مذكرات الشيخ عبدالله الأحمر: المشاركة في السلطة واشتعال الأزمة فالحرب (10 ـ 10)

الثلاثاء 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 الساعة 06 مساءً / مأرب برس
عدد القراءات 6106

الشيخ عبدالله الاحمر احد فصول تاريخ اليمن الحديث. فليس بالامكان تقليب صفحات هذا التاريخ دون التوقف عند شخصه، واسرته، وقبيلته، في عهد الإمامة كما في الجمهورية. انه فاعلية سياسية واجتماعية كبيرة في العهدين.

شيخ مشايخ قبائل حاشد، رئيس مجلس النواب ورئيس حزب التجمع اليمني للاصلاح المعارض، عبدالله بن حسين الاحمر، بلغ الرابعة والسبعين. ورغم تقدم السن، والمرض، فان الشيخ الذي تبندق في الخامسة عشرة، يرفض نزع السلاح ، ويخوض معركة جديدة، لكن هذه المرة مع التاريخ، من خلال مذكراته هذه التي خص القدس العربي بحقوق نشرها.

وهذه المذكرات سيرة رجل، بقدر ما هي سيرة بلد، تعكس شاشتها مرحلة انتقال اليمن من طور خالص الانتماء الي القرون الوسطي، الي طور هجين تتصارع فيه الأزمنة التقليدية والحديثة. وهي بذاتها علامة تحول او تغير: فمذكرات أسلافه كانت روايات شفاهية في الدواوين، بينما تميز عنهم بنقلها الي عصر التدوين .

انها ذكريات غنية بالتاريخ لرجل ينتمي الي أحد أثري البلدان العربية تاريخاً.

انتخابات إبريل 1993

كنا ننتظر الانتخابات البرلمانية بفارغ الصبر لأننا كنا نري أنها المخرج من الحالة التي عاشتها اليمن خلال الفترة الانتقالية، وأنها أي الانتخابات لا بد أن تؤدي إلي تغيير كامل. وفعلاً كانت نتائج الانتخابات وثمارها مفيدة برغم أن الحزب الاشتراكي استحوذ علي كل الدوائر في المحافظات الجنوبية والشرقية وبمساعدة رئيس الجمهورية.

قبل الانتخابات كانت هناك لقاءات متواصلة مع رئيس الجمهورية والمؤتمر والإصلاح، علي أساس التنسيق في دوائر المحافظات الجنوبية، بخلاف المحافظات الشمالية، فلم يكن عندنا مانع أن يحصل الحزب الاشتراكي علي مقاعد فيها، ولم يجر تنسيق بين المؤتمر والإصلاح، قلنا نترك الأمر للصندوق. وكانت لي تصريحات كثيرة سواء مع صحافيين أو مع قبائل أو مجاميع من الإصلاح وغيرهم، إننا نحن والمؤتمر نكمل بعضًا، وكنت أقول المرشح الذي تثقون به انتخبوه سواء من المؤتمر أو الإصلاح، وهذه كانت قناعتي وقناعة الإصلاح، وكنا مركزين اهتمامنا علي المحافظات الجنوبية ومتفقين مع الرئيس ومع قيادة المؤتمر، والتقينا عدة مرات ثم اتفقنا. وفجأة نسف المؤتمر والرئيس كل ذلك وقطعوا الاجتماعات بين المؤتمر والإصلاح واتفقوا علي التنسيق مع الاشتراكي ليس تنسيقاً فحسب بل تحالفاً علي طريق الاندماج أو التوحد، وبذلك نسفوا كل ما بيننا من تنسيق واتفاقيات وتعهدات، ونسقوا مع الحزب الاشتراكي علي أساس أنه يستولي علي المقاعد في المحافظات الجنوبية مقابل مشاركة القوات المسلحة في الانتخابات بتلك الطريقة التي رسموها.

ووافق الاشتراكيون علي أن تكون تلك الدوائر التي فيها معسكرات للقوات المسلحة للمؤتمر أما دوائر المحافظات الجنوبية والشرقية فتكون للاشتراكي، وقد تم التنسيق بين المؤتمر والحزب الاشتراكي علي حساب الإصلاح في الوقت الذي كان موقفنا فيه أن الإصلاح والمؤتمر شيء واحد، وتأتي النتائج بأن استولي الحزب الاشتراكي علي كل المقاعد في المحافظات الجنوبية والشرقية ولم يحصل المؤتمر إلا علي دائرة واحدة فقط جاءت بدون عناء حيث صادف أن أحد المرشحين كان محل رضا في تلك الدائرة وهي دائرة أحور وهو ضد الاشتراكيين، وأعتقد أنه رشح نفسه علي أساس أنه مستقل وانضم للمؤتمر فوراً، وشخص آخر في يافع هو الشيخ يحيي قحطان، وأعتقد أن شخصًا ثالثًا، وهؤلاء ترشحوا مستقلين وليس باسم المؤتمر.

