الطالبات المسلمات الأكثر تفوقا في بريطانيا.. كيف تميزت المدارس الإسلامية؟

الأحد 01 مارس - آذار 2020 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس- الجزيرة نت
عدد القراءات 3454

لم تعد المدارس الإسلامية مجرد بديل آمن لأبناء المهاجرين للحفاظ على الهوية الدينية والاجتماعية، وإنما أصبحت منافسا قويا لمختلف المدارس، إذ نجحت في تقديم نماذج متفردة من الطلاب الذين يجمعون بين التفوق الأكاديمي والتميز التربوي. وفي السياق، تواصل المدارس الإسلامية في بريطانيا حصد نتائج أكاديمية مميزة، مما يضعها في صدارة أفضل المدارس في المملكة المتحدة. فبعد أشهر من إعلان وزارة التعليم البريطانية تصدر ثلاث مدارس إسلامية لقائمة أفضل المؤسسات التعليمية في البلاد، أظهرت لائحة جديدة من الوزارة نفسها ريادة مدرسة إسلامية للطالبات بتصنيف أفضل المدارس تحقيقا لتطور أداء الطلبة.

وأظهرت قائمة وزارة التعليم البريطانية أن مدرسة "توهيدول" الثانوية الإسلامية للبنات حصدت المركز الأول بين مختلف المدارس في المملكة المتحدة من حيث تحقيق أعلى المعدلات في تطوير مهارات الطالبات التعليمية والأكاديمية. كما حازت الطالبات في هذه المدرسة أعلى النقاط في اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم.

تميز أكاديمي

حسب الإحصائيات التي تقوم بها لجنة التصنيف، فإن 83% من الطالبات حصلن على "علامات مرتفعة" في الإنجليزية والرياضيات، كما أن 63% منهم بلغن مستوى ما يعرف بالبكالوريا الإنجليزية، وهي الدرجة التي يحصل عليها الطلبة القادرون على بلوغ معدلات تتراوح ما بين 5 و9 نقاط في الإنجليزية والرياضيات والعلوم واللغات الأجنبية والتاريخ والجغرافيا. ونجحت المدرسة الثانوية الإسلامية في تجاوز المعدل الوطني من حيث عدد الطالبات الحاصلات على درجة البكالوريا الإنجليزية، بمعدل ست من أصل كل عشر طالبات، بينما لا يتجاوز المعدل على الصعيد الوطني طالبين من أصل كل عشرة. وتفوقت المدرسة الواقعة في لندن على بقية المؤسسات التعليمية في الحصول على أعلى معدل (2.16) في تحقيق تطور في مؤهلات الطلبة، وصُنفت "فوق المعدل الوطني بكثير"، ويشير التصنيف الرسمي إلى أن 14% فقط من المدارس في بريطانيا تمكنت من تحقيق هذا التصنيف. وفي تعليقه على النتائج المحققة، عبر حميد باتل الرئيس التنفيذي لمجموعة "ستار أكاديميز" التي تضم المدرسة الإسلامية للطالبات، عن سعادته بهذا التصنيف، الذي سبق للمدرسة نفسها أن حققته في ثلاث سنوات متتالية. وفي تصريحاته للموقع الرسمي للمدرسة، يقول المسؤول التعليمي إنه رغم الامتحانات الصعبة "فقد نجحت طالباتنا المذهلات في العمل بجد لتحقيق هذه النتائج". وأكد رئيس المجموعة التعليمية التي تعتبر من بين الأفضل في المملكة المتحدة أن تفوق الطالبات يعود أيضا لعمل أسرهن ولدعم الطاقم التعليمي بالمدرسة، مشيرا إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالعلامات الممتازة، بل إن مصدر الفخر يعود أيضا إلى كون الطالبات يشكلن شخصيات متفردة وقوية، ولديهن حس بالمواطنة، لخدمة مجتمعهن بكل شغف.

