آخر الاخبار

زين العابدين بن علي تعرض لانقلاب عسكري.. ولم يتنح انسياقا لرغبة الشعب

السبت 15 يناير-كانون الثاني 2011 الساعة 07 صباحاً / مأرب برس- نشوان العثماني:
عدد القراءات 19808

بعد ساعات من الخبر المفاجأة المتمثل بسقوط الرئيس التونسي وهروبه إلى خارج تونس, يمكننا التوصل إلى أن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي تعرض لانقلاب عسكري, ولم يغادر البلاد استجابة لرغبة الشعب فقط.

فبالعودة إلى آخر خطاب متلفز له, (انقر هنا), كان زين العابدين بن علي قد أوضح جليا أنه سيبقى في السلطة إلى غاية العام 2014, موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة, مع اعترافه الواضح أنه تعرض للخداع من قبل مسئولين مقربين منه في الدولة, واسماهم بالمستشارين.

وحديث بن علي عن خداعه, كان قد ألحقه بوعيد أنه سيتم محاسبة أولئك المستشارين, لكن ذلك لم يحدث, وحدث أنه حوسب بطرده خارج البلاد.

بن علي أيضا كان قد أقال رئيس الحكومة, والمسمى في تونس بـ"الوزير الأول", وهو محمد الغنوشي, لكنه بعيد بث خبر إقالة الحكومة كانت طائرة الرئيس التونسي تقلع من مطار قرطاج إلى جهة غير معلومة قبل أن تهبط في مطار جدة بالسعودية, نتيجة الممانعة الفرنسية المالطية في الهبوط على أراضيهما.

محمد الغنوشي أعلن نفسه رئيسا بالإنابة, طبقا للدستور, في حين أنه كان قد أقيل من منصبه, فأستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد انتقد إعلان الغنوشي توليه صلاحيات الرئاسة. ووصف هذا الإجراء بأنه "مغالطة وخيانة دستورية وفضيحة".

وأوضح الصادق بلعيد, طبقا لموقع قناة الجزيرة على شبكة الانترنت, أن دستورية عملية نقل السلطة تستلزم قيام رئيس الجمهورية بتفويض الغنوشي بأمر منه، وإعلام رئيسي مجلس النواب والمستشارين بهذا الإجراء مسبقا. وأشار إلى أن هذه الخطوات لم تطبق.

وتقول الـ" BBC " إن زين العابدين بن علي كان قد وصل إلى السلطة في "انقلاب دستوري" وأطيح به في "انقلاب دستوري"، وفي الحالتين كان الجيش هو العامل الحاسم وليس الدستور.

حيث أطاح الجيش بالحبيب بورقيبة عام 1987 بعد أن بدأ مسلكه يتسم بالخرف وكاد يودي بالبلد الى أزمة سياسية واقتصادية, واليوم أزاح الجيش الرئيس الذي ارتبط اسمه واسم عائلته بالفساد والقمع السياسي.

حقا لن يكون الشعب التونسي أمام خيار أفضل إذا ما صحت هذه المعلومات, وإذا ما كان الغنوشي يعد نفسه بديلا للحكم عن طريق الانقلاب, إنما قد يكون هناك تكهن آخر, وهو قيام المؤسسة العسكرية بالانقلاب على بن علي, في حين أظهرت في الواجهة الغنوشي؛ لمعاجلة الغضب الشعبي, قبل الإقدام على حسم تسنم منصب الرجل الأول في الدولة.

ولن يكون من المتاح هنا التطرق للموقف الأمريكي الذي سارع, وبوضوح, إلى مساندة الشعب التونسي, من خلال إشادة الرئيس باراك أوباما بشجاعة التونسيين, والدعوة إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

وكانت الأنباء قد تحدثت, الأربعاء, أن بن علي أقال رئيس هيئة أركان الجيوش الجنرال رشيد عمار بعد أن عبر الأخير عن تحفظه عن القبضة الحديدية التي تعالج بها الأزمة الاجتماعية المتفجرة في البلاد, ورفضه إطلاق الرصاص على المتظاهرين.. ولنا أن نتساءل هنا: ماذا يعني الرفض من قائد الجيش؟

إن رحيل بن علي بهذه السرعة كان قد شكل هدفا مشتركا لأكثر من جهة في تونس, ومنها الشعب التونسي في المقام الأول, والذي استغل ثورته ضباط في الجيش ومسئولين في الحكومة, وخيروا "بن علي" بين البقاء ومواجهة مصيره المحتوم, أو الإقلاع إلى خارج الجمهورية.

وبما أن بعض المراقبين قالوا إنه بإمكان الرئيس بن علي الرجوع إلى السلطة من الناحية القانونية, حيث كان الإعلان أنه لن يستطيع ممارسة مهامه مؤقتا, لكن هذا الخيار مستبعد في ضوء الغضب الشعبي العارم والمتصاعد والذي ما زال يغلي منذ 3 أسابيع.

وستبقى كل الخيارات متاحة أمام الشعب التونسي في المحافظة على طابع ثورته, التي ستكون بمثابة الإلهام لشعوب المنطقة, والبدء بإصلاحات ديمقراطية واسعة في تونس, هذا إذا لم يتم كبح جماح هذا الحلم من قبل العسكر الجدد, والذين هم من ذات العباءة التي كان فيها بن علي حاكما للبلاد منذ أكثر من 23 عاما, وإن كان هذا ليس شرطا أن يكون أولئك بديلا مشابها أو أسوأ مما كان.. ولنا أن نترقب ما ستتمخض عنه الأيام القليلة القادمة.