أما في المحافظات الشمالية فلم يكن التنافس بين الإصلاح والمؤتمر حاداً إذ كان المؤتمر يعتمد علي أفراد القوات المسلحة فنجح في الدوائر التي فيها معسكرات وهي كثيرة لأنهم يجعلون القوات المسلحة تصوت للمؤتمر بالأمر العسكري ويستخدمون أساليب شتي، فإذا كان في الدائرة التي فيها معسكر مثلاً ثلاث آلاف جندي فالفوز للمؤتمر مضمون، وعندما تبين فوز الإصلاح في بعض الدوائر الشمالية حصل تحايل عند فرز الأصوات وأخذوا منا عدة دوائر حتي أننا قدمنا طعوناً شرعية وقانونية بالنسبة للدوائر الجنوبية وتضامن الرئيس مع الحزب الاشتراكي، واتفقوا علي عدم قبول الطعون في المحافظات الجنوبية بكاملها، إلا أن النتائج جاءت لتجعل الإصلاح في المرتبة الثانية، ورغم هذا تحايل الرئيس مع الحزب الاشتراكي ليجعلوا الاشتراكي في المرتبة الثانية وعدد دوائر الإصلاح أكثر من عدد دوائر الاشتراكي.

تحسن العلاقات مع الحزب الاشتراكي

كنت قد رشحت لعضوية مجلس النواب دون أي اتفاق مسبق قبل الترشيح، فلم يعد الوضع كما كان في الماضي، وجاءت النتائج لتفرض نفسها علي الجميع وبعد إعلان نتائج الانتخابات اتصلوا بي إلي خمر لأعجل بوصولي إلي صنعاء، وعند وصولي التقيت مع الرئيس وعلي سالم البيض وطرحوا علينا أن النتائج قد أظهرت الأحزاب الثلاثة المؤتمر والإصلاح والاشتراكي في مراتب كبيرة وليس هناك حزب حاز علي الأغلبية التي تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده، والدولة ذات ثلاث رؤوس، رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، فحصل الائتلاف علي هذا الأساس ودخلنا شركاء في الحكومة، وكانت هذه هي رغبة الرئيس علي عبدالله صالح وكان يري أن تشكيل الحكومة من المؤتمر والإصلاح فقط سوف يخلق مشاكل ولن تتم، والائتلاف مع الاشتراكي لوحده لم يعد مقبولاً، فيكفي تجربة التقاسم الأولي بين المؤتمر والحزب الاشتراكي فالمؤمن لا يلدغ من جحرٍ مرتين. والحل هو حكومة ائتلافية من الأحزاب الثلاثة ما دام أنه لم يحز حزب واحد علي الأغلبية. فقبلنا بذلك ولم يعد لنا أي تحفظات بعد أن تمت الانتخابات وبعد أن أعلن الحزب الاشتراكي التزامه بالإسلام عقيدة وشريعة وهو ما كنا نختلف معه عليه في الماضي.

وبعد أن تم تشكيل الحكومة بدأت العلاقات بين الإصلاح والاشتراكي بالتحسن فما دمنا قد اشتركنا معه أولاً في الانتخابات ثم في تشكيل الحكومة فلا بد أن ننهي الخلاف وأن تصبح علاقتنا معه طبيعية حيث إن علاقة المؤتمر بالاشتراكي طبيعية فكيف تكون علاقتنا معه عدائية ونحن الشريك الثالث في الحكومة؟

وبدأت سلسلة من اللقاءات بين الإصلاح والحزب الاشتراكي كان آخرها قبل الأزمة وقبل سفر علي سالم البيض إلي أمريكا حيث أقام في منزله حفل غداء للإصلاح، والتقينا مع قيادة الحزب الاشتراكي ولم يكن الغرض من هذا اللقاء أن يكون بين الإصلاح والحزب الاشتراكي تحالف علي حساب علاقة الإصلاح بالمؤتمر، وإنما كان الغرض منه إثبات أن الإصلاح ما دام قد أصبح شريكاً في الحكومة فلا بد أن تكون علاقته مع الاشتراكي علاقة طبيعية وتعاونًا مثلما بين الاشتراكي والمؤتمر وأن الاشتراكي لم يعد مع المؤتمر ضد الإصلاح.

