كرمان: الثورة نجحت بالمجيء برئيس من خارج المركز العصبوي والمبادرة ليست تسوية بل عملية انتقالية

الخميس 06 سبتمبر-أيلول 2012 الساعة 08 مساءً / مأرب برس/ خاص
عدد القراءات 6577
 
  

قالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان بأن أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي ثلاثة تحديات كبيرة لا بد أن يتجاوزها، وتتمثل في التحدي الأمني، والتحدي السياسي، والتحدي الاقتصادي، مؤكدة على ضرورة الإسراع الفوري في عملية إنهاء الانقسام بين مؤسسات الجيش والأمن، وتوحيدهما بحيث تكونان خاضعتان للقرار السياسي في الرئاسة والحكومة.

وأضافت كرمان -في حوار صحفي لها مع صحيفة 26 سبتمبر الرسمية- بأن التحدي الأمني هو أول التحديات وأهم المسؤوليات التي تقع على عاتق الرئيس هادي، والتي يتعين عليه إنجازها بسرعة، لأنه مسؤول عن حفظ الأمن والاستقرار باعتباره على رأس أعلى هيئة رسمية في البلاد، ولن يستطيع أن يحفظ أمن واستقرار البلاد مع بقاء الانقسام في الجيش والأمن.

وفيما يخص التحدي السياسي، قالت كرمان بأن على الرئيس هادي أن يتجاوز هذا التحدي عبر رعاية مؤتمر الحوار الوطني الشامل لإنجاز الحلول والمعالجات لأهم القضايا الوطنية وأهمها القضية الجنوبية وإنجاز الدستور الجديد وحزمة الإصلاحات الديمقراطية اللازمة لإقامة النظام الديمقراطي الرشيد والاستفتاء عليها، ثم إقامة الانتخابات المتعددة لإكمال العبور الآمن بالبلاد إلى الشرعية الدستورية.

كما دعت كرمان الرئيس هادي إلى وضع حل اقتصادي سريع يخفف الأزمات الاقتصادية ويكفل العيش الكريم للمواطنين، مشيرة إلى أن بإمكان الرئيس أن يعمل عملية نهوض اقتصادي سريع من خلال مطالبة الدول الراعية للمبادرة الخليجية بأن تفي بتعهداتها والتزاماتها لليمن فيما يتعلق بالنهوض الاقتصادي في اليمن، وقالت بأن هناك استعداداً كبيراً من قبل المجتمع الدولي لتقديم كافة سبل الدعم الاقتصادي واللوجستي للنهوض باليمن.

وأكدت كرمان بأن الفعل الثوري والنضال الشبابي هو من جاء بالرئيس هادي, وأن الثورة السلمية نجحت بالمجيء برئيس من خارج المركز العصبوي، ليتولى قيادة المرحلة الانتقالية وفقاً لإرادة ثورية أكدتها أصوات أكثر من سبعة مليون يمني في يوم 21 فبراير، بعد أن كان الكثير من شباب الثورة يدعونه بأن يتسلم السلطة، مؤكدة بأن كل الدلائل والإحصاءات تقول بأن هناك رضى شبابياً واسعاً به وثقة به باعتباره أحد أهم منجزاتهم الثورية.

وأوضحت كرمان بأن «ما حدث في اليمن ثورة عظمى أشعلها الشباب نتيجة أزمات متعددة وعميقة عانت منها اليمن في كل الجوانب والميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية, وأصبحت البلاد على حافة السقوط والانهيار, وكل المؤشرات تنذر بفشل الدولة والمجتمع وانهيار شامل في كل شيء إن لم تقم ثورة تنقذ البلاد وتضع اليمن على المسار الصحيح وتجعل الشعب بكل قواه الشعبية والشبابية والحزبية والاجتماعية يتحمل مسؤوليته في مواجهة الفشل وبناء دولته الوطنية الحديثة».

وقالت كرمان: «أن الرئيس هادي بشخصه الاعتباري كرئيس يحظى بالتأييد الشعبي والثوري والدولي ونعتبره أهم مؤسسات الثورة الانتقالية، ونحن راضون إلى درجة كبيرة عن أدائه ونطالبه بالمزيد، ونثق بأنه سوف يفعل وسوف يقود أهم مراحل التغيير العميق خلال المرحلة الانتقالية».

