عم عبدالملك الحوثي يعترف بالوضع الحرج الذي تعيشه قيادات الصف الاول ويحذر من مصير بشار الأسد العالم مدهوشا ... الكشف عن مقبرة جماعية تحوي 100 ألف جثة على الأقل بسوريا دولة عظمى ترسل أسطولاً بحرياً جديداً إلى خليج عدن لحماية سفنها التجارية لوكمان يتربع على عرش الكرة الافريقية أول تحرك عاجل للبنك المركز السوري لكبح انهيار الليرة منظمة الصحة العالمية تعلن للعالم.. الأوضاع شمال قطاع غزة مروعة أردوغان يكشف عن الدولة الوحيدة في العالم التي هزمت داعش على الأرض عاجل إجتماع رفيع المستوى مع سفراء مجموعة بي 3+ 2 وبحضور كافة أعضاء مجلس القيادة الرئاسي قيمتها 4 ملايين دولار.. ضبط كميات كبيرة من المخدرات كانت في طريقها لمناطق الحوثيين طهران تايمز تحذر الحوثيين .. أنتم الهدف الثاني بعد بشار الأسد
أحسب أننا في النموذج الإسلامي المصري أمام ظاهرة إسلامية تاريخية، يجب أن نقف إزاءها طويلاً لنستلهم من أحداثها العِبر، ونعتبر من مسيرتها الحِكم، فالإسلاميون في مصر قبل بضعة أشهر كانوا حزباً محظوراً مطارداً، وهاهم اليوم تلقي بهم الأقدار الإلهية ثم أقدار الثورة الشعبية إلى سدة الحكم وإدارة البلاد، رغم أن مصر عاشت ردحاً من الزمن تحت نيران الحكم العلماني المتطرف، وبات الإسلام تهمة كبرى كافية لأن يزج بأصحابها في غياهب السجون والمعتقلات.
وفجأة تتغير وتتبدل المعادلة الكونية ليتقدم الإسلاميون نحو كرسي السلطة، ثم ليأخذوها بقوة ونجاح واقتدار، أذهل حتى الإسلاميين أنفسهم، حتى أن د. عزيز صدقي رئيس الوزراء المصري الأسبق قال: \"إننا نعتذر للشعب المصري أن حرمناه من جهود الإخوان المسلمين لسنين طويلة\" .
عدد من الحركات الإسلامية في عالمنا العربي والإسلامي تأخرت كثيراً عن السير نحو تحقيق أهدافها، ولم تنجز ما أنجزته الثورة الإسلامية القرآنية في مصر، رغم ما لديها من نيات صادقة وسير جاد، وإمكانيات ربما أكبر وأعظم، وأجواء ملائمة للعمل والإنتاج، بيد أن نجاحها ليس بالكبير مقارنة مع ما لديها من فرص ومنح وإمكانيات.
في هذه الأسطر بالطبع لا نريد أن نشنع على أحد، ولا أن ننكأ الجراح والآلام، فالأمر لله من قبل ومن بعد، وإنما نريد دراسة أوضاعنا، عسى أن نجد لها المعالجات الصحيحة والصائبة، لنسير بخطى ثابتة وحثيثة نحو تحقيق الأهداف التي في مقدمتها التمكين لدين الله في الأرض، ورفع راية الحق ونصرة المستضعفين.
نقف على بعض نقاط القوة في الأنموذج الإسلامي المصري مع مراعاة الفروق الزمانية والمكانية والثقافية والسياسية والاجتماعية لنستلهم من هذه التجربة المباركة خطى الحق والهدى والخير والحركة، بصرف النظر عن مدى اتفاقنا أو اختلافنا مع هذا التيار، وإنما الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها .
أولا: النموذج الإسلامي المصري نجح جدا، حين اعتمد على ذاته، وحين لم يهادن الباطل أو يقبل السير في ركابه، بل تبرأ الإسلاميون من الفرعون وباطله، من أول يوم، ونابذوه منابذة شديدة، بخلاف البعض الآخر من الإسلاميين – سيما من الشيوخ - في بعض البلدان، ممن كانوا إلى عهد قريب لا يفوتهم عيد من الأعياد إلا وهم يقتسمون مع الحاكم الجائر السفاح كعكة العيد، ويتبادلون وإياه السلام والتحية والابتسامات الصفراء، قد يكون لهذا التصرف ما يبرره لديهم شرعاً وعرفاً أو حاجة وضرورة ما، إلا أنه ليس الأسلوب الأمثل في تقديري، فلا يجوز الركون أبداً إلى السفاح القاتل أو مبادلته السلام والتحية، وإنما الواجب في حقه الهجران والمنابذة والمقاطعة، حتى يحكم بينهم وبينه وهو خير الحاكمين.
في الأنموذج المصري رأينا الإسلاميين يأبون تماما حتى مجرد لقيا الفرعون أو السلام عليه، ثم رأينا بعد الثورة الإسلاميين يتقدمون بمرشحهم الخالص، ولم يستعينوا بأي قوة من خارجهم، أياً كانت، واعتمدوا في ذلك على حقيقة كبرى، وهي أنّ الشعوب المسلمة عموماً شعوب لا يمكن أن تكون إلا في صف الإسلام.