اندلاع الأزمة

عندما سافر البيض إلي أمريكا لم يكن بينه وبين الرئيس أي خلاف وكذلك مع الإصلاح والمؤتمر، لم يكن هناك أية خلافات ولا حتي مؤشر لذلك، وسفره كان من أجل إجراء فحوصات طبية لم تكن جديدة وليست مفاجئة. لم يظهر لنا أبداً أن الأمور مهيأة من قبل ولم نلمس أو نشك مجرد شك بأن هناك أي نوايا مبيتة أو تكتيك سياسي وراء هذا السفر، وأثناء هذه الفترة حدث الحوار بين الأحزاب الثلاثة في مجلس النواب حول التعديلات الدستورية وأبلغوا البيض بها إلي أمريكا وربما كانت أحد أسباب الأزمة. والسياسة لا أخلاق لها وكثير من الأشياء لا تتضح إلا من بعد. كانت هناك مؤشرات كثيرة علي الأزمة ففي عملية سفر البيض إلي أمريكا كان هناك شيء لم ننتبه له إلا من بعد حيث كانت طائرة الرئاسة ستقله إلي ألمانيا لكنه طلب أن تقله إلي عمّان فقط، ومن عمّان سيتولي الملك حسين نقله. وأثناء إقامته في أمريكا رفض حضور السفير اليمني في لقاءاته مع بعض المسؤولين الأمريكيين، وأثناء عودته من أمريكا عاد إلي عمّان أولاً، واستقبله الملك حسين في المطار وودعه في المطار أيضاً، وكان الرئيس يريد أن يرسل له الطائرة إلي عمّان لكنه رفض وأخذ طائرة الخطوط الجوية اليمنية اليمدا التي كانت ضمن طيران الجنوب قبل الوحدة.

هناك من يري أن البيض ربما لم يذهب من هنا إلي أمريكا إلا وكل شيء متفق عليه، لكن الشيء الظاهر الذي اتضح لنا وفهمناه كلنا في اليمن بأن نتيجة الانتخابات كان لها دور في الأزمة، حيث لم يأت الحزب في المرتبة التي كان يريدها، وكذلك التعديلات الدستورية لم تعطه الشيء الذي كان يريده وهو أن يكون نائب الرئيس فينتخب مثل الرئيس، إضافة إلي التراكمات الأولي حول الاغتيالات ومحاولة اغتيال فلان وفلان ، وادعاؤهم أنهم لم يعودوا يشعرون بالأمن في صنعاء.. هذه الأشياء وغيرها أعطت تصوراً أن موقف البيض كان ناتجاً عنها، لكن فيما بعد ظهرت أشياء داخلية وخارجية اتضح أن هذه الأشياء لم تكن الأسباب الوحيدة التي دفعت الحزب الاشتراكي إلي ذلك الموقف.

وبدأت الأزمة واعتكاف البيض، وكان واضحاً في البداية أن البيض لديه موقف شخصي من الرئيس ولم يحدد موقفاً من الإصلاح بل فتح باب الحوار مع الإصلاح، وقام الإصلاح بدور الوسيط باتفاق مع الرئيس أن يبقي الإصلاح في هذا الخط عسي أن تحل الأزمة.

وشكل مجلس النواب لجنة لمحاولة حل الأزمة وذهبت الوفود إلي البيض وأحدها كان برئاستي، وقد شكا لنا البيض من الرئيس وأنهم خائفون علي أنفسهم في صنعاء، وغير ذلك من المبررات التي كانوا يحتجون بها قبل الانتخابات. وأثناء الفترة الانتقالية التي كانوا يعتكفون فيها من أجل هذه المبررات، لم يكن هذا هو الاعتكاف الأول لعلي سالم البيض فقد سبق له أن اعتكف عدة مرات من قبل، ولم نكن نؤيده علي موقفه أبداً لكن كنا نظهر استياءنا من بعض الأشياء التي كان يشكو منها، وكنا فعلاً مستعدين لمعالجتها وأصررنا عليه أن يطلع معنا، فاشترط علينا شرطًا واحداً قال: إنه إذا تم سوف يطلع فوراً وهو إخراج المعسكرات من العاصمة، وأن يخرج من سكنه في القصر الجمهوري. ورجعنا من عنده ونحن متفائلون، ولم نكن متألمين منه لأنه كان بسيطًا وصريحاً وودوداً ولديه قدرة فائقة تجعل الشخص يأخذ عنه انطباعاً جيداً. طلعنا من عنده ونحن مقتنعون بالكثير مما طرحه علينا.

أثناء خروجنا من منزل علي سالم البيض، إذا بحيدر العطاس يصل، وقال لنا: ماذا عملتم مع علي سالم؟ قلنا له: اتفقنا علي أنه سيعود إلي صنعاء بعد يومين. وإذا به يقول: أما طلوع صنعاء فلا يمكن!! وهو الذي كان في نظر الناس رجلاً عاقلاً ومسالماً، ونزل عدن بحجة إقناع البيض، وحتي الرئيس أصر علي نزوله لأنه يستطيع أن يقنع البيض، لكن حيدر العطاس عاد إلي صنعاء بعد ذلك بعدة شروط أكثر وأكبر ولم تكن موجودة في رأس البيض أبداً.

وأقولها بصراحة إن الرئيس تحلي بصبر ومرونة عالية من بداية الأزمة إلي نهايتها لا أحد يستطيع وصفها ولم نكن نتصورها، وظهر فعلاً بمظهر الرجل السياسي العاقل الحريص، ورجل الدولة رجل القدرة والكفاءة، وتحلي بمرونة وصبر لا أحد يستطيع أن يبدي ذلك الاستعداد والتنازلات والمرونة التي أبداها حتي دخلنا معه في آخر المراحل في خلاف علي تلك التنازلات وذلك العطاء والصبر وضاقت صدورنا كلنا المؤتمر والإصلاح وكل القوي وهو لا يزال صبره واسعاً بشكل عظيم.

