الجزء الثاني من : حوار ثائر مع مؤتمري شريف
بقلم/ طارق عثمان
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 11 يوماً
السبت 12 مارس - آذار 2011 08:22 ص

مؤتمري : طيب لماذا على الأقل لا نترك الرئيس في سدة الحكم من باب رد الجميل فللرجل حسنات كثيرة وقدم الكثير خلال سنين حكمه ..

ثائر : العلاقة التي تربط الحاكم بالشعب علاقة قائمة على أساس أن يقوم بتنفيذ برنامجه الانتخابي الذي اختير على أساسه ليكون رئيسا ، وليس على أساس العواطف والمشاعر وما يكنه الشعب للرئيس ، علاقة ليست قائمة على المن الدائم وتذكير الشعب بأي منجز كالضربة الجوية على إسرائيل التي كررها حسني وأنصاره ، أو تحقيق الوحدة التي يكررها صالح وأنصاره ، فالإخفاقات في مجال التنمية ومكافحة الفساد والقضاء على البطالة والفقر والأمية كفيلة بجعل الشعب ينسى كل المنجزات ، هذا إذا اعتبرنا أنها منجزات غير مسبوقة وما كان لغيره أن يفعلها .. فـ ( ونستون تشرشل ) رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية والذي كانت خطاباته ملهمة لقوات الحلفاء وهو الذي قاد بريطانيا نحو النصر بل أنه هو صاحب علامة النصر ( رفع الإصبعين السبابة والوسطى على شكل حرف V الحرف الأول من كلمة Victory أو النصر ) عندما قدم نفسه للانتخابات بعد الحرب خسرها لأن الشعب كان يريد قيادة للسلام بعد الحرب الشعب يفكر بالتنمية ، فاسقط تشرشل ثم أعاد وانتخبه بعد سنين ... الشيء ذاته تكرر مع شارل ديغول قائد المقاومة الفرنسية ضد النازيين وقائد الاستقلال ، فقد خسر الانتخابات في 1953 م ليعود ثانية للحكم في 1958 م

ثم يغادر الحياة السياسية بعد خسارة الاستفتاء على الإصلاحات التي اقترحها في 1969 م .

والأمثلة كثيرة على زعماء غادروا الحياة السياسية إما طوعا أو كرها رغم ما قدموه لشعوبهم منهم مهاتير محمد ، ونيلسون مانديلا وغيرهم .

مؤتمري : لكن لا ننكر أن الرئيس له أيادي بيضاء على رموز من المعارضة وخصوصا بعض من تطالب بهم أطراف خارجية ، مثل الزنداني وكذا دوره في إطلاق سراح الشيخ المؤيد من جونتنامو وهاهم يتنكرون له ؟

ثائر : أمريكا أطلقت سراح كل المعتقلين من كل الجنسيات تقريبا ولم يبق سوى اليمنيين فلا داعي للحديث عن هذه النقطة لأنها وصمة عار في جبين الحكومة اليمنية ، وجاء إطلاق الشيخ المؤيد كنهاية طبيعية للتوجه الأمريكي في إغلاق السجن ، فضلا على أن سجنه كان بوشاية يمنية ، ثم أن من يحمي الزنداني ليس شخص الرئيس ، لكن بعد الله من يحميه هو القانون الذي لا يسمح بمحاكمة أي شخص خارج البلد ، فلا يجب أن يمن عليه أحد ، بل يجب أن يحاسب كل شخص يحاول أن يستخدم هذه القضية للضغط عليه في قضايا محلية .

ونقطة أخرى مهمة هي أن هذا الأسلوب هو أسلوب فرعون الذي حاول الضغط على موسى حين قال .. ((قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22).))

فرد عليه موسى أن هذا لن يكون ثمن سكوتي عن جعل بني إسرائيل عبيدا لك، ولذا فلا يجب ان يقوم النظام بمقايضة أي شخص بأي خدمة يقدمها له هذا مقابل سكوته عن جرائمه تجاه الشعب .