وأضافت كرمان بأن «التدخل الخارجي نوعان، تدخل لتمويل أنشطة غير ثورية لخدمة مشاريع إقليمية ضارة باليمن وهذا النوع من التدخلات الخارجية نرفضه، أما النوع الآخر فهو رعاية المجتمع الدولي للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وهذا التدخل فعلاً شكل تحدياً وعقبة أمامنا حالت دون أن ننجز إسقاط النظام السابق بشكل كلي، وبنفس اللحظة على نفس الطريقة التونسية والمصرية, وهذا التدخل برغم ضيقنا منه إلا أننا نتفهمه، ونتعامل على أساسه مع المجتمع الدولي كشركاء إقليميين ودوليين».

ونوهت كرمان إلى أن «المبادرة هو أنجاز حققته الثورة، وأن الثورات السلمية عادة ما تكون الإنجازات الثورية مغلفة باتفاقات ومبادرات يظهر فيها الحاكم المستبد وكأنه تنازل راضياً ومختاراً، بينما هو لم يتنازل ولم يختر»، مشيرة إلى أن «جميع بنود الآلية التنفيذية الخليجية تصب تماماً في مطالب الثورة الشبابية الشعبية، ونطالب بتطبيق بنودها ونناضل لتنفيذها بطريقتنا, ما عدا بند الحصانة».

وقالت كرمان بأن «المبادرة الخليجية ليست تسوية بل عملية سياسية انتقالية نتيجة لثورة شبابية شعبية سلمية، بالإمكان أن نسميها عملية سياسية تمت على إثر عملية تفاوض، وليست تسوية أو صفقة مع علي عبدالله صالح، ووجود المؤتمر في العملية السياسية وترحيبنا به ليس دليلاً على التسوية بقدر ما هو دليل على قبولنا بالآخر وعدم رغبتنا في الانتقام وقدرتنا على التعايش، ولأننا نعلم أن المؤتمر سيمثل إضافة رائعة ورائدة للحياة السياسية».

وأضافت كرمان بأن «العملية السياسية الانتقالية سوف تسير إلى نهايتها وستحقق غايتها كاملة في العبور باليمن إلى الشرعية الدستورية والحياة المدنية الحرة والكريمة»، مؤكدة بأن الثورة السلمية نجحت بالفعل في تجاوز المعضلة الأهم، حين جاءت برئيس جمهورية من خارج المركز العصبوي، وهي ماضية لإقامة دولة المواطنة المتساوية التي ينعم الجميع فيها بالحقوق والحريات والحياة الكريمة والشراكة الوطنية بصورة عادلة ومتساوية».

وأكدت كرمان بأن هناك خطورة كبيرة على كل شيء إذا بقي الجيش منقسما ومختطفا وموجها ضد السلطة الانتقالية, وقالت بأن «ما يحدث الآن من استمرار انقسام الجيش والأمن جعل الجماعات الإرهابية توسع من نشاطها وأفسح المجال لعمليات التمرد لضرب الخدمات العامة وعمليات التقطع والانفلات الأمني في المدن والأحياء والشوارع، لذا هناك أولوية ملحة في إنهاء انقسام الجيش والأمن وهيكلته وتوحيده في قيادة موحدة تتبع القرار الرئاسي السياسي وتحمي الوطن واستقراره وسيادته لا العائلة ولا الطائفة ولا المنطقة ولا الجهة».

واعتبرت كرمان توحيد الجيش وهيكلته أهم متطلبات الفترة الانتقالية وأهم متطلبات التنمية الاقتصادية والشرط الضروري لنجاح العملية السياسية، وقالت: لا أعتقد أن هناك تعقيدات فنية تحول دون الدمج، الأمر فقط يحتاج إلى إرادة سياسية وقرارات رئاسية تجعل من كافة ألوية الحرس الجمهوري والفرقة الأولى تابعة مالياً وإدارياً للمناطق العسكرية التابعة لإدارة وزارة الدفاع بحيث تكون هي المسؤولة عن توزيعها وإعادة انتشارها وقيادتها.