وتوالت الوفود والوساطات إلي البيض من علماء ومسؤولين وغيرهم ولم يعد البيض يستقبلهم بتلك البشاشة والصراحة التي وجدناها عنده، لقد تنكر وتعنتر وكل من التقاهم ضاقوا منه ذرعاً، واقتنعوا وحكموا عليه أنه متعنت وأنه علي خطأ وأن الرئيس لا زال واسع الصدر، وأثناء هذه الفترة تم انتخاب أعضاء مجلس الرئاسة، وفي البداية كان انتخاب المجلس بموجب اتفاق الائتلاف أن يكون عضوين من المؤتمر وعضواً من الإصلاح وعضواً من الاشتراكي والخامس مستقلاً، لكن الاشتراكي أصر علي أن ينتخب عضوان منهم مع أن الإصلاح أكثر منهم في البرلمان، ووافقنا علي ذلك وكان البعض يري أن لا يتم انتخاب البيض إلا بعد أن يطلع ويحضر مجلس النواب وأصر الرئيس علي انتخاب علي سالم البيض وهو غائب، وتم اختياره نائبا لرئيس مجلس الرئاسة، ولم يؤد اليمين الدستورية وأصبح موقفه الدستوري غير صحيح، وقد بعث إلينا برسالة يعتذر فيها عن الحضور لأسباب شخصية وأنه ربما يحضر في المرات القادمة. وكان مجلس النواب مقتنعاً أنه علي خطأ وأنه لا يجوز الاستمرار في مداراته وأن انتخابه وهو بذلك الموقف لا يصح، لكن موقف الرئيس وإصراره انعكس علي مجلس النواب، وكنا كلما حاولنا في مجلس النواب أن نتخذ مواقف حاسمة استدعانا الرئيس وأقنعنا كما يقولون بسعة الصدر وضبط النفس. ووصل الحوار بين أحزاب الائتلاف إلي طريق مسدود في بداية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1993م علي ما أعتقد، وتشكلت لجنة حوار انضمت إليها الأحزاب الأخري التي كانت متحالفة مع الحزب الاشتراكي، وكان موقفي رافضًا لهذه اللجنة لكن الأخ عبد الوهاب الآنسي دخل فيها، والرئيس أصر أنه لا بد أن نستجيب لمطلبهم وما المانع أن تدخل الأحزاب فيها، وتوصلت لجنة الحوار إلي وثيقة العهد والاتفاق، وكنت رافضاً لها رفضاً قاطعاً بصفتي الشخصية وبصفتي الحزبية وحتي بصفتي رئيس مجلس النواب لأن فيها إجحافًا وابتزازًا وخطورة واستسلاماً. وكانت تدل علي أنها بديل عن المؤسسات الدستورية.

وقد وقع عليها أعضاء الإصلاح في لجنة الحوار في عدن وحدث خلاف كبير في قيادة الإصلاح حول القبول بالوثيقة، حيث كنت رافضًا لها، وأعضاء اللجنة قالوا: إنهم سوف يطرحون مبرراتهم للتوقيع عليها، وظل الخلاف موجوداً وكل واحد احتفظ برأيه وعندما تم الاتفاق علي توقيعها في عمان، عقدت الهيئة العليا للإصلاح اجتماعاً من أجل حسم الأمر بالتصويت فكان التصويت مع الدخول في الوثيقة وأن يكون هذا موقف الإصلاح الرسمي وتم إقناعي من الإصلاح أنه لا يصح أن تبرم الأمور وليس لنا حضور ولا وجود وأن الأمر قد أصبح علي مستوي عربي وأن لا نعطي مبرراً للاشتراكي ومبررات كثيرة أقنعتني أنا شخصياً.

وعندما قررنا التوجه إلي عمّان لتوقيع الوثيقة رأيت أن شركائي في القيادة السياسية قبل أن يتوجهوا إلي عمّان قد مر كل منهم لزيارة بعض الدول، فمثلاً الرئيس زار أرتيريا، والبيض زار مصر وسورية، فقررت أن أمر علي المملكة العربية السعودية لأعرف موقفها وأعمل مثلما عملوا، فإن كانوا قد ذهبوا إلي تلك الدول لأنه تربطهم بقياداتها صداقات شخصية، فأنا كذلك تربطني علاقات مع القيادة السعودية، وإن كانت الزيارة للاستشارة ومعرفة مواقف هذه الدول من الأزمة فأنا كذلك، طبعاً لم أذهب إلا وقد تفاهمت مع الرئيس وقد قابلت الملك فهد في نفس اليوم وبارك حضوري.