مؤتمري : هل تعتقد أن هذه المعارضة تمثل بديلا مناسبا ؟!!! ماذا قدمت المعارضة حتى يتم اختيارها ؟ ما هي منجزاتهم ؟

ثائر : المعارضة في أي مكان في العالم تحاسب على برامجها ، والحاكم على انجازاته .، وهنا في اليمن تريدون أن تحاسبوا المعارضة على المنجزات ، وهذا أمر غاية في الغرابة .. الذي لا يحكم يقيمه الناس ويختارونه بناء على برامجه الانتخابية وليس على ماذا أنجز ، فهل المطلوب من المعارضة أن تقوم ببناء محطات الكهرباء وسفلتة الطرق وبناء المدارس والمستشفيات ، أم المطلوب منها هو أن تقدم خطتها في حالة فوزها وهذا ما يطالب منها فقط ....

مؤتمري: يجب أن لا تنكر يا عزيزي أن الرئيس هو من أعطاك حرية التعبير ولولا ذلك لما تجرأت وقلت ما قلته عنه ، نعم فهو من باني الديمقراطية في هذا البلد ...

ثائر : حق التعبير هو حق إنساني أصيل كفلته كل الشرائع والقوانين والمواثيق الدولية ولا يجب أبدا أن يتحول إلى منحة وهبة يمن بها أي أحد على الشعب ، أي شعب في الدنيا ، ولا يجب أن يتحول إلى مقايضة يتم فيها مصادرة بقية حقوق المواطنة كحق التغيير ، وحق المطالبة بالإصلاح ، وحق الاختيار ، وحق التنظيم ..

يجب أن لا تتحول قضية منح حق التعبير إلى مسألة استعباد في القضايا الأخرى ، لان ذلك يشبه حرمان الإنسان من التنفس بذريعة أنه يكفي أنه قد سمح له بالشرب ..

مؤتمري : وماذا عن ترسيخ النظام الديمقراطي ؟

ثائر : إن من أهم الأسس التي يبنى عليها النظام الديمقراطي ، هو التداول السلمي للسلطة ، فإذا غاب التداول السلمي للسلطة في أي بلد فلا يمكن أن يسمى ديمقراطيا أبدا ، حتى لو حاول هذا النظام الزعم بذلك ليلا ونهارا كما تفعل كثير من الأنظمة حتى أنها تضيف كلمة الديمقراطية إلى مسمى البلد وهي دول قمعية استبدادية ، الأساس الثاني هو الفصل بين السلطات الثلاث ، فإذا حصل التداخل فهذا يقوض الديمقراطية تماما وهذا ما يحدث بالضبط في اليمن فالسلطات كلها في يد الحاكم ، فهو يشرع كيفما يشاء وينفذ كيفما يشاء ويتدخل في القضاء كيفما يشاء ، الأساس الثالث هو الانتخابات الحرة والنزيهة ، وكل هذا غائب في اليمن لذا لا أساس لوجود الديمقراطية في اليمن ، ولو صدقنا بوجودها لكان لزاما علينا أن نصدق القذافي حين يدعي بأن السلطة كلها بيد الشعب وهو الذي أمضى 42 سنة يقول هذا وينضر له ..

مؤتمري : لكن أنتم من تعارضون الرئيس لا تحترمون الدستور ولا ترتضون حكم الأغلبية ..

ثائر : الذي ينتهك حرمة الدستور هو من حوله إلى لعبة في يده يعرضه للتغيير والتعديل والتبديل كل عامين أو ثلاثة ويفصل مواده حسب ما تقتضيه مصالحه وبما يكرس سلطته وبما يمنحه البقاء والاستمرارية ، إن دور الجميع هو صيانة الدستور واحترامه لا تسخيره ليتوافق مع مصالح فئوية ، من ألغى دور الدستور هو الرئيس وحزبه ، وليس من حقه مطالبة الأخرين باحترام ما لا يحترمونه هم وعملوا على تقليل احترامه وانتهاكه دوما بالتعديلات المستمرة ..

مؤتمري : ولكن هذا يحدث بحكم الأغلبية الذي يجب أن نرتضيه ..

ثائر : هذا البلد سيبقى في حلقة مفرغة ، انتخابات مزورة بشكل سافر تنتج أغلبية كاسحة ، تتولى سن قوانين وتشريعات لتكرس تواجدها بالأغلبية في أي انتخابات تالية وهكذا .. لا يا عزيزي نحن لا نرتضي حكم الأغلبية حينما لا تكون نتاج انتخابات حرة ونزيهة ، لأن معنى قبولنا بها يعني نسفا للعملية الديمقراطية برمتها ... فلا تلزمني بقوانين وتشريعات حزب حاكم لم يلتزم هو بالقوانين للحصول على الأغلبية ...

مؤتمري : يا أخي لنفترض أن الرئيس رحل الآن ، ماذا سنفعل صدقني ستنهار البلد ؟

ثائر : أعطني ضمانة واحدة أن الرئيس قد لا يموت الآن أو الغد حتى احترم سؤالك ، رحيل الرئيس الآن قد يحدث بالوفاة لا سمح الله ، فهل نعلق مصير بلد كامل بوجود شخص زائل لا يملك الخلود ، وإذا كانت معلقة بالفعل برحيل شخص ، فيجب أن نعمل بكل الوسائل على نقل السلطة منه دون أن نكون عرضة لصدمة غيابه المفاجئ بالموت . يجب التأسيس لدولة مؤسسات لا تتأثر بغياب الأشخاص و لا تنهار برحيلهم .

يجب أن تعرف أن هذا التكريس للسلطة في يد شخص واحد هو لعبة الأنظمة التي تسعى للتوريث ، فهي تريد أن نصل لحالة من الصدمة والذهول حال غيابهم فنقبل بتولي الوريث الشرعي والوحيد خوفا على البلد من الانهيار ..

مؤتمري : ما لذي تمتلكونه من برنامج لما بعد السقوط ؟

ثائر : ما المانع في أن يتم اختيار شخصية توافقية تدير البلد لفترة مؤقتة يتم خلالها إنجاز التعديلات الدستورية وعرضها على الشعب في استفتاء شعبي عام ثم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة خلال مدة قصيرة ، يتبعها تشكيل حكومة تكنوقراطية من الأحزاب الممثلة في البرلمان وتسيير العجلة .

مؤتمري : لكن قد تستغل بعض الشخصيات هذه الأجواء وتصل إلى الرئاسة وهي لا تمتلك الكفاءة .

ثائر : نحن نريد إرساء نظام جديد لا يتيح للرئيس البقاء سوى دورة انتخابية ويحق له الترشح لدورة ثانية ، وهذا يعني أن هذا الشخص سيبذل قصارى جهده للنجاح خلال مدة حكمه في الدورة الأولى فإن أحسن استطاع أن يحوز على ثقة الشعب في الدورة الثانية والأخيرة وإن فشل فسيغادر غير مأسوف عليه ..

المهم هو النظام الديمقراطي أما الأشخاص فيمكن محاسبتهم واستبدالهم في ظل هذا النظام ، وهذه الثورة من أكبر حسناتها هي إسقاط فكرة الصنمية و إحاطة الأشخاص بهالات القداسة ، لذلك نقول أن الشعب قد عرف طريقه وعرف كيف يأخذ حقوقه ومن يستطيع أن ينزع السلطة من ( علي ) بإذن الله قادر بعد ذلك أن ينزعها من عمرو أو زيد بإذن الله ...

مؤتمري إذا لنهتف جميعا الشعب يريد إسقاط النظام