شياطين الإعلام اليمني
بقلم/ نجيب عسكر
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 8 أيام
الجمعة 13 يوليو-تموز 2012 07:17 م

نعلم أن رسالة الإعلاميين رسالة سامية وعظيمة ، ودورهم كبير وخطير، والإعلام سلاح ذو حدّين ؛ حيث تتمثل صورته الإيجابية بمساهمته الفعّالة في بناء الأوطان وتنمية الوعي الجمعي بكل ما من شأنه خلق مجتمع متماسك متعاون ، والإعلاميون بأقلامهم يبنون الحضارات ويصنعون أمجاد الأمم ، كما أن صورته السلبية غير خافية على أحد من خلال هدمه لأركان الحياة والمحبّة والسلام .

وأظن أن كل إعلامي شريف قبل أن يمسك بقلمه للكتابة عن أي أمر ؛ لاشك أنه يتذكر شرف المهنة وقداستها ، ويحرك ضميره تجاه ما يكتب ، ويحسب ألف حساب للأثر الذي قد تتركه حروفه في المجتمع ، ويشعر بمسؤوليته تجاه شعبه ووطنه وأنه جزء لايتجزأ من هذا الوطن ، ومثل هذا الإعلامي يستحق الإجلال والإكبار ؛ لأنه يؤكد حبه وقوة انتمائه لمجتمعه ، أما أدعياء المهنة الذين لايملكون من الثقافة الإعلامية شيئاً ، ولا من الأخلاق الصحفيّة سوى السخافات ، ولا من الفكر غير الغثاء ، ليس لديهم ضمائر ولا إنسانية ، كلماتهم مسمومة وتصرفاتهم شاذة ، يستلهمون كتاباتهم من قاموس البذاءة والشتم والتجريح ، لا يستطيعون العيش إلا إذا باعوا كرامتهم ودنسوا الوطن بأباطيلهم وزراعتهم لثقافة الحقد والهدم والتناحر بين أبناء المجتمع ، يختلقون الأكاذيب وينسجون الحكايات والأباطيل ، وهم نائمون في بيوتهم ليمزقوا بها أواصر القربى بين الناس والأحباب ، لارجاء فيهم أن يبنوا بلادهم لأنهم لاينتمون إلى مجتمع ، ولا يدينون بعهد ، عقيدتهم عبادة المال واتباع الهوى ، ولعل أثرهم وحقدهم قد اتضح خلال الفترة الماضية واللحظات التي نعيشها من تاريخ اليمن ، بما نفثوا وينفثون من السموم في المجتمع ، ويزيفون من الحقائق ويدافعون عن الباطل ، ويسعون إلى هدم مقومات وحضارة وثقافة الشعب اليمني الأصيل .

بكل أسف يوجد بيننا وكلاء للشيطان ، يفسدون الحياة الجميلة ، ويفرقون بين الآباء والأبناء وبين أفراد الأسرة الواحدة ، ويزرعون العداوات بين القبائل ويثيرون المناطقية والطائفية ،يكذبون ويضللون الناس ، ويستخفّون بعقول الشعب ويبنون شهرتهم على جسور من الحقد والكراهية .

نسوا بل تناسوا أهم القضايا والمشكلات المجتمعية التي يجب أن يكتبوا حولها ، كالجهل والتخلف وتدني مستوى التعليم والخدمات الأخرى كالصحة والكهرباء والمياه والمرور والمشاريع التي تنتهي قبل أن يتم افتتاحها ، وحمل السلاح وضعف القضاء والأمن ، وغياب هيبة الدولة ، والتقطعات ، ونهب الحق العام ، وضياع الحقوق الخاصة .

تناسوا مشكلة الفقر والمجاعة التي تهدد البلاد ، والسموم المحرمة التي تملأ الأسواق ، والبضائع الفاسدة والغش ، وانهيار منظومة العلاقات الاجتماعية ، وغضوا الطرف عن الفساد والمفسدين الذين صادروا كل شيء جميل في هذا الوطن ، وكثيرة هي القضايا المقلقة التي توجب على كل الإعلاميين تجنيد أنفسهم وأقلامهم ضدها والوقوف مع تطلعات الشعب ، والابتعاد عن الاصطياد في المياه العكرة ، والإثارة وإيقاع الفتنة بين الناس .

ثم أين هو دور الكاتب الصحفي الذي يحمل هموم المجتمع ويتحدث بلسانه ، رافضاً كل الإغراءات والأموال المدنّسة ، فاليمن في هذه الأثناء بحاجة إلى التفاف أبنائه الصادقين حوله ، ويكفيه خناجر السياسيين التي تمزق شريانه ، ومؤامرات الحاقدين المفخخة التي تحيطه من كل جانب ، فهل يستوعب الإعلاميون الدرس ويتركون خدمة الشياطين والإضرار بالوطن ، ويقفون إلى جانب الشعب أو يصمتون عن قول الباطل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )

فنسأل الله أن يكفينا شر أدعياء الصحافة ، ويجنبنا شذوذ أفكارهم وأخلاقهم . كما نسأل الله أن يعيد لسفهاء الكلمة عقولهم حتى يشاركوا في بناء اليمن الجديد .

وخالص الحب والتقدير لكل الأقلام الشريفة التي تسعى إلى غرس ثقافة المحبة والتآلف والسلم الاجتماعي ، وتنمية الوعي وتقود الناس نحو بناء الوطن والعمل على تناسي الأحقاد والمآسي القديمة والتطلع نحو المستقبل الأفضل