بيئة إسلامية

ويفسر عصام حرب، معلم في مدرسة ثانوية إسلامية في العاصمة لندن، التفوق الأكاديمي للمدارس الإسلامية بالتزامها بالمعايير الصارمة التي تفرضها السلطات في البلاد، مشيرا إلى أن "من هذه المعايير هناك جودة الإدارة والتدريس، ومتابعة نتائج الطلبة وقدرتهم على التحصيل العلمي". ويرى حرب -الأستاذ المحاضر في شؤون التربية- في تصريحاته للجزيرة نت أن الخلفية الإسلامية تسهل التواصل بين الآباء والطاقم التعليمي، مضيفا أن نجاح المسار التعليمي والتربوي للتلاميذ والطلبة مرتبط بنجاح العلاقة بين الأسرة والطالب والمدرس، وهو ما أطلق عليه المثلث الذهبي. ويستبعد وجود صور نمطية بشأن المدارس الإسلامية "لأنها في النهاية مدارس لها ترخيص حكومي وتشتغل وفق البرامج التعليمية البريطانية ووفق المنهجية الموجودة في البلاد"، مردفا بأن الاختلاف الوحيد هو أن هذه المدارس تقدم مواد تعليمية لها علاقة بالدين والتربية الإسلامية، "وهناك صلوات الجماعة في المدارس التي لها أهمية في ربط علاقة جيدة بين الطالب والمدرس". وتحاول هذه المدارس أن تضع الطالب في "بيئة إسلامية من الاستماع للقرآن وحفظه، وهذا يولد شعورا إيجابيا لدى الآباء بأنهم يضعون أبناءهم في بيئة تحافظ على هويتهم الإسلامية". ومع ذلك يحذر عصام حرب من "كون هذا الشعور قد يولد إحساسا كاذبا بالأمان لدى الآباء ويدفعهم للتخفف من واجباتهم، لذلك فأنا أصر على أهمية حضور الوالدين ومتابعتهم المستمرة لأولادهم لنجاح المدرسة في أداء مهمتها وتحقيق نتائج أكاديمية جيدة".

نقاط القوة بالمدارس الإسلامية

وبسؤال عبد السلام باسو -معلم مدرسة لندن الإسلامية- عن نقاط القوة بالمدارس الإسلامية، أكد أن المعلم هو الركيزة الأساسية في تميز الطلاب في مثل هذه المدارس، ومن ثم فهو لا يتعامل مع التدريس بمنطق الواجب المهني فحسب، وإنما يستشعر المسؤولية في كونه يتعامل مع أطفال لديهم خلفية إسلامية، وعلى المعلم أن يرسخ لديهم هذه الهوية التي لا تتعارض مع كونهم بريطانيين فاعلين في مجتمعهم. ويشدد باسو، في حديثه مع الجزيرة نت، على أن "وصف هذه المدارس بالإسلامية لا يعني أنها فضاء لنشر أيديولوجية معينة، وإنما مؤسسة تعليمية تحترم القوانين ولا تسمح أبدا بنشر أي أفكار أيديولوجية ومهمتنا فقط أن نبني مسلما بريطانيا قادرا على الاندماج في المجتمع وخدمته". ومن بين القضايا الأساسية التي يركز عليها الطاقم التدريسي في المؤسسات التعليمية الإسلامية، هي تهيئة الطلبة والتلاميذ للحياة ما بعد المدارس "فنحن نعمل مع أطفال منهم من سيواجه العنصرية بسبب لونه أو التمييز بسبب مظهره ودينه ولهذا نهتم جدا بالتحضير النفسي للأطفال حتى تكون لديهم العدة الأكاديمية والنفسية لمواجهة مثل هذه الظواهر"، حسب المتحدث ذاته. ويتوقع عبد السلام باسو مواصلة المدارس الإسلامية حصد أفضل المراكز في تصنيفات المملكة المتحدة، كنتيجة طبيعية للجهد الذي يبذله المعلمون في التعامل مع الأطفال، سواء على المستوى التعليمي أو التربوي.