ووصلت عمّان في العاشر من رمضان سنة 1994م متأخراً وكانوا بانتظار وصولي، وعند التوقيع كتبت في الوثيقة (علي شرط إنهاء الأزمة والعودة إلي صنعاء( لأنني أولاً لم أكن مقتنعاً بالوثيقة من أساسها ولكن إذا كان ولا بد من مخرج من الأزمة فلا بد من عودته ـ أي البيض ـ إلي صنعاء وإنهاء الخلاف وإلا ما ثمرة أن نوقع ويعود كلٌّ إلي متراسه.

وبعد التوقيع حصل اجتماع بين الرئيس ونائبه بحضور الملك حسين، وحضرت معهم في بداية اللقاء وطرحت رأيي بصراحة وحملت الاثنين المسؤولية وكذلك الملك حسين، وتركتهم وغادرت الاجتماع.

وقد طال الاجتماع بين الرئيس والبيض إلي وقت متأخر في الليل، ولم يصلوا إلي حل، واتفقوا علي لقاء آخر في الظهر أو الساعة العاشرة صباحاً وخرجوا لتناول وجبة السحور.

ولم تأت الساعة العاشرة صباحاً، إلا وقد وصلت أنباء انفجار الموقف العسكري في أبين، وكل واحد كان في مكانه أو مقر إقامته، وحاول البعض أن يذهبوا للرئيس وآخرون للبيض علي أساس أن يلتقيا، ولكن انفجار الموقف أفشل كل شيء، فغادرنا عمان إلي صنعاء. وذهب البيض وقيادة الحزب إلي دول الخليج بتلك الطريقة.. وأصبح الأمر واضحاً أنهم قد أعدوا كل شيء وأن مخطط الانفصال قد أصبح معداً، وبالنسبة لنا فالوحدة في نظرنا الدفاع عنها واجب بكل الوسائل بالحوار أو بالسلاح ولا بد أن يحصل إعداد لمواجهة كل الاحتمالات، وفعلاً حصل إعداد من قبل القوات المسلحة، لكننا كنا لا نزال نفضل خيار الحوار والوصول إلي حلول سلمية ولو بتنازلات في مناصب وغيرها، باستثناء الوحدة.

واستمرت الجهود بعد رجوعنا من الأردن قرابة شهرين، إلي أن فجروا الحرب ونحن نحاول احتواء الموقف سلمياً. نزلت وفود من صنعاء ليعقدوا جلساتهم في عدن وكان لي تحفظ علي هذا فبدلاً من أن يعود الوزراء المعتكفون في عدن نزل بقية الوزراء إليهم! واذكر أن الرئيس قام بزيارة إلي بعض دول الخليج لعرض مواقفنا بعد زيارة الاشتراكيين لها، زار قطر والإمارات وعُمان والتقي بياسين سعيد نعمان ولا ادري من كان معه في الإمارات، ووافق علي لقاء البيض في سلطنة عُمان والتقي به فعلاً. لقد فتح الرئيس باب الحوار من جديد إلي أن أكملوا إعدادهم للحرب وفجروا الموقف بدءاً من محافظة عمران، ثم بعدها بأسبوع في محافظة ذمار لتندلع بعد ذلك المواجهة الشاملة.

المواجهة العسكرية في عمران

كانت هناك بعض الإشكاليات في عمران، وقد خرجت لجنة عسكرية فيها الملحق العسكري الأمريكي والفرنسي والعماني والأردني ومعهم نائب رئيس الأركان وبعض القادة العسكريين، حاولوا تهدئة الموقف وحل الإشكال وحاول أيضا بعض المشائخ ولكن قائد اللواء التابع للحزب الاشتراكي واسمه سيف البقري رفض كل الحلول، وكانت قوتهم أكثر من القوات التابعة للشرعية، وكانوا يتصورون أنهم سوف يتغلبون علي الوحدة العسكرية الشمالية وهي أقل منهم عدداً وأضعف تسليحاً، وكانوا منسقين مع قبائل من عيال سريح وبني عبد والغولة والجبل ومعتمدين عليهم، وكان هؤلاء يؤكدون لهم بأنه مجرد أن تبدأ الحرب سوف ينضمون إليهم ويتحركون من هناك ويقطعون الطرق ويحاصرون صنعاء، ومعهم أيضاً أفراد من أرحب وغيرها.

وكانوا قد رتبوا معهم هذه الخطة من قبل ونحن علي علم بهذا المخطط، وعرفنا أن المخطط للحزب الاشتراكي هو تفجير الموقف في الشمال، وبدلاً من أن تكون المعركة في عدن تكون في صنعاء، وكانوا يراهنون علي القبائل الذين كانوا يتصلون بهم، وأيضاً علي وحداتهم العسكرية التي في الصمع وعمران والخرافي وخولان، وأيضاً قواتهم في يريم وفي ذمار وهي قوة كبيرة، إضافة إلي عناصرهم المدنية الحزبية في صنعاء، وكانت حسابات الحزب الاشتراكي أن هؤلاء القبائل مع القوات العسكرية التي هنا وهناك قادرة علي أن تتخذ موقفًا بما يمكنهم أن يملوا شروطهم أو أن يضطرونا إلي رأي المثل الشعبي (اتركني يا عنّاب ولك عنبك) وأن قوي خارجية ستأتي للمصالحة ومن ثم يرجعون إلي ما كانوا عليه ونحن علي ما كنا عليه، أي الانفصال.

كان لدينا قلق من أن هؤلاء المنسقين مع الحزب الاشتراكي قد يسببون لنا مشاكل وإرباكات تجعلنا عاجزين عن حسم الموقف بسرعة، أما أنهم سيفوزون فلا. وكانت مؤشرات هذا المخطط قد بدأت تظهر قبل اندلاع المواجهة في عمران، منها قطع الطرق بسبب مبررات أخري جانبية من قبل القبائل من أجل السيارات، ومشكلة عقلان الراشدي، والديون، وأهل مأرب الذين كان بينهم خلاف مع حاشد علي تعامل تجاري، استطاعوا أن يدفعوا بهم ليقطعوا طريق مأرب ويمنعوا مرور النفط والغاز من مأرب إلي صنعاء وإلي اليمن بأكمله، وفعلاً حصل هذا قبل الانفجار، وكان جزءاً من المخطط ، وبحمد الله استطعنا أن نحتوي هذا المخطط وتدخلت أنا شخصياً وأعطيت ضمانات لأهل الدين من مأرب والجوف وعملنا معهم مهلة، وكان هناك مشائخ تعاونوا معنا في مأرب وغيرها حيث كانوا يدركون تماماً من وراء هذه الزوبعة. ومثلما تمكنا من إفشال هذا المخطط لقطع الطريق تم بحمد الله حسم المعركة في عمران لصالح الشرعية رغم أن قوة اللواء الموالي للحزب الاشتراكي كانت أكثر من القوة الموالية للشرعية وقد تم حسم المعركة لعدة أسباب:

أولاً: أن القبائل الذين كانوا يعدونهم بالمساعدة وفي مقدمتهم عيال سريح وبني عبد والغولة والجبل، خذلوهم وذلك أن تنسيق الحزب الاشتراكي مع هذه القبائل لم يكن مع أصحاب الثقل والوجاهة بل كان مع أفراد مرتبطين بالحزب الاشتراكي وكانوا يظنون أنفسهم كل شيء، ولكن عندما بدأت المواجهة لم يتجاوبوا معهم.

وثانياً: أن القبائل التي كانت مع الشرعية وبالذات من حاشد وعمران ومن الجبل الذين لم يكونوا ضالعين في أي مخطط قد وقفوا بصدق ودعموا قوات الشرعية هذا بالإضافة إلي أنها خرجت من صنعاء قوة خاصة من قوات التدخل السريع حسمت الموقف.

كانت معركة عمران أول ضربة لهم، وقد هرب قائد اللواء سيف البقري وبعض الضباط والجنود هربوا أولاً إلي الجماعة الذين كانوا منسقين معهم من عيال سريح ومن الغولة وأخرجوهم تجاه الجوف.. والآخرون سلموا أسلحتهم ودخلوا مستسلمين إلي العرضي وكان الرئيس معهم كريماً جداً حيث جمعهم والتقي بهم وألقي فيهم كلمة طيبة ورد لهم سلاحهم الشخصي وطمأنهم وصرف معاشاتهم وأضاف لهم معاشاً وأكثر ومنحهم إجازة، وأقلتهم السيارات كلاً إلي منطقته في يافع والضالع ولحج وغيرها، وكان هذا قرار الرئيس ولم يعارضه أحد وإن كان لدي الآخرين رأي آخر في معاملتهم، لكن لم يعترض أحد علي ما فعله الرئيس والذي اعتبرناه شيئاً كبيراً وعظيماً، ولكن برغم هذا الإكرام من الأخ الرئيس لهؤلاء الضباط والجنود فإنهم ما إن وصلوا إلي مناطقهم حتي انضموا إلي المتمردين وكانوا في مقدمة من أشعل الحرب.

كانت هذه المواجهة في عمران ولم يكونوا قد أكملوا استعدادهم وتخطيطهم. بعدها كان الجميع مستعداً للمواجهة الشاملة، وقد قاموا بتفجير الموقف في ذمار ثم اندلعت المواجهات في عدن وأبين وغيرها، كان لدي البعض قلق من أن دول الخليج التي كان بعضها متعاطفًا معهم أنها ممكن أن تتدخل وتحسم الحرب لصالح الانفصال، لكن هذا الهاجس لم يكن موجوداً لدينا حتي الدعم ما كنا نتصور أن يحصل.

لقد فُرضت علينا الحرب ولم تكن خيارنا، ولكنا كنا واثقين أنها لن تطول وأن الموقف سيحسم لصالحنا لا سيما بعد أن أعلنوا الانفصال، وحينما زارنا الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة أكدت له أن الوحدة هي خيار الشعب اليمني وأن الموت يهون من أجلها. وقد جمعت له يومها عددًا من أعضاء مجلس النواب الذين يمثلون الأحزاب السياسية المختلفة في البرلمان بمن فيهم الاشتراكيون. واستمع من الجميع وخرج بقناعة كاملة أن الانفصاليين خاسرون للمعركة. ولقد التقيت بالإبراهيمي في حزيران (يونيو) سنة 2007م في جدة وتحدثنا عن تلك الأزمة والحرب في اليمن. وقد ذكر لي أنه حينما التقي بعلي سالم البيض في حضرموت بعد أن خرج من عدن أثناء الحرب، بادر الإبراهيمي البيض بقوله: ما الذي حصل لكم: كنتم تمنعوننا قبل الوحدة من تسمية اليمن باليمن الشمالي واليمن الجنوبي وتصرون علي شمال الوطن وجنوب الوطن؟ ماذا جري لكم اليوم؟ فنكس البيض رأسه ولم يرد.

السعودية أثناء الحرب

كان الغرض من الزيارتين شرح الموقف للمسؤولين في المملكة والإمارات ومعرفة موقفهم من هذه القضايا ومحاولة إقناعهم أن يكونوا منصفين أو مصلحين أو محايدين.

فالزيارة لأشقائنا في المملكة كانت أمراً مفروضاً وضرورياً، لا سيما وأن مؤشرات تعاطفهم مع الحزب الاشتراكي قد ظهرت ابتداءً من مرور علي سالم البيض وجماعته عليهم بعد عمّان واستقبالهم له. وقد أصبح الأمر واضحاً بأنهم متمردون لا يمثلون السلطة والقيادة السياسية والحكومة والشرعية. وقد قمت بزيارة المملكة ومعي الدكتور عبد الكريم الإرياني بتكليف من الرئيس في اليوم السادس لاندلاع الحرب قبل عيد الأضحي بيومين، وعندما اتجهنا إلي الرياض باشروا ضرب صنعاء بالصواريخ في نفس اليوم وعلمنا بذلك ونحن هناك.

وفي الرياض قابلنا الملك فهد والأمير سلطان ولم نطلب منهم شيئاً إلا شرح الموقف وتوضيحه واستعدادنا لقبول وساطتهم واستقبلونا استقبالاً طيباً جداً كما هي عادتهم، وتحدثنا معهم كثيراً، وقلنا لهم إن دولاً عربية وغير عربية قد قامت بأدوار ووساطات قبل انفجار الحرب وانتم أقرب، والحق عليكم أكثر ومعرفتكم وتأثيركم أكبر وانتم مقبولون لدينا أكثر. استمعوا لنا واعتذروا عن الوساطة لأن موقفهم حساس وأن هناك أطرافًا أخري ربما لم تعجبها وساطة المملكة وقد يتوتر الموقف أكثر. وإنما سيدفعون غيرهم للوساطة ويتحملون أي تبعات مالية لمن سيقوم بالوساطة، وطلبوا منا توقيف الحرب والهدوء ولو هدنة حتي تتاح لهم الفرصة ليدفعوا ببعض الأشقاء للوساطة. ولأننا قادمون علي عيد الأضحي فقد اتصلنا بالرئيس ووافق علي الهدنة لثلاثة أيام وانه سيعلنها عند مجيئنا.

وعند توديعنا للملك فهد وبعد أن خرج الأمير سلطان والدكتور الأرياني أمسكني الملك فهد بيدي وقال لي: إذا كنتم قادرين علي دخول عدن وحسم الموقف فبادروا، لتخرجونا من الحرج وتضعوا الجميع أمام أمر واقع وتفوتوا الفرصة علي أي تدخل، وغادرنا المملكة متجهين إلي أسمرة بعد أن أبلغونا أن الصواريخ تضرب صنعاء فخشينا أن يترقبوا عودتنا ويستهدفونا بعد أن أصبحت الصواريخ تضرب أمام بيتي في الحصبة!! بتنا في أسمرة، وغادرناها في اليوم الثاني متجهين إلي صنعاء، وفي نفس الليلة أو التي تلتها، أعلنوا الانفصال واشتدت المواجهات وكان إعلان الانفصال متوقعاً رغم أنه عملياً قد أصبح موجوداً من قبل لكن إعلانه أفادنا كثيراً.

