بعد الملاحقة وطرد وزيرة إسرائيل ..اشتعال المواجهات من جديد بين الجزائر وإسرائيل مرض خطير يجتاح العالم.. وعدد المصابين به أكثر من 800 مليون مصاب .. تفاصيل مخيفة الحرب تنتقل الى الفضاء بين أمريكا وروسيا...محطة الفضاء الدولية في خطر توكل كرمان: محور الشر الإيراني أساء إلى قداسة القضية الفلسطينية وعدالتها فصائل المعارضة السورية تفاجئ الجميع وتحقق انتصارات ميدانية ضد المليشيات الايرانية وقوات الأسد أول تعليق من أردوغان بخصوص مبادرة بايدن لوقف النار في غزة قيادي حوثي بمحافظة إب يقوم بالاعتداء على مجمع 26 سبتمبر بسبب اسمه ويفرض تغييرات قسرية داعمة للإمامة طارق وبن عزيز يناقشان وضع الجيش ورفع اليقظة والجاهزية الأمم المتحدة ترعى مؤتمراً دوليا «حاسماً» في السعودية ماذا قال مدرب ليفربول عن صلاح ومبابي بعد المباراة المثيرة؟
كان ترامب مثيراً للسخرية خلال الأسابيع الأخيرة في تعامله مع الملف الإيراني؛ من التقليل من شأن مضيق هرمز، إلى التجهيز لضربة عسكرية، ومن ثم وقفها، وصولاً إلى مديح عدم إسقاط طائرة إيرانية، ثم العودة إلى لغة التهديد من جديد، مع تشديد العقوبات.
من العبث التعاطي مع هذا التخبط، كلون من التكتيك السياسي، أو بمنطق "الحرب خدعة"، إذ إنه يعبّر عن حيرة يعيشها الرجل في التعامل مع الملف.
والحال أن أمريكا لا تحاصر إيران، فضلاً عن أن تحاربها، لأجل العرب الذين يعرضون التمويل، بل لأجل الكيان الصهيوني، وهذه هي المصيبة الكبرى
فمن جهة هناك صقور إدارته الذين يعيشون الصهينة في أوقح تجلياتها، ويعبّرون عن هواجس الكيان الصهيوني أكثر من مصالح بلادهم، ومن جهة أخرى، هناك الدولة العميقة التي لا تريد الحرب، والتي تلتقي معه هذه المرة في رفضها، فيما جوهر مواقف اللوبي الصهيوني واليمين المسيحي تعبر عن هواجس الكيان، وبالتالي، فهي تدفع ضمناً نحو الحرب.
على أن حسابات الرجل الشخصية لا زالت ترفض الحرب لسبب كبير هو أن جوهر دعايته الانتخابية كان يتمثل في عدم التورط في حروب الشرق الأوسط، وهجاء أسلافه الذين فعلوا وضيّعوا تريليونات من الدولارات فيها، ما يعني أن تكرار ذات الكارثة سيجعل فرصه في الفوز بولاية ثانية شبه معدومة، وهي ذاتها التي تحرّكه قبل أي شيء آخر.
ولكن لماذا يعتقد ترامب أن حرباً على إيران ستكون مكلّفة، فيما يعلم الجميع أن ميزان القوى بين الطرفين مختل لصالح أمريكا على نحو سافر جداً جداً؟
السبب أنها ليست حرباً تقليدية بين جيشين، بل هي حرب تتجاوز مساحة الشرق الأوسط، إلى مناطق عديدة من العالم. ويعلم الجميع أن للحرس الثوري الإيراني خلايا نائمة في أماكن عديدة من العالم، فضلا عن الجهات المعروفة والمعلنة، وفي مقدمتها حزب الله والحوثي، وعدد من الفصائل في العراق. وهنا تحديداً في الأخيرة تظهر الخاصرة الرخوة للأمريكان، إذا إن جنودهم وعناصرهم في العراق هم أقرب إلى رهائن بيد إيران، وسيسهل عليها استهدافهم، ولذلك بدأت عملية إجلاء لبعض المتعاقدين منهم.
الخلاصة أن إيران يمكنها ضرب مصالح أمريكية كثيرة على امتداد الشرق الأوسط والعالم، حتى من دون أن تعلن مسؤوليتها عن ذلك، الأمر الذي يعني ورطة كبيرة بالنسبة لترامب، حتى لو كان بوسعه تدمير الكثير من المنشآت في إيران، وفرض كلفة مالية هائلة عليها. مع العلم أن قدرتها على احتمال الخسائر البشرية هي أكبر بكثير من قدرة بلاده في زمن مواقع التواصل والفضاءات المفتوحة.
كل ذلك لا يعني أن إيران تريد الحرب، بل من المؤكد أنها لا تريدها، لكنها تبحث عن سبيل لتغيير المعادلة المتعلقة بالعقوبات من دون أن تخضع للشروط الأمريكية التي تمثل استسلاماً كما عبّرت عنها قائمة الشروط الـ12 المعلنة.
هي لا تريد الحرب لأنها ستضيف أعباءً مُرعبة على اقتصاد مدمّر أصلاً، لكن الخضوع للعقوبات يعني موتاً بطيئاً أيضاً، لا سيما أن القدرة على اختراقها كما في التجربة السابقة لا تبدو ممكنة بسهولة.
إيران يمكنها ضرب مصالح أمريكية كثيرة على امتداد الشرق الأوسط والعالم، حتى من دون أن تعلن مسؤوليتها عن ذلك، الأمر الذي يعني ورطة كبيرة بالنسبة لترامب، حتى لو كان بوسعه تدمير الكثير من المنشآت في إيران
من هنا يبدو المشهد كما لو كان لعبة لعض الأصابع وانتظار المجهول، لا سيما أن ترامب بإجماع المراقبين هو كائن يصعب توقع ردود أفعاله وأعماله. وبانتظار حسم هذا الصراع ستظل المنطقة في حالة من الترقب، فيما يسعى الصهاينة جهدهم لفرض تصفية للقضية الفلسطينية عبر بعض العرب الخائفين من إيران.
والحال أن أمريكا لا تحاصر إيران، فضلاً عن أن تحاربها، لأجل العرب الذين يعرضون التمويل، بل لأجل الكيان الصهيوني، وهذه هي المصيبة الكبرى، بجانب أن أي حرب سيكون ثمنها باهظاً على العرب الذين يحرّضون عليها. وفي المحصّلة، لا مصلحة لأمريكا، ولا حتى للصين وروسيا بوقف حالة العداء بين إيران والعرب وتركيا، لأنها كقوىَ "إمبريالية" يعنيها استمرار الصراع الذي يُدر عليها الكثير الكثير من الصفقات والمصالح، فضلا عن حقيقة أن تعاونا بين محاور الإقليم الثلاثة؛ ولو في الحد الأدنى، سيجعلها قوة كبيرة على المستوى الدولي.
هكذا ضاعت شعوب المنطقة بين أحلام إيران بالتمدد المذهبي، وبين هوس الثورة المضادة بمطاردة الربيع العربي ومطالب الإصلاح، فكانت سوريا وثقبها الأسود الذي استنزف الجميع، وكانت صراعات العراق واليمن وليبيا، والآن السودان. ومن دون إعادة النظر في أولويات الطرفين وطريقة تفكيرهما؛ فسيتواصل هذا الحريق إلى أمد لا يعلم إلا الله مداه، سواءً قرر ترامب حرباً أو شكلاً من أشكال الحرب، أم اكتفى بتشديد الحصار والعقوبات، وبقيت إيران في إطار المناوشات.