دعوة العطاس.. دعوة الفرصة الأخيرة
بقلم/ فتحي أبو النصر
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 11 يوماً
الثلاثاء 10 إبريل-نيسان 2012 04:31 م

“العطاس يدعو إلى خروج صالح وأعوانه وإقامة الوحدة على أساس المواطنة المتساوية”.

***

من الواضح جداً دوام استشعار العطاس للمسؤولية الوطنية الفائقة وراء تصريحه هذا.. بل لعله يأخذ شأناً أكبر، خصوصاً في هذه اللحظة المثالية لوجوب الالتفاف من أجل الإصلاح والتغيير نحو إزالة رواسب الماضي البغيض بتفعيل الشراكة التي محقها علي عبدالله صالح وأعوانه، للأسف فيما خلفوا جرحاً وطنياً مفتوحاً في قلوب الجنوبيين دون أي اكتراث. 

وباعتقادي أن هذه الدعوة الإيجابية من مناضل وسياسي كبير كالعطاس تجعلنا تماماً أمام الفرصة الأخيرة، كما تثبت لنا أن الجنوبيين هم روح الوحدة فعلاً، بحيث استمروا يكابدون معاناتهم الكبيرة، كما في صورة نضالية تجلب الخزي التاريخي لمستأثري السلطة من الشمال لازالوا يقدمون التضحيات الجسام جداً بالمقابل.

صحيح أن للمجتمع الدولي رأياً آخر في قضية الانفصال كما ندرك، غير أن هذا لا يعني من الآن وصاعداً استمرار التعامل مع القضية الجنوبية باستهتار وضيم أو بمكابرة ولا مبالاة.

ثم إن وجود صالح وأعوانه في المشهد القادم لابد أن يعطل كل المساعي التي تحاول بإخلاص الآن جبر الضرر الوطني الكبير الذي أحدثته سياساته الهوجاء على كل شيء.

وبالتأكيد نعرف جميعاً كيف تحوّلت مطالب أبناء المحافظات الجنوبية العادلة من مطالب حقوقية إلى سياسية حتى تطورت إلى قضية ارتباط بالهوية الجنوبية، جراء تفاقم التعنت الحقوقي والسياسي في الغشم والعسف، وصولاً إلى التنكيل المناطقي أيضاً.

 فيما زاد القلب وجعاً أن سلطة علي عبدالله صالح لم تجعل الجنوب وحده ينفرد بمشكلات نوعية، وإنما البلاد كلها؛ جرّاء فشل سياساتها الاقتصادية والأمنية والإدارية والاجتماعية... إلخ، ما ينبغي على كافة القوى الوطنية الآن تفعيل الحل الجدلي الذي يرى في بدء حلول القضية الجنوبية مدخلاً حقيقياً لحل كل مشكلات البلاد.

كذلك نرى أن صرخة العطاس أعلاه تستحق الاحتفاء كله، ليس لأنه ظل يربط القضية الجنوبية بالإطار الوطني، بل لأن تصريحه يعد بالفعل بمثابة مبعث للآمال الوساع في النفوس الوحدوية المناضلة التي كان يتم خذلانها على الدوام.

فالثابت أن علي عبدالله صالح وأعوانه الذين كانوا يبتهجون بعد كل خراب ينجزونه على الوعي والعقل الوطنيين هم من يعيقون اليوم أي رؤية وطنية واضحة وناضجة نحو إعادة الوحدة إلى ألقها المخطوف.

***

دعوة العطاس إذن يجب أن تفرض نفسها على الواقع الجديد، ولنبدأ مرحلة الصدق الوطني وتحقيق عهود بناء دولة الشراكة والإنصاف والمواطنة المتساوية بكل مسؤولية وإيثار وإخلاص، ما يفترض على الثوار والساسة تقدير هذه الدعوة والعمل بالضغط على تنفيذها بأسرع ما يمكن، متفهمين ضرورتها القصوى كمبدأ أشد أهمية باتجاه تعبيد الطرق الوعرة للحوار الوطني في الأساس.

ولنتجرأ بكل عنفوان على الاعتراف الكامل بالقضية الجنوبية بكافة أبعادها كما على تصحيح الخطأ الرهيب الذي دفع ضريبته الجنوبيون أكثر، حتى إنهم لطالما شعروا حسب أحاسيس الغربة والضيم التي أنتجتها سياسات النظام السابق بكثافة ضدهم، إنهم مجرد أجانب في دولة الوحدة المصادرة لا مواطنين في دولة يفترض أن تكون مفعمة بحضور الحقوق الواحدة دون تمييز يذكر.

 فضلاً عما سبق يبدو هذا الخيار هو الوحيد المتاح لإنقاذ مستقبل اليمنيين، قبل أن تتدهور نوازع الخير بطغيان الشرور، وإمكانية السعادة الوطنية ببؤس المشاريع الصغيرة التي تتربص، ما يستدعي منا جميعاً أهمية الوصول إلى فضيلة الشراكة والحب بدلاً عن الاقتناع بخطيئة التعالي والإقصاء، وبالتالي تنمية روح الجنوبيين بالكراهية للوحدة فاليأس منها تماماً.

***

 لقد انطلق حيدر العطاس في دعوته الأخيرة من نضارة فكره النضالي المرموق.. ودائماً ما يتوجب على نظرتنا للتاريخ أن نتوخى المستقبل، والمستقبل فقط.

لذا يكفينا بشاعة وطنية.. ولنعالج مرض السلطة التاريخي المتمثل بالاستئثار ومصائبه وحماقاته في قهر شركاء الوحدة وتضييع عديد فرص تاريخية لبناء الدولة المأمولة التي تصون حقوق الجميع، بحيث إن على جميع الوطنيين الوحدويين الآن رفض كل القيم اللاوطنية التي أفقدت الوحدة طابعها الوطني، وليذهب كل من شوّه رونق الوحدة إلى الجحيم، حتى تستطيع الإرادة اليمنية أن تلتقي بشكل خلاق تفعيلاً للأمل الموضوعي باستعادة حلم 22مايو الأخضر الذي حوّله علي عبدالله صالح وأعوانه إلى كابوس لا يحتمل.

 إن الجنوبيين النبلاء هاهم يجددون - رغم كل جراحاتهم - إمكانية قوة اليمن بإمكانية تحقيق جماليات المشروع الوطني الوحدوي الذي عمل علي عبدالله صالح وأعوانه الأوغاد على تدمير قيمته فقط.

وعلينا ألا نخذلهم مجدداً يا هؤلاء..!

*الجمهورية