وأكدت كرمان بأن هناك روابط عديدة تجمع بين الحراك الجنوبي السلمي والثورة الشبابية الشعبية السلمية، وأهم ما يجمع بينهما هو الالتزام الأخلاقي الصارم لكليهما بالحالة السلمية والجرأة في الحلم والشجاعة والقدرة على التضحية في سبيله، كما أن كلا من الحراك والثورة السلمية ضاقا بدولة المحسوبيات والرشاوي والحكم الفاسد والفاشل والمستبد ومارسا نضالاً سلمياً استهدف إسقاط النظام السابق بكافة مكوناته ولم يبخلا عن تقديم التضحيات في سبيل معركة الحرية والكرامة.

وقالت كرمان بأنها أعجبت بنضالهم وساندته وانحازت إليه منذ انطلاق الحراك الذي بدأ في جمعية المتقاعدين العسكريين التي امتدت إلى معظم قرى ومدن الجنوب، ثم تحولت حراكا شعبياً سلمياً شاملاً، وشهدت معهم أهم محطات نضالهم السلمي الكبير.

وأضافت كرمان: الحراك الجنوبي نجح على المستوى الوطني وهو المهم، لقد فرض القضية الجنوبية على جميع مكونات الحياة السياسية والاجتماعية في اليمن واعترف بها الداخل والخارج، وبفعل نضال الحراك الجنوبي ومن بعده الثورة الشبابية وصل مطلب الحل العادل والمرضي للقضية الجنوبية وبما يرضي إخواننا في الجنوب إلى مرحلة اللاعودة، كما أن الحراك السلمي نجح في رد الاعتبار للجنوب بشكل خاص ولليمن بشكل عام.

وتابعت كرمان: أنا مع ما يرتضيه إخواننا في الجنوب من حلول عادلة للقضية الجنوبية، وأياً كانت تلك الحلول أنا معها وسوف أساندها، هذا الوعد تعهدت به في بداية ثورة الشباب وهي القناعة التي تتملكني قبل الثورة، هذا موقف مبدأي وأخلاقي لا أتردد في قوله والدفاع عنه.

واعتبرت كرمان بأن الوحدة الفيدرالية والنظام الاتحادي القائم على المعايير المتعارف عليها في النظم الاتحادية والفيدرالية هو الحل، وقالت: سوف أساند أي حل- كما قلت- يتوافق عليه الجنوبيون أو يرتضونه, والفيدرالية كفكرة وكحل ضروري وكمشروع استراتيجي لليمن.

وقالت كرمان: إن اللقاء المشترك أحد أهم القوى الوطنية في الوطن ، وأهم إنجاز حققته المعادلة السياسية خلال الفترة الماضية، وهو شريكنا الرئيسي في الثورة وقد بذل جهوداً لا تنكر في الجانب السياسي من أجل إنجاح الثورة.

وأضافت: نتعاطى مع الحوثي كقوة وطنية شريكة معنا في الثورة وجزء أساسي من القوى الوطنية فيه وسوف نعمل معا في شراكة وطنية لبناء بلدنا الديمقراطي الحديث، وليس لدينا مشكلة مع مطالب الحوثي السياسية ولا مع حركته، هناك مشكلة في سلاح الحوثي على خلفية حروب صعدة الستة، وأعتقد أن مؤتمر الحوار سوف يضع حلا لمشكلة امتلاك السلاح خارج الدولة، ولا أعتقد أن الحوثي أو غيره من الجماعات والجهات التي تمتلك سلاحا لديهم مانع من ذلك.

وتابعت كرمان: واثقة ومؤمنة بأن الجميع سيعيشون بسلام وشراكة وقبول واعتراف بالآخر في كل أرجاء وطننا الكبير، وأدعو الحوثيين والإصلاحيين وكل القوى السياسية والاجتماعية في البلاد إلى الالتزام بتعهداتهم لشباب الثورة بالحفاظ على الفعل السلمي واعتماد الحوار بدل العنف، والشراكة بدل الصراع، كوسيلة للعلاقة الثنائية بينهما بشكل خاص وبين بقية الأطراف والفرقاء بشكل عام.

وأكدت كرمان بأن «الوطن متسع للجميع.. وهناك وفرة لكل التيارات والقوى، وفي ظل القبول والتعايش والشراكة سوف نحلق بأمتنا إلى آفاق عالية هذا مصيرنا وقدرنا، التنوع والتعدد والشراكة والتعاون هي المبادئ التي ستقوم عليها معادلة شراكتنا الوطنية».

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن