آخر الاخبار

التونسيون يطيحون بـ(بن علي).. والأخير يتجه إلى قطر بعد رفض فرنسا ومالطا استقباله.. والرئيس الأمريكي يشيد بشجاعة الشعب التونسي

السبت 15 يناير-كانون الثاني 2011 الساعة 02 صباحاً / مأرب برس- متابعات:
عدد القراءات 7298
 
 

بعد انطلاق شرارة الثورة التونسية من ولاية سيدي بو زيد بحوالي ثلاثة أسابيع, تمت الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي, الجمعة 14/1/2011, الذي كان قد لاذ بالهرب إلى خارج البلاد واتجه إلى مكان غير معلوم بعد رفض كل من فرنسا ومالطا قبوله في أراضيهما, في حين تقول معلومات إن طائرته هبطت في قطر.

الرئيس الأمريكي باراك أوباما دعا إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة، مشيدا بشجاعة الشعب التونسي, فيما قالت فرنسا إن الرئيس التونسي غير مرحب به في أراضيها, وأبدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قلقها من الأحداث في تونس, فيما تؤكد معلومات أن طائرة الرئيس التونسي هبطت في الخليج.

وأكد مصدر أن ابن علي توجه إلى قطر، فيما أعلنت وسائل إعلامية فرنسية أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رفض استقبال ابن علي في فرنسا، لكن الخارجية الفرنسية قالت إن فرنسا "لم تتلق اي طلب" لاستقبال الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وستبحث اي طلب محتمل "بالاتفاق مع السلطات الدستورية التونسية", بينما أعلن متحدث باسم الحكومة المالطية أن طائرة الرئيس حلقت في أجواء بلادها باتجاه الشمال، فيما لم يؤكد أن طائرة زين العابدين ستهبط هناك, طبقا للعربية نت.

وشهدت تونس منذ الـ18 من ديسمبر 2010, تحركا شعبيا غير مسبوق في تاريخها, إثر إقدام شاب تونسي يدعى محمد البوعزعزي (26 عاما) في ولاية سيدي بو زيد على إحراق نفسه بمادة البنزين على إثر تعرضه للصفع والبصق على الوجه من قبل شرطية تشاجر معها بعدما منعته من بيع الخضروات والفواكه دون ترخيص من البلدية, في حين كان قبيل الإقدام على حرق نفسه قد تقدم بشكوى لسلطات سيدي بو زيد فيما حدث له, لكنها رفضت قبول الشكوى التي تقدم بها.

التلفزيون الرسمي التونسي كان قد أذاع بيانا رسميا بتولي الوزير الأول محمد الغنوشي السلطة مؤقتا، طبقا للدستور لحين إجراء انتخابات رئاسية جديدة, في حين يقول المحللون إنه بإمكان بن علي العودة إلى السلطة من الناحية القانونية, حيث كان الإعلان أنه لن يستطيع ممارسة مهامه مؤقتا, لكنه من المستحيل حدوث ذلك في ضوء الغليان الشعبي الذي أطاح به.

وتولى الغنوشي مقاليد الحكم في تونس استنادا لأحكام الفصل "56" من الدستور الذي ينص على "أنه في حالة التعذر على رئيس الجمهورية القيام بمهامه بصورة وقتية تفوض سلطاته للوزير الأول بشكل مؤقت".

وقال في بيان أذاعه التلفزيون الرسمي: "أتولى بداية من الآن ممارسة سلطاتي لرئاسة الجمهورية وأدعو كافة الفئات إلى التحلي بالروح الوطنية والوحدة لتمكين البلاد التي تعز علينا لتخطي المرحلة الصعبة واستعادة أمنها واستقراراها".

كما تعهد باحترام الدستور وتطبيق الإجراءات السياسية والاقتصادية التي تم الإعلان عنها منذ يومين بالتعاون والتنسيق مع كافة القوى والأطياف السياسية في البلاد.

لكن أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد انتقد إعلان محمد الغنوشي توليه صلاحيات الرئاسة. ووصف هذا الإجراء بأنه "مغالطة وخيانة دستورية وفضيحة".

وأوضح الصادق بلعيد, طبقا لموقع قناة الجزيرة على شبكة الانترنت, أن دستورية عملية نقل السلطة تستلزم قيام رئيس الجمهورية بتفويض الغنوشي بأمر منه، وإعلام رئيسي مجلس النواب والمستشارين بهذا الإجراء مسبقا. وأشار إلى أن هذه الخطوات لم تطبق.