زيارة الإمارات

زيارتي للإمارات كانت في الأيام الأخيرة للحرب بعد ما بدأت وسائل الإعلام في الإمارات تسمي البيض فخامة الرئيس دون اعتراف رسمي، وكان ذلك من الأشياء التي احتججنا عليها وطرحناها لهم في الزيارة التي قابلنا فيها الشيخ زايد، وقد أوضحنا لهم أولاً: أن هؤلاء تمردوا واختلقوا أزمة سببت وألحقت بالشعب أضراراً ومتاعب كبيرة، وتعطل كل شيء وقدمنا لهم تنازلات كثيرة واستجبنا لمطالبهم، وأخيراً أملوا علينا وثيقة فيها كل ما يريدون وقبلناها واشترطوا ألا توقع إلا في عمّان، وذهبنا إلي عمّان، ومن عمّان يذهبون إلي الرياض وسلطنة عمان والإمارات والكويت وانتم تستقبلونهم كأنهم دولة وهم متمردون؟

ثانياً: أن موقفكم هذا الذي أصبح واضحاً ما كنا ننتظره أو نتوقعه منكم فهم أعداؤكم قبل أن يكونوا أعداءنا، وهم حزب شيوعي، ثم إن الوحدة قد تمت واعترفتم بها وباركتموها فتمردوا علي الشرعية وأعلنوا الانفصال وانتم مؤيدون لهم.

كان موقف الشيخ زايد واضحاً في دعم الاشتراكي فكان طرحنا له صريحاً وواضحاً وقوياً، وإجابته لنا كانت أكثر وضوحاً وصراحة وتعصباً بشكل فظيع ما كنا نتصوره. قال: أولاً: حكاية شيوعية ما عادوا شيوعيين. وثانياً: الوحدة لا تفرض بالقوة والحرب. وثالثاً: لجوؤهم إلينا وانفتاحنا عليهم لأنهم أضعف منكم وانتم تجبرتم واعتديتم عليهم، فاشتد بنا النقاش إلي أن بلغ حد ارتفاع الأصوات وكان معي الأستاذ عبد الوهاب الآنسي نائب رئيس الوزراء في حينه وبعض المشائخ من الإمارات أسكتونا وانتقلوا إلي مكان آخر، وبقيت أنا والشيخ زايد كل واحد متسمر في كرسيه لا يكلم الآخر ولا ينظر إليه. وعادوا إلينا برأي أن تنفض الجلسة ويجتمع نائب رئيس الوزراء عبد الوهاب الآنسي مع الشيخ فلان والشيخ فلان، وخرجنا دون الوصول إلي شيء، والشيخ زايد مصمم علي أنه لا بد أن نوقف الحرب. قلت: الحرب مقدسة بالنسبة للوحدة، والوحدة تستاهل الدماء قال: تريدون سفك الدماء والوحدة ليست بالقوة. قلت: نعم الوحدة تستحق التضحية ونحن مستعدون لبذل المزيد من التضحيات من أجلها، والوحدة ليست بالقوة فهي وحدة شعب واحد إنما الانفصال هو الذي يريد أن يفرض بالقوة.

وانتهت الزيارة بهذا الشكل دون الوصول إلي أي نتيجة، وبعدها صارت الأمور كما هو معروف وانتهت الحرب بانتصار الوحدة والشرعية، وكنا نتوقع ذلك في أقرب من تلك الفترة لا سيما بعد أن حكموا علي أنفسهم بالهزيمة بإعلان الانفصال.

وبعد انتهاء الحرب تم التواصل مع دول الخليج رسمياً حيث قام الرئيس بزيارة الإمارات بعد انتهاء الحرب بفترة قصيرة. وعموماً لم نكن نتوقع من الإخوان في المملكة ودول مجلس التعاون باستثناء قطر ذلك الموقف. كما أن الحزب الاشتراكي بأساليبه ودهائه وإعلامه ودعايته استطاع من بعد أزمة الخليج أن يجير ذلك الموقف علي الرئيس علي عبدالله صالح والشماليين، إضافة إلي اللعبة المصرية، فهي التي غيرت موقف دول الخليج من الحزب الاشتراكي خاصة أن علاقته كانت سيئة بهذه الدول قبل وبعد أزمة الخليج المعروفة.

وقد تساءل البعض إن كنت أخشي أن موقفي أثناء الحرب يؤثر علي علاقتي الممتازة بقادة المملكة، والحقيقة أنه لم يكن لدي أي قلق أو توجس لأني أعرف مسؤولي المملكة، والملك والأمراء يعرفون عبدالله بن حسين الأحمر إنه بالنسبة للقضايا اليمنية الوطنية والأساسية لا يساوم فيها ولا يفرط وهذا هو ما يفهمونه عني منذ سنوات طويلة، لأن تعاملي معهم هو تعامل شريف وصادق ما كذبت عليهم، وهم حقيقة ما طلبوا مني في يوم من الأيام منذ بداية معرفتي بهم وصداقتي معهم شيئاً فيه ضرر باليمن، لأنهم دائما أصحاب مواقف إيجابية وأخلاق رفيعة ويعلمون جيداً مع من يتعاملون، ولهذا كنت علي ثقة أنهم يعرفون أن هذا هو موقفي.

وردود الأفعال لدي الدول وغير الدول يحصل فيها شيء من هذا وإلا فهم في الحقيقة شرفاء، ولا أدل علي مواقفهم الشريفة من كلام الملك فهد بن عبد العزيز معي عندما زرتهم أثناء الحرب كما أسلفت.

* القدس العربي

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن