه السابق، الرئيس عبد ربه منصور هادي، ووضع البلاد أمام حالةٍ من الفوضى، لكي يبرر عودته من جديد، هو الذي يمسك بقوى عسكرية على الأرض، تصرفت بحياد تام أمام زحف قوات الحوثيين.
تشبه اللعبة اليمنية على نحو ما دراما شكسبيرية، بطلها خلف الكواليس، الكل يعرفه، ولا أحد يسميه، لأن الجميع عاجز عن أن يوقف محاولته العودة إلى السلطة على ظهر دبابة الحوثي، عدوّ الأمس.
-المصدر :العربي الجديد