الصوماليون يصعّدون عمليات اللجوء غير الشرعي إلى اليمن في أكبر عملية نزوح في رحلات 'الموت'

الجمعة 17 أكتوبر-تشرين الأول 2008 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس من خالد الحمادي:
عدد القراءات 4554

صعّد المواطنون الصوماليون عمليات اللجوء غير الشرعي إلى اليمن لدرجة غير مسبوقة خلال الأيام الماضية، عبر قوارب مهلهلة تابعة لتجار البشر الذين احترفوا نقل الراغبين في اللجوء إلى اليمن من الصوماليين والإثيوبيين والإريتريين والجيبوتيين مقابل 80 إلى 100 دولار على الشخص، في رحلات أصبحت مشهورة بـ'رحلة الموت' بين ضفتي خليج عدن في الصومال واليمن.

وذكرت مصادر محلية في مديرية أحور الساحلية لـ'القدس العربي' أن أربعة قوارب صومالية وصلت صباح أمس الاول محملة بنحو 450 صوماليا وبعض الإثيوبيين الذين يرغبون في اللجوء باليمن، إلى شواطئ قرية حصن بلعيد وما جاورها التابعين لمديرية أحور بمحافظة أبين، وأن هذه العملية تعد الأكبر من نوعها التي تشهدها السواحل اليمنية من حيث الكثافة في العدد.

وأوضح أنه من ضخامة العدد لم تتمكن المنظمات العاملة في المجال الاغاثي من استيعابهم وتوفير الخدمات اللازمة لهم بالكامل، خاصة مع استمرار تدفق اللاجئين بشكل متواصل لم يكن معهودا من قبل منذ نهاية الشهر الماضي، وبكثافة غير مسبوقة على الرغم من أنهم جميعا وصلوا سالمين ما عدا مواطنا إثيوبيا توفي أثناء عملية الإبحار من كثرة الضرب الذي انهال به عليه القراصنة أصحاب القارب الذي انتقل به إلى السواحل اليمنية، حيث وصل جثة هامدة.

وذكر شهود عيان من سكان قرية حصن بلعيد لـ'القدس العربي': أصبحنا نصحو بشكل مستمر على جثث الصومالين الواصلين إلى شواطئنا سواء أحياء ملقيين على الأرض من كثرة الإعياء والتعب من رحلة تدوم قرابة 40 ساعة أو جثثا هامدة للذين توفوا أثناء عملية الإبحار، جراء الضرب المبرح الذي يلاقونه من تجار البشر أصحاب القوارب التي لا تصلح لنقل البشر ناهيك عن تحميلها بثلاثة أضعاف طاقتها.

وكشف لاجئون صوماليون من الواصلين إلى اليمن أن اللاجئين يتعرضون لعمليات ضرب متكررة من قبل المهربين، وأحيانا يستخدمون السكاكين والأسلحة النارية لإسكات اللاجئين ومنعهم من أي مقاومة أثناء الطلب منهم القفز الى البحر قبيل وصولهم إلى الشواطئ اليمنية بمسافات بعيدة، هربا من ملاحقة شرطة خفر السواحل التي تقبض أحيانا على المهربين الذين يصلون إلى السواحل اليمنية.

وأوضحوا أن المهربين يمنعونهم من حمل مواد غذائية معهم أو مياه أثناء رحلتهم حتى لا يثقلوا على القارب الذي يقلهم، حيث تتراوح حمولة هذه القوارب بين 90 إلى 120 لاجئا بينما الحمولة الطبيعية لها يفترض ألا تتجاوز 40 شخصا.

وأكدوا أن المهربين يقومون برص اللاجئين بشكل مكثف داخل القوارب ولا يسمح بالحركة على الإطلاق ولا يتاح المجال بأي شكل لتغيير تموضع القعود أو الاسترخاء، وأي شخص يعترض على هذا الوضع يقوم المهربون بإسكاته عبر استخدام العصي والسكاكين وغيرها وأحيانا يصل الوضع إلى استخدام السلاح الناري ورمي جثته بالبحر بدم بارد وكأن شيئا لم يحصل.

وعلى الرغم من كل هذه المآسي والمشاكل التي يواجهها اللاجئون غير الشرعيين لليمن من دول القرن الإفريقي وعلمهم المسبق بذلك، إلا أنهم يزدادون في التدفق يوما بعد يوم، أملا في الحصول على فرص أفضل للعمل باليمن.

وذكرت إحصائيات نشرت مؤخرا أن العمال الصوماليين يشغلون نحو 120 ألف وظيفة في سوق العمل اليمني، وبالذات في القطاع الخاص وأنهم يمارسون العديد من المهن التي تدر دخلا جيدا، في حين يتهرب اليمنيون من ممارستها.

وفي حين تعتبر اليمن من أفقر الدول العربية في المنطقة والبطالة فيها تصل إلى نحو 46 ' من حجم العمالة أوضح العديد من اللاجئين أن اليمن ليست هي الوجهة الأخيرة لهم، وإنما يتخذونها مجرد ترانزيت أو محطة عبور للدول الغنية المجاورة لها وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، التي يصلونها بواسطة المهربين أيضا ولكن عبر الثغرات البرية التي لم تتمكن السلطات اليمنية ولا السعودية من حراستها، غير أن الضيافة اليمنية لهم قد تطول وتصبح هي المطاف الأخير في رحلتهم.

ويبدو أن هناك شبكات متخصصة في تهريب اللاجئين الأفارقة لليمن ولها عناصر نشطة في هذا المجال في تلك الدول، كما في داخل اليمن، حيث يهرب الكثير منهم أثناء وصولهم للشواطئ اليمنية من مراكز استقبال اللاجئين ويتجهون صوب المناطق التي يقطن فيها عناصر هذه الشبكات ليساعدوهم في مواصلة رحلتهم عبر إرشادهم لفرص العمل المتاحة أو توجيههم نحو عبور الحدود اليمنية بواسطة أشخاص محترفين في هذا المجال من اليمنيين والأفارقة وكذلك السعوديين.

وتتفاوت الإحصائيات عن أعداد اللاجئين الصوماليين في اليمن بسبب العجز عن إحصائهم أو تسجيلهم في سجلات مفوضية اللاجئين أو في سجلات السلطات اليمنية، لكثرة أعدادهم وعشوائية وصولهم لليمن.

وأرجعت العديد من المصادر أسباب مضاعفة أعداد وصول اللاجئين الصوماليين لليمن خلال الفترة القليلة الماضية إلى تراخي التشدد الأمني اليمني حيالهم حفاظا على سلامة أرواحهم، حيث كان الكثيرون منهم يموتون غرقا في البحر خلال الفترات السابقة لإجبارهم من قبل المهربين على النزول من قواربهم قبل وصولهم إلى بر الأمان على الشواطئ اليمنية بمسافات بعيدة، ولم يكن ينجو حينها من الموت سوى الماهرين بالسباحة فقط.

* القدس العربي

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن