الإصلاح والريف... انطلاق نحو مدنية معاصرة
بقلم/ يحيى الثلايا
نشر منذ: 16 سنة و شهرين و 12 يوماً
الإثنين 15 سبتمبر-أيلول 2008 01:51 ص

مرور ثمانية عشر عاماً على ولادة التجمع اليمني للإصلاح هي فترة تحمل الكثير من الدلالات والمعاني أقلها أن هذا المدى هو سن اكتمال الأهلية لدى أصحاب الأحوال الشخصية والسجلات المدنية في بلاد الدنيا وهي مناسبة تحتاج إلى التوقف عندها للتقييم والتقويم والوقوف أمام ما أنجزه هذا الكيان العريق والممتد بحجم الوطن اليمني. "الريف اليمني" هي مساحة جغرافية واجتماعية واسعة بحيث تصبح "المدينة" هي العنصر الأقل حضوراً في الخارطة اليمنية ولم يبالغ أولئك الذين حددوا أن نسبة الريف اليمني تزيد عن 80% من اليمن وانطلاقا من هذه الأهلية سنحاول التعرف على علاقة الإصلاح بالمجتمع الريفي المحلي باعتبار أن الغالبية في الأحزاب هو مدينتها والإصلاح أحد الأحزاب اليمنية التي قامت على أساس المدنية وارتبطت بالحياة عموماً. والمتابع لمسيرة تجمع الإصلاح يخلص إلى أن هذا الحزب الذي يمتد بحجم الوطن كان توسعه مبنيا على ترجمة حقيقية لهموم أبناء اليمن في البادية والحضر، وتعامل مع مواطني وقضايا أبناء الريف في ميدي ورازح وشرعب وحوف وسقطرى والصعيد وبني ضبيان ويريم بنفس تعامله مع مواطني صنعاء وعدن ومدن الحديدة وتعز والمكلا باعتبار مواطنتهم المتساوية وقدم عطاءات فياضة بالوطنية والأصالة. ربما يكون مطلب ابن العاصمة ومشكلته ليست مشابهة لمطالب الذي يعيش وسط البحر في سقطرى ويجاوره في المخا أو في القرى التي يصعب الوصول إليها إن لم يتعذر ولذا فإن التعامل معها يكون صعباً والملاحظ على الأحزاب اليمنية تقديمها الخطاب النخبوي، كما أن من سلبياتها عدم التوسع الجغرافي، وربما يكون المبرر منطقيا حيث الصعوبة وعدم توفر الإمكانيات، غير أن قوى التغيير يفترض بها تجاوزه باعتباره واقعاً لا فكاك عنه. الإصلاح... خلال هذه المدة استطاع تحقيق نقلات نوعية في العمل في الميدان الريفي الواسع، نستعرض منها بعضها كشواهد تضاف إلى سجله الميداني المتميز بين شركاء الحياة الحزبية المدنية اليمنية. تمدد وصل إلى الحدود تمكن التجمع اليمني للإصلاح خلال الفترة التي تلت إعلانه من الوصول إلى كل شبر وموضع قدم في اليمن ، ولا يكاد يخلو بيت في اليمن إلا ووصل إليه الإصلاح شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً وتجمع أعضاؤه من كل قرى وعزل الجمهورية اليمنية. رائد التنوير والمعرفة: بتواجد الإصلاح في المناطق الريفية مثّل أعضاء الإصلاح البذرات السريعة النمو في مجال المعرفة والتعليم وتميز إصلاحيو الأرياف بأنهم الأسبق والأكثر تعليما وعلما ونشراً للتعليم وصنعوا من أنفسهم "رسل تنوير وإبداع" في أوساط المجتمعات الأمية التي كان يندر فيها وجود من يستطيع قراءة الرسالة أو إمامة الناس في صلاتهم فضلاً عن كتابة العقود وتعليم الأجيال القادمة، وكان الإصلاحيون هم من تولى هذه المهمة الشاقة ونجحوا فيها أيما نجاح بل يمكن القول أن الإصلاح تمكن من إقامة ثورة تحديث وتعليم في الريف. مشروع خدمة وتعاون في المجتمع بإمكان ابن المدينة أن يلاحظ مدى الفراغ الذي تتركه الأجهزة الرسمية في المدينة ، غير أن الأرياف في أغلبها تشهد مرحلة غياب تام للدولة ومؤسساتها وما تزال بعض المديريات على الحال الذي غادرها به"الإمام يحيى حميد الدين". الإصلاح وصل إلى هذه المناطق وتمكن من بناء مفاهيم التعاون وخدمة الآخرين والجهود الجماعية وحقق في مجال الخدمات نقلات نوعية على مستوى التنظير والممارسة. ـ وكان لشباب الإصلاح أدواراً بارزة في تأسيس المنظمات التعاونية والخدمية والتوعية بخطورة العادات السيئة مثل قضايا الثأر وغلاء المهور، وتمكنوا في مناطق كثيرة من التوصل إلى عقد اتفاقات و"مراقيم" تحد من هذه المشاكل المجتمعية المعقدة. نحو مجتمع بلا عصبيات تذويب الدوائر الجزئية الضيقة والتغلب على التعصبات كان من أهم الميادين التي تواجد الإصلاح بقوة فيها وتمكن من ردم كثير من الفجوات المذهبية والقبلية والمناطقية وغيرها، ويمكن الإشارة إلى التنوع الواسع الذي يشهده الإصلاح من حيث نوعية أفراده، إذ أنه يمثل كل فئات ومذاهب ومناطق المجتمع اليمني بلا استثناء ، وهذا يعبر عن مدى تجسيد الإصلاح لفكرة الوحدة والاندماج القائم على المواطنة المتساوية. وهنا يمكن الإشارة إلى عبارة كتبها نصر طه مصطفى قبل أكثر من 14 عاما من اليوم في هذه الصحيفة والتي ورد فيها "وأؤكد دائما أني اشعر بالفخر لانتمائي لتيار الصحوة الإسلامية الحديثة في اليمن والمتمثل في التجمع اليمني للإصلاح والذي استطاع بفضل الله أولا ثم بفضل الرواد المخلصين من القضاء على كل مظاهر التعصب المذهبي والسلالي والمناطقي حتى لا تكاد تعرف من هو الهاشمي من القحطاني ومن هو الحاشدي من البكيلي داخل الإصلاح. . فقد انصهروا جميعا في بوتقة الفهم السوي لدين الله... تأهيل نحو المدنية التواجد الإصلاحي الواسع لأعضاء وبرامج وأدبيات الإصلاح في المناطق الريفية لم يكن مرتبطاً بمجرد حشد الطاقات والأصوات للمناسبات الانتخابية أو غيرها بل كان وما يزال يمثل محطة صناعة رؤى وأساليب عصرية تنشد الأفضل وتبحث عنه ولا يفوتنا الإشارة إلى أن العمل الإصلاحي الريفي كان محطة انطلاق نحو مدنية معاصرة ورائدة من خلال حراك وفعاليات النضال السلمي ومفاهيمه التي تشهدها المديريات النائية والبعيدة التي يحضر فيها الإصلاح بالقدر الممكن من إقامة هذه الفعاليات. ومن خلال المتابعة يجد المراقب أن كل الفعاليات الواسعة التي حشد الإصلاح لها أعضاءه وأنصاره من الأرياف لم تشهد حالة عنف أو تخريب واحدة ومن أبرز هذه الفعاليات المسيرة المليونية التي دعا الإصلاح لها بداية التسعينيات أعضاءه من كل القرى والمدن،و لم تشهد حالة شغب واحدة.

Tholaia100@hotmail.com