وهنا نقف وبصراحة متناهية لنقول أنّ بعض الإسلاميين نتيجة لفداحة الضغوط الخارجية وشراسة الهجمة على الإسلام، قد يشرّق البعض منهم أو يغرّب، ويسلك بعض المسالك ليظهر فيها بغير مظهر الإسلام .. فتارة يختبأ البعض خلف بعض الوجوه الليبرالية المعتدلة أو بعض الوجوه الوطنية، أو ربما لبس البعض قميص المبادرات الدولية التي لا تعي ولا تفهم غير مصالحها.. صحيح ثم صحيح أن هذا لون رائع وجيد تفرضه طبيعة معركة الإسلام مع خصومه من وجوب استعمال سلاح المناورات والمعاقدات والمعاهدات، وقد يكون لهذا مبرراته الشرعية الوجيهة والمقبولة، عملا بسنن النصوص الشرعية وعملا بسنن النصر والتمكين الكونية، إضافة من جهة أخرى إلى النظر إلى واقع الأمة وما تعيشه من ضعف وهوان، والواجب هو السعي نحو النصر بأقل الفواتير كلفة، فبعض الفواتير الباهضة قد لا تحتملها الأمة، أو ربما أوقع الأمة في الإصر والمشقة، إلا أنه يجب على الإسلاميين ـ قبل غيرهم ـ في ظل الظروف الراهنة من ثورات الربيع العربي أن يفهموا حقيقة هامة وهي أن هذا القرن هو قرن الإسلام، وأنه يجب أن تتقدم الرموز الإسلامية الصافية الخالصة نحو سدة الحكم، وأنه يكفي الأمة استجداءاً وذلا وهواناً ومداهنة وتمكينا لأعدائها منها، أو لتمكين الضعفاء أو بقايا الشيوعية والعلمانية أو الأعداء، أومن لا يملكون مشاريع واضحة للتغيير نحو الإسلام .
أحسب أن الإسلاميين في مصر أدركوا هذه الحقيقة، أعني أنه آن الأوان للإسلام أن يتقدم برجالاته وأبطاله وخبرائه وقياداته، ولعلّ البعض الآخر من الإسلاميين لم يدرك هذه الحقيقة بشكل أوضح وظل أسير الماضي ورقيقاً للزمن البوليسي الغابر.
بالطبع لا يجوز أيضا أن يُغفل الإسلاميون الطاقات الهائلة في الأمة من خارج الصف الإسلامي من القوى الوطنية المؤمنة بالتغيير، وشركاء الثورة، ورفقاء العمل السياسي، وإلا تحول الإسلاميون إلى منهج الأثرة والشح، والواجب هو الإفادة من كل طاقات الأمة وإشراك كافة رجالاتها وخبرائها وعلمائها، لكن ليكن القادة هم الأكثر والأوفر حظاً من التربية الإيمانية والأكثر أخذاً من معين الكتاب والسنة، وفق النموذج الإسلامي في مصر، فهذا الصنف من الإسلاميين هم الأقدر على الصمود في وجه المحن والخطوب وتقلبات الأعاصير الدولية.
على أن الإسلاميين في مصر مع ما لديهم من أغلبية رئاسية وبرلمانية، إلا أننا رأيناهم يؤثرون إخوانهم من القوى السياسية الأخرى، بكثير من حقوقهم السياسية، فلم ينل الإسلاميون من حظوظ الوزارات إلا نحوا من خمس وزارات وجلها وزارات خدمية ذات طابع مضن وشاق، ولعلّ هذا السلوك الفريد جعل كثيرا من القوى السياسية لا تشارك في مهزلة ما يسمى بمليونية 24 أغسطس، بل تظاهر بضعة مئات ثم انقلبوا إلى أهليهم خائبين.
نعني إذن بالقيادة الإسلامية القيادة الإسلامية للأمة والمجتمع وليس الاستحواذ والأثرة والتهميش للآخرين.
ثانياً: من أسباب تقدم الإسلاميين في مصر، قوة وحدتهم وترابطهم، رغم اختلاف تكويناتهم ومدارسهم، لقد لفت نظري جداً الحديث المطول الذي أجرته قناة الجزيرة - فور الإعلان الدستوري المكمل الذي أعلنه المجلس العسكري- مع الدكتور السلفي حازم أبو إسماعيل، لاحظت من خلال خطابه السلفي الرشيد، أن التيارات السلفية في مصر ليست جامدة وليست تيارات يسهل اختراقها والتلاعب بها، في الجملة، بل هي تيارات مستنيرة أكثر بكثير مما يتصور البعض، ولهذا باءت كل محاولات الفلول لشق الإسلاميين بالفشل، وإننا لننتظر بفارغ الصبر أن يأتي اليوم الذي نرى فيه الإسلاميين جميعا على قلب رجل واحد بلا تصنيف أو تجزئة أو تشرذم.