المعارضة تبدي تعاونها مع الرئيس المؤقت

المعارضة التونسية أعلنت مساء الجمعة لوكالة الأنباء الفرنسية استعدادهما للتعاون مع الرئيس التونسي بالإنابة محمد الغنوشي الذي أعلن الشروع اعتبارا من غد السبت في اجراء مشاورات مع الاحزاب السياسية والاطراف الاجتماعية.

واكد قياديان معارضان انهما لا يعتقدان بامكان عودة الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي غادر البلاد تحت الضغط بعد نحو شهر من احتجاجات دامية في الشارع.

وقال احمد بن جعفر زعيم التكتل الوطني للعمل والحريات (معترف به) "بن علي لن يعود انا على يقين انه رحل نهائيا، المهم الان هو مصلحة البلد وان يتوقف نزيف الدم وان يتم تحقيق مطالب الشعب", طبقا لـ"إيلاف".

واعتبر ان من الضروري عدم التأخر في الاصلاحات والتغيير على راس الدولة لان الفصل الدستوري الذي اعتمد يلمح الى ان بن علي لم يتخل نهائيا عن الحكم. واضاف ان "ما حدث هو سيناريو يناسبني في نهاية الامر"، مضيفا انه اقترح تشكيل "لجنة وطنية للخروج من الازمة يمكن ان تفضي الى حكومة وحدة وطنية".

من جانبه، تحدث احمد نجيب الشابي زعيم الحزب الديموقراطي التقدمي (معارضة معترف بها) عن "اخراج دستوري ليس مثاليا لتغيير سياسي". وقال "على الغنوشي ان يعمل على تشكيل حكومة تمثل كافة المكونات والتحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية حرة وديموقراطية باشراف مراقبين اجانب".

وكان مصدر رسمي اعلن في وقت سابق ان الغنوشي "سيعقد ابتداء من يوم غد السبت مشاورات يدعو اليها كافة الاحزاب السياسية والاطراف الاجتماعية حول تجاوز الاوضاع الراهنة في البلاد والاصلاحات السياسية المقبلة". واضاف "ستشمل هذه المشاورات في مرحلة ثانية مكونات المجتمع المدني والحساسيات الفكرية في البلاد وعددا من الشخصيات الوطنية".

مصير غامض.. والخليج هو الأرجح

وفيما لم يتضح مصير الرئيس التونسي, نقلت "إيلاف" عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة", أن خيارت بن علي المتوقعة هي إما جدة أو الدوحة وذلك بعد أن رفضت فرنسا ومالطا استقباله.

وكانت مصادر أكدت في وقت سابق لـ "إيلاف" عن استعداد قطر لاستضافة غداة هروبه من البلاد.

وأكدت مصادر تونسية في حديث مع "إيلاف" عن سعيها لمقاضاة أي دولة خليجية تستقبل بن علي وذلك بعد أنباء عن رغبة الأخير اللجوء السياسي في الخليج.

بدورها، نفت مصادر ديبلوماسية إماراتية مطلعة لـ "إيلاف" تلقي البلاد أي طلب لجوء من قبل بن علي.

وقال مصدر مطلع إنه لا صحة لما تردد عن نية بن علي التوجه إلى دبي إثر اشاعة خبر توجه الاخير الى الخليج، مشيرا إلى ان زوجة الرئيس وصهره زارا دبي عدة مرات في وقت سابق.

جدير بالذكر ان زوجة بن علي التي لا تحظى بشعبية بين الشعب التونسي أقامت عيد رأس السنة في دبي وأقامت في جناح فاخر في برج العرب. وقال مصدر تحدث مع إيلاف إن زوجة بن علي سببت أزمة مع السفير هناك إلى حد وصل إلى الإهانة.

وتضاربت الأنباء حول مكان وجود زوجة الرئيسي التونسي بعد الحديث عن وجودها في دبي. وكانت مصادر دبلوماسية توقعت في اتصال مع "إيلاف" احتمال توجه زين العابدين بن علي إلى جدة أو الدوحة أو دبي بعد رفض مالطا وباريس استقباله

زين العابدين بن علي 1987- 2011

حكم زين العابدين بن علي الذي غادر تونس الجمعة تحت ضغط تظاهرات احتجاجية على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، هذا البلد 23 عاما منذ الانقلاب الابيض الذي قام به في 1987 واطاح سلفه الحبيب بورقيبة.

ففي السابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1987 رحب التونسيون بمن فيهم الاسلاميون، بتولي بن علي السلطة "دون عنف واراقة دماء" واشاد به انصاره معتبرين انه "منقذ" للبلاد التي كانت على حافة الهاوية واعترفوا له بوضعه اسس اقتصاد ليبرالي وبالقضاء على مخططات حزب النهضة الاسلامي الذي اتهم بالتخطيط لانقلاب مسلح.

وقد بقي على رأس السلطة اربع ولايات كاملة وكان في طريقه لاكمال ولايته الخامسة، مع انه الغى فور توليه السلطة في تونس "الرئاسة مدى الحياة" التي كان ارساها بورقيبة وحدد الولايات الرئاسية بثلاث. وقد اتاح له تعديل الدستور التونسي في 2002 في استفتاء، البقاء في السلطة.

وخلال رئاسته تونس التي حكمها بيد من حديد، فاز بن علي وحزبه في كل الانتخابات التي خاضها بنسبة فاقت التسعين بالمئة. واتبع هذا العسكري الذي تلقى تعليمه في مدرسة سان سير في فرنسا والمدرسة العليا للامن والاستخبارات في الولايات المتحدة، سياسة اجتماعية قائمة على مبدأ "التضامن" كما توصف رسميا، لكنها لم تحقق اهدافها وكان تردي الاوضاع الاجتماعية السبب الرئيسي للحركة الاحتجاجية التي بدأت منتصف كانون الاول/ديسمبر وادت الى تنحيه.

وقد اكد بن علي الذي شغل منصب وزير الداخلية ثم رئاسة الحكومة قبل ان يقصي بورقيبة، ايمانه بالتحول الديموقراطي "المتدرج" وادخل التعددية بجرعات محسوبة في البرلمان في 1994 ونظم في 1999 اول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ تونس. الا ان معارضيه اكدوا مرارا انها تعددية "شكلية" وانتقدوا الرقابة على الاعلام والجمعيات المدنية.

ومع انه اكد "تفهمه" لاسباب التظاهرات ووعد بعدم الترشح لولاية سادسة كانت ستتطلب تعديل الدستور الذي لا يسمح بالترشح بعد سن 75 عاما، وبارساء ديموقراطية حقيقية، لم تتوقف التظاهرات، فيما شكك المعارضون في قدرته على الوفاء بوعوده هذه.

وكان حلفاء بن علي الغربيون يرون فيه ضامنا للاستقرار من اجل تدفق الاستثمارات على تونس التي يزورها سنويا ملايين السياح الاوروبيين. لكن الاحتجاجات الاخيرة ومحاولة قوات الامن قمعها بعنف دفعت هذه الدول الى مراجعة مواقفها، بدءا بالولايات المتحدة التي اكدت فور مغادرته البلاد "حق" الشعب التونسي "في اختيار زعمائه" بينما لم تكف فرنسا عن ممارسة الضغوط عليه ليحقق بعض الانفتاح.

وقد وصف قسم من المعارضة ومنظمات للدفاع عن حقوق الانسان النظام التونسي في عهد بن علي بانه "تسلطي" و"بوليسي" واتهمته بالتعدي على الحريات بحجة مكافحة الاسلاميين. ففي حزيران/يونيو وتحت شعار اولوية الامن والاستقرار، استخدمت السلطات التونسية الجيش للقضاء على اضطرابات على خلفية البطالة والمحسوبية في الحوض المنجمي في جنوب تونس.

وخلال الحركة الاحتجاجية الاخيرة على البطالة وغلاء الاسعار، لم تتوان قوات الامن عن التصدي للمتظاهرين مستخدمة الغاز المسيل للدموع والهراوات، ما ادى الى سقوط 66 قتيلا بحسب منظمات غير حكومية. وعلى الرغم من محاولته الاخيرة الخميس نزع فتيل "ثورة"، تحدى الاف التونسيين مشاعر الخوف وطالبوا ب"رحيله".

وبن علي الذي كان يظهر احيانا مرتديا "الجبة التونسية" اللباس التقليدي الرجالي في تونس، شجع اسلاما معتدلا وووفر الحماية لممارسة مختلف الاديان في تونس. وهو متزوج وله ستة ابناء هم ثلاث بنات من زواج اول وابنتان وابن من زوجته ليلى بن علي الحاضرة بقوة في الحياة الاجتماعية والسياسية.