من أهم أسرار نجاح وتقدم التيار الإسلامي في مصر وحدة الإسلاميين جميعا خلف المشروع الإسلامي، وهو ما افتقدته بعض التيارات الإسلامية الأخرى، في بعض البلدان العربية، ولعل من الشواهد المأساوية ما رأيناه من تشظي التيار السلفي في اليمن حيث ظل بعض السلفيين يعتقد جازماً أن المخلوع علي عبد الله صالح هو الرئيس الشرعي الواجب طاعته وعدم الخروج عليه، بأي شكل من الأشكال، رغم أن حلفاء المخلوع صالح آنذاك من الحوثيين وأتباعهم يرتكبون أبشع المجازر في حق السلفيين أنفسهم في منطقة دماج، - معقل التيار السلفي في اليمن- بحق الأطفال والنساء والعزل من الرجال، ورغم أيضا خروج الأمة اليمنية عن بكرة أبيها في كل مكان تنادي بخلع المجرم علي عبد الله صالح!!.
إن الواجب لنجاح المشروع الإسلامي في أي بلد إسلامي أولاً وحدة الفصائل الإسلامية، ولذا يجب تعزيز هذه الوحدة ورفع معدلات التعاون والتنسيق بين جميع العاملين للإسلام، على النحو الذي جرى في الأنموذج الإسلامي المصري.
ثالثاً: من أسباب تقدم الإسلاميين في مصر أن فرعون مصر كان أقل استبداداً في بعض الجوانب التي لم تكن له في الحسبان، فالمخلوع حسني مبارك مع تسليمنا بفرعونيته إلا أنه لم يبنَ الجيش المصري على أساس العائلة أو الأسرة، كما أنه لم يسلك سياسة التجهيل على النحو الذي جرى مثلا في اليمن، فاليمن بوجه أخص تعاني من إشكاليتين كبيرتين هما : الجيش العائلي والتجهيل والأمية التي سلكها النظام مع شعبه، وهو ما جعل الإسلاميين في اليمن بين خيارين أحلاهما مر، إما أن يدمر الجيشُ العائلي الشعبَ الثائر، فتكون النتيجة خسارة الجيش ومقدرات الشعب معاً، أو الأخذ بسياسة التفكيك المتأني، وإن استغرق ذلك وقتاً أطول، وهذا الأخير هو ما تم العمل عليه، وهو ما أخر بالتالي ساعة النصر الظافر.
رابعاً: وهذا العامل حقه التقديم ونعني به عامل التربية الإيمانية العميقة التي سلكها التيار الإسلامي في مصر، يتضح ذلك من خلال الانضباط الدعوي والتنظيمي الملحوظ، فمع ضخامة المؤامرة وهولها إلا أن الصف الإسلامي ظل متماسكاً مترابطاً رغم أن بعضاً من أعضاء مكتب الإرشاد كانت له اجتهاداته وقناعاته الشخصية الخاصة، التي جعلته يعلن خروجه عن خط الجماعة، وينتقدها علناً عبر وسائل الإعلام، إلا أن قواعد الإسلاميين في مصر ظلت متماسكة، مما يدل على عمق التربية الإيمانية المسجدية، التي استعصت على كل العواصف والمخاطر.
ويتضح عمق التربية الإيمانية أيضا أن الرئيس مرسي وفقه الله كأحد رموز الإسلاميين في الوطن العربي هو وأهله يحفظون القرآن العظيم كاملا عن ظهر قلب، وهو أمر نادر أو قليل حتى لدى بعض القيادات الإسلامية، باستثناء النموذج الفلسطيني، الذي استفاد كثيراً من جاره المصري.
هذه التربية الإيمانية الربانية الوسطية، أحسب أن الإسلاميين في أمس الحاجة إليها، وهي تبدأ من القمة إلى القاعدة، ولا عكس، وهو ما لوحظ على النموذج الإسلامي المصري .
أخيراً لا آخراً، ثمة جوانب كثيرة أخرى هامة لتقدم الإسلاميين في مصر من أهمها الدرب السياسي للإسلاميين وتمكنهم من فهم الواقع الوطني والعربي والإسلامي والدولي، ومتغيراته، وعامل التنظيم الدقيق والإعداد الكبير الذي سلكه الإسلاميون على مدى ثمانين صيفاً حاراً شديد الحرارة، نتج عن هذه الأصياف ثورات الربيع العربي.
ختاماً : نسأل الله للإسلامين في مصر وغيرها من بلاد الإسلام، العون والتوفيق والسداد، وأن يكونوا عند حسن ظن أمتهم بهم، وليعلموا أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا، وأن وصولهم أو بقاءهم في الحكم مرهون بمدى سيرهم على صراط الله المستقيم وهداه القويم، وأنه في اليوم الذي يحيدون فيه عن هذا الطريق، فلهم في أسلافهم العظة والعبرة .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
Moafa12@